الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحاكمة بأمر الحروب

الحاكمة بأمر الحروب
4 أكتوبر 2017 20:14
علي محمد راشد منذ العصور البدائية اتخذ الإنسان الكهوف وأعالي الجبال والمرتفعات، ملاذاً يلوذ بها من الأعداء والأخطار، ومع تطور الحياة واكتشاف الزراعة وتدجين الحيوانات، أخذت تظهر بعض الحواضر البسيطة الأولى، إلى أن اتسعت الرقعة البشرية، فنشأت المدن بأسوارها وقلاعها وحصونها، وأخذت العمارة الدفاعية تنتصب في تلك المدن الناشئة، وبرزت الأماكن المحصنة التي يستطيع الناس من خلالها الدفاع عن أنفسهم وعن مدنهم. فكانت الحصون والأبراج التي بنيت في البداية من الخشب، وعندما ظهرت قاذفات الحجارة ومن ثم المدافع، تطور التحصين إلى بناء المعاقل والأبراج بالحجارة وغيرها من المواد التي تستطيع المقاومة. ويتضح للباحث في حضارة دولة الإمارات العربية المتحدة، وتاريخها العريق، أنها تتميز بوجود عدد كبير من القلاع الأثرية والحصون القديمة والأبراج، وهي أبراج مختلفة الأصناف والأشكال، فمنها: الدائرية والمخروطية والتربيعية، وكانت في مجملها لغايات وأهداف عسكرية للدفاع ورد العدوان، إضافة إلى كونها مركزاً للحكم، كما كانت تعقد فيها احتفالات الأهالي وأفراحهم في المناسبات العامة والخاصة. النشأة والبدايات واكبت العمارة الدفاعية الحركة العمرانية وتطورها في الإمارات، وسايرت اكتشاف الزراعة وحركة القوافل التجارية بين أجزائها المختلفة، وقد كانت في بدايتها عبارة عن حصون وأبراج مصنوعة من الخشب، ليتطور بناؤها بعد ذلك لتصبح من الحجارة والطين، وقد كانت تراعي في بنائها آنذاك مجموعة أمور مهمة منها: الارتفاع، ومدى إمكانية التحكم وإدارة المناطق الأخرى من موقع الحصن، وقد تميزت حصون الإمارات بتنوع المواد المستخدمة في بنائها، تبعاً للبيئة التي بُنيت فيها، حيث اعتمدت في بنائها على الحجارة الرملية وعلى المرجان والأحجار البحرية، وذلك في المناطق الساحلية، في حين استخدم حجر الكلس والجص والطين في المناطق البرية، أما في المناطق الجبلية، فقد استخدمت الحجارة لبناء الأبراج والجدران، وعند الواحات كان بناء الحصون يعتمد على مزيج مصنوع من الطين والقش. أما أشكالها وهيئاتها، فقد كان شكل الحصن أو القلعة في الأغلب على النحو التالي: كان عبارة عن أسوار عالية وجدران متينة، وهي غالباً مؤلفة من طابقين، وتحتوي في الداخل على العديد من المرافق الحيوية، أما الأبراج فقد كانت تُبنى خارج البلد، وكانت المسافة الفاصلة بين البرج والبرج الآخر نحو (2 كم)، ويكون شكل البرج عادة دائرياً أو تربيعياً، ولا يكون تموضع الأبراج عشوائياً بل إنها تأخذ أمكان تموضعها عند تخوم المدن، وذلك بشكل موزّع، بما يتناسب والمدينة ودقة حمايتها، وتعتبر الأبراج خط الدفاع الأول عن المدن. وبالعودة إلى بناء القلاع والحصون في دولة الإمارات العربية المتحدة، نجد أن طبيعة أرض الإمارات وموقعها الجغرافي المتميز، باعتبارها ممراً للتجارة بين الشرق والغرب، جعل من بناء الحصون والقلاع بالنسبة لأبنائها ضرورة حتمية ومطلباً مهماً، وذلك لحماية أنفسهم ومدنهم وقراهم من الغزاة والطامعين، إضافة إلى أن تلك الأبراج والقلاع والحصون كانت أيضاً نقاط للمراقبة، ومقرات ومراكز سكنية للحاكم، إضافة إلى كونها مخازن ومستودعات للطعام، والأدوات الحربية. ولعلنا نقف في هذه القراءة على أبرز وأهم الحصون الموجودة في دولة الإمارات العربية المتحدة على امتدادها الجغرافي: قصر الحصن ويعتبر من أهم القلاع والحصون في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان له دور بارز ومهم وحيوي في مجتمع الإمارات في الماضي، وهو من أقدم المباني العمرانية العريقة في إمارة أبوظبي، وذلك لما يحمله من دلالات رمزية وتاريخية خالدة، والمتأمل في هذا القصر، يجد أنه يختزل رحلة طويلة من التطور التاريخي والسياسي لإمارة أبوظبي، والتي بدأت منذ بنائه في القرن الثامن عشر الميلادي، وكان هدفها الرئيس حماية مصادر المياه من الغزاة، إلى أن تحول هذا البرج البسيط بعد ذلك إلى حصن منيع، حيث أضيفت إليه ثلاثة أبراج أصغر حجماً وتم بناء طابقين إلى يمين المدخل الرئيس، كل طابق به حجرة واحدة كبيرة، وفي الواجهة بني مبنى آخر من طابقين، وبين المبنيين بني البرج الثالث وأحيط المبنى بسور خارجي وتعود أهمية هذا المبنى كونه ظل مدة تقرب مائتي سنة، المقر الرئيسي لحكام أبوظبي يديرون منه دفة الحكم ويسيرون شؤون البلاد. ومع تعاظم دور إمارة أبوظبي والتغيرات الاستراتيجية والسياسية التي شهدتها المنطقة، أصبح قصر الحصن شاهداً على مراحل تاريخية مهمة خلدها التاريخ. قلاع مدينة العين تتميز مدينة العين بميزة تاريخية مهمة، وهي أنها تحتضن أكبر عدد من القلاع والحصون المنتشرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولعل من أبرز قلاعها وحصونها قلعة الجاهلي، وقلعة مِزْيَد، وقلعة مريجب، وقلعة المربعة، والحصن الشرقي، والذي يُعرف أيضاً باسم قلعة الشيخ سلطان بن زايد. قلعة مريجب وتعتبر من أقدم حصون آل نهيان في مدينة العين، وهي مزودة ببرجين منفصلين، وتتكون من طابقين ومزودة بـ66 غرفة للإقامة وبها العديد من الفتحات الدفاعية. بالإضافة إلى حصن الجاهلي وهو أكبر حصون العين يمتاز بعمارته الرائعة وطرازه البديع الذي اعتمد فن العمارة الإسلامية. أما الحصن الشرقي فقد بناه الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان عام 1910 وله ثلاثة أبراج، وبابه مصنوع من الخشب السميك، غرست فيه مسامير غليظة مدببة، وله سور سميك به فتحات، وفي الحصن عدة حجرات وساحة كبيرة وبئر ماء. قلعة ضاية يمكننا أن تعتبر هذه القلعة العسكرية والتي شيدت في القرن السادس عشر على تل مرتفع يواجه الخليج في مدينة رأس الخيمة، من أهم القلاع الخالدة التي شهدت معارك ضارية وحملات حامية الوطيس، دارت بين أهالي رأس الخيمة والبريطانيين عام 1819، وكان لصمودها أمام أي عدوان تتعرض له المنطقة، أثر مهم في توفير الأمن والحماية لسكان المنطقة. حصن أم القيوين يجمع بين مميزات الموقع الدفاعي التحصيني، وبين المنافع الخاصة بالسكن، وقد جاء بناء هذا الحصن كوسيلة للدفاع عن البلاد، وصد الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها، مناسباً ومحققاً لطموحات الأهالي، وهو ما يبدو واضحاً في التخطيط المعماري للحصن، الذي ينتسب إلى أسلوب العمارة الدفاعية الخليجية، وهي التي تحقق شروط الأمن والمنعة، وقد بُني هذا الحصن على شكل مربع من الحجارة البحرية، وهو يتكون من برج دائري ضخم وبرج مربع والعديد من الغرف، وتوجد أمامه مجموعات من المدافع الحربية التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر، وقد ساعد سكان المنطقة في ذلك الوقت على حماية أنفسهم من أي اعتداء خارجي سواء كان اعتداء برياً أو بحرياً. قلعة الفجيرة تتسم قلاع وحصون الفجيرة بسمات خالدة، حيث نجد لديها سجلاً حافلاً بالنضال والبطولات، وذلك منذ فجر التاريخ، وقد كانت تلك البطولات ضد أي اعتداء تتعرض له، وتعد قلعة الفجيرة من أهم القلاع التي أقيمت على امتداد الساحل الشرقي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقد تميزت بتصميمها الهندسي المميز، والذي يختلف تماماً عن سائر التصاميم الهندسية التي عرفت بها القلاع في المنطقة، والسبب في ذلك أنها غير منتظمة الشكل، فقد أخذت شكل الربوة التي بنيت عليها، وتم بناء هذه القلعة لأغراض دفاعية، حيث دافع الأهالي من داخلها ببسالة عن المنطقة، وتصدوا للعديد من هجمات البرتغاليين والإنجليز في الماضي. حصن عجمان ويعود بناء هذا الحصن إلى عام 1775، وكان الهدف الأساسي له مراقبة القادمين من البر والبحر، وتبلغ مساحته 255 متراً مربعاً، ويتكون من برجين دائريين كبيرين، وبرج ثالث ويحتوي على العديد من الغرف، وقد استخدم في بنائه المرجان المستخرج من البحر، والجير المحروق، وأوراق شجر النخيل والخشب. قلعة المقطع وهي قلعة متوسطة الحجم بنيت في أطراف جزيرة أبوظبي واستخدمت كمركز للشرطة، ونقطة للجمارك وقد بنيت على شكل مربعة ضخمة يحيط بها سور كبير، وتتكون من ثلاثة طوابق وفي أحد أركان السطح بني برج مربع تعلوه قبة دائرية. وهناك برج المقطع الدائري الذي تزامن إنشاؤه مع بناء قصر الحصن نحو عام 1793. قلعة الفهيدي وهي من أهم الحصون في دبي، وتعد مثالاً لتطور فن القلاع وتعدّ من أقدم المباني الأثرية في دبي، وتقع في المنطقة الجنوبية من الخور قرب السوق القديم في بر دبي وكانت عبارة عن مركز للدفاع، استخدمت فيما بعد كمقر للحاكم، بعدئذ استخدمت سجناً حتى تحولت عام 1971 إلى متحف لإمارة دبي، وقد بنيت نحو عام 1800 في عهد الشيخ هزاع بن زعل الياسي. وهناك قلعة نايف، وهي قلعة مربعة الشكل وقد استخدمت مقراً للشرطة، ومربعة عيال بن ناصر، ومربعة جمعة بن حشر، وبرج نهار الدائري الذي يوجد في ديرة، بالإضافة إلى حصن حتا الذي يوجد في مدينة حتا وهو مستطيل الشكل به ثلاث حجرات وحجرة مربعة كبيرة، وله برج ضخم وقرب الحصن يوجد برجان فوق المرتفعات الجبلية المحيطة بالحصن. وهناك حصن المويجعي، وقد بناه المغفور له الشيخ زايد، وجعله مقراً للحكم، وهو عبارة عن بناء مربع كبير تحيط به أسوار عالية ارتفاعها خمسة أمتار وبه بناءان كبيران للسكن والإقامة، وقد زين مدخله ونوافذة بالزخارف الهندسية. وهناك قلعة المربعة وقصر الرميلة وقلعة القطارة وقلعة الواجدي والهيلي ومزيد وابن عاتي والعانكة والعديد من الأبراج والقلاع الأخرى التي شكلت معلماً رئيسياً من معالم إمارة العين. وهناك أيضاً قلعة الميل التي بناها الشيخ محمد بن شخبوط ولها أربعة أبراج وساحة كبيرة، وقلعة ظفير وهي عبارة عن مربعة ضخمة محاطة بسور، وقلعة القطوف والهيلة وقلعة مزيرعة التي يعود تاريخ بنائها إلى 1800م. وهناك برج مانع وبرج الخان المدور الشكل، وبرج طلاع الذي بناه محمد بن عبيد القريشات، ومربعة علي بن راشد، ومربعة عيسى بن جرش، وقلعة الحمرية المربعة وحصن فيلي الذي يقع شمال وادي المدام بين الشارقة والذيد، وحصن المدام، وقلعة دبا التي بناها الشيخ قاسم بن سلطان منذ أكثر من 400 سنة، وهي مشيدة من الطين والحصى وحصن كلباء وبرج خور كلباء، وقلعة الذيد التي بنيت قرابة عام 1750 وحصن الغيل الذي شيده الشيخ سعيد بن حمد القاسمي، الذي حكم كلبا خلال الفترة 1903 وحتى 1937، وبرج طريف، وبروج خورفكان (برج العويل، العدواني، الرابي) وحصن وأبراج الحمرية حيث كان للحمرية خمسة أبراج، هي مربعة رأس الخور، برج حصة، برج بن عياف، برج المقيطع، وبرج على الساحل الغربي للخور. حصن القواسم يعود إلى أواسط القرن الثامن عشر، ويتكون من 56 غرفة قديمة وحديقة من الحجارة والجص المحلي، وله برجان شمالي وجنوبي ويخلو الحصن من النقوش والزخارف، وهنالك قلعة ضاية العسكرية التي شيدت في القرن السادس عشر على تل مرتفع يواجه الخليج والتي شهدت معركة ضارية دارت بين أهالي رأس الخيمة والبريطانيين عام 1819. وهناك قلعة الفلية التي بنيت في القرن الثامن عشر، والتي شهدت توقيع حكام الإمارات عام 1820 على اتفاقيات السلام العام مع بريطانيا، ثم قلعة العريبي ومربعة إبراهيم بن سلطان والبقيشي ومربعة الرمس وحصن الرمس، وبرج دامة وخور خوير وبرج مدخل رأس الخيمة، وحصن الجزيرة الحمراء الذي بناه حسن بن أحمد وكان مقرا للحاكم، وأبراج خت الأربعة التي تتركز فوق التلال والجبال المحيطة بمدينة خت، وبرج المدينة والنقبي، وحصن إذن ومربعة مسافي وحصن نصلة وبرجها وبرج المشرخ والحلو وغيرها العديد من الأبراج والربعات التي توزعت في رحاب رأس الخيمة. ملاذ الأهالي قامت في الشرق الأدنى أسوار المدن منذ زمن مبكر، وكان للمدن القديمة في بلاد ما بين النهرين أسوار من الطين والآجر، وظهرت القلعة حصناً أو بناء محصناً داخل المدن، وأقيم الحصن المستقل للدفاع عن المواقع العسكرية، كمخاضة لنهر، أو ثكنة للجند عند حدود النهر، أو ملجأ لأهالي المناطق المعرضة للغزو.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©