الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرهان على ثقافة السلام

11 سبتمبر 2010 21:36
سيحتاج فريق الوساطة الأميركي مع بدء محادثات السلام المباشرة الإسرائيلية- الفلسطينية في واشنطن، لأن يعي العديد من العناصر غير المرئية. فحتى في الوقت الذي تتحاور فيه الأطراف حول قضايا معينة، مثل الحدود وحقوق المياه وغيرها، هناك أيضاً أمور أخرى تجري تحت السطح يمكن إذا جرى تجاهلها أن يؤدي ذلك إلى إجهاض فرص التوصل إلى تسوية ناجحة محتملة. ويعرف الجميع العناصر الرئيسية لحل الدولتين. وهناك مرارة وأحلام قد لا تتحقق لكلا الطرفين في هذه التسوية المحتملة، وجيوب مقاومة لها، عنيفة أحياناً، على كلا الجانبين. وحتى تتسنى إدارة كل ذلك بنجاح، يحتاج القادة على الجانبين إلى صياغة رؤية مستقبلية إيجابية قوية إلى درجة تجعل التضحيات من أجل السلام أمراً مقبولاً وذا معنى. وتحتاج هذه الرؤية لأن توضع في إطار من منظور الصورة الأوسع: سلام عادل مستدام قادر على البقاء يأتي كذلك بالاستقرار والازدهار الإقليمي. وينبغي العودة بكل نقطة أساسية قيد البحث إلى هذا الهدف: كيف سيساهم الاتفاق أو عدم الاتفاق على أية قضية في هذه النتيجة النهائية؟ إن أطراف النزاعات المعمّقة يطورون أحياناً أنماطاً يمكن إدراكها. سيتهم كل طرف الآخر بأنه يقف عائقاً أمام الاتفاق، وسيوقع كل طرف الطرف الآخر في أكثر من شرك وفخ ليفشل، حتى يلقى عليه اللوم لعدم تحقيق التقدم، أو يحاول إقناع أطراف خارجية أخرى بأن الطرف المقابل على خطأ. والواقع أن هذا النزاع عبارة عن عملية متبادلة تتداخل فيها الأفعال وردود الأفعال. وهناك نمط آخر يتعلق بالتنافس على لعب دور الضحية، كأنما معاناة أحد الأطراف أكثر أهمية من معاناة الطرف الآخر. وما هو حقيقي في هذا النزاع، وفي كل نزاع عنيف آخر، هو أن فقدان الأرواح البريئة، والبيوت، والأمل والأرض وأسلوب الحياة، في تجربة كل فرد هي جميعاً أمور لا يمكن تحملها. ومن الأهمية بمكان إدراك الصدمة العميقة على الجانبين. وقد أوقع كل طرف ضرراً على الطرف الآخر، وخاض تجربة ألمه في مضمون تاريخه وروايته الجماعية الخاصة. ومن الواضح أن الطريق إلى السلام يحتاج إلى الانخراط في عملية بناء الثقة ومداواة الجراح وفي نهاية المطاف المصالحة، وشيئاً من نسيان الماضي والتسامي على جراحه واستخلاص الدروس من أخطائه. وتشكّل محادثات السلام الحالية فرصة للأطراف لوقف دائرة العنف قبل أن تتصاعد أكثر فأكثر مجدداً. وكل فرصة تفوت تجعل مسيرة السلام اللاحقة أكثر صعوبة، ومع مرور عقود وركام من الأجساد والاتفاقيات والأحلام المحطّمة، أصبح هذا الطريق صعباً أصلاً بما فيه الكفاية. ولذا فإن خليطاً من الرؤية الثاقبة والاعتراف بالمسؤولية المتبادلة والالتزام بوقف العنف وبدء عملية بناء الثقة المتبادلة هي المكونات الحقيقية لعملية سلام ناجحة، بغضّ النظر عن أية تفصيلات محددة لأية اتفاقية يجري التفاوض أو الاتفاق بشأنها. لقد حان الوقت بعد عقود مريرة، وقد يقول البعض حتى قروناً من صراع تجرع العالم كله نتائجه القاتلة، لتغيير بعض سرديات القصة الجوهرية للعلاقة بين الطرفين من طرح الـ"نحن" ضد الـ"هم" في سياق متوتر وبعيد عن ثقافة السلام. وهناك فرق كبير بين توقيع معاهدة سلام وضمان سلام شامل ودائم. وسيركّز فريق الوساطة الأميركي اهتمامه بالدرجة الأولى على توقيع المعاهدة في هذه الجولة الحالية. ولكن آمل أن يتذكروا كذلك الناحية الثانية ذات الأثر على المدى البعيد، والعناصر غير المرئية التي تلعب دوراً فيها. والآن تتحدث وزيرة الخارجية كلينتون عن الانتقال من عالم متعدد الأقطاب إلى عالم متعدد الشركاء. وأعتقد أن محادثات السلام هذه تشكل فرصة فريدة في هذا الاتجاه. لويز دياموند كاتبة ومحللة سياسية ينشر بترتيب مع خدمة »كومون جراوند«
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©