السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تقارب غربي مع الخرطوم

15 يونيو 2013 22:12
مايك بلانز كينيا أجبرت أعمال القتال المتجددة التي اندلعت مؤخراً في ولاية دارفور بغرب السودان، حيث الحرب هناك أقفلت عقداً من الزمن، المزيد من الأهالي على مغادرة منازلهم، في موجة من النزوح بدأت في شهر يناير الماضي وتعد الأكبر من نوعها خلال السنتين الماضيتين. وإلى الجنوب من دارفور، في ولايتي جنوب كردوفان والنيل الأزرق، يحتمي الأهالي في الكهوف معزولين تماماً عن المساعدات الدولية، بسبب القصف المتواصل لطائرات الخرطوم وضربها لقراهم وحقولهم، بدعوى مطاردة المتمردين المناهضين للحكومة. هذا القصف الذي تكثف في الأسابيع القليلة الماضية يجري بأوامر مباشرة من القيادة السياسية التي تواجه تهماً دولية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وأعمال إبادة جماعية. لذا، وفي ظل هذه الظروف، يطرح النشطاء وعمال الإغاثة من العاملين في السودان سؤالا مهماً حول سبب اتجاه الغرب عامة، والإدارة الأميركية خاصة، نحو التقارب مع الحكومة السودانية. بل إن ألمانيا، وفي افتراقها عن سياسة الاتحاد الأوروبي الرسمية القائمة على عزل النظام السوداني، عقدت مؤتمراً دولياً في يناير الماضي لتشجيع الاستثمارات الأجنبية في السودان. ورغم المحاولات التي بذلتها منسقة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، فاليري آموس، خلال شهر مايو المنصرم، في العاصمة السودانية لرفع الحظر المفروض على المنظمات الإنسانية، إلا أنها فشلت في ذلك. وبعد أيام على محاولتها عقد وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، مباحثات في إثيوبيا مع نظيره السوداني، علي كرتي، بل قام كيري بتوجيه الدعوة إلى وفد من كبار مسؤولي الحكومة السودانية و«حزب المؤتمر الوطني» الحاكم لزيارة واشنطن. ومن بين المدعوين نافع علي نافع، مستشار الرئيس ورئيس الاستخبارات الداخلية السابق عندما كان السودان يستضيف بن لادن في التسعينيات. ولم يخفِ العديد من المسؤولين الدوليين قلقهم من التوجه الغربي نحو ما يسمى تطبيع العلاقات مع السودان، ولعل آخر تلك الانتقادات جاءت من الادعاء العام في محكمة الجنايات الدولية، والذي تمثله «فاتو بنسودة» خلال عرض موجز أدلت به أمام مجلس الأمن الدولي في 5 يونيو الجاري حول الأزمة المستمرة في دارفور، مؤكدةً أن ما لا يقل عن 300 ألف شخص فروا من منازلهم خلال السنة الجارية فقط، حيث قالت: «إن مكتب الادعاء يشاطر قلق هذا المجلس حول العلاقات التجارية مع السودان، والتي إذا لم تتم مراقبتها بدقة فإنها قد تسهل عملية تمويل ودعم الجرائم ضد المدنيين»، مضيفة أن «تطبيع العلاقات مع السودان يجب ألا يكون على حساب الضحايا». وإلى جانب محكمة الجنايات الدولية، انتقدت منظمة العفو الدولية في تقرير لها صادر في 12 يونيو الجاري الأمم المتحدة والدول المؤثرة، لعدم اهتمامها بمتابعة موضوع العدالة في السودان والاقتصاص للضحايا، حيث جاء في التقرير أن «استمرار الانتهاكات في ولاية النيل الأزرق يثبت مرة أخرى أن المدنيين هم من يدفعون الثمن عندما يفلت المجرمون من العقاب». ويرى العديد من المقربين والمحللين أن رغبة الغرب في الحفاظ على نفوذه في منطقة استراتيجية تطل على الخليج وقريبة من المحيط الهادي، وحرصه على استمرار السلام بين السودان ودولة جنوب السودان، هي الأسباب الحقيقية التي تدفع في اتجاه تطوير العلاقات مع الخرطوم. ويضيف أحمد سليمان، المحلل المتخصص في الشؤون الأفريقية بمعهد «تشاذام هاوس» بلندن، في معرض توضيح العلاقات المتنامية بين الغرب والسودان رغم المشاكل العالقة، أن كل تلك الجهود الغربية تجري وعيون العواصم الكبرى على ما سيقع في السودان بعد انتهاء حكم الرئيس السوداني الحالي. فالبشير الذي يبلغ من العمر 68 سنة دخل المستشفى مرتين خلال السنة الماضية، كما قلص من أجندته الرسمية، بل الأكثر من ذلك تعهد بالتنحي عن السلطة بحلول 2015. ولعل ما يخيف الغرب هو عودة الصراع بين الشمال والجنوب بعد انفصال الأخير بموجب اتفاقية السلام الموقعة في عام 2005 برعاية جزئية من الولايات المتحدة التي أنهت الحرب الأهلية المستمرة لأكثر من 22 سنة. هذا التخوف يعبر عنه «ديسما نكوندا»، رئيس جمعية لمنظمات المجتمع المدني في جنوب السودان، قائلا: «إن كل ما يقوم به الغرب، أو لا يقوم به، يندرج في إطار ضمان الاستقرار في الجنوب»، مضيفاً أن «الجهود الدبلوماسية الغربية منصبة على هذا الأمر، إلى درجة أن الغرب مستعد لغض النظر عما يجري في مناطق أخرى من السودان»، لكن هذا السلام الهش بين البلدين يمر بأوقات صعبة في الآونة الأخيرة بسبب الاتهامات المتبادلة باقتحام الحدود ودعم الجنوبيين لحركات التمرد المناوئة للخرطوم، كما أن النفط الذي يفترض أن يتدفق عبر البلدين وينمي الثروة فيهما، لم يعد كذلك بسبب الخلافات حول اقتسام العائدات. غير أنه وبحسب ناشطة دولية رفضت الكشف عن اسمها، يعطـي النظام في الخرطوم الانطباع للمجتمـع الدولـي بأنه يحقق تقدمـاً بالنظر إلى الاتفاقـات التي يعقدهـا مع الجنوب، والتي تمنع في اللحظـات الأخيرة من الانزلاق إلى حرب شاملة، مضيفةً أن «هناك من يبتلع هذه المناورات السودانية، فيقولون إنه بالنظر إلى هذا التقدم فإنه يمكننا الانخراط أكثر مع الحكومة السودانية ودعمها». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©