السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سباق التفوق بين الأبناء.. نتائج إيجابية تشعل نار الغيرة أحياناً

سباق التفوق بين الأبناء.. نتائج إيجابية تشعل نار الغيرة أحياناً
17 يونيو 2013 20:27
تلعب الأسرة دوراً بارزاً في إشعال جذوة المنافسة بين أبنائها من أجل التفوق الدراسي وتقوية الملكات وتنمية المهارات واتساع دائرة المعرفة بأنواعها المختلفة وعلى الرغم من أن الأسرة مناطة بهذا الدور وهي الداعمة له، إلا أن استعداد كل فرد فيها إلى للتفوق الدراسي من العوامل المهمة التي توجه نحو النجاح ومن ثم تخطي الأقران سواء في البيت أو المدرسة. أشرف جمعة (أبوظبي) - لكل أب وأم طرق مختلفة في محاولة إيجاد نوع من التنافس بين الأبناء في البيت رغم اختلاف مراحل التعليم بين هؤلاء الأبناء والمثير للتساؤل هو كيف تصنع الأسرة تفوق أبنائها؟ وكيف ترفع درجة استعداداتهم الفطرية لتقبل العلم؟ ومحاولة أن يصبح الابن داخل البيت في حالة من الحركة الدائبة من أجل أن يحوز آخر العام أعلى الدرجات فيحظى بالجائزة الكبرى من والديه، ليكون بين أخوته الأول والمميز دائماً، وكيف تتفادى الكثير من الأسر تحول المنافسة بين أبنائها إلى غيرة مدمرة قد تحدث الكثير من المشاحنات بينهم، وتثير العديد من المشكلات التي لا تحمد عقباها؟. روح التميز حول أهمية أن تضع الأسر في اعتبارها عامل التحفيز من أجل تفوق الأبناء دراسياً، يقول الاستشاري ورئيس قسم الطب النفسي بمدينة خليفة الطبية الدكتور أحمد ألمعي: لا يختلف اثنان على أن الأسرة تستطيع أن تبعث في أبنائها روح التميز وتجعلهم يقبلون على تلقي العلم بشغف وذلك عن طريق التهيئة النفسية وغرس القيم التي تتوافق مع هذه الرغبة، وتلك العملية من المفترض أن تبدأ في مرحلة مبكرة جداً من العلم، منذ أن يتحسس الطفل لعبته ويخاطبها لكي تشاركه اللعب، إذ إن الطفل منذ البداية وهو شغوف باكتشاف كل ما يحيط به، وكل محاولة لتدميره شيئاً ما هي في حقيقية الأمر رحلة نحو معرفة هذا الشيء لتحديد ماهيته، والكثير من الآباء الذين يتميزون بقدر كبير من العلم والثقافة يستثمرون شقاوة أبنائهم في توجيهها نحو اكتساب المعارف ومن ثم تنمية الملكات والقدرات، وحين يستطيع الأب أن يصل بالابن إلى مرحلة الاستكشاف والنظر في كل ما يحيط به فهو في هذه الحالة يكون قد وضع قدمه على أول طريق التفوق والتميز. كسب الجائزة ويبين أن المرحلة الثانية في حث الأبناء على التفوق تتمثل في عملية التحفيز المادي والمعنوي التي يعقبها التنافس بين الأبناء في البيت الواحد، من أجل كسب الجائزة أو كسب رضا الآباء ونيل استحسانهم، وما من شك أن الدراسات النفسية أثبتت جدوى إيجاد روح التنافس بين الأبناء، وذلك بأن يحدد الآباء جوائز للأبناء على حسب درجاتهم العلمية وترتيبهم في المدارس أو الجامعات التي يلتحقون بها. ويحذر الدكتور أحمد ألمعي من استخدام العنف في حالة إخفاق أحد الأبناء في تحقيق درجات ترضي الآباء، وينصح أن تستمر الأسرة في انتهاج سياسة الترغيب عبر الجوائز التي تحددها لهم، وبالنسبة لمحاولة ترهيبهم عند عدم القدرة على التفوق فإنه من الممكن اتباع أسلوب الترهيب وذلك بحرمان المخفق من الذهاب مع الأسرة إلى رحلة ترفيهية لوجهة سياحية ما، أو عدم إعطائه مصروفاً مثل بقية أقرانه بحيث يتناسب العقاب مع حجم الخطأ. ويلفت رئيس الطب النفسي بمدينة خليفة الطبية إلى أن هناك بعض المشكلات التي قد تحدث بسبب إعلان الآباء عن جوائز مادية وعينية للأبناء نظير تفوقهم الدراسي، وذلك من خلال أن يطلب أحد الأبناء التساوي بإخوته في الهدية مهما كان ترتيبه العلمي بينهم ويصر على ذلك، إذ إن عدم التصرف بحنكة وذكاء ومرونة قد يحدث حالة من الغيرة والتنافس غير الشريف بين الأبناء وهو ما يخلق حالة من العداوة بين الجميع على اعتبار أن الابن المخفق يرى أنه مثل بقية أخوته متساو معهم في الحقوق، ويشير إلى أن الحكمة يجب أن تعلو في هذا الوقت وأن يتصرف الآباء من منطلقها ليتفادوا كل ما يمكن أن يترتب على ذلك من آثار سيئة. أحدث الأجهزة لا يفرق سلطان المري «موظف علاقات عامة» بين أي من أبنائه سواء في المصروف اليومي أو في التعامل، لكنه يحرص على إيجاد تنافس قوي بينهم خصوصاً وأنهم في مراحل دراسية مختلفة ما بين التعليم الابتدائي والثانوي، ويذكر أنه في العام السابق وعد من يحصل على مركز متقدم منهم في مدرسته بأن يشتري له أحدث الأجهزة اللوحية المحمولة وحين حقق أصغر أولاده ذلك أحضر له الهدية من الخارج، لكنه لم يهمل بقية الأبناء الذين لم يصلوا إلى هذه المرحلة من التفوق، وأعطى كل واحد منهم هدية قيمة على سبيل تحفيزهم لتحقيق نتائج طيبة في هذا العام، والمري في انتظار نتيجة امتحان أحدهم وهو في الثانوية العامة، حيث وعد الابن بأن يكون الأول على مدرسته، وفي حالة الوفاء بذلك فعليه أيضاً أن يفي له بوعد أكبر، وهو ما أشعل المنافسة بين الجميع وجعلهم طوال العام يبذلون كل ما في وسعهم من أجل أن يكونوا متميزين بين أقرانهم في المدرسة وبين بعضهم بعضاً في البيت ، ويشير المري إلى أنه دائماً يغمر أبناءه بالمحبة ويقربهم منه ويستمع إلى مشكلاتهم بشكل دوري، ويلبي مطالبهم في الوقت نفسه، وهو ما أوجذ حالة من الحب بينهم كان لها أثر واضح في نبذ البغضاء بينهم. سيارة جديدة وتعترف ميثاء القبيسي «مديرة شركة خاصة»، بأنها وقعت في خطأ جسيم العام الماضي حين حركت رياح التنافس بين ابنيها اللذين يدرسان في الجامعة حيث أخبرتهما بأن من يتفوق على الآخر، ويحوز ترتيباً متقدماً على دفعته سوف تستبدل سيارته بأخرى حديثة، وحين استطاع الابن الأصغر أن يحصل على المركز الثالث على قسمه، في حين أخفق الأكبر في تحقيق أي تفوق دراسي، وفت بوعدها، لكنها جنت من وراء ذلك تذمر ابنها الأكبر الذي لم يعجبه أن يغدو أخوه الذي يصغره إلى الجامعة ويروح بسيارة جديدة ويتفاخر بين أقرانه بأنه حصل عليها من جراء تفوقه، وتوضح أنها لكي تخرج من هذا المأزق اشترت سيارة مماثلة لابنها الذي أخفق وأهدتها له لكنها نبهته إلى ضرورة أن يبذل مجهوداً مضاعفاً هذا العام حتى يلحق بركب أخيه في سباق التفوق، وهو ما انعكس عليه بصورة إيجابية، إذ إنها كانت تستيقظ في ساعات متأخرة من الليل لتجد هذا الابن يستذكر دروسه بهمة ونشاط، وتلفت إلى أنه من الضروري ألا يبالغ الآباء في منح أبنائهم هدايا مبالغ فيها في حالة تفوقهم، حتى لا تحدث المشاحنات بينهم ومن ثم يتبادلون المشاعر السلبية، وهي تتحدث من واقع تجربتها حيث كان من الممكن أن يحدث شرخاً في محيط علاقات ابنيها بعضهما بعضاً لولا أنها تداركت الخطأ الذي وقعت فيه وقررت أن تنتهج أسلوباً آخر. سباق الامتحانات ولا ينكر مسعود الزعابي تاجر بأنه عانى مشكلات عدة بسبب استخدامه أسلوباً خاطئاً في البداية من أجل تحفيز أبنائه على التفوق، حيث كان يحرم المقصر من أشياء مهمة ومحببة لديه بأسلوب فج وهو ما خلق بين الأبناء نوعا من العداوة، لكنه استطاع أن يخلصهم منها حين بدأ يقارب الهدايا بينهم ويتفادى في مرحلة مبكرة من العمر حدوث مشاحنات بين بعضهم بعضاً ويبين أن لديه ولدين في المرحلة الثانوية بقسميها الأدبي والعلمي والمنافسة محتدمة بينهما وهما يخوضان سباق الامتحانات في هذه الأيام، وقد وعد الذي يحقق نتائج أفضل بهدية قيمة، لكنه في الوقت نفسه يضع في اعتباره إلا يخيب آمال الآخر في حال إخفاقه، لذا أعد للمتميز هديته وللمخفق رحلة في إحدى إمارات الدولة، ويلفت إلى أنه من الأهمية بمكان أن يحفز الآباء أبناءهم من أجل أن يظهروا براعتهم العلمية وتفوقهم الدراسي حتى يكون ذلك منهجهم على طول الحياة. واحة علم ومن جهتها تؤكد شيخة يونس «معلمة تربوية»، أن أبناءها الثلاثة الذين يدرسون في مراحل تعليمية مختلفة دائماً يحوزون مراكز متقدمة في مدارسهم، والسبب في ذلك أنها منذ البداية غرست فيهم روح التفوق وجعلتهم يحبون العلم. وتشير إلى أنها تجعل من الإجازة المدرسية واحة علم، حيث تشتري لهم كتباً في مجالات معرفية مختلفة، وتطلب منهم قراءتها، ومن يستطيع أن يلخص هذه الكتب أو يتحدث عنها بطلاقة تعطيه جائزة، وترى أن الأسرة لها دور فاعل في حث الأبناء على التفوق الدراسي وهي المسؤولة أيضاً عن فشلهم، وتقول: من الضروري أن يقترن العلم بالترفيه والتفوق بالتقدير المعنوي والمادي، لأن هذه هي طبيعة الإنسان فهو يحب أن يحمد على أي فعل حسن قام به، وأولياء الأمور لابد أن يحبوا الأبناء، ويستخرجوا إبداعاتهم، ويهتموا بتنمية مواهبهم ويستثمروها في الوقت نفسه لما يعود بالنفع عليهم وكذلك على المجتمع. من الخطأ ربط النجاح بالمكافأة المادية بالنسبة للتمايز في قدرات الأبناء العقلية والفكرية والعلمية، فإن أستاذ التربية وعلم النفس بجامعة الإمارات حمزة دودين، ينبه إلى ضرورة أن تلتفت الأسرة إلى أن أبناءها لديهم قدرات مختلفة على الرغم من تقاربهم في الصفات والشكل معاً، ويقول: علي ضوء هذا الاختلاف يجب أن يتعامل الآباء مع الأبناء فليس من الضروري أن يتوافق الأبناء في معايير الذكاء لأنهم أخوة.. ويضيف: لا يمكن أن ترتبط الهدية بالتفوق الدراسي فقط لكن على كل أسرة أن تضع جائزتها بناء على الإنجاز العام وليس على النتيجة النهائية، إذ إنه من الممكن أن يبذل الابن كل ما في وسعه لكنه لا يحصل في آخر العام على ترتيب ولا يجد اسمه في صفوف الطلاب المتفوقين، ومن جهة أخرى يرى الدكتور حمزة أن الهدية المادية وحدها لا تكفي ولكن يجب أن تقترن بالثناء وأن تكون موزعة بين الأبناء بحيث لا يحدث تفاوت في قيمتها بالنسبة للأول عن الثاني وهكذا، ويشير إلى أن قيمة الجائزة يجب أن تكون بسيطة، ويجب ألا يرتبط النجاح بالمكافأة المادية حتى لا يشب الأبناء وهم يعتقدون أن المحرك لأساسي لهم هو المكسب المادي، ويؤكد أن تنمية الجانب الروحي في نفوس الأبناء أمر ضروري ويسهم في تحسن صحتهم النفسية بحيث لا تتكون لديهم مشاعر سلبية في المستقبل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©