الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آمنة خليفة ترتدي عباءة القيم وتعطي دروساً في «أصول التربية»

آمنة خليفة ترتدي عباءة القيم وتعطي دروساً في «أصول التربية»
3 يوليو 2014 00:47
عاشت كثير من الأسر الخليجية في ترحال وتنقل بين دول الخليج في المرحلة الماضية، إما بسبب الظروف المعيشية أو الزواج ثم الانتقال إلى الدولة التي يستقر بها شريك الحياة، وربما يسافر الزوج للمعيشة في بلد الزوجة، وتزوجت فتيات وغادرن مع أزواجهن، ومنهن الدكتورة آمنة خليفة آل علي التي عاشت في المملكة العربية السعودية ثم دولة قطر، وهي تحمل درجة دكتوراه الفلسفة في التربية من جامعة عين شمس في القاهرة، وحصلت على الماجستير قبل ذلك في التربية من جامعة الأزهر، إلى جانب دبلوم خاص في التربية من جامعة الأزهر أيضاً، أما البكالوريوس، فكان في الآداب والتربية من جامعة قطر. موزة خميس (دبي) عملت الدكتورة آمنة في منصب أستاذ أصول التربية بجامعة الإمارات، وكانت سابقاً مدير مركز الانتساب الموجة، ومدير عام مؤسسة حميد بن راشد النعيمي للتطوير والتنمية البشرية، وعندما عادت بذاكرتها إلى أهم ما كان يميز طفولتها وجدت نفسها تعود إلى تلك السنوات السبع التي قضتها في الدمام، وكان هناك أيضاً بعض العائلات من العين ومن إمارات مختلفة. وتتذكر رحلتها مع الحياة والدكتوراه: انتقلت إلى هناك عندما كنت لا أتجاوز الثالثة من عمري، وبعد فترة شاء نصيب شقيقتي أن تتزوج من دولة قطر، وأمي لا تحب أن تترك ابنتها في مهب الريح، قبل أن تعتاد على أهل زوجها وحياتها الجديدة، فسافرت الأسرة كلها إلى دولة قطر، وكان والدي المربي هو زوج والدتي الذي تكفل بتربيتنا ونحن أطفال، وهو نعم الأب، رحمة الله عليه. صياغة الفكرة وفي قطر التقيت بشخصية ساهمت في صياغة فكري وذاتي، وهو أحمد بن علي المحمود الذي كان يملك مكتبة بها أمهات الكتب والمراجع النادرة، وهو من أبناء إمارة الشارقة، فكنت أحب الذهاب إلى تلك المكتبة، وكان رحمة الله عليه، يحرص على أن يختار لي كتباً تتناسب والمرحلة العمرية، وقد قرأت القصص والشعر وكل كتاب أدبي قدمه لي، إلى جانب قصص الأنبياء والسير، واستمريت في قبول كتب ذلك الجليل العالم، حتى أصبحت أملك حصيلة من المعلومات أهلتني للمشاركة في مسابقات الإذاعة المدرسية، وكنت أعلم أن حبي للعلم كان نتيجة تلك الأجواء، لذلك عاهدت نفسي على تحمل الظروف كلها، لأصل لأقصى حد من التعليم. وكانت الدكتورة آمنة تتفوق في كل عام ولم تتراجع أبداً في تحصيلها، وكان حصولها على شهادة الثانوية العامة من قطر ضمن العشرة الأوائل على القسم الأدبي، منعطفاً أو محطة ثالثة في مسيرة حياتها، فقد كانت دولة قطر تسمح للمتفوقين من أبناء غير المواطنين القطريين أن يبتعثوا للدراسة على نفقتها في قطر أو في الخارج، وقتها كانت تتمنى دراسة الإعلام في الخارج، لكن الظروف الاجتماعية وليست الأسرية حالت دون ذلك، وكانت مثل هذه الظروف تحد من انطلاقتها، وعليه اتجهت إلى كلية المعلمين والتي أنشئت قبل حصولها على الثانوية بسنتين، فالتحقت بالدراسات الإسلامية واللغة العربية، حيث لم تكن الخيارات كثيرة وقتها، وتخرجت بعد ثلاث سنوات وكانت الأولى على دفعتها ليلوح أمامها منعطف جديد. سعادة لم تدم بعد ذلك تلقت اتصالاً من مسؤول قسم الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين في قطر لإبلاغها بأنها مرشحة للعمل معيدة في الجامعة، وعن تلك الفترة تقول: «لا يمكن وصف حجم الفرح والسعادة، حيث لا أزال أذكر شعوري بها حتى اليوم، إذ أدركت أنني حصلت على مقابل اجتهادي وسهري، غير أن الفرحة لم تتم وإذ بعد أسبوع تقريباً فوجئت باتصال آخر يقول نأسف لا نستطيع ترشيحك، ومثلما كنت لا أعرف وصف فرحتي، لم أتمكن من وصف حجم الإحباط الذي وقع علي، وشعرت أني سقطت من قمة السعادة إلى عمق الحزن. وكانت لحظة جعلتني أقرر ما كان يجب أن أقرره سابقاً.. لكن اللحظة الحاسمة حان وقتها». ويتواصل الحديث على لسان الدكتورة آمنة خليفة: «صارحت والدتي بقراري، وأكدت لها أني لن أعمل في أي وظيفة أخرى طالما أني أستحق أن أكون معيدة، ولن أقبل بأقل مما أستحق وقمت بإرسال أوراقي وشهاداتي لأختي في الإمارات، وكانت عيني على جامعة الإمارات التي مضى على تأسيسها عامين، وقدمت أوراقي فيها ليزف لي خبر قبولي معيدة في الجامعة. وتركت أسرتي في قطر وعدت إلى الإمارات، وبعد عامين عادوا جميعاً بعد حصول أخي على شهادة الثانوية العامة، وبعد أشهر قليلة من تعييني ابتعثت لدراسة الماجستير في مصر، وباعتباري حاصلة على بكالوريوس في التربية تخصص دراسات إسلامية ولغة عربية، فقد اتجهت إلى كلية البنات بجامعة الأزهر، لكني لم أبق في كلية الدراسات إلا أياماً معدودة، وبطلب مني حولت إلى كلية التربية». الدفعة الثالثة كانت ضمن الدفعة الثالثة التي تم ابتعاثها للقاهرة للحصول على الماجستير، وهناك عاشت مرحلة صراع الغربة بسبب وجودها بعيدة عن الوطن والأهل، فكانت تجد نفسها كل يوم مدفوعة برغبة للعودة إلى الوطن، فتجهز حقيبة سفرها مرات عدة، وتنتظر الصباح لتذهب إلى سفارة دولة الإمارات، من أجل إنهاء إجراءات العودة، ومع الأيام تكون لديها صورة واضحة عن معنى تحمل مصاعب الحياة بعيداً عن الوطن، ورغم أنها كانت ذاهبة من أجل العلم في دولة عربية، إلا أنها لم تعتد بعد على نمط حياتهم المختلف، لأنها خرجت للتو من بيئة شديدة التحفظ، تمتزج العادات الشعبية فيها مع العادات الإسلامية، فبذلت كل جهد لتواصل، حتى حصلت على درجة البكالوريوس بامتياز في ثلاث سنوات ونصف السنة، ومباشرة قدمت إلى الماجستير في اقتصاديات التعليم، ونالت الدكتوراه في التخصص الدقيق في التخطيط من جامعة عين شمس. من المواقف التي حدثت لها ولا تنساها لكنها علمتها درساً، أنها كانت تذهب لأستاذها المشرف على رسالة الماجستير لتقرأ له ما تم من الدراسة، وكان السكن بعيداً عن مقر عمل الأستاذ، ما كان يضطرها للخروج قبل الموعد، وكنت تعتقد أنها وصولها قبل الوقت المحدد معه بخمس أو عشر دقائق، في مصلحتها، ولكن ما حدث أن الأستاذ تأخر حتى جاء ليفتح لها باب المكتب وفاجأها بقوله: لماذا جئت يا آمنة قبل الموعد بخمس دقائق؟ وشعرت بإهانة وجرح، لأنه بدلاً من تقديري على حرصي وحضوري المبكر ينتقدني، والغريب أنه أدخلني إلى المكتب ثم تركني وذهب إلى مكان آخر حتى حان الموعد بالضبط فحضر، عندئذ فهمت قيمة احترام المواعيد.. وهذا هو الدرس. أصول التربية وتقول الدكتور آمنة خليفة: عندما عدت للوطن تم تعييني في قسم أصول التربية بجامعة الإمارات، وسرعان ما تم نقلي للعمل في مراكز الانتساب الموجة التي كانت مفتوحة في إمارات عدة، وفي تلك المرحلة كانت الدولة تمر بمراحل من تنمية ونهضة تعليمية وعمرانية واقتصادية، ما استدعى وجود مراكز الانتساب، لتتاح الفرصة لمن ترك التعليم من أجل البناء والنماء أن يكمل تعليمه، خاصة السيدات والفتيات وكثير من الشباب أيضاً، وبعد استنفاذ برامج مراكز الانتساب الموجه للأهداف التي أنشئت من أجلها عدت للعمل في مدينة العين، وتم بعد ذلك انتدابي للعمل في مؤسسة حميد بن راشد للتطوير والتنمية البشرية، وبعد انتهاء مدة الانتداب عدت مرة أخرى للعمل في الجامعة. كان لديها حنين للتواصل مع الطلبة والطالبات وحب للعمل الأكاديمي، خاصة أن هذه المهنة زادت من حجم المهارات والمعارف، ووجدت أن 16 عاماً من العمل الإداري، كان فرصة لإيصال المعاني السامية لحب الوطن إلى الطلاب والطالبات، من خلال الأنشطة الاجتماعية والتطوعية، خاصة أن طبيعة المساقات مرتبطة بشكل مباشر بالجوانب التربوية، ولم تزل تذكر أن كل ذلك لم يحرمني من حضور المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية، لإيمانها بأهميتها في تنمية العنصر البشري، فالإنسان يحتاج إلى المهارات والخبرات بجانب الشهادة العلمية. الدكتور ة آمنة حصلت على دبلوم خاص في التربية ثم الماجستير في التربية بعنوان اقتصاديات التعليم، حيث طبقت الدراسة الميدانية على طلبة المرحلتين الابتدائية والإعدادية في الإمارات، حول عوامل تسرب الطلبة من التعليم وكان ذلك عام 1985، وبعد ذلك دراسة الدور الثقافي والتعليمي للجمعيات النسائية، وكانت دراسة تقويمية عام 1988. إضاءة لم يكن بين الماجستير والدكتوراه إلا أشهر قليلة، وقد أنجزت رسالة الدكتوراه في سنتين ويوم، وبتقدير امتياز، ولم تزل تتذكر أن من بين أعضاء لجنة المناقشة الدكتور عز الدين إبراهيم، رحمة الله عليه، وكان وقتها مستشار المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وحضر ليكون ضمن اللجنة العلمية المشرفة على الرسالة. ملفات الحياة هناك أمر تحب أن تذكره الدكتورة آمنة وتعتبره من أهم المحطات في حياتها، وهو مجال العمل التطوعي، وقد تعلمت الكثير من خلال المشاركة في الأعمال التطوعية، حيث اهتمت بالتطوع وهي صغيرة من دون أن تعي أنه عمل تطوعي، عبر المشاركة في الحفلات المدرسية والأنشطة الطلابية، وتحمل المسؤولية في الرحلات التي تنظمها المدرسة أو الجامعة، والعمل بروح الفريق، وكل ذلك كان قائماً على التنافس المبني على الحب وليس الغيرة أو الكراهية. أيام زمان.. وبيوت السعف حول ذكرياتها الرمضانية تقول الدكتورة آمنة خليفة إن للشهر الفضيل مشاعر تتجدد، ورمضان قديماً ما كان يجعله مميزاً هو الألفة بين الناس، لأن نظام البيوت والعمارة البسيطة تجعل من السهل أن نتواصل، خاصة إن كان في فصل الصيف، لأن البيوت سعفية وهي عادة تصنع لتكون لكل أسرة خصوصية في بعض الأوقات، ولكن في الغالب النساء على تواصل دائم مع بعضهن، كما أن الفتيات جزء من المشهد الجميل في رمضان، حيث اللعب أو ايصال الأطباق الرمضانية، وإفطار العائلات مع بعضهم وبالنسبة للعائلات الكبيرة، حيث يصبح البيت مثل خلية نحل في فترة ما بعد صلاة العصر، أما بالنسبة لفترة الصباح فكل إنسان ينشغل في عمله، ومن ليس لديه عمل إما أن يقرأ القرآن أو يأخذ قسطاً من النوم ليتولى بعد ذلك مساعدة الآخرين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©