الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«هوندا» تشتري تقنيات المركبات

«هوندا» تشتري تقنيات المركبات
11 أغسطس 2018 22:00

كانت سيارة دفع رباعي شبه الذاتية القيادة من طراز هوندا تسير في مسار اختبار بسرعة 20 ميلاً في الساعة في مارس من العام الماضي، عندما تحركت دمية اختبار بحجم طفل إلى منتصف الطريق، ولكن السيارة لم تتوقف. كان ذلك جزءاً من اختبار الحكومة اليابانية لمثل هذه السيارات من شركة «هوندا موتور»، التي تم تجهيز سيارتها بكاميرا وأجهزة استشعار كان من المفترض أن تكتشف العقبات، سواء من المارة أو من أي عامل آخر، لتشغل المكابح وتتجنب الاصطدام. في هذا اليوم سجلت هذه السيارة 0.2 نقطة من 25 نقطة فيما يتعلق بأمان المارة، ويعد هذا المعدل الأسوأ بين السيارات التي يتم اختبارها وتعتمد على التقنية نفسها.
ومع تراثها الطويل من البراعة التقنية، كانت هوندا مصممة على القيام بعمل أفضل، وهو ما كانت تفعله لعقود طويلة، لكن هذه المرة فشلت «هوندا» في إثبات كفاءتها التقنية في تولي مثل هذه المهمة.
وعندما أعادت الشركة اليابانية الرائدة في صناعة السيارات تجربة السيارة نفسها بعد استبدال أجهزة الاستشعار الخاصة بها بأجهزة أخرى تصنعها شركة «بوش» الشهيرة لقطع غيار السيارات، حصلت هوندا سيفيك الجديدة في الاختبار نفسه في نوفمبر الماضي على 24.4 نقطة من 25 نقطة.
ويشير قرار هوندا بشراء التقنيات الحديثة من مصادر خارجية إلى تغيير جذري في المنهج الذي كانت تتبعه الشركة، التي ظلت دائماً تشعر بالفخر بتولي تصنيع كل المكونات التقنية اللازمة لسياراتها بنفسها.
وكان مؤسس الشركة سوشيرو هوندا قال في الستينيات: «نحن نرفض الاعتماد على أي شخص آخر».
إن الصراع في قصص نجاح المشروعات التجارية يضرب في عمق تاريخ اليابان، و«هوندا» شركة عالمية رائدة في مجال التكنولوجيا، وتوظف فنيين لتصميم تقنيات جديدة تتراوح من المحركات إلى أذرع التعليق، لكن «هوندا» تعتقد اليوم أن التحولات السريعة في التكنولوجيا يعني أنها لم تعد قادرة على مواصلة العمل بمفردها فقط.
وهذا يثير غضب البعض داخل الشركة الذين يشتكون من «هندسة باور بوينت»، حيث يقوم المهندسون بتجميع البيانات للاطلاع على تقنيات الآخرين بدلاً من بنائها بأنفسهم. وقال هيدياكي تسورو، الذي عمل في شركة «هوندا» في مجال البحث والتطوير لمدة 20 عاماً حتى تقاعد عام 2016: «هوندا تغير الأشياء التي لا يجب عليها أن تغيرها، إن صنع منتجات فريدة هو في الأصل روح هوندا».
ويتعرض صانعو السيارات في جميع أنحاء العالم للضغط من الاستثمارات الضخمة اللازمة لتطوير تقنيات جديدة تستخدم في السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة. ولتقليص التكاليف، يميل معظمهم إلى الشركات الكبرى مثل «بوش» و«دينسو» و«كونتيننتال»، إضافة إلى الشركات الأصغر ذات التقنية المتطورة مثل شركة «موبيل آي» التابعة لشركة «إنتل».
وقال تاكاهيرو هاتشيجو، الرئيس التنفيذي لشركة «هوندا»: «نريد العمل مع من يملكون أفضل تكنولوجيا، بغض النظر عما إذا كانوا موردين يابانيين أم أميركيين أو أوروبيين».
وأعلنت هوندا عن صفقات مع شركة البحث الصينية العملاقة «بايدو إنك» لتطوير تكنولوجيا الخرائط الخاصة بالمركبات ذاتية القيادة، ومع شركة «سينس تايم» الصينية لبناء برنامج لإنتاج السيارات ذاتية القيادة. ولدى الشركة صفقة مع «سوفت بنك» للذكاء الصناعي الذي يقول إنه سيكون قادراً على قراءة مشاعر السائق، بحيث يمكن للسيارات في المستقبل أن تؤدي مهام مثل اقتراح الموسيقا على أساس مزاجك.
إن شركة هوندا، التي تفخر دائماً بإنتاج محركاتها بالكامل دون الاستعانة بأي شركة أخرى، تستثمر في تطوير محرك كهربائي حالياً مع آخرين. ويمتلك قسم قطع غيار السيارات لشركة «هيتاشي» حصة الأغلبية في مشروع مشترك مع «هوندا» لتصنيع محركات كهربائية بحلول مارس 2021. وفي يونيو الماضي، قالت «هوندا» أيضاً إنها ستشتري بطاريات السيارات الكهربائية من شركة جنرال موتورز. وبحلول عام 2030، سيكون ثلثا سياراتها كهربائية بشكل جزئي أو كلي، حسب ما قال هاتشيغو.
وبالنسبة لشركة «هوندا»، التي يشير اسمها الرسمي إلى «هوندا للصناعة والأبحاث التقنية»، إلى أن التحول إلى الاستعانة بمصادر خارجية يجبرها على إعادة النظر في هويتها كمنشئ لتقنيات السيارات الفريدة. وتشمل بعض أشهر منتجاتها نظام ملاحة فريداً تستنسخه الشركات الأخرى حالياً، ومحركاً من طراز «سي في سي سي»، الذي يستهلك كمية وقود أقل ويخفض الانبعاثات الضارة. فيما مضى تم كشف النقاب عن هذا المحرك في عام 1972، وقال شيزو ياجي، رئيس الأبحاث في محركات «هوندا» آنذاك: «نحن في شركة هوندا فعلنا كل شيء بمفردنا».
وبالنسبة لكثير من اليابانيين، تعكس شركة «هوندا» الأصالة والثقة بالنفس التي حولت البلاد إلى قوة صناعية بعد الحرب العالمية الثانية. واليوم، تتوارى الشركات اليابانية الرائدة في الجودة خلف الشركات الناشئة في كوريا الجنوبية والصين، كما تراجعت صناعة السيارات اليابانية خلف نظيراتها الأميركية والأوربية، خاصة فيما يتعلق بتطوير البرمجيات اللازمة لبناء مركبات معقدة ذاتية القيادة.
وفي السنوات الأخيرة، واجهت «هوندا» تحديات صعبة خلال التنافس مع الشركات الأكبر ذات الأرباح الأعلى - خاصة شركة «تويوتا موتور كورب». وتتمتع الشركات الكبرى بميزة في استيعاب التكلفة العالية لتطوير التكنولوجيا. يذكر أن ميزانية البحث والتطوير لشركة «هوندا» بلغت نحو 5% من الأرباح العام الماضي.
وقالت تويوتا التي تنتج نحو 10 ملايين سيارة سنوياً، وهو ضعف عدد سيارات التي تنتجها هوندا، إنها ستنفق مليارات الدولارات في أبحاث داخلية على السيارات ذاتية القيادة.
وحصلت الشركة على ملكية شركة «دايهاتسو» بالكامل في عام 2016 وتمتلك حصصاً في شركتي «مازدا موتور» و«سوبارو كورب». وتعمل الشركات معاً على تقنيات الجيل التالي، ما يساعد على تخفيض تكاليف شركة «تويوتا». ويهدف تحالف «رينو إس إيه» «ونيسان موتور» و«ميتسوبيشي موتور كورب» إلى بيع 14 مليون سيارة بحلول 2022.
ودعا سيرجيو مارشيوني الرئيس التنفيذي لشركة «فيات كرايسلر» للسيارات في وقت سابق إلى الاندماج مع شركات أخرى للوصول إلى بيع 15 مليون سيارة سنوياً، ولتحقيق مزيد من المدخرات، رغم أنه قال سابقاً إن الشركة يمكن أن تعيش وتواصل البقاء بمفردها ودون الحاجة إلى الاندماج مع آخرين.
وكانت «فيات كرايسلر» أنتجت 4.7 مليون سيارة العام الماضي.
وفي الوقت ذاته، قال هاتشيغو إن «هوندا» ليست مهتمة بالاندماج مع صانع سيارات آخر. فقد تأسست الشركة عام 1946 من قبل سوشيرو هوندا، الذي كان يعشق أن يحارب العمالقة من خلال ابتكاراته الخاصة. وأخذ هو وعشرات العمال محركات مخصصة للمولدات الكهربائية الصغيرة وربطها بالدراجات، ليكون هذا أول منتج من هوندا. وخلال 15 عاماً، كانت دراجة نارية من طراز «هوندا» تتفوق على المنافسين الأوروبيين في سباق الدراجات النارية في جزيرة «آيل أوف مان» البريطانية.
وفي ذلك الوقت، هرعت هوندا لصناعة سيارة نموذجية رغم عدم وجود أي خبرة تقريباً في بنائها، في تحدٍ للقانون الياباني الذي كان من شأنه تقييد الدخول إلى سوق صناعة السيارات. واليوم، توظف هوندا أكثر من 200 ألف شخص حول العالم.
ومع نمو الشركة، بدأت الشركة في إعطاء الأولوية للأرباح على الابتكار، وهي استراتيجية لخفض التكاليف، وبالتالي خفض الجودة وأدت إلى رد فعل معاكس على المبيعات، حسبما قال مسؤولون تنفيذيون سابقون في شركة هوندا.
إلا أن الأزمة المالية العالمية في عام 2008 والفيضانات في تايلاند في عام 2011، التي عطلت إمدادات قطع الغيار، ضربت أرباح هوندا.
وسعى الرئيس التنفيذي في ذلك الوقت تاكانوبو إيتو، إلى إصلاح الهيكل الوظيفي للشركة لجعلها أصغر حجماً لضمان استمرارها في المنافسة في الإنتاج، فلا تتسع الهوة في الإنتاج والمبيعات بينها وبين «تويوتا» على سبيل المثال.
وفي عام 2012، قال إيتو إن «هوندا» ستضاعف مبيعات السيارات إلى 6 ملايين بحلول عام 2017 من خلال التركيز على المبيعات في الأسواق الناشئة مثل الصين والهند. وكان مفتاح هذه الاستراتيجية عبارة نسخة محدّثة ملائمة من نوع «هاتشباك»، التي من شأنها أن تكون ذات جودة عالية ليتم بيعها في الولايات المتحدة واليابان، لكنها رخيصة بما فيه الكفاية بالنسبة للهند والصين. لكن في المقابل قال هاتشيغو إن هذه الفكرة لم تكن عملية بسبب الاختلافات الشاسعة في الأسواق.
وحاولت «هوندا» إقناع شركة «بوش» بتطوير تكنولوجيا خاصة بها لتثبيتها في سياراتها الجديدة ذاتية القيادة، لكنه تقرر في نهاية الأمر شراء نظام جاهز بعد أن قالت الشركة الألمانية التي تتعامل مع شركة كبرى أخرى لصناعة السيارات، إن هذا الأمر غير عملي. وأكد متحدثون رسميون في الشركتين أن «هوندا» تستخدم معدات «بوش»التي تهدف إلى مساعدة السائق في مهام مثل الحفاظ على مسافة ثابتة خلف مركبة أخرى أو في فرامل مفاجئة لتجنب وقوع حادث، وقد أصبحت هذه التقنية الآن معياراً ثابتاً في العديد من السيارات المماثلة.
والتحدي التالي للشركة هو تطوير السيارات ذاتية القيادة بشكل كامل. وقالت «هوندا» إنها تخطط لبيع سيارة يمكنها القيادة بشكل مستقل على الطرق السريعة بحلول عام 2020. إلا أنه لدى أقرانها جداول زمنية أكثر طموحاً، فقد قالت «نيسان» إن مركباتها ستكون قادرة على القيادة الذاتية في شوارع المدينة بحلول عام 2020، بينما قالت «جنرال موتورز» إنها تهدف إلى تشغيل أسطول سيارات كبير من دون سائق في المدن الأميركية الكبيرة بحلول عام 2019.
وقالت «هوندا» إنها ترغب في الجمع بين الأبحاث الداخلية مع الحفاظ على علاقات التعاون مع الشركات الأخرى، مثل التعاون مع شركة «سينس تايم» الصينية التي تبني برمجيات للتعرف إلى الأشخاص والأشياء التي تتم مشاهدتها من خلال كاميرات السيارة.
وقال يوجي ياسوي كبير المهندسين في السيارات ذاتية القيادة في «هوندا»، إن نظام القيادة الذاتي النهائي للشركة لن يمتلك على الأرجح سوى جزء صغير من البرامج التي طورها مهندسو «هوندا».

المصدر: الاتحاد - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©