الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

مأساة هايتي.. حجم الدمار وصرخات الأطفال ويأس الكبار!

مأساة هايتي.. حجم الدمار وصرخات الأطفال ويأس الكبار!
30 يناير 2010 01:07
كيميلا طفلة لم تكمل ربيعها الثالث، كانت تجلس مع والدتها وعمتها في منزل العائلة. ومثلها مثل بقية أطفال البلدة، لم تكن كيميلا تدرك ما يحدث حين اهتزت الجدران وزلزلت الأرض وتساقطت أسقف المنازل من حولها، ثم تداعى جدار قريب منها، لتسرع عمتها بسحبها قبل انهيار الحائط. نجت كيميلا لكنها تعرضت لبعض الإصابات فيما سقطت عمتها تحت الجدار. كان هذا حال واحدة من أطفال هايتي مساء 12 يناير، الذي شهد زلزالاً عنيفاً بلغت قوته 7,3 درجة، ليحول بيوتاً ومباني وفنادق ومجمعات، إلى أنقاض تراكمت فوق جثث القتلى وأجساد الجرحى، مخلفاً وراءه أكثر من 3 ملايين منكوب وما يقارب ربع مليون شخص تحت ركام الإسمنت وأنقاض البناء. تقول والدة كيميلا وهي تقف بجانب طفلتها في مستشفى داريو كونترايداس بعاصمة الدومينيكان سانتو دومينجو، إن ابنتها كانت محظوظة في ذلك اليوم الذي لن ينساه سكان هايتي، وأنها هي أيضا (الأم) كانت من المحظوظين، حيث مات كثيرون جراء الزلزال. وفي داخل القسم المخصص لمداواة المصابين بزلزال هايتي بالمستشفى، يسمع المرء صيحات الأطفال من كل اتجاه، فالمصابون بالعشرات، منهم من فقد يداً أو رجلاً، ومنهم من تعرض لجروح لا يداويها الزمان، وأطفال يصارعون الألم، حيث يصمتون للحظات قبل أن يغلبهم الألم، فيصرخون بأعلى أصواتهم ليسمع أنينهم كل من في المستشفى. طفل آخر بذات العنبر من المستشفى، هادئ لا يصرخ رغم غرز جراحية تمتد من فروة رأسه إلى أسفل وجهه. وجدت أمامه شاباً يقارب الخامسة عشرة من العمر يرتدي بنطالاً وقميصاً باهت اللون من آثار الغبار، فحاولت أن أسأله عن حالة الطفل، فوجدته لا يعرف غير لغة بلاده. استعنت بفتاة هايتية تتحدث الإسبانية والإنجليزية، تحدثت معه قليلاً بالإسبانية ثم عادت إلي وقالت، الطفل الذي لم يتجاوز الخامسة من عمره، فقد والديه وجميع أفراد أسرته في الزلزال، سألتها ومن وجده؟، فأجابت بعد مرور يومين على الزلزال، كان هذا الشاب الواقف إلى جواره يبحث عن ناجين بين الأنقاض في بلدته، فوجد الطفل حياً تحت الأنقاض، ومنذئذ لم يفارقه أبداً، فقد قرر البقاء معه في المستشفى كونه أصبح وحيداً دون أهل أو أقارب. وإلى الجانب الآخر مقابل كيميلا، هناك سرير عليه غطاء صغير يوحي بأنه فارغ، فقلت في نفسي لعله مصاب قد تعافى وخرج من المستشفى، فاقتربت خطوة أخرى فإذا بطفلة رضيعة لم يتجاوز عمرها بضعة أشهر، تحيط الأسلاك بأيديها والجبيرة برجلها وهي ساكنة دون أي حراك. سألت امرأة تقف أمامها، فأبلغتني أن هذه الطفلة كانت مع أحد أقاربها في المنزل. وحين اهتزت الأرض وسقط البناء، ظن الجميع أن النجاة لن تكتب لأي منهم، ولكن بعد مرور نحو 10 ساعات عثر على الطفلة حية لكنها تعاني من إصابات لتكون هي الأخرى ممن كتبت لهم النجاة، فيما عثر على قريبها بعد أن لفظ أنفاسه. كما يرقد أناس كبار طريحي المستشفى ذاته وقد لفهم الحزن واليأس وفقدان الأمل، ويبدو أنهم يفضلون إخفاء آلامهم وراء البطانيات ومفارش الأسرة. وبعيداً عن هذا المستشفى، في مكان أقرب إلى هايتي المنكوبة، تظهر آثار الكارثة أكثر فأكثر، فمنظمات الإغاثة الدولية كما يبدو، لا تقدر على إيصال المساعدات للسكان في كل شبر من المناطق المتضررة، بعد عدة تجارب كان بعضها عنيفاً حيث وقعت صدامات بين فرق الإغاثة والمساعدات، وبين الآلاف من السكان المتدافعين للحصول على تلك المساعدات. ويدرك كل من يزور المنطقة، أسباب مثل هذه الصدامات، فزلزال هايتي سوى المدن بأكملها بالأرض، وأصبحت المستشفيات حطاماً متناثراً على التراب. ولكن جولة بين المنازل والمباني المدمرة في هايتي اليوم، تبعث على أن هدوءاً نسبياً يسود حاليا بعد الحالة الهستيرية التي سادت بعيد الزلزال. وقد بدأت الحياة تدب من جديد بين المباني المنهارة على الأرض والأسقف الخاوية. وبدأت المصارف تفتح أبوابها من جديد، واستؤنفت حركة تجارية محدودة، من خلال عرض السلع على الطرقات المحاطة بالأنقاض.
المصدر: الدومينيكان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©