الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
تكنولوجيا

«الإعلام الإلكتروني» غير المراقب يهدد عرش الصحافة الورقية

«الإعلام الإلكتروني» غير المراقب يهدد عرش الصحافة الورقية
16 يونيو 2013 00:13
فيسبوك، تويتر، يوتيوب وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي، حققت نقلة هائلة في طرق توصيل المعلومات ونقل الأخبار، بين الأفراد في كافة المجتمعات، خاصة لو علمنا أن مستخدمي الفيسبوك بلغ عددهم مليار شخص، ومرتادي التويتر تجاوزوا النصف مليار، بينما تخطى متابعو اليوتيوب المليار فرد شهرياً تبعاً لأحدث الإحصاءات التي أصدرتها إدارة اليوتيوب في مارس من العام الحالي، وهذه الأرقام أكدت بشكل قاطع المكانة التي حققها الإعلام الإلكتروني في عصرنا الحالي، برغم المقاربات المتعلقة بهذا اللون من الإعلام والرؤى المتعارضة في الأخذ به كمصدر يمكن الوثوق بما يحتويه من مادة خبرية أو معلومات قادمة من هنا أو هناك. أحمد السعداوي (أبوظبي)- مع تزايد أهمية الإعلام الإلكتروني في عصرنا الحالي، اتجهت كثير من مؤسسات الإعلام الرسمية في أنحاء العالم إلى النشر الإلكتروني وإطلاق بوابات ومواقع إلكترونية خاصة بها، بهدف مواكبة قطاعات كبيرة من الجمهور، صارت تعتمد الإعلام الإلكتروني مصدراً رئيساً لاستقاء المعلومات والتعرف على العالم من حولهم، على الرغم من علامات الاستفهام الكثيرة المتعلقة بهذا اللون الجديد من الإعلام ومدى مصداقيته، خاصة وأن نسبة ليست قليلة من الأخبار المتداولة عبر الفضاء الإلكتروني لا تخضع للرقابة، ولا تصدر عن جهات أو أفراد يمكن الوثوق فيما يصدر عنهم. تداول المعلومات قال مدير التطوير بإحدى الجهات المصرفية بالدولة راشد حمايدة، إن الإعلام الإلكتروني أصبح له شعبية واسعة نظراً لسهولة استخدامه في أي وقت وتحت أي ظروف، غير أنه إلى الآن لم يأخذ حظه من الوثوقية، والتنظيم في تداول المعلومات، حيث يمكن للمتابع أن يقرأ أخباراً متعددة حول نفس الموضوع في أكثر من شبكة تواصل اجتماعي أوموقع إخباري، فتتداخل عنده الحقائق. ويلفت إلى أن هذا الجانب ربما يتم التغلب عليه مستقبلاً مع إيجاد وسائل لتقييم ورقابة الأخبار المتداولة عبر الشبكة العنكبوتية. ولا يخلو الإعلام الإلكتروني من إيجابيات عديدة، يلمسها الجميع، بحسب حمايدة، مستدلاً بإن الكثير من الناس ذوي الثقافة المتوسطة، صاروا الآن يتابعون كافة أخبار العالم والمنطقة لحظة بلحظة عبر هواتفهم المحمولة وغيرها من الأدوات التكنولوجية الحديثة التي صارت متوافرة في كل يد بغض النظر عن الفئة العمرية أو التعليمية لمن يتعامل مع هذه المستحدثات التكنولوجية. أمير حازم مدرب، تربية رياضية، من جهته أكد على أن شبكات التواصل الاجتماعي صارت جزءا مهما ورئيساً في حياة أغلب الناس، كون نسبة هائلة منهم تمتلك حسابات على مواقع التواصل، وبالتالي يتابعون كل ما يدور عليها من حوارات ونقاشات وأخبار وبالتالي يتأثرون بشكل أو بآخر بما يتم تناوله خلال شبكة الإنترنت سواء في المنتديات أو المدونات، وحتى المواقع الإخبارية. وأورد حازم أن عالم التكنولوجيا والانترنت وما تحمله من تبادل للرؤى والأفكار صار له تأثير كبير لم يكن يتوقعه الكثيرون على مجريات الأحداث من حولنا، وليس أدل على ذلك من التقلبات المتتابعة التي تشهدها منطقتنا العربية والعالم أجمع، والتي لعبت شبكات التواصل الاجتماعي وما يبث عليها من أخبار ومشاهد، أثرت في اتجاهات الرأي العام، وبالتالي غيرت كثيرا من الثوابت التي عاش عليها الناس عشرات السنين. أخبار متسارعة أما رانيا عبيد، منسقة مبيعات في إحدى الشركات، فأوضحت أنها من الأصل لم تكن تقرأ الجرائد الورقية ولا تتابع الكثير من أخبار العالم التي تحدث حولها، وكانت تعتبرها مملة، ولكن الآن ومن خلال وجود أخبار متسارعة عن كافة الأمور التي تحدث في مجتمعها أو غيره من المجتمعات، صارت متابعة المواقع الإخبارية وشبكات التواصل متعة في حد ذاتها، كونها تحمل الجديد كل بضع دقائق. ومع أن بعض الأخبار الموجودة على تلك المواقع أحيانا تكون غير صحيحة، فهذا لا ينفي أنها أفادت قطاعات كبيرة من الشباب الذين لا يمتلكون ثقافة قراءة الصحف والمجلات كما كانت تفعل الأجيال السابقة، حسبما أفادت عبيد. على الجانب الآخر أكد إبراهيم جاموس، مدرس لغة عربية، أن الإعلام الورقي له متعة خاصة لا يدركها إلا من تعود عليها، وشعر بقيمة ما يكتسبه من معارف ومعلومات موثوق فيها. وقال: الإمساك بالجريدة وقراءة صفحات معينة وأعمدة كتاب بعينهم، يعتبر طقسا يوميا يصعب تغييره عند كثير من القراء مهما أغرتهم الوسائل التكنولوجية، كون القراءة بشكلها المتعارف عليه تعتبر هواية مفيدة للعقل والنفس، وتساهم في تشكيل وجدان الشخص بشكل إيجابي، وعبر عقول وخبرات صحفية وأدبية لها قيمتها، وإلا ما احتلت أماكن مميزة في الصحف والمطبوعات المختلفة، بعكس الحال على الشبكة العنكبوتية التي يستطيع أي شخص في أي مكان أن يكتب أي معلومة خاطئة أو خبر كاذب دونما رقيب ولا محاسب. وذكر جاموس أن التطورات التكنولوجية المتلاحقة، يصعب أن تقضي على الصحافة المطبوعة كما يعتقد البعض، لأن هذا النوع من الصحف ومن خلال الرقابة والمهنية التي يتمتع بها العاملون فيها، يجعل له مصداقية دائمة ورسالة راقية يؤديها بإبلاغ الناس بالحقائق، دونما تهويل أو تهوين، كما هو حال الأخبار المتداولة عبر شبكات التواصل والتي غالباً ما نجدها تسير وفقاً لهوى محدد أو رؤية بعينها، ولا يبتغي كاتب الأخبار على الإنترنت الحقيقة، بقدر ما يريد توصيل رسائل معينة إلى متابعيه، وفي أغلب الأحوال لا ترتبط هذه الرسائل بقدر كبير مع المصداقية. ضوابط قانونية دافع الإعلامي والمعد التلفزيوني أسامة أحمد عن الإعلام المطبوع قائلاً، يكفي أنه إلى الآن ومستقبلاً ستخضع أي كلمة مطبوعة لرقابة ذاتية من أهل المهنة العاملين في المؤسسات الصحفية المختلفة، فضلاً عن الضوابط القانونية التي تمنع أي إعلامي من نشر أو كتابة معلومات أو أخبار ليس موثوقاً منها، وهذه الحدود والضوابط لم تتوفر بعد للإعلام الإلكتروني وربما يحتاج العالم سنوات طويلة لبلورة أساليب تضمن الرقابة على ما يبث على الشبكة العنكبوتية والتأكد من أن الأخبار المتداولة عليها أخبار حقيقية وليست إشاعات كاذبة تهدف لإحداث بلبلة هنا أو هناك. وأوضح أن اهتمام وسائل الإعلام الرسمية المتنامي بإطلاق بوابات إلكترونية وصحف إلكترونية، يعتبر من أهم الخطوات التي تسهم في «فلترة» ما يجده المتابعون من أخبار عبر الشبكة العنكبوتية، كونها تقدم البديل الموثوق فيه من معلومات وأخبار صحيحة للباحثين عن المعلومات من خلال الانترنت، كما أنها تقدم الأخبار في قالب مختصر ومركز بما يتماشى مع ذائقة الأجيال الجديدة التي تستقي كل معارفها وأخبارها تقريباً من خلال ما تبثه الشبكة العنكبوتية. أما مستشار تنمية المهارات الإنسانية والتواصل المعرفي بأحد المؤسسات في أبوظبي عيسى الفريحات، فقال، إن أهمية الإعلام الإلكتروني برزت في القرن الأخير نظراً لسرعة الإجراءات وانشغالات الناس والانفتاح التكنولوجي الرهيب الحادث الآن، حيث وصلت التكنولوجيا إلى كل بيت ومؤسسة حتى أنها أصبحت أداة أساسية في الحياة، إلى حد أن أصبح معظم أطفالنا ينشأون عليها وتشكل معلماً رئيساً في شخصياتهم تطبيقاً لمبدأ التعليم في الصغر كالنقش في الحجر. أفكار خاطئة وأشار الفريحات إلى أن هناك شريحة واسعة من المؤسسات والهيئات تعتمد عليه بشكل أساسي في عملها، وأصبح في كل مؤسسة وحدة متكاملة للإعلام الإلكتروني، وكثير من الأشخاص يهتمون بالتعامل مع هذا النوع من الإعلام، حيث يمكنهم الوصول إلى المعلومات بأقل جهد ووقت، مع إمكانية استخدامها من أي مكان في ظل التطور الكبير في وسائل التكنولوجيا، بحيث أصبح عن طريق الجهاز «الخلوي» التواصل مع المواقع التي يحتاجها الشخص والحصول على المعلومات التي يبحث عنها. ومع ذلك، وفق الفريحات، هناك مجموعة من التحديات تواجه الإعلام الإلكتروني وتحد من فعاليته مع شرائح مجتمعية عديدة، منها صعوبة استخدامه من الفئة التي لم تعاصر التطور التكنولوجي، وهو جيل الآباء والأجداد، ارتفاع أسعار الاشتراك في المواقع الإعلامية الإلكترونية الرسمية والتي يمكن الوثوق في أخبارها، صعوبة توفير منتجات التكنولوجيا إلى كل بيت. أما أكثر أوجه الخطر من وراء الأخبار المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من أدوات نقل الأخبار عبر الشبكة العنكبوتية، فتتمثل في خطورة تعامل المراهقين معها بشكل مباشر وبعيداً عن الرقابة وما يمكن أن يكتسبوه من أفكار خاطئة ومعلومات مضللة، كون نسبة ليست قليلة من المواقع الإلكترونية والمنتديات تعمد إلى المبالغة والإثارة لجذب أكبر عدد من القراء بغض النظر عن القيمة الحقيقية للخبر وأهميته. العبث في المعلومات وللتغلب على هذه التحديات والأخطار، دعا الفريحات إلى تخفيض أسعار الاشتراك في خدمات الإنترنت، والمواقع الإخبارية، وحظر بعض المواقع المسيئة عن المراهقين، وإيجاد طرق أسهل للبحث في الشبكة العنكبوتية. وبخصوص الإعلام الورقي، أكد فريحات على أهميته الكبيرة، وأنه سيظل متمتعاً بقرائه ومتابعيه، كونه أكثر مصداقية وتحرياً عن الحقيقة في نقل الخبر، وعن نفسه يعتبر الفريحات، متابعاً جيداً للإعلام الورقي قياساً للإعلام المنقول عبر الشبكة العنكبوتية، موضحاً أن الورقي يخضع لمعايير رسمية وإجراءات وضوابط ، وأن المعلومة به صحيحة مئة بالمائة، كون من ينطق أو يتحدث شخص ومن ينشر المقال شخص موثوق فيه، أما الإعلام الإلكتروني فقد يكتب الناشر ما يحلو له دون ضوابط رقابية أو تشريعية، فيكتب معلومات مغلوطة أويروج لإشاعات مسيئة، وهذا يستدعي إيجاد قوانين حازمة تضمن عدم العبث في المعلومات. إنجاز إلكتروني ومن جانبه، يؤكد الدكتور قيس محمد التميمي أستاذ الإعلام بقسم الاتصال الجماهيري بكلية العلوم الإنسانية بجامعة الإمارات، أن الإعلام الإلكتروني، أنجز ما لم ينجز من قبل، واستطاع التغلب على كثير من العقبات والمشاكل التي كانت تعاني منها نسبة كبيرة من وسائل الإعلام المطبوعة سواء كانت صحفاً أو مجلات، محققاً العديد من الإيجابيات منها تقريب المسافات بحيث أصبح العالم وكأنه قرية صغيرة بفعل سرعة تداول المعلومات، مع تقليل تكلفة الحصول على الأخبار بالنسبة لقطاعات كبيرة في المجتمع، الإعلام الإلكتروني جعل الشعوب تتداخل وكأنهم أسرة واحدة خاصة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، حيث أوجد ما يسمى بالسماوات المفتوحة وعبر كبسة زر على أي جهاز إلكتروني يستطيع الفرد التواصل مع غيره على بعد آلاف الأميال ويعرف كل ما يدور هناك بكل دقة وبأصغر التفصيلات. وعن أبرز مساوئ هذا النمط من الإعلام، يحددها أستاذ الإعلام بقسم الاتصال الجماهيري بكلية العلوم الإنسانية بجامعة الإمارات، في أنه دفع كثير من الناس إلى العيش بمعزل عن أسرتهم والمحيطين بهم، الجلوس الطويل إلى الانترنت سبب إدماناً لدى البعض بحيث صار الإنسان أسيراً لشبكات التواصل بدلاً من أن يكون مسيطراً عليها، كذلك أوجد بعض البلبلة من خلال الإشاعات والأخبار المغلوطة والأفكار المسمومة التي تنتشر عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. والتغلب على مساوئ وسلبيات الإعلام الإلكتروني، يعتمد في الأساس على الرقابة الذاتية، بحيث يسعى الفرد لاختيار ما يناسبه من أخبار ومعارف تتلائم مع القيم والأفكار التي تربى عليها وساهمت في تشكيل وجدانه بشكل صحيح، وهنا يلعب الوالدين دوراً كبيرا في تعزيز قيمة الرقابة الذاتية لدى المراهقين، وإشعارهم بأنهم صاروا مسؤولين عن تصرفاتهم وإن أحسنوا فلأنفسهم، وإن أساءوا التعامل مع التقنيات الحديثة يتأثر حاضرهم ومستقبلهم سلباً. خطرحقيقي عن علاقة الإعلام الإلكتروني بالورقي، أكد أستاذ الإعلام بقسم الاتصال الجماهيري بكلية العلوم الإنسانية بجامعة الإمارات، قيس التميمي، أن وجود الإنترنت والتقنيات الحديثة يمثل خطراً حقيقياً على الصحف الورقية، حتى بالنسبة لمن تربوا ونشأوا في كنف الجرائد والكتب والمجلات من كبار السن، كون البديل الإلكتروني أرخص وأسرع ومتاحا للجميع في أي لحظة. كما أن الشباب والأجيال الجديدة يتجهون وبقوة إلى الإعلام الإلكتروني ولا يتقبل فكرة القراءة من الصحف أو المجلات، وهو يمثل جرس إنذار شديد الأهمية للمسؤولين عن الصحف الورقية، الواجب عليهم أن يدركوا أن المستقبل حافل بالعديد من التقنيات التي تيسر التواصل بشكل أسرع بكثير مما هو عليه الحال الآن. ويدعو التميمي مسؤولي الصحف المطبوعة إلى التركيز على العمل الإلكتروني وعدم الاعتماد بشكل رئيس على المطبوعات التي ستتأثر بشكل متزايد من التطورات المتلاحقة في الإعلام الإلكتروني.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©