الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوروبا.. والطرق الجديدة للهجرة السرية

4 أكتوبر 2017 23:13
بينما تحقق أوروبا مكاسب في معركتها الرامية إلى منع المهاجرين من الوصول إلى شواطئها، تشهد طرق وخطوط عبور أخرى حديثة موجة مرور جديدة، وهو ما يشكل مقياساً لكثافة الطلب على الوصول إلى أراضٍ آمنة، والمخاطر التي تنتظر بعضاً من أكثر الناس عرضة للخطر في العالم. وقد تراجع تدفق المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط من ليبيا إلى إيطاليا في منتصف مايو الماضي، بعد أن أبرمت السلطات الإيطالية صفقة غير معتادة مع ميلشيات ليبية محلية تهدف إلى تقليص عمليات تهريب المهاجرين. ولكنّ طرقاً أخرى بدأت تشهد ازدهاراً، مع زيادة مرور المهاجرين من المغرب إلى إسبانيا، بينما يجازف كثيرون في الوقت الراهن بالمرور عبر البحر الأسود من تركيا إلى رومانيا. ولا يبدو أن ارتفاع معدلات الهجرة عبر الطرق الجديدة مرتبط ارتباطاً مباشراً بتراجع الخط الليبي، ولكنه يظهر ميل المهاجرين إلى إيجاد طرق عبور جديدة إلى أوروبا مع إغلاق الطرق السابقة، حسبما يرى مسؤولون ومحللون. وفي هذا السياق، قالت «إليزابيث كوليت»، مديرة معهد سياسات الهجرة في أوروبا: «إن التدفقات الجديدة ليست بالضرورة للفئات نفسها من الأشخاص، ولكنها توضح في الأساس أن طرق الهجرة وتدفق المهاجرين تتبدل بصورة مستمرة». وقد كان التراجع الحاد في أعداد المتدفقين من ليبيا، من أكثر من 22 ألفاً في يونيو إلى قرابة 3 آلاف مهاجر في أغسطس الماضي، بمثابة متنفس كبير لقادة أوروبا القلقين من مزاج الناخبين الحانقين الذين بدؤوا يتمردون ضد استقبال مزيد من المهاجرين. وقد منح الألمان الأسبوع الماضي حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، والمناهض للهجرة، نحو 13 في المئة من الأصوات في الانتخابات التشريعية. وجاء مثل ذلك أيضاً في الانتخابات المحلية الإيطالية في يونيو الماضي، التي كافأت السياسيين المناهضين للهجرة أيضاً. ولكن مراكز المرور الخطرة لها تكلفة بشرية كبيرة، إذ يتم احتجاز المهاجرين في ظل رياح الصراع الليبي العاتية، حيث يُجبرون على دخول مراكز احتجاز بصورة قسرية، وقد يقومون بأعمال لا تختلف كثيراً عن السخرة. وفي أقصى الجنوب، في دول جنوب الصحراء الأفريقية التي تعتبر مصدراً لكثير من المهاجرين عبر ليبيا، دفع إغلاق الطريق بعض المهاجرين على الأقل إلى البحث عن طرق جديدة، وفي بعض الأحيان كلفهم ذلك حياتهم. ودولة مثل النيجر تجهد من أجل التكيف مع دفق اللاجئين من دول مجاورة، وتسعى لمنعهم من العبور نحو الشمال مع مسالك الهجرة السرية الخطرة، ومع ذلك لا تحصل سوى على نزر يسير من المساعدات الأوروبية. وذكرت «كوليت»، مديرة معهد سياسات الهجرة الأوروبي، أنه عند إغلاق الطرق الرئيسة، ينتشر المهاجرون عبر الطرق الفرعية الصغيرة، التي تكون مكلفة بدرجة أكبر، لاسيما أن المعطيات في تلك الدول لم تتغير، مع استمرار عدد من الصراعات المسلحة هناك. ومارس القادة الأوروبيون الضغوط على صُعُد متعددة لمنع طوفان الهجرة إثر موجة عاتية من دفق المهاجرين السريين في 2015 وصل على إثرها أكثر من مليون طالب لجوء إلى القارة العجوز. وبعد ذلك، أبرم قادة الاتحاد الأوروبي صفقة قيمتها 7.1 مليار دولار مع تركيا لإغلاق حدودها والحد من تدفق المهاجرين عبرها. وبدأوا أيضاً في العمل بقوة مع دول أفريقيا جنوب الصحراء، وربطوا مساعدات التنمية برغبة الدول في قبول العائدين من أوروبا، ومنحوا مساعدات جديدة في مقابل تعهدات بمنع تدفق المهاجرين من هناك. وقبل سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011، أبرمت الحكومة الإيطالية صفقات مماثلة معه هو أيضاً. ولكن في غياب سلطة مركزية قوية في ليبيا منذ سقوط نظام القذافي، أضحت ممارسة السيطرة على الحدود الليبية الشاسعة بالغة الصعوبة، إلى أن تواصلت إيطاليا مع قادة محليين خلال الصيف. وقد وضع وزير الداخلية الإيطالي «ماركو مينتي»، رئيس المخابرات السابق، الخطة التي تمول حكومات محلية ليست أكثر من ميلشيات متورطة في أنشطة التهريب، بحسب منتقدين، وهي اتهامات ينكرها «مينتي» طبعاً. وتعاونت إيطاليا والاتحاد الأوروبي أيضاً في تدريب وتسليح قوات حرس السواحل الليبية الناشئة من أجل إعادة زوارق اللاجئين، وهو ما ساعد في منع هجرة ما يصل إلى 16 ألف شخص حتى الآن خلال العام الجاري، بحسب البيانات التي جمعتها وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ودخلت الحكومة الإيطالية على خط الجهود الرامية للتسوية بين الفصائل المحلية في ليبيا. وحتى الآن، دخل أكثر من 104 آلاف شخص إيطاليا، وصل معظمهم قبل منتصف يوليو. وعلى رغم تراجع التدفقات، يتردد حتى الآن كثير من المحللين المعنيين بالهجرة في إعلان أن الطريق عبر ليبيا قد أغلقت. فحالة عدم الاستقرار في ليبيا تجعل من المستحيل تقديم أية توقعات طويلة الأمد. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©