الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أجواء رمضان العطرة تودع البيوت.. والقلوب تهفو لعودة الشهر الفضيل

أجواء رمضان العطرة تودع البيوت.. والقلوب تهفو لعودة الشهر الفضيل
14 سبتمبر 2010 07:13
انتهى شهر رمضان المبارك وبدأ الملل يتسلل إلى البيوت. وليس التنظيم المعيشي الذي يفرضه شهر الصوم، هو وحده الذي غاب مع بزوغ فجر العيد، فعادت الفوضى الحياتية تدب في البيوت. إلا أنه مع عرض الحلقات الثلاثين من سيل المسلسلات الرمضانية على القنوات الأرضية والفضائية، خمدت الحيوية في غرف المعيشة وحول أجهزة التلفزيون. ولم تعد هناك حاجة لأجهزة «الريموت كونترول»، التي كانت موضع خلاف بين أفراد الأسرة، وكان الإمساك بها أكبر انتصار. لم يعد هناك أي أثر حميمي لتلك الجلسات العائلية التي كانت تجمع إليها الكبار والصغار من المساء وحتى ما بعد منتصف الليل. وهي وإن صادف أن وجدت، فما من اهتمام مشترك يؤنس لمة الآباء والأبناء. 30 يوما تعيد ترتيب كل ما تبعثر من أوقات الأسرة وهدر الوقت لديها. روزنامة متقنة ومواقيت محددة تدق في يوميات أفراد الأسرة تماما كالمنبه الذي لا يخطئ الدقائق ولا الثواني. وكما للإمساك عن الطعام موعد وللإفطار مدفع، وللعبادات أجر مضاعف، ينضبط حال الجميع ولا مجال للتباطؤ أو التأخير. ومع كل المشاغل والحجج التي نستند عليها خلال أيام السنة، تنتظم أمورنا في رمضان بإرادتنا وليس غصبا عنا. الدخول إلى المطبخ وتحضير الطعام يصبح واجبا محببا، التسوق تتسع رقعته لتشمل المالح والحلو والبارد والساخن. مائدة الإفطار تفرش يوميا في اللحظة نفسها، وكل فرد من الأسرة ينصرف إلى أداء دوره حتى يصدح صوت الأذان ويتحلق الجميع حول السفرة. وهكذا تمر السهرة في رمضان، ولكل ساعة برنامجها الذي تحدده في الغالب المسلسلات التلفزيونية والفقرات المنوعة. وما إن يحل العيد بحلوه وبهجة أيامه، حتى تفرط هذه السبحة المحكمة الربط. ويشعر الجميع كل حسب ظروفه، بغربة موحشة وحنين إلى شهر رمضان الذي يدخل في عمق الاستقرار النفسي للعائلة. نشاط سمر معتوق تتحدث عن شوقها لأجواء رمضان وكل ما يحيط هذا الشهر من أجواء هادئة تسكن إليها النفس. تقول: «لا أشعر بالملل في رمضان، ومع أنني أعاني القليل من آلام الرأس خلال الأيام الأولى من الشهر، غير أنني سرعان ما أتأقلم مع الوضع. وأكثر ما يفرحني هو انتظام الوقت». وتذكر أنها خارج أيام الصوم، تعاني من الفوضى في مواعيد النوم والاستيقاظ، غير أن كل ما تفعله في رمضان منضبط. «ولا مجال للتغيير لأن كل أمر مرتبط بالآخر، وأي تأخير في أداء أي مهمة يعني التأخر على موعد الإفطار». من جهتها فاطمة علي تعتبر أن شهر رمضان هو الحاضن الحقيقي لأفراد الأسرة لأنه يفرض على الجميع الالتزام. «هنالك حالة خاصة أيام الصوم تدفعنا للعمل بنشاط غير عادي. وعلى عكس ما يدعيه البعض بأن رمضان يصيبنا بالكسل، أجد أنه يدفعنا إلى الإسراع في أداء واجباتنا استعدادا للإلتفاف حول مائدة الإفطار في الوقت المحدد». ويشير إلى أن المسلسلات التلفزيونية الغزيرة التي تعرض خلال شهر رمضان، توجد أجواء محببة لاجتماع الأهل والأصدقاء. وهنا يتسامر الجميع ويتفاعل مع هذا الدور أو ذاك الحدث، وما إلى هنالك. أما دلال الشعار، وهي ربة منزل وأم لأربعة أبناء، فتتحدث بحنين مع انتهاء شهر الصوم، وتقول: «سبحان الله كم لهذا الشهر من إيحاءات وجدانية يزرعها داخل كل واحد فينا. ننتظره طويلا ليغدق علينا من بركاته، وما أن يطل هلاله حتى يعاود الغياب من جديد». وهذا حالها في رمضان: تستيقظ باكرا، تشاهد ما قد فاتها من مسلسلات في الفترة المسائية، ثم تدخل إلى المطبخ ولا تخرج منه حتى ما قبل أذان المغرب بقليل. وما أن تدق الساعة الثامنة مساء حتى تتسمر على كرسيها، ولا تغادره قبل انتهاء آخر مشهد من آخر مسلسل تتابعه. تخمة لا يختلف حال الرجال كثيرا في رمضان، وإنما يتخذ برامج قد تكون مختلفة بعض الشيء. ومن النماذج التي التقينا بها، يروي محمد سالم أنه ينتظر شهر الصوم حتى يختلي إلى نفسه، ويمارس الطقوس الاجتماعية التي تبعده عنها مشاغل الحياة. وتجده في هذا الوقت من السنة، يلتزم بالزيارات العائلية وصلة الأرحام، وذلك ما بعد صلاة التراويح. «وعادة يكون خروجي من البيت بمجرد الانتهاء من مشاهدة المسلسلين المحليين اللذين أحرص على متابعتهما مع أبنائي. وفي الغالب أرجع إلى البيت قبل بدء البرنامج الديني الذي أشاهده يوميا مع زوجتي. أسلوب تنظيم الوقت نفسه يتبعه خالد التميمي الذي يعترض على حال الملل الذي تفرضه شاشات التلفزيون مع انتهاء شهر رمضان، بحيث تنقطع كليا عن عرض البرامج القوية الملفتة. «خلال رمضان نصاب بتخمة من المسلسلات التاريخية والتراثية والاجتماعية، وترانا نعاني من قحط مزعج مع دخول أول أيام العيد». وهذا برأيه ما يجعل اجتماع الأسرة يتفكك بعد شهر رمضان، «لأننا لا نأكل في وقت محدد، ولا نتابع سويا أي مسلسل جذاب». وينطبق منطق الكلام هذا على أحمد البدوي الذي يرى في شهر رمضان ألفة ومودة تحضر في البيوت بشكل ملفت. ويتساءل عن سر تبعثر هذه الأجواء الدافئة بمجرد أن يحل العيد وتعود الحياة الأسرية إلى فوضى المواعيد السابقة. «نحن بحاجة ماسة إلى ما يجمع أفراد الأسرة حول اهتمامات مشتركة، لأننا أصبحنا لا نجتمع إلا في المناسبات. وشهر رمضان بات من أهم المناسبات التي تنظم العلاقة الأسرية بين الآباء والأبناء، وبين الآباء فيما بينهم وكذلك فيما بين الأبناء. عن ظهر قلب لم يعد من المقبول أن تحوطنا شاشات التلفزيون بسيل من المسلسلات خلال شهر رمضان. وليس من المنطق أن تغلق «الحنفية» عنا بمجرد أن يطل هلال العيد. والأمر يزداد سوءا سنة بعد سنة حين يشعر المشاهد أنه المستهدف الأول في حالة المصلحة التجارية التي تفرض نفسها على القنوات الفضائية والأرضية. فما معنى أن تنحصر العروضات في 30 يوما من أيام السنة، وأن تغيب في باقي الأشهر. يطل العيد، وتحاول الأسرة أن تجتهد للاجتماع على برنامج مسل. يتنقل كل واحد فيها بدوره من محطة إلى أخرى، والمحصلة برامج وثائقية وحفلات مر عليها الزمن. والأسوأ من ذلك على الإطلاق، تلك المسرحيات والأفلام التي تعرض من ذاكرة الشاشة المعتقة، والتي على طرافتها لم تعد تبث في النفس سوى المزيد من الملل. منذ عشرات السنين تعرض الأعمال نفسها في أيام العيد، مسرحية «مدرسة المشاغبين» حفظناها عن ظهر قلب، و»شاهد ما شافش حاجة» نشهد أننا شاهدناها أكثر من 100 مرة، وفيلم «بياع الخواتم» ابتعنا منه كل الخواتم، و»سفر برلك» لطالما سافرنا إليه مع كل عيد. وبتنا نتوق لأعمال جديدة وفقرات جذابة تفتح شهيتنا لمواصلة المشاهدة حتى ما بعد رمضان.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©