الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ملوك الطوائف بالهند.. خمس دول على أنقاض «دلهي»

ملوك الطوائف بالهند.. خمس دول على أنقاض «دلهي»
3 يوليو 2014 00:48
د. أحمد الصاوي (القاهرة) لم يختلف تاريخ دول الإسلام بالهند في كثير أو قليل عن تاريخ أقرانها في الشرق والغرب الإسلامي فمتى ضعف الحكم المركزي في العاصمة استقلت الأطراف البعيدة وظهرت الدول الصغيرة التي تشغل نفسها بالتنازع مع بعضها البعض بغرض توسيع ممتلكاتها على حساب أقرب الجيران. وبعد تدهور أوضاع سلاطين دلهي أخذت الأقاليم في الاستقلال عن حكمها فظهرت عدة دويلات مع ضعف حكم آخر سلاطين الدولة الطغلقية وتمكنت من السيطرة على أقاليمها بعد هجمات تيمورلنك في 801 هـ على الهند، التي غادر بعدها البلاد محملا بالغنائم والأسلاب والهدايا تاركاً مدنها في حالة من الدمار الشامل، ولم يستطع خضر خان الذي حكمت أسرته دلهي 37 عاماً أن يجمع شتات أقاليم دولته وتقلص نفوذه عند حدود العاصمة حتى أنه كان مثار سخرية الرعية عندما أطلق على نفسه لقب ملك العالم «ملك شاه عالم»، فكانوا يتندرون بقولهم «ملك شاه عالم من دلهي إلى بالم» وبالم هي ضاحية قريبة من دلهي. شمال بومباي وقامت بالهند خمس دول على أنقاض مملكة دلهي هي الكجرات والدكن والبنغال وجنبور ومالوا، وظهرت الدولة الإسلامية في الكجرات الواقعة شمال بومباي وتطل جنوبا على بحر العرب بدءاً من العام 810 هـ بعد تضعضع سلطان دلهي، وقد استقل بها قائدها ظفر خان وتلقب بمظفر شاه وحكمها بالعدل وحسن السياسة إلى أن توفي عام 813 هـ. تولى من بعده حفيده أحمد خان الذي يعتبر أهم ملوك هذه الدولة وإليه يرجع الفضل في تأسيس مدينة أحمد أباد التي صارت من وقتها عاصمة للكجرات وإلى يومنا هذا، وخلال حكمه الذي استمر العام 845 هـ استقبلت الكجرات العلماء المسلمين من كل حدب وصوب، حيث كانوا موضع ترحيب السلطان وعنايته وبسبب ذلك ذاعت شهرة الكجرات في العالم الإسلامي. نجاحات عسكرية وقد اشتهر سلاطين الكجرات ولا سيما محمود شاه الذي تولى الحكم عام 863 هـ بنجاحاتهم العسكرية وفي توسيع رقعة مملكتهم على حساب الممالك الهندوسية المجاورة ولم يتورط أحد من ملوكهم في حرب ضد دولة إسلامية، وعندما اشتدت هجمات البرتغاليين على سواحل الكجرات في أوائل القرن العاشر الهجري استعان محمود شاه بأسطول المماليك بمصر وبالفعل أرسل قنصوه الغوري أسطولاً لنجدة الكجرات بقيادة الأمير حسين ونجح في دحر الأسطول البرتغالي في موقعة كاليكوت في العام 914 هـ، ولكن تواطؤ حاكم ديو أدى لهزيمة الأسطولين الكجراي والمصرية في موقعة ديو البحرية وإزاء امتناع حاكم ديو عن تموين السفن المصرية اضطر الأمير حسين للانسحاب من بحر العرب والعودة لمصر. ومن أشهر ملوك هذه الدولة وأكثرهم ورعا السلطان مظفر الحليم، وكان معروفاً بعنايته بالعلم والعلماء وتورعه عن غزو ممالك المسلمين، ويذكر أن تاجر خيل خاصمه عند القاضي فذهب إليه ماشياً فلم يقم له القاضي وحكم بأن يؤدي مالاً للتاجر ففعل وعندها سأل القاضي التاجر هل لك حاجة أخرى، فقال لا فقام القاضي وأظهر فروض الطاعة للمظفر معتذراً عن معاملته، بالسوية مع خصمه، فقال له السلطان لو لم تفعل ذلك لعزلناك فنعم القاضي أنت، مدحه الأخير قائلاً ونعم السلطان أنت. وسقطت دولة الكجرات بعد تصارع أبناء البيت الحاكم بها في عهد مظفر شاه الثالث، واستولى عليها الإمبراطور المغولي جلال الدين أكبر في سنة 978هـ. نضال وعراك أما سلطنة مالوا، فتقع أراضيها بوسط الهند بين الكجرات والدكن وأكرا، وأسسها دلاور خان المنتمي للغوريين حكام الهند قبل أن يتوفى في عام 810 هـ ولم يفلح أولاده في الإمساك بزمام الأمور فاستولى على المملكة محمود الخلجي الأفغاني، وظل يحكمها لمدة 34 عاماً انتهت في عام 873 هـ، وقد قضى سنوات حكمه في نضال وعراك مستمرين سواء ضد أمراء الهندوس الذين تمردوا مرارا ضد حكمه أو ضد مملكتي الكجرات والدكن المسلمتين. أما ابنه غياث الدين، فاشتهر بعنايته بجمع النساء من كل الأجناس حتى اجتمعت لدية عشرة آلاف امرأة لم ير فيهن واحدة جميلة حسب قوله وكان يعلمهن الفروسية وفنون الحرب ويلبسهن ملابس الرجال، كما كان يحرص على تعليمهن الكتابة والقراءة وحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة. وكانت خاتمة هذه الدولة في عام 937 هـ عندما سار إليها بهادرشاه الكجراتي وقبض على آخر حكامها محمود الثالث وحمله إلى أحمد أباد. وثالث الدول الإسلامية فيما قبل سيطرة المغول على شبه القارة الهندية هي مملكة الدكن البهمنية التي حكمت هضبة الدكن فيما بين عامي 748 و934 هـ ومؤسسها هو علاء الدين حسن كنكو بهمان الذي بدأ حياته خادماً لأحد كبار المنجمين بالهند، ثم التحق بخدمة محمد شاه لغلق، وبقي يعمل بالدكن إلى أن استقل بحكمها بعد تهالك سيطرة حكام دلهي على البلاد. ونجح علاء الدين حسن في تأسيس دولة حكمت البلاد لقرابة القرنين، ووسع هو وملوكها حدود هذه الدولة بضم العديد من الإمارات الهندوسية، وقد اشتهر ملوك هذه الدولة بحسن السياسة، حيث تم تقسيم البلاد لأربعة ولايات لتسهيل السيطرة عليها من العاصمة كلبركه المعروفة باسم إحسان أباد. هجمات عنيفة ومن أهم ملوك هذه الدولة محمد شاه بهنمي الذي شن هجمات عنيفة ضد الهندوس الذين دأبوا على التمرد حتى أنه قتل منهم مئات الألوف واضطرهم لدفع الجزية السنوية، وقد نجح محمد شاه في قيادة مملكته بفضل التنظيمات الإدارية الجديدة التي أعطى بموجبها ما يشبه الحكم الذاتي للأقاليم وأنشأ وزارة حديثة لها رئيس ووزراء يختص كل منهم بإدارة أعمال بعينها كالشؤون الخارجية والمالية والزراعة. وقد تعرضت المملكة لفتن طائفية وأغلبهم من الوافدين من غرب البلاد فقمعها علاء الدين شاه الثاني بشدة واستأصل أيضاً المتمردين من الهندوس، وقد حدث أن هذا السلطان نعت نفسه في إحدى خطبه بأنه السلطان العادل الكريم الحليم الرؤوف بعباد الله، فقام إليه أحد تجار الخيول العرب من أهل الإحساء، وقال له لا والله لا عادل ولا كريم ولا حليم ولا رؤوف أيها الظالم الكذاب، وكان ذلك بسبب أن وزراء علاء الدين اشتروا منه خيولا ولم يعطوا التاجر ثمنها فتأثر السلطان وفاضت عيناه بالدمع وعاتب الوزراء ووبخهم وأمر أن يؤدى للتاجر حقه، ثم دخل بيته فلم يخرج منه ومات كمداً في عام 862هـ. وإلى جانب هذه الدول، قامت دول أخرى في البنغال وجنبور والسند وكلها بزغت وقت ضعف حكام دلهي، وانتهى أمرها بظهور بابر محمد المغولي حفيد تيمورلنك وتأسيسه لدولة المغول بالهند.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©