الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مطر رمضان يرصد حكايات من الحياة ويكتبها كما حدثت

مطر رمضان يرصد حكايات من الحياة ويكتبها كما حدثت
16 يونيو 2013 23:56
أبوظبي (الاتحاد)- صدر حديثا للشاعر مطر رمضان كتاب جديد بعنوان «حكايات.. هكذا حدثت» الجزء الأول، ويقع في 176 صفحة من القطع المتوسط. ويتناول الكتاب ستاً وثلاثين حكاية منها، شهدها الكاتب في حياته، ومنها ما سمعها شفاهيا ومنها ما نقلت عبر وسائل إعلامية مختلفة، حيث يكتب رمضان في مقدمة كتابه «إن بعض هذه الحكايات، يغلف عليها طابع الابتسامة البريئة وأخرى طابع القلق والضجر والتوتر والإحساس بالتشاؤم الذي أحاط بهذا الكوكب، واتعب ساكنيه بأزمات لا تنتهي، وأحلام تتلاشى وأمنيات لا تقوى على تغيير هذا الواقع». ويضيف رمضان في مقدمته «أما البعض الآخر من هذه الحكايات فيغلب عليها طابع التفاؤل الحذر والترقب لما سيحدث في أي لحظة.. وأحيانا الاستسلام للواقع الذي حدث.. إنها الحياة فهي لوحة، زخرفتها عقول البشر بألوان عديدة». ومن الحكايات التي ترد في الكتاب نقتطف حكاية بعنوان «نهاية رجل لا يخاف» حيث يكتب مطر رمضان: «وهذه حكاية من الحكايا التي روتها لي جدتي، والتي قالت إنها لم تحدث في زمانها، بل حدثت في زمن مضى قبلها.. لأنها أصبحت من الحكايات التي روتها أجيال كثيرة. قالت جدتي: حدث يوماً أن ذهب ثلاثة من الأصدقاء إلى المقبرة القريبة من المدينة التي يعيشون فيها.. وكان ذلك قبل أذان العشاء بقليل، وأما سبب الذهاب إلى تلك المقبرة هو أن أولائك الأصدقاء الثلاثة قد اتفقوا على الدخول فيها ليلاً لإثبات أن الرجل لا يجب أن يخاف من كل شيء، وأنه يجب أن يتحلى بسمة الشجاعة، وهي من سمات الرجال، فكيف إذا كان ذلك المكان الذي لا يسكنه إلا الموتى، والذين لا حول لهم ولا قوة، بعد أن وضعوا في تلك اللحود وتحللت أجسادهم ولم يتبق منها سوى العظام التي يمخرها التراب. قلت لها: وماذا حدث بعد ذلك..؟ قالت: أتريد أن تعرف بقية الحكاية..؟ قلت: أجل.. واعتقد أنها حكاية مشوقة. قالت: هي مشوقة، ولكن ما دعاني لذكرها هو أنت. قلت: أنا..؟ قالت: نعم.. لأنك ستكبر يوماً وستعرف ما كنت أعنيه في هذه الحكاية. قلت: تحدثي يا جدتي، فقد اشتقت لسماعها. قالت: حسناً.. استمع يا بني. لقد وقف الأصدقاء الثلاثة عند باب تلك المقبرة، وأخذوا يتشاورون فيما بينهم عن مسألة الدخول. ومن سيبدأ لإثبات أنه رجل لا يخاف. ترددوا قليلاً في اختيار الشخص الذي سيبدأ بالدخول. وأعتقد أن هذا التردد ناتج عن الخوف في نفس كل واحد منهم، نعم هو الخوف والتفكير والقلق، فحسم هذا الأمر يحتاج لقرار شجاع يتخذه أحدهم لتنفيذ ما اتفقوا عليه وما جاؤوا من أجله. وبعد هذا كله فقد عقدوا العزم على عمل قرعة فيما بينهم، وبالتأكيد ستكون هذه القرعة هي الحل الوحيد لإنهاء الاختلاف في الرأي حول هذه المسألة، هذا ما تم عمله، فقد وقع الاختيار على أحدهم. تم تحديد المكان الذي سيذهب إليه ذلك الشخص في تلك المقبرة، ليثبت للجميع أنه قد استطاع الوصول إليه، وهو قبر مات صاحبه قبل أربع سنوات. حمل قضيباً حديدياً بيده، لتثبيته على ذلك القبر، ليكون دليلاً قاطعاً على أنه قد وصل إلى ذلك المكان وأنجز المهمة. تردد هو الآخر، ولكن لا مجال لهذا التردد، لأن القرعة قد وقعت عليه. دخل من خلال تلك البوابة حاملاً القضيب الحديدي بيده، أخذ يمشي وتارة يقف ويتلفت من حوله، وتارة يحدث نفسه بصوت خافت ويقول، أنا شجاع.. لا يجب أن أخاف، وسأصل إلى ذلك القبر، نعم سأصل. في تلك اللحظة توقفت جدتي عن الحديث، نظرت إليها، ثم سألتها: - ما بك يا جدتي، هل أنت متعبة؟ قالت: ما رأيك أن أكمل بقية هذه الحكاية في الغد؟ فأنا لست متعبة.. ولكن. قلت: ولكن ماذا يا جدتي؟ قالت: النعاس يا بني، نعم إنه النعاس، ولكن ما دمت متشوقاً لسماعها إلى نهايتها فسأكمل. قلت: أرجو ألا أكون قد سببت لك بعض الإرهاق والتعب. قالت: لا وسأكمل لك هذه الحكاية. المهم يا بني أن ذلك الشخص وبعد خوفه الشديد، وصل إلى ذلك القبر، ومن دون أن يجلس قليلاً عند رأس ذلك الميت ويقرأ له الفاتحة أو بعض السور القرآنية القصيرة أو حتى يدعو له، قام وبسرعة بتثبيت القضيب الحديدي على القبر. ولكنه وبسبب الخوف الشديد من المكان، ثبت ذلك القضيب على طرف إزاره، وعندها هم محاولاً الوقوف، ولكنه أحس بأن شيئاً يشده، وهذا ما زاد من خوفه، فسقط أرضاً، أما رفاقه فقد ذهبوا لأنهم انتظروه طويلاً عند باب المقبرة، وبالرغم من أنهما اثنان إلا أنهما لم يستطيعا الدخول، وذلك من شدة الخوف. وفي صباح اليوم التالي، جاؤوا إلى تلك المقبرة لرؤية صديقهم الذي لم يخرج منها.. أتدري ما الذي حدث؟ قلت: ما الذي حدث؟ قالت: لقد وجدوا صديقهم جثة هامدة على ذلك القبر، فهل أدركت ما أعنيه في هذه الحكاية؟ قلت: لست متأكداً يا جدتي، ولكن أعتقد أنني. قالت: لا تقل الآن، ودعنا نناقش هذا الأمر فيما بعد، فقد حان وقت النوم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©