الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لبنان والعروبة

12 سبتمبر 2010 21:56
عندما نتحدث عن العروبة، علينا أن نفرق بين ثلاثة مفاهيم: العروبة كواقع إنساني وجغرافي وتاريخي. العروبة كمجال حيوي وهوية ومصير مشترك. العروبة كأيديولوجية قومية. وعند التحدث عن لبنان، علينا أن نتخلى عن ثلاثة مواقف مسبقة، قد تعطل أو تشوه نظرتنا إليه. الطائفية التي مصدرها الشعور بالخوف أو الشعور بالغبن. الشوفينية التي لم تعد تتلاءم مع روح العصر. الأيديولوجية القومية أو الطبقية التي تتجاهل بعض الخصائص المهمة للوجود اللبناني. إشكالية العلاقة بين لبنان والعروبة قد تصاغ عبر السؤالين التاليين: هل هناك تناقض أساسي بين مصلحة لبنان وبين العروبة في جوهرها؟ وهل نظرية القومية اللبنانية بخصوصيتها وبمعطياتها التاريخية والعاطفية، تقف أمام المستلزمات الموضوعية التي قد تشد لبنان إلى العروبة؟ لا يمكن أن يقوم أي شكل من أشكال الوحدة أو الاتحاد على أساس عاطفي أو ديني أو عرقي، أو على أساس إذابة القوميات والأمم في ذلك البلد أو تلك الدولة. أو على أساس سيطرة دولة على أخرى، اقتصادياً أو سياسياً، كما لا يمكن لأي شعب أن يقرر مصيره انطلاقاً من اعتبارات ظرفية أو مكانية. إننا في الوطن العربي نعيش في كل بلد نفس المعضلات التي يعيشها البلد الآخر، فما يحصل في العراق أو مصر أو الأردن يحصل في لبنان، وبالتالي لا يسعنا فهم المعضلة اللبنانية دون فهم المحيط العربي. ولبنان قد يكون بحاجة إلى العرب، لاسيما في الظرفية التاريخية التي تمر بها البلدان العربية وما يرافقها من حالة اضطراب نفسي وخارجي، وما ينجم عن تلك الحالة من ردات فعل تؤدي كلها إلى التضييق على الحريات السياسية كوجود قيود على الصحافة، والانغلاق على الخارج، مما يجعل الأضواء مسلطة على لبنان، هذا البلد الصغير، لوجود مساحة واسعة من الحرية. وما أحوج الوطن العربي إلى مثل لبنان القريب منه والمميز عنه في آن واحد. وفي اليوم الذي يفقد فيه لبنان طابعه المميز وحريته، لا يخسر ذاته بقدر ما يخسره العرب أنفسهم، فإذا كانت القومية اللبنانية قبل كل شيء حرية وانفتاحا وانعتاقا وتفاعلا خصبا، فإن الوطن العربي لا يسعه أن يكون أقل تحمساً من هؤلاء المنادين بها. والمحافظة على لبنان مستقل خدمة للعرب قبل أن تكون خدمة للبنان. فمن لا يخلص في خدمة لبنان، ويقوم بواجباته الوطنية نحوه، لا يسعه أن يكون صادقاً في حبه للعرب، لأن الإخلاص لا يتجزأ، ولأن تقدم الجزء يؤدي لا محالة إلى تقدم الكل. وإذا نظرنا إلى الخارج لرأينا أن العالم لا ينظر إلى مجموعة البلدان العربية إلا من خلال نظرته إلى بلد واحد. فالوجود التاريخي والسياسي لكافة أقطار الوطن العربي واضح، كما أن أحكام الجغرافيا تفرض على بعض الدول لعب بعض الأدوار الإقليمية، فمصر رغم حجمها وطاقاتها ومركزها لم تستطع العيش خارج محيطها العربي، بعد توقيع اتفاقية كامب دايفيد 1978، فترة طويلة رغم كل ما قدمه لها الغرب. فالعلاقات بين البلدان العربية ليست مطلقاً علاقة إنسان بإنسان، وليست عملاً تركيبياً اعتباطياً، وليست عملية نستحسنها أو نستقبحها، بل هي الواقع الحياتي. وهنالك الكثير من المشاكل الملحة التي تفرض نفسها على عالمنا العربي، فمثلاً كيف نواجه الاحتلال الإسرائيلي؟ كيف يستعيد الشعب الفلسطيني وطنه؟ كيف يتحرر العراق؟ كيف يمكن الحفاظ على استقرار السودان؟ كيف نجعل الثروات الطبيعية والمالية تجلب الخير لجميع العرب؟ إن واقعنا بحاجة إلى الكثير من التوضيح، والوطنية ليست مجرد شعور اتجاه الوطن ومجرد عاطفة، لكنها أفعال وأعمال تنم عن شعور وعن عاطفة لا يكفي أن نثيرها، وأن نتألم لما نرى ونشاهد في بلادنا من مآسٍ وانحرافات، وأن نعلن ألمنا وننشره كتابة وكلاماً، لكي نعتبر موفين واجبنا اتجاه الوطنية، لا بل ذلك الموقف النظري الخارجي قد يلحق الضرر بالبلاد إذا لم يقترن بتنفيذ الموجبات والالتزامات الوطنية، تنفيذاً مثالياً صارماً لاسيما من ناحية التضحية. سلام الربضي كاتب أردني ينشر بترتيب مع مشروع «منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©