الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«بلطجة» إلكترونية

18 يناير 2012
بصراحة.. حاولت البحث كثيراً عن معنى أدق، يمكن وضعه كعنوان لهذا المقال، ووجدت نفسي أضع هذا العنوان لإحساسي «بحدة» معناه، و «قسوته» في وصف موضوع اليوم، والذي كان موضوع الأمس، وسيصبح وبكل تأكيد موضوع الغد، ألا وهو ما يعرف بالـ «التنمر» وباللغة الإنجليزية هو «B llying»، والذي تندرج تحت مسمياته العديد من العبارات والتسميات المختلفة مثل «الاستقواء، والاستئساد..»، وغيرها من الكلمات التي لم أجد بها تلك القوة في تجسيد ما تعنيه هذه الكلمة من معاني تصيب من تقع عليهم، بآلام وأوجاع، قد تجعل الموت هو السبيل الوحيد للخلاص والتخلص من وقع هذه الكلمة بمفرداتها ومعانيها على نفسياتهم وأجسادهم. البلطجة والتنمر.. وغيرها من المصطلحات الأخرى تصب في إطار واحد، إطار يجعل الشخص الذي فرضت عليه مثل هذه المصطلحات، حبيس ذلك الإطار، فيصبح مثل الصورة الجامدة من غير روح، لا تتحرك ولا تنتقل من مكانها إلا بأمر من الشخص الذي وضعها في هذا الإطار. هذا الشخص أو هؤلاء الأشخاص يقومون بعملية «بلطجة» منظمة تماماً، حيث يقومون بالسيطرة على شخصٍ أخر «لا حول ولا قوة له»، سوى الانصياع لطلباتهم ورغباتهم، والتي ما تلبث أن تبدأ، لتبدأ معها معاناة الشخص المسيطر عليه، ولتبدأ آلامه التي لا تنتهي ولا تخف، والتي قد تلازمه طيلة حياته وعمره، وخصوصاً إذا مورست عليه هذه «البلطجة» وهو في سن صغير. وإذا كان الأهل ينظرون إلى أطفالهم باستهزاء، أو حتى لا ينظرون إليهم، وهم يهمون بالحديث عن مثل هذه الأمور، التي قد تحصل لأطفالي أو أطفالك، اليوم وفي كل يوم، فيجب عليهم مراجعة أنفسهم ألف مرة، قبل إهمال هذا الموضوع، ويجب عليهم التأكد من أن أطفالهم لا يمارس عليهم مثل هذه الأمور، سواءً في المدرسة أو في عالم الإنترنت، الذي أصبح «محمولاً» أينما توجه الطفل، وأينما كان. قبل يومين، جلست مع مجموعة من الأهل والأصدقاء، وطرحنا هذا الموضوع والذي يلاقي إهمالاً «منقطع النظير» في مجتمعاتنا العربية، وهو نفس الأمر الذي لاحظته في هذه المجموعة التي كان علمها بهذا الموضوع «شبه معدوم»، باستثناء الأطفال الذين جلسوا معنا، فبمجرد طرحي «للتنمر الإلكتروني»، إذا بي أسمع وأشاهد هؤلاء الأطفال يتحدثون باسترسال وتواصل «منقطع النظير» أيضاً، حول هذا الموضوع، وإذا بهم يذكرون قصص أصدقائهم، ومعاناة بعضهم، ممن دخلوا هذه الدوامة، والتي لم يستطع الخروج منها إلا عندما خرجت روحه منه، وذلك لإقدامهم على الانتحار. «البلطجة الإلكترونية»، هي إحدى سمات عصر التكنولوجيا الحديث، وإذا كنا «نرى» مئات الأجهزة الإلكترونية تتناقلها أيدي أطفالنا، وتأمرها أصابعهم لتنفيذ أوامرهم ومتطلباتهم، فنحن ومن المؤكد «لا نرى» ولا نعلم، إذا كان أطفالنا هم من يأمرون؟ أو هم من يؤمرون؟ المحرر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©