الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الظن السيئ بما لا يليق بجلال الله.. سبب للهلاك والشقاء

5 أكتوبر 2017 23:14
أحمد محمد (القاهرة) كان رجلان من ثقيف ورجل من قريش، أو رجلان من قريش وثالث من ثقيف في بيت، فقال بعضهم: أترون الله يسمع نجوانا أو حديثنا؟ فقال بعضهم: قد سمع بعضه ولم يسمع بعضه، قالوا: لئن كان يسمع بعضه لقد سمع كله، فأنزل الله قوله: (وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَ?كِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ)، «سورة فصلت: الآية 22». قال السعدي وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم، أي ما كنتم تختفون عن شهادة أعضائكم عليكم، ولا تحاذرون من ذلك، ولكن ظننتم بإقدامكم على المعاصي أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون، فلذلك صدر منكم ما صدر، وهذا الظن، صار سبب هلاكهم وشقائهم، وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم الظن السيئ، حيث ظننتم به، ما لا يليق بجلاله، أهلككم فأصبحتم من الخاسرين لأنفسهم وأهليهم وأديانهم بسبب الأعمال التي أوجبها لكم ظنكم القبيح بربكم، فحقت عليكم كلمة العقاب والشقاء، ووجب عليكم الخلود في العذاب، الذي لا يفتر عنهم ساعة. فإن يصبروا، فالنار مثوى لهم فلا جلد عليها، ولا صبر، فالنار لا يمكن الصبر عليها، وقد اشتد حرها، وزادت على نار الدنيا، بسبعين ضعفاً، وعظم غليان حميمها، وزاد نتن صديدها، وتضاعف برد زمهريرها وعظمت سلاسلها وأغلالها، وكبرت مقامعها، وغلظ خزانها، وزال ما في قلوبهم من رحمتهم، وختام ذلك سخط الجبار. وقال ابن عطية، أعداء الله هم الكفار المخالفون لأمره، وهذا وصف حال من أحوالهم في بعض أوقات القيامة، وذلك عند وصولهم إلى جهنم، فإن الله تعالى سيقررهم عند ذلك على أنفسهم، ويسألون سؤال توبيخ عن كفرهم، فينكرون ذلك ويحسبون أن لا شاهد عليهم، ويظنون السؤال سؤال استفهام واستخبار، فيٌنطق الله تعالى جوارحهم بالشهادة عليهم، فروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما ينطق من الإنسان فخذه الأيسر، ثم تنطق الجوارح، فيقول الكافر: تبا لك أيها الأعضاء، فعنك كنت أدافع». ثم ذكر الله تعالى محاورتهم لجلودهم في قولهم: لم شهدتم علينا، وعذابنا عذاب لكم، والمراد بالجلود، الجلود المعروفة، وقيل كني بالجلود عن الفروج، وأخبر تعالى أن الجلود ترد جوابهم بأن الله الخالق المبدئ المعيد هو الذي أنطقهم. وما كنتم تستترون، وما كنتم تتصاونون وتحجزون أنفسكم عن المعاصي والكفر، وظننتم أن الله سبحانه لا يعلم فانهمكتم وجاهرتم، وما كنتم تمتنعون ولا يمكنكم الاختفاء عن أعضائكم والاستتار عنها بكفركم ومعاصيكم، ولا تظنون أنها تصل بكم إلى هذا الحد، وقال عبدالله بن مسعود رضي الله: إني لمستتر بأستار الكعبة، إذ دخل ثلاثة نفر، قرشيان وثقفي، أو ثقفيان وقرشي، قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم، فتحدثوا بحديث، فقال أحدهم: أترى الله يسمع ما قلنا؟ قال الآخر: إنه يسمع إذا رفعنا، ولا يسمع إذا أخفينا، وقال الآخر: إن كان يسمع شيئا منه، فإنه يسمعه كله، فجئت رسول الله، صلى الله عليه، وسلم فأخبرته بذلك، فنزلت: وما كنتم تستترون، فقرأ حتى بلغ وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين. وقال البيضاوي، وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا سؤال توبيخ أو تعجب، قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء، أي ما نطقنا باختيارنا، بل أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء، وليس نطقنا بعجب من قدرة الله الذي أنطق كل حي، وما كنتم تستترون عن الناس عند ارتكاب الفواحش مخافة الفضاحة، وما ظننتم أن أعضاءكم تشهد عليكم بها فما استترتم عنها، وفيه تنبيه على أن المؤمن ينبغي أن يتحقق أنه لا يمر عليه حال إلا وهو عليه رقيب، ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون فلذلك اجترأتم على ما فعلتم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©