السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب على الإرهاب... صناعة الاستفزاز والتورط

الحرب على الإرهاب... صناعة الاستفزاز والتورط
12 سبتمبر 2010 21:46
أسفرت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، عن نتائج فاقت كل ما كان يمكن أن يتخيله بن لادن... ليس لأنها أدت إلى مصرع 3000 شخص، وليس لأنها ضربت معاقل القوة المالية والعسكرية الأميركية، ولكن لأنها استدرجت الولايات المتحدة إلى فخ سرعان ما وقعت فيه. إن هدف أي هجوم إرهابي، كما هو معروف، هو استفزاز العدو الأقوى بكثير، ودفعه إلى رد فعل مبالغ فيه. وهو ما ظلت الولايات المتحدة تفعله بشكل متكرر على مدار الأعوام التسعة الماضية التي مرت على الحادي عشر من سبتمبر. وبن لادن يستحق لا شك أن يكون موضعاً لعدائنا، وغضبنا الجماعي، لكنه يستحق إلى جانب ذلك أن يؤخذ أيضاً على محمل الجد باعتباره تكتيكياً ماكراً. ويتعين علينا في نفس الوقت القول بأن معظم ما حققه من أحلام، كان نتيجة لما فعلناه نحن، وما زلنا حتى هذه اللحظة، نفعله بأنفسنا. كان رد فعل إدارة بوش الأوليّ مناسباً تماماً... وذلك عندما استخدمت مزيجاً من عملاء"سي. آي. إيه" والقوات الخاصة، والقوة الجوية، لكسر قوة "طالبان" في أفغانستان، وطرد بن لادن ومن معه من بقايا "القاعدة". كان رد الفعل الأميركي على أحداث الحادي عشر من سبتمبر سريعاً، وقوياً، وفعالا... وكان يحمل في طياته تحذيراً واضحاً بما يمكن أن يلحق بأي منظمة إرهابية تحاول أن تشن هجوماً إرهابياً على الولايات المتحدة. تلك هي النقطة التي كان يجب على بوش عندها أن يعلن "انتهاء المهمة"، مع قيامه في نفس الوقت بتوجيه رسالة مفادها أن وكالات أميركية، وفروعاً لقواتها المسلحة، سوف تواصل مطاردتها لزعيم "القاعدة". وهو تحذير كان العالم كله سيفهمه، وكان سيرضي الشعب الأميركي بالتأكيد. لكن الإدارة الأميركية رأت أن العقول التي فكرت في تحويل طائرات ركاب إلى صواريخ موجهة، قد يأتي عليها يوم وتكتشف وسيلة تسلح بها تلك الصواريخ بشحنات كيماوية وبيولوجية أو نووية. وكانت تلك الفكرة هي التي فتحت الباب لطائفة لا تنتهي من الاحتمالات المخيفة، ومنها مثلا أن صدام حسين قد طور أسلحة للدمار الشامل -ربما تشمل أسلحة نووية- وأن هناك صلة بينه وبين "القاعدة". ودفعت تلك الأفكار الولايات المتحدة لغزو العراق، ودخول مسرح الحرب الثاني الذي سيثبت أنه أكثر استعصاءً، وأشد إيلاماً، مما ظن أنصار تلك الحرب في البداية. ورغم إعلان أوباما مؤخراً أن مهمة الولايات المتحدة القتالية في العراق قد انتهت، فإنه مر سريعاً على احتمال أن تضطر الولايات المتحدة إلى ترك عشرات الآلاف من جنودها هناك لسنوات طويلة قادمة، لأن العراق يفتقر إلى القدرة العسكرية على حماية نفسه ضد العدو الخارجي. أما بالنسبة لـ100 ألف جندي الموجودين، أو المتجهين إلى أفغانستان حالياً، فربما تدعو الحاجة إلى بقائهم لسنوات طويلة قادمة، بسبب -كما قيل- التزام الولايات المتحدة بإقامة ديمقراطية فاعلة هناك، ولأنها لا تعرف ما الذي سيحدث للنساء الأفغانيات إذا ما استعادت "طالبان" السيطرة على البلاد مرة أخرى. لكن الهدف الحقيقي من البقاء هو حماية الأسلحة النووية في باكستان، التي لو وقعت في أيدي حلفاء "القاعدة" هناك، فلا أحد يدري مدى العواقب التي ستترتب على ذلك. مرة أخرى أعود فأقول إن هذه الورطة من صنعنا نحن: فحرب أميركا على الإرهاب بات ينظر إليها على نطاق واسع في باكستان على أنها حرب ضد الإسلام، علاوة على أن التطرف الإسلامي هناك، يكسب أرضاً جديدة كل يوم ويهدد الحكومة الباكستانية التي نعتمد عليها في ضمان أمن الترسانة النووية. ونظراً لأن وجوداً عسكرياً قوياً في باكستان، سوف يكون أمراً لا يمكن تبريره أو الدفاع عنه من قبل حكومتها، فلن يكون هناك بد للولايات المتحدة من استبقاء عشرات الآلاف من جنودها في أفغانستان المجاورة تحسباً لأي طارئ. ربما تمكن بن لادن من رؤية بعض تلك النتائج مسبقاً، عندما قام بشن هجمات الحادي عشر من سبتمبر انطلاقاً من قواعد "طالبان" الآمنة في أفغانستان. ونظراً لأن الأمم المستهدفة من قبل الجماعات الإرهابية تضطر أحياناً إلى التخلي عن بعض مبادئها، فلربما يكون قد توقع أيضاً أن تحدث انتهاكات وتجاوزات من قبل الولايات المتحدة مثل تلك التي وقعت في "أبوغريب" وفي "المواقع السوداء"، ومعتقل جوانتانامو، وترحيل المشتبه بمن لهم صلة بالإرهاب إلى دول معينة لتعذيبهم. لم يكن بن لادن بمفرده قادراً على تحقيق ذلك كله، لكنه كان محتاجاً إلى تعاون منا، وقد حصل على التعاون الذي يريد وأكثر. لقد أنفقت الولايات المتحدة تريليون دولار على حربي أفغانستان والعراق، ولقي 5000 من جنودها مصرعهم، وجرح عشرات الآلاف منهم، كما لقي عشرات الآلاف من العراقيين والأفغان مصرعهم. لقد هرعنا إلى أفغانستان وإلى العراق، وفيما بعد إلى اليمن والصومال، وخلقنا جهاز أمن وطني متضخم وبتنا غارقين في خوفنا، وغافلين عن نوايا العدو، وبتنا نضخم من مغزى بناء مركز إسلامي في مانهاتن الصغرى في الوقت الذي يقوم فيه قس بإغضاب الجميع بمن فيهم حلفاء لنا في العالم الإسلامي من خلال التهديد بإحراق مئات المصاحف. هل كان بمقدور بن لادن، حتى في أكثر خيالاته جموحاً، أن يأمل في إحداث كل تلك الفوضى؟ لقد تأخر الوقت على التفكير فيما كان عدونا يسعى إليه، وما زال يسعى إلى تحقيقه، وكيف أننا ساعدناه على ذلك. تيد كوبيل محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©