الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صائمون على طريق الإيمان في رحاب المساجد

صائمون على طريق الإيمان في رحاب المساجد
2 يوليو 2014 01:07
خورشيد حرفوش (أبوظبي) ليس هناك أدل على الارتباط الوثيق بين شهر رمضان الفضيل، والقرآن الكريم واقتران أيّامه المباركة ولياليه الجليلة، من المعاني الدقيقة والعظيمة التي جاءت بها الآية القرآنية الجليلة، من قوله تعالى: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان» «البقرة:186». وقد حثّ الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين على أن يكون لهم شأن مع القرآن الكريم، فيتدبروا معانيه، ويهتدوا بهديه، والعمل بما جاء فيه كنبراس ومنهج للدين وميثاق للحياة، وفي إشارة وتأكيد لقراءة القرآن الكريم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن: «من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف». رواه الترمذي وغيره. كما كان الاستماع إلى كتاب الله تعالى أمرا محببا ومطلوبا ومرغوبا فيه أيضاً، فلقد كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يحب أن يسمع القرآن الكريم من أحد غيره، فعن عمرو بن مرة قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «اقرأ علي، قلت أقرأ عليك وعليك أنزل، قال فإني أحب أن أسمعه من غيري». رواه البخاري وغيره. وهو في ذلك، إنما تشجيع وتحفيز وتكريم لقراء كتاب الله. وعن ذلك يقول عمر بن الخطاب: «أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين». وفي حديث آخر روى عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه». هدى وبشرى يقول الداعية الإسلامي الشيخ محمد سمير الهادي، إن من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه في هذا الشهر العظيم هو تلاوة القرآن، ففي شهر رمضان، يعظم ثواب التلاوة لعظم مكانة كتاب الله وفضله، بعد الصلوات المكتوبة والنوافل في المساجد والبيوت ليلا أو نهارا، وما لذلك من ثواب وأجر كبيرين. وكان المسجد أول مؤسسة أنشأها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد الهجرة، في رسالة إلى المسلمين حول أهمية ومكانة دور المسجد في حياتهم. وفي الشهر الكريم، تتزين المساجد بقراء القرآن الكريم بعد كل صلاة، وطيلة ليالي الشهر الفضيل، في إحياء لدور المسجد في حياة الأمة بالحفاظ على إيمان المسلمين، وهذا هو الأساس الرئيسي الذي اجتهد النبي أن يغرسه في نفوس الصحابة والتابعين. ويوضح الشيخ الهادي فضائل قراءة القرآن الكريم في بيوت الله خلال الشهر الفضيل، ويقول: «أنزل الله القرآن الكريم تبياناً لكل شيء وهدى وبشرى للمسلمين، وقد يسره سبحانه للذكر وأوضحه للفهم، وضمن له البقاء والحفظ، وهو القائل جل وعلا: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ». وقد جعله الله نورا للإنسانية ونظاماً للبشرية ينتظم شؤون الحياة العاجلة، ويَعُدّ المؤمنين لحياة الخلود في الآخرة، فمن تمسك به رشَد، ومن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم، ومن اعتصم بحبله المتين أنقذ من عار الشك والضلالة والشرك والجهالة إلى شرف الإيمان ونور الهدى واليقين. المدرسة الأولى وقال: المسجد مكان التقاء المسلمين وتقوية الأواصر بينهم. فالمسلم يوطد علاقته بأخيه المسلم الذي يراه خمس مرات في اليوم في كل صلاة، وخلال الأوقات التي تجمعهم قراءة القرآن الكريم، ومن ثم نجد المسجد يقوي وينمي روابط وأواصر ووشائج العلاقة بين المسلمين، ويذيب الفوارق بينهم، وفيه يتعاون المسلمون على البر والتقوى دون النظر إلى الفوارق الطبقية أو الانتماءات أو الاختلافات كما أن المسجد يُعدّ المدرسة الأولى لتعليم المسلمين كل أمور دينهم وشؤون حياتهم. فلقد كانت سياسة الأمة الإسلاميّة كلها من عهد الرسول والصحابة تُدار من داخل المسجد، فتسيير الجيوش وقرارات الحرب والمعاهدات واستقبال الوفود والقضاء ومقرّ وبيت الحكم هو بيت الله، ولم يكن المسجد مقرا للحكم والسياسة والقضاء فحسب، بل كان المسجد أيضا مكانا لإعلان أفراح المسلمين، كما كان المدرسة الأولى التي يتعلم ويتربى فيها الأطفال على آداب وأخلاق الإسلام. مكانة المسجد ويضيف فضيلة الشيخ الهادي: «المسجد في الإسلام كان ولا يزال مأوى الفقراء وعابري السبيل، وليس معنى هذا أن نحوّل المسجد إلى دار ضيافة، لكن المعنى الذي يجب ألا يغيب عن العقل والذهن هو أن تربية المسجد تربية أساسية في إدارة كل هذه الهيئات، لأن الذي لا يعرف لله حقه لن يعرف للخلق حقوقهم، الذي ليس له ضوابط من الشرع لن تكون هناك حدود لظلمه وفساده وضلاله في الأرض، الذي لا يعرف طريق المسجد لا يعرف طريق الحق والعدل والأمانة والشرف. أهم المؤسسات التربوية أكد فضيلة الشيخ الهادي أن المسجد ليس مكاناً للصلاة فحسب، بل مركز لإدارة كل شؤون الناس وتسيير مصالحهم الدنيوية وحل مشكلاتهم اليومية، ويدعم التواصل الاجتماعي، ويساعد على اصطفاء الأصدقاء، ويشغل وقت الفراغ، ويفرغ الطاقات. فالمسجد أهم المؤسسات التربوية ذات الدور المباشر في التأثير على حياة الفرد المسلم وسلوكياته، ويعد المسجد مصدراً خصباً للمعرفة الدينية وغرس القيم، حيث يتم فيه اللقاء المباشر بين الداعي والأفراد في جو من الود والإخاء، بخلاف وسائل الاتصال الأخرى، وفى المسجد يشعر المسلم بالمساواة الحقيقية، فالكل سواسية بين يدى الله يحسون بقيمة الجماعة وقوتها ووحدتها. وأوضح أن المسجد يمكن أن يقدم لهم ما عجزت عن أن تقدمه لهم الأجهزة والمؤسسات الأخرى كالمنزل والمدرسة ووسائل الإعلام، وهو المخرج والمتنفس الوحيد الذي يحقق الأمان من الضغوط النفسية والمشكلات الانفعالية، في أجوائه الربانية والروحانية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©