السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمران بن حصين.. رفيق الملائكة

عمران بن حصين.. رفيق الملائكة
3 يوليو 2014 00:49
أحمد مراد (القاهرة) صحابي جليل، وواحد من فقهاء أهل البصرة، ومن حفظة القرآن الكريم وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ممن اعتزل الفتنة، ولم يحارب مع علي أو معاوية، وكانت حياته - رضي الله عنه - صورة من صور الصدق، والزهد، والورع، والتفاني وحب الله وطاعته. هو عمران بن حصين بن عبيد بن خلف بن عبد نهم بن سالم بن غاضرة بن سلول، يكنى أبا نجيد، وينتمي إلى قبيلة خزاعة، وقد أسلم هو وأبوه وأبو هريرة - رضي الله عنهم - في وقت واحد سنة 7 هجرية، حيث جاء إلى الرسول الكريم في العام الذي وقعت فيه غزوة خيبر مبايعاً، ومنذ وضع يمينه في يمين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصبحت يده اليمنى موضع تكريم كبير، فآلى على نفسه ألا يستخدمها إلا في كل عمل طيّب وكريم، وشهد بعض الغزوات مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأبلى فيها بلاءً حسناً، وكان صاحب راية خزاعة يوم فتح مكة. رؤى الآخرة ذات يوم سأل الصحابة - رضي الله عنهم - الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله، ما لنا إذا كنا عندك رقت قلوبنا، وزهدنا دنيانا، وكأننا نرى الآخرة رأي العين .. حتى إذا خرجنا من عندك، ولقينا أهلنا، وأولادنا، ودنيانا، أنكرنا أنفسنا..؟». فأجابهم عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده، لو تدومون على حالكم عندي، لصافحتكم الملائكة عيانا، ولكن ساعة وساعة»، وسمع عمران بن حصين هذا الحديث، فاشتعلت أشواقه، وأراد أن تكون حياته كلها ساعة واحدة موصولة النجوى والتبتل لله رب العالمين. ومع أن الله تعالى رزقه شفافيةً في صدره، وصِدقاً في حسِّه، وتفانيا في عبادته، فقد كان كثير البكاء والخشية قائلاً: «يا ليتني كنتُ رماداً تَذروه الرياح». وفي خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أرسله الخليفة إلى البصرة ليفقه أهلها ويعلمهم، وفي البصرة حطّ رحاله، وأقبل عليه أهلها منذ عرفوه يتبركون به، ويستضيؤن بتقواه، وقد عبَّر الحسن وابن سيرين - رحمهما الله - عن ذلك بقولهما: «ما قدم البصرة من أصحاب رسول الله صلى الله وسلم أحد يَفضُل عمران بن حصين»، وفي رواية أخرى «ما قدم البصرة راكب خير منه». وكان عمران - رضي الله عنه - يرفض أن يشغله عن الله وعبادته شاغل، فقد استغرق في العبادة، واستوعبته العبادة حتى صار كأنه لا ينتمي إلى عالم الدنيا التي يعيش فوق أرضها وبين ناسها، وبالَغ الرجل في التبتُّل والتقوى والزهد، حتى صار كواحد من الملائكة، يُحدِّثهم ويحدِّثونه، ويصافحهم ويصافحونه، فيروى عنه رضي الله عنه أن الملائكة كانت تسلِّم عليه حتى اكتوى لأجل الاستشفاء من المرض، فتركت الملائكة السلام عليه، ثم ترك الاكتواء، فعادت الملائكة تسلِّم عليه، وفي هذا يقول - رضي الله عنه-: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكيِّ، فابتُلينا، فاكتَوينا، فما أفلحْنا ولا أنجحْنا». موقف الحيدة ولما وقع النزاع بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، لم يقف عمران موقف الحيدة وحسب، بل راح يرفع صوته بين الناس داعياً إيّاهم أن يكفوا عن الاشتراك في تلك الحرب، وراح يقول للناس: لأن أرعى أعنزا حضنيات في رأس جبل حتى يدركني الموت، أحبّ إليّ من أن أرمي في أحد الفريقين بسهم، أخطأ أم أصاب»..، وكان يوصي من يلقاه من المسلمين قائلاً: الزم مسجدك، فإن دخل عليك، فالزم بيتك، فإن دخل عليك بيتك من يريد نفسك ومالك فقاتله». وكان - رضي الله عنه - من الصابرين صبراً جميلاً على ما ابتلاه الله تعالى به من علَّة بقيتْ في بدنه ثلاثين عاما، ولم تَحُل بينه وبين مواصلة العبادة قائماً وقاعداً وراقداً، وإذا عاده إخوانه وواسَوه في بليته، قال لهم مُغتبطًا مُبتسماً: «إن أحب الأشياء إلى نفسي أحبها إلى الله»، وكان رضي الله عنه يتحمل الآلام، فقال ابن سيرين: «سقى بطن عمران بن حصين ثلاثين سنة، كل ذلك ويعرض عليه الكي، فيأبى، حتى كان قبل موته بسنتين، فاكتوى». وكانت وصيته لأهله وإخوانه حين أدركه الموت: إذا رجعتم من دفني، فانحروا وأطعموا»، وقد توفي سنة 52 هجرية بالبصرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©