الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

رحلة داخل الريفيرا التونسية

10 مايو 2006

الهوارية (تونس) -د ب أ: بينما تشحب أضواء مدينة تونس العاصمة تلك المدينة المفعمة بالحيوية في شمال افريقيا في المرآة الجانبية للسيارة يبدو الطريق الذي تمضي عبره المركبة أكثر وعورة وقفرا· وعلى جانبي الطريق تظهر بوضوح الآثار التي خلفها المغاربة العائدون بلاد الاندلس (إسبانيا الحالية) على الطرز المعمارية للمباني السكنية· وبعد أن تمضي السيارة لبعض الوقت بين بساتين من أشجار البلوط والصنوبر يتسع الطريق بغتة ليتألق خليج تونس بمظهره الساحر أمام عيني ركاب السيارة· وأولى البلدات التي يصادفها المتوجهون من تونس العاصمة إلى شبه جزيرة رأس بون هي بلدة قربوس التي تحظى بشهرة عريضة نظراً للحمامات الحرارية الموجودة بها والتي تعود إلى العصور الرومانية القديمة·
وتتسم البلدة بالهدوء الشديد حيث يمر بها الطريق السريع الذي يقطع تونس متجهاً نحو الجنوب ولا توجد بها سوى بضعة مقاه متناثرة وفي بعض الأحيان يمكن أن يرى المرء صياداً أو اثنين يمارسان عملهما على شاطئ البحر· ولكن على أي حال تشكل قربوس نقطة انطلاق مثالية لرحلة استكشاف رأس بون·
وبوجه عام باتت قربوس التي تبدو هادئة للغاية إلى الدرجة التي تبعث الخدر في النفوس بشكل يكاد ألا ينتهي في طريقها لأن تصبح مقصداً أساسياً لمن يقومون بجولة حول رأس بون المعروف محليا 'بحديقة الفواكه' أو ريفييرا تونس·
وتتمتع منطقة رأس بون بتاريخ ثقافي ثري ومتنوع ولكن هذا التراث الثقافي ينتهي فجأة على الرمال الناعمة لشواطئ بلدة الحمامات الواقعة جنوب شرقي المنطقة والتي تشكل مقصداً للسائحين· ورأس بون هي شبه جزيرة منبسطة وإن كانت ذات طابع جبلي قليلاً في بعض مناطقها·
وتمتد هذه المنطقة نحو الشمال بداخل البحر المتوسط ولا تبعد عنها جزيرة صقلية الايطالية سوى 041 كم·
ونظراً لموقعها الجيوبولتيكي المتميز شكلت رأس بون نقطة تلاقي للحضارات عبر التاريخ·
ولكن بلدة قوربوس التي يقصدها أثرياء تونس للتمتع بحماماتها القديمة تبدو وكأنها ليست في حاجة لأن تتخذ من هذا التاريخ مصدر فخر·
وإذا واصل المرء طريقه نحو الشمال سيصبح بالقرب من منطقة سيدي داوود التي لا يوجد بها سوى عدد قليل من المنازل والمساجد التي تمتد على طول الساحل· وتبدو المنطقة متواضعة للغاية بجانب رأس بون وتاريخها الحافل·
وعلى مرمى البصر تشكل عشرات الطواحين الهوائية بشيراً باقتراب بلدة 'الهوارية' الشهيرة بمهرجان الصقور الذي يقام فيها خلال فصل الربيع من كل عام وكذلك مئذنتها السامقة التي ترتفع شاهقة في سمائها·
وفي خلفية المشهد تبدو بوضوح قمة تل تشكل علامة على نهاية الجزء الشمالي من شبه جزيرة رأس بون·
ويؤدي وقوع هذه المنطقة بالقرب من التلال المتناثرة في سفوح جبال أطلس إلى أن يتسم الطقس دوماً بالتقلب غير أن ذلك لا يثني المسنين عن التجمع خارج المقاهي لمراقبة ما يدور حولهم من أنشطة· وتشتهر الهوارية بمحاجرها الرومانية القديمة· وتبدو هذه المحاجر أكثر وضوحاً في منطقة قرقوان التي لا تبعد عنها سوى بضعة كيلومترات· ودوما ما يمتزج صوتان في قراقون أحدهما صوت ارتطام الأمواج بالشاطئ أما الثاني فهو الاذان الذي يتردد في الاجواء داعيا الناس إلى الصلاة·
وكانت المنطقة يوماً ما إحدى بلدات قرطاجة القديمة ولاتزال حتى هذه اللحظة تحتفظ بين جنباتها بمعالم أثرية يعني بها الزوار ممن يهتمون بهذه الحقبة من حقب التاريخ القديم· وإلى الشمال من قراقون يقع الحد الشمالي لشبه جزيرة رأس بون·
وإذا عدنا أدراجنا مرة أخرى إلى الجنوب سنجد أنفسنا بإزاء بلدة قليبية التي يوجد على أراضيها حصن مقام على أحد التلال وكأنه ينهض قائماً من وسط تلك الأمواج التي تتحطم على الساحل الشرقي لرأس بون·
وتتجمع المنازل بلونها الأزرق الفاتح الذي يميل للبياض على الطراز الأندلسي على طول الساحل تحت عند سفح التل· وبعد زيارة الحصن لا يوجد ما يمنع من احتساء بعض الشاي وتدخين الشيشة في إحدى المقاهي المتناثرة عند أسفل هذا التل·
ويحظى قصر 'دي لا ريببليكا' بشعبية خاصة لدى جيل الشباب في البلدة الذي يتخذ من هذا القصر مكاناً للتجمع أو لازجاء وقت الفراغ·
وتبلغ مساحة شبه جزيرة 'رأس بون' 0003 كيلومتر مربع ويمكن الوصول إليها بسهولة إما انطلاقاً من تونس العاصمة أو من بلدة الحمامات
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©