الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرسالة السريّة على المزهرية

الرسالة السريّة على المزهرية
17 يونيو 2011 19:48
تقول الحكاية إن محرك سفينة عملاقة صار ينفث الدخان، وفقد الكثير من قوته وفعاليته، ولم يعد قادراً على تحريك السفينة بشكل سليم تماماً. كلف أصحاب السفينة شركة لتصليح الموتور، لكن الشركة لم تنجح في إصلاح الموتور. لذلك طرد أصحاب السفينة الشركة، بعد أن خسروا الكثير دون جدوى، ولم يكونوا قد حصّنوا.بحث أصحاب الشركة عن حل، فوجدوا ميكانيكياً عجوزاً يعيش في الميناء، فطلبوا منه محاولة إصلاح المحرك. جاء الميكانيكي العجوز مع شنطة العدة، وصار يتفقد بالموتور قطعة قطعة وبرغياً برغياً وزنقة زنقة، واستمر بذلك لعدة ساعات، ثم وقف ينظر إلى الموتور بدقة، ثم فجأة أخرج مطرقة صغيرة جدا وطرق بها عدة طرقات خفيفة على مكان محدد داخل الموتور. فجأة عادت للموتور قوته وشبابه، ورجع يهدر بقوة وهو يهز السفينة رغبة في التحرك.فرح أصحاب السفينة، وسألوا الميكانيكي العجوز عن تكلفة إصلاح الموتور، فقال لهم: - أريد 20 ألف دولار عداً ونقداً ! - على ماذا...؟؟ كل اللي فعلته انك ضربت بالمطرقة الصغيرة لدقيقة واحدة على الموتور ..هل يحتاج هذا الجهد البسيط إلى هذا المبلغ، نرجو أن تقدم لنا فاتورة مفصلة. وافق الرجل العجوز، وكتب لهم فاتورة تبين التكاليف، حيث كتب فيها: - دولاران بدل استخدام المطرقة ! - تسعة عشر ألفاً وتسعمائة وثماية وتسعون دولاراً- بدل اكتشاف المكان المناسب للطرق على الموتور !! المجموع: عشرون ألف دولار فقط لا غير، بلا ضرائب!! المغزى من وراء ذلك: صحيح أننا قد نحتاج إلى الطرق بالشاكوش حتى نصلح موتور أمتنا العظيمة الذي أصابه الإعياء، لكن علينا أن نتعب ونفكر كثيراً اين نطرق، وإلا ذهبت طرقاتنا هباء، وربما أدت الى خراب الموتور أكثر وأكثر. عثر علماء الآثار على مزهرية تعود الى مرحلة البيرو القديمة، تظهر فيها صور الأشياء كالقدور والطواحين والأطباق وهي تمتلك أذرعاً وتتعاون مع الحيوانات الداجنة والمستأنسة والمأكولة من قبل الإنسان، الكلاب والدواجن، جميعها تثور على الإنسان وتهاجمه. يقول علماء الآثار والأنثروبولوجيا إن فكرة اللوحة تعود الى مرحلة أقدم.. تحديداً الى أسطورة قديمة تفترض أنه سيأتي يوم تثور فيه الأشياء والحيوانات على الإنسان. أعتقد شخصياً أن تمرد الأشياء من ابتكار فنان مرهف يحمل مكر الساخرين، أراد فيها أن يصور ثورة الناس ضد الظالم القامع السيد المحتل، فوضع هذا الرسم الملتبس، حيث قام بتبديل الناس (الشعب ) بالطواحين والطناجر والدواجن والحيوانات الداجنة، ليقول للظالم أن يومه قريب، وأن الثورة قادمة، وهذا ما كان، وهذا ما سيكون ما دام هناك سلطات تقمع وشعوب تعاني. كان الفنان الساخر يدرك أنه أوصل المعنى، وكان الناس آنذاك يدركون المغزى، الزمن، إذ انتهى القامع، ولم نعد نعرف اسمه، لكن روح الفنان بقيت مرسومة على مزهرية الخلود هذه. ??? حضرت فيلماً سينمائياً يعود فيه البطل ربع قرن الى الوراء، فيصاب بصدمة حضارية نفسية، حينما يرى كيف كان والده يعيش في فترة الشباب. وكيف كان الناس يعيشون. تخيلوا لو أن العربي عاد ربع قرن إلى الوراء، فإنه- عدا بعض الاستثناءات- لن يشعر إطلاقاً بأنه عاد الى الوراء، فالمباني على حالها والسيارات على حالها، والرئيس ذات الرئيس ..الأجهزة التلوث.....الخلافات، الانهيارات ....كل شيء على حاله فلا يشعر بالغربة أبداً. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©