الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشركات الأميركية... وجاذبية الاقتصادات الصاعدة

الشركات الأميركية... وجاذبية الاقتصادات الصاعدة
11 سبتمبر 2010 21:32
لقد فتحت موجة الركود الاقتصادي الأخيرة شهية الشركات الأميركية لتحقيق معدلات نمو استثماري أكبر في آسيا. فقد ازداد بشكل ملحوظ توسع العديد من كبريات الشركات الأميركية في الاقتصادات الآسيوية الصاعدة مثل الاقتصاد الصيني. ومعظم هذه الشركات خطا عملياً في هذا الاتجاه أو أنه يخطط له على الأقل. وفي هذا التوسع ما يغري طالما أن مستوى النمو الاقتصادي الذي تستطيع الشركات المذكورة تحقيقه في مثل هذه الاقتصادات، يفوق كثيراً ما تستطيع تحقيقه داخل أسواق الولايات المتحدة نفسها. فإلى جانب القوة الاقتصادية التي تتمتع بها الدول الآسيوية، فإن فيها أيضاً المليارات من العملاء المحتملين لاستهلاك وشراء كل شيء تقريباً: من الأدوية والعقاقير الطبية، إلى السيارات والبطاقات الائتمانية والملابس. وخلال دراسة أجريت في عام 2008، أكدت نسبة 50 في المئة من الشركات الأميركية التي شملتها الدراسة، أن أداء استثماراتها في الصين يفوق مجمل الأداء الاستثماري العام الآخر. وقد جاء ذلك في نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه "مجلس الاستثمارات الأميركية- الصينية" للشركات التي تشملها عضويته. ومن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة، على حد قول جون فيزباي رئيس المجلس، دحض الفكرة القائلة باستحالة تحقيق الشركات الأميركية العاملة في الصين لأية ربحية تذكر. ومن جانبه يقول "كنت كيدل" -المدير العام لشركة "تكنوميك إيشيا" المتخصصة في استراتيجيات وأبحاث السوق- إن الاقتصاد الأميركي قد بدأ بالتعافي من تأثيرات موجة الركود الاقتصادي الأخيرة، وهو ما يعطي أهمية بالغة لتحقيق النمو الاقتصادي في ظل المناخ الاقتصادي السائد الآن. ولكن المعضلة أن الفرصة لتحقيق نمو يذكر في الاقتصاد القومي داخل الحدود الأميركية قد نضبت. وهذا ما يشجع المزيد من الشركات الأميركية على التطلع إلى الصين وغيرها من الأسواق الآسيوية الصاعدة، باعتبارها السوق الأكثر سخونة لتحقيق نمو اقتصادي عالمي. بيد أن من شأن الاستثمار في الاقتصادات الصاعدة أن ينطوي على تحديات كبيرة للشركات المستثمرة، إضافة إلى صعوبة التنبؤ بنتائجه. والسبب هو القيود التي تفرضها بعض الحكومات على حرية الاستثمار، وكذلك الحواجز التي تقيمها حماية حقوق الملكية الفكرية. وعليه يقول "أنتوني سينو" -نائب رئيس هيئة الأبحاث والمنتجات الصيدلانية الأميركية- إنه لا يمكن تصور الأسواق الصينية والآسيوية الصاعدة على أنها فرصة لتحقيق النمو الاقتصادي الخالي من الصعوبات. بل الحقيقة هي أن هناك الكثير من التحديات التي تواجهها الشركات الأميركية المستثمرة في تلك الأسواق. وعلى رغم هذه التحذيرات، فإن في وسع الشركات الأميركية التي استطاعت اقتحام الأسواق الآسيوية، تحقيق أعلى وأسرع مستويات نمو اقتصادي في المناخ الاستثماري العالمي حاليّاً. ومن بين كبرى الشركات الأميركية التي تراهن على الأسواق الآسيوية، تلك العاملة في مجال الأدوية والعقاقير الطبية. ويقول استراتيجيو هذه الشركات إن مجرد توفر مليارات السكان في دول القارة الآسيوية -وخاصة أن الكثافة السكانية في الصين والهند تتجاوز المليار نسمة لكل منهما- يمثل سوقاً واعدة جدّاً لترويج وتسويق المنتجات الدوائية. ويضع هؤلاء في الاعتبار وجود نظم يعول عليها للرعاية الصحية في هاتين الدولتين بالذات. وخلال السنوات الخمس المقبلة يتوقع قطاع الصناعات الدوائية أن يحقق نمواً يتراوح بين 6-3 في المئة في أسواق الدول المتقدمة مثل الاقتصاد الأميركي، بينما يتوقع القطاع نفسه تحقيق نسبة نمو تتراوح بين 17-14 في المئة في الاقتصادات الصاعدة مثل الاقتصادين الصيني والهندي. ومما يقوي هذه التنبؤات على حد قول الاستراتيجيين أن الحكومة الصينية تبذل جهوداً جبارة لجعل الرعاية الصحية متاحة لجميع المواطنين. ثم هناك الشركات المستثمرة في صناعة السيارات. وفي هذا المجال تفوقت الصين على الولايات المتحدة العام الماضي باعتبارها أكبر سوق عالمية للسيارات، إذ حقق سوق السيارات هناك نموّاً بلغت نسبته 50 في المئة، بينما ضخت الحكومة 15 مليار دولار لحفز شراء المواطنين للسيارات. وكما يقول ستيفن كولينز -رئيس المجلس الأميركي لسياسات صناعة وتسويق السيارات- فقد عوّض النمو القوي لمبيعات السيارات الأميركية في الصين، عن النتائج الهزيلة التي حققتها الشركات داخل أميركا نفسها في العام الماضي. ويعتقد الكثير من المحللين أن الصين ستبقى أكبر سوق لمبيعات السيارات عالميّاً بسبب النمو المتزايد والسريع للطبقة الوسطى الصينية. ومن المؤكد أن هذا الاتجاه سيعود بفوائد اقتصادية كبيرة لشركات السيارات الأميركية، بما فيها شركتا "جنرال موتورز" و"فورد"، اللتان تستثمران في الصين عبر شراكات أقامتاها مع شركات السيارات الصينية. وأخيراً هناك مختلف المنتجات الاستهلاكية التي تجد لها سوقاً رائجة مزدهرة في الاقتصادات الآسيوية الصاعدة. فبسبب ارتفاع دخول الأفراد في هذه الاقتصادات -لاسيما الاقتصاد الصيني- تتنامى القوة الشرائية للمواطنين. وهذا ما يدفع شركات المنتجات الاستهلاكية إلى توسيع عملياتها في الأسواق الآسيوية. ففي العام الماضي، افتتحت "وول-مارت" 59 فرعاً لأسواقها في الصين وحدها. ولهذه الشركة العملاقة التي تعد أكبر شركة لتجارة التجزئة في أميركا، فروع عديدة ومتسعة في اليابان، فضلاً عن التخطيط لتوسيع عملياتها في الهند. أما شركة "يم براندز" التي تتولى إدارة مطاعم "بيتزا هت" و"كي إف سي"، فقد افتتحت ما يزيد عن 1800 فرع جديد لها في الصين منذ عام 2005. وفي عام 2009 بلغت الأرباح التي حققتها مبيعاتها الصينية حوالي 206 ملايين دولار، بعد أن كانت لا تتجاوز الـ20 مليون دولار في عام 1998. وعليه فليس غريباً أن يتنامى اتجاه كبريات الشركات الأميركية نحو الصين، وأن تكون هذه الأخيرة القاعدة التي تنطلق منها هذه الشركات، على حد قول "ربيكا باورز" -وهي مستشارة رئيسية لدى شركة ميرسر المتخصصة في إدارة الموارد البشرية. فهناك اعتقاد بأن الصين متوقع لها أن تصبح الإمبراطورية الاقتصادية الأقوى عالميّاً في المستقبل القريب. كاثي تشو كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©