الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإجازة الزوجية «هدنة» يعلنها الرجل وتخرقها المرأة بشكوكها

الإجازة الزوجية «هدنة» يعلنها الرجل وتخرقها المرأة بشكوكها
17 يونيو 2011 19:45
يحتاج الإنسان بطبيعته إلى إجازة من مشاغله وأعماله كي يستريح من النمط الروتيني الذي تسير به حياته وليعيد نشاطه ويجدد همته لمزيد من الإبداع والتميز، وكما التجدد ضروري في الحياة العملية، هو أيضاً مفيد في الحياة الزوجية، ففي ظل ضغوط الحياة والمسؤوليات التي تقع على كاهل الزوجين والتي أدت بدورها لزيادة المشكلات الأسرية وزيادة حالات الطلاق والفتور الزوجي باتت حاجة الزوجين إلى الابتعاد عن بعضهما أمراً ملحاً، وذلك لإعادة صيانة حياتهما وتجديدها خاصة في فترة الصيف. قد يساعد نظام “الإجازة الزوجية” الذي يطبقه بعض الأزواج على جعل الزواج أكثر حميمية وأماناً وإضافة المزيد من الدفء للعلاقة المقدسة التي تربط الزوجين، بعض النساء اللواتي التقينا بهن أعلنّ الحرب على الرجال ورفضن فكرة الإجازة الزوجية، واعتبرن أن وجود الزوج بعيداً عن الأسرة لأكثر من أسبوع قد يؤدي ذلك إلى تأقلم الزوج مع الوضع الجديد الذي يكون فيه أكثر حرية وابتعاداً عن ضغوط ومشكلات الحياة اليومية. والبعض الآخر، رأى في الإجازة فرصة لتجديد مشاعر الاشتياق والابتعاد عن ما يعكر صفو حياتهما. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل تفيد هذه الإجازة حقاً في تجديد الأشواق والتخلص من ملل ورتابة الحياة اليومية؟ اعتاد زوج هدى جاسم أن يسافر من كل عام وحده، مبتعداً عن هموم العمل ومسؤوليات البيت، تقول: “أنا من النوع الذي أؤيد الإجازة الزوجية في الصيف، فهي كفيلة بتجديد المشاعر بين الأزواج، ونوع من التقاط الأنفاس من الضغط اليومي وبعض المشاحنات التي تعكر حياتي في بعض الأحيان”. موضحة “لا بد أن تكون الإجازة برضي الزوجين ومتفق عليها، وتحصل فيها المرأة أيضاً على إجازة مثل الرجل كالسفر مع الأهل أو الصديقات، كل ذلك كفيل أن يعيد كلا الزوجين ترتيب أوراقهما من جديد لتكون النتائج إيجابية، وهذا ما نحن نطبقه في حياتنا الزوجية من فترة لأخرى إن حصل خلاف قد يصل إلى الفتور في أحياناً كثيرة”. ولم يكن صالح البلوشي يدرك أن سفر زوجته مع أهلها لمدة أسبوع سيجعله أكثر اشتياقاً لها عن ذلك يصف البلوشي شعوره. ويقول: “اعتدنا بعد زواج دام أكثر من 6 سنوات أن نسافر مع بعضنا بعضاً. لكن هذه المرأة أصرت زوجتي أن تسافر وحدها مع الأهل؛ ونظراً لظروف خارجة عن إراداتي فضلت البقاء في البيت مع أبنائي”. يصمت ويتذكر لحظات الشوق: “بعد مرور يومين على سفرها، فوجئت بمشاعر الحنين إليها، وكنت متلهفاً بشدة لسماع صوتها ورؤيتها بأسرع وقت ممكن”. يواصل البلوشي “بالفعل تجربة مررت بها، ولكن كانت ناجحة بالنسبة لي؛ لأنها خلقت جواً جديداً من الألفة والشوق بيني وبين زوجتي من جديد”. نقطة تحول إذا كانت الإجازة قد ساعدت صالح على تجديد مشاعر الاشتياق بينه وبين زوجته، فإنها بالنسبة لخلود السويدي كانت نقطة تحول في مسيرتها الاجتماعية. تحكي عن ذلك: “بعد مرور خمس سنوات من زواجنا، اختفت مشاعر الحب وزادت حدة المشكلات والخلافات التي لا يخلو منها أي بيت زوجي، بعض الأحيان تصل تلك الخلافات إلى طريق مسدود، وأحياناً أخرى تؤدي إلى خصام قد يدوم أسابيع، وعلى الرغم من أنه بعد كل شجار كنا نتصالح، إلا أن كلينا يدرك أن هناك خطأ ما”. تتنهد خلود بعمق وتقول: “ضغوط العمل وزيادة أعباء المنزل ومشكلات الأولاد كانت عاملاً مساعداً ورئيساً في وصول العلاقة بيننا إلى هذه الدرجة، لكن باستشارة إحدى الصديقات التي اقترحت عليّ ترك المنزل، وتجربة الانفصال المؤقت من خلال الاتفاق مع زوجي بأن يبتعد كل منا عن الآخر لفترة، يراجع كل منا أوراقه”.. تواصل “بعد أسبوع من ابتعادي عن زوجي، توقعت أن يكون متلهفاً علىّ. لكن جاءت النتائج على غير المتوقع لا شوق ولا لهفة مجرد تغير بسيط، حيث عدنا وكأننا نبدأ حياتنا من جديد وببرود شديد في المشاعر والعواطف”. نتائج عكسية إن الابتعاد التام قد يؤدي إلى نتائج عكسية، بحيث يتعود الزوج أو الزوجة على الابتعاد عن البيت هذا ما يعبر عنه مروان الكعبي: “مهما حدث بيننا من مشكلات وخلافات زوجية، فإن ذلك لا يجعلني أقرر الابتعاد عن زوجتي، فالحل ليس بالابتعاد، ولكن كيف يمكن أن نقضي على تلك المشكلات بالحوار والتفاهم”.. يتابع “بعض الأزواج يرون البعد عن مسؤوليات البيت والزوجة نوعاً من من التقاط الأنفاس وتجديد دماء الحياة، لكن هذا الأمر يتناقض مع ما أسمعه من الأصدقاء، فقد ينقلب بالضرر على الزوجة؛ لأن ابتعاد الزوج عن زوجته قد يسهل له المجال في الدخول بعلاقة جديدة غير محسوبة حتى لو كانت فترة قصيرة أو مؤقتة”. إيجابية وسلبية من جانبه، يرى جمعه يوسف أن الإجازة الزوجية خاصة في الصيف قد تساهم بعض الأحيان في عودة المشاعر والتفاهم بين الزوجين، وبعض الأحيان قد تؤدي إلى الجفاء في ما بينهما. ويوضح “بعض الرجال يرى الإجازة انتقاصاً لرجولته من خلال هجر الزوجة له لعدة أيام أو أسابيع أو شهر، بينما المرأة تؤمن بها غالباً”. ويتابع جمعة: “رغم أن الإجازة الزوجية تساعد في تقليل حدة المشكلات والملل والصمت الزوجي وتفيد في إعطاء متسع من مراجعة النفس والفترة العصبية التي مررنا بها خلال السنوات الأولى من زواجنا، إلا أنني أعتقد أنها غير مجدية للمتزوجين حديثاً”. والسبب كما يقول جمعة “تعتبر الفترة الأولى من حياة الأزواج هي فترة دراسة وفهم لبعضهما بعضاً، وهذا ما مررت به في حياتي الزوجية مع زوجتي”. وتتفق آمنه سلطان في الرأي مع جمعة، وتقول: “تزرع الإجازات الزوجية البعد العاطفي بين الزوجين، حيث يتعود أحدهما على الابتعاد عن الآخر. وحتى إن نجحت مع حالة أو اثنتين ليست صالحة بالضرورة مع كل الحالات الزوجية؛ لأنها – تتابع آمنة- قد تشجع الزوج للبحث عن امرأة بديلة وخاصة إن كانت فترة الإجازة طويلة، كما أن موافقة الزوج على ابتعاد الزوجة عنه تقليل من قدرته على تذييل الصعوبات والمشكلات اليومية”. بدوره، يؤكد خليل المطروشي “33 عاماً” أن في كثير من الأحيان يعاني الزوج رتابة الحياة الزوجية”. ويقول: “قد يرغب في تغيير جو المنزل، فيجد في السفر مع أصدقائه أو بمفرده أفضل طريقة للهروب، ليكون بعيداً عن الزوجة والأسرة، وهذا أمر طبيعي، فهو أسلوب للحد من رتابة العلاقة الزوجية عن طريق بعض الاستجمام البعيد عن جو المشاحنات والخلافات في المنزل، مؤكداً: “أعتقد أن سفر الزوج في الصيف بمفرده قد يجدد العلاقة الزوجية بين الزوجين في حالة نشوب تلك المشكلات بشكل مستمر، فالبعد لفترة ما قد يزيد الشوق واللهفة والمحبة لكل من الطرفين”. وجهات متباينة إذا كان هذا رأي الزوجات والأزواج، فكيف ينظر علماء الاجتماع للفكرة يجد الدكتور أحمد عّموش، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الشارقة: “إن كثيراً من الرجال يجهل أو لا يدرك أنه بإعطائها إجازة زوجية يشعرها نوعاً ما بالحرية. بل قد تقدر الزوجة عدم أنانيته في التعامل معها ورغبته الصادقة في إرضائها وكسب حبها وودها. وهي مشاعر تساهم إلى حد بعيد في بث روح إيجابية بين الزوجين”. يتابع عّموش: “تلك الإجازات مهما كانت مدتها القصيرة تخفف من المشكلات والخلافات التي يعترى كلا الزوجين من فترة لأخرى، ومن شأن هذا الابتعاد أن يقلل من تجنب الصراعات، فضلاً على إنها تساعد من يعانون من الفتور العاطفي أو الملل الزوجي وتخلف نوعا من اللهفة والحب بينهما، ومن ثم يشتاق ويحتاج كل طرف أكثر مما سبق للآخر، مشيراً “كما أن تلك الإجازة الزوجية قد تكون بمثابة تجربة انفصال مؤقت خاصة في حالة الخلافات في وجهات النظر، حيث تعاد خلالها الحسابات والأوراق، ويتمكن كل طرف من إعادة النظر في طبيعة علاقته بالآخر. ولهذا فإذا كانت الإجازة الزوجية تعني مساحة من الوقت التي يفترق فيها الزوجان بوعي ونُضج، فإنها تكون مثمرة لكل منهما”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©