الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

آفات تفتك بمزارع الساحل الشرقي والمزارعون يناشدون و «البيئة» صامتة

آفات تفتك بمزارع الساحل الشرقي والمزارعون يناشدون و «البيئة» صامتة
15 يونيو 2013 13:39
تتكرر الشكاوى من هجمات آفات حشرية وطفيلية على أشجار في مزارع الساحل الشرقي، وسط صمت من وزارة البيئة والمياه التي فضلت عدم التعليق على هذا الموضوع رغم محاولات “الاتحاد”. ويجد المزارعون في ظهور مثل هذه الآفات فرصة لمطالبة وزارة البيئة والمياه بالالتفات إليهم، وزيادة الدعم المقدم لهم، وإجراء دراسات وافية تتناول ظهور آفات لم تكن مألوفة لديهم، في حين يلمح خبراء زراعيون إلى أن ظهور هذه الآفات قد يكون وراءه ممارسات زراعية خاطئة. تظهر بين فترة وأخرى آفات زراعية تفتك بمحاصيل ومزروعات بذل أصحابها كثيراً من الجهد والمال في سبيل استزراعها، لترتفع أصواتهم، مطالبين وزارة البيئة والمياه بالتدخل السريع، في وقت يشير فيه خبراء إلى أن توالد الآفات الزراعية قد يكون وراءه ممارسات زراعية خاطئة تتمثل في الاستخدام غير المدروس للمبيدات. وبرزت خلال الأشهر القليلة الماضية آفتان فتكتا بأشجار الهمبا والليمون في دبا والساحل الشرقي، وأودتا بحياة الآلاف منها، حيث قال مزارعون إن المرض يبدأ من الجذور ثم ينتشر في بقية أجزاء الشجرة قبل أن يقضي عليها. وبحسب مواطنين وخبراء، فإن انتشار هذه الآفات ينبه إلى ضرورة اتخاذ إجراءات أعمق من عمليات الرش العابر الذي تتولاه وزارة البيئة مع مطلع كل موسم، بدءاً بتنظيم زيارات ميدانية عاجلة لفرق علمية متخصصة تبحث بشكل دقيق عن أسباب تفشي هذه الآفات، ومدى تأثيرها وخطورتها على مستقبل القطاع الزراعي والبيئة بشكل عام. ويتابع هؤلاء: بعد ذلك يرفع تقرير شامل ومفصل إلى مجلس الوزراء مع وضع الحلول والمقترحات والخطط التي تحد من انتشار هذه الأوبئة والقضاء عليها، إضافة إلى اتخاذ إجراء عاجل يتضمن توفير الإمكانات وكل أنواع الدعم بما فيه تعويض المزارعين المواطنين عما فقدوه من محاصيل. وتواصلت «الاتحاد» مراراً مع إدارة الاتصال الحكومي بوزارة البيئة والمياه، بغية الحصول على تعليق حول انتشار هاتين الآفتين، ودور الوزارة في مساندة المزارعين، إلا أن الوزارة لم ترد على أي من هذه التساؤلات. نوعان من المرض وقال محمد بن علي الظنحاني إن أشجار الهمبا والليمون بشكل خاص كانت أبرز ضحايا لهذه الآفات، وتابع: فقدت 40 شجرة همبا، وأكثر من 7 شجرات ليمون، واصفاً الآفتين بقوله: هناك نوعان من المرض؛ الأول عبارة عن مادة سوداء لزجة على هيئة صمغ تصيب جذور شجرة الهمبا ثم تنتقل إلى بقية أجزاء الشجرة حتى تصل إلى الثمرة وتقضي على الشجرة في غضون شهرين، أما المرض الآخر فيطلق عليه المكنسة وهو عبارة عن حشرة صفراء صغيرة جداً تفتك بورق الليمون في غضون أسابيع قليلة. وشكا المزارع جمعة بن محمد بن ذياب من فقدانه أكثر من 50 شجرة همبا وعشرات من شجر الليمون بسبب الآفتين، «وليس لدينا إمكانات أو خبرة من أجل التصدي لمثل هذه الآفات»، مناشداً وزارة البيئة والمياه إرسال فريق زراعي متخصص لمعاينة المزارع الموبوءة، ودراستها ومعرفة مدى خطورة هذه الآفات. وقال إن هذه الآفات تكبدنا خسائر كبيرة، إلى جانب خسائرنا المتراكمة بسبب تعرضنا للاستغلال من الفنيين الذين يتولون إصلاح الآليات، ويتقاضون مبالغ تصل إلى ألف درهم نظير إصلاح خلل بسيط لا يستغرق وقتاً أكثر من من نصف ساعة، إضافة إلى دفع المزارع 80 درهماً لساعة «الهياسة» أو الحرث التي كانت تقدم مجاناً للمزارعين. كذلك فقد عبدالله بن محمد بن أحمد الزيودي 25 شجرة همبا، على الرغم من محاولات الإنقاذ التي يقوم بها بإمكاناته «المحدودة»، دون أن تفلح هذه المحاولات في إنقاذ أشجاره. وتطرق الزيودي إلى وضع المياه «الصعب»، الذي يتطلب تدخلاً من الحكومة بمد أنابيب مياه من محطات التحلية، وتزويد المزارع بالمياه، بعد تراجع كميات المياه، وارتفاع نسبة ملوحتها، وهو ما يؤثر كثيراً على القطاع الزراعي. أين وزارة البيئة؟ وطالب عبيد بن علي بن عبيّد الظنحاني بتدخل وزارة البيئة لإنقاذ المحاصيل الزراعية من الهلاك، موضحاً أن مثل هذه الأوبئة يجب مكافحتها ودراسة أسباب انتشارها وخطورتها وتأثيرها على القطاع الزراعي، وعدم الاكتفاء بعمليات رش عابرة ? تقضي على هذه الأوبئة بشكل نهائي. وشرح قائلاً إن الدعم المادي الذي كان يحصل عليه المزارع من الوزارة كان يذهب معظمه لشراء الآليات والبيوت البلاستيكية والبذور والأنابيب، كونها كانت تقدم بأسعار مناسبة، في حين ازدادت الأسعار اليوم. فمعدات البيت البلاستيكي التي كانت تبلغ كلفتها 240 درهماً، تباع اليوم بـ1600 درهم. وجدد مطالبه بعودة الدعم وزيادته، وإعادة الاهتمام بالقطاع الزراعي وتشجيع المزارعين على مواصلة الزراعة، لما يشكله القطاع من أهمية في تعزيز وتقوية الاقتصاد الوطني. وطالب خميس بن سعيد بن سالم الصريدي بالاهتمام بهموم المزارع المواطن وأن يتم تقديم كل أنواع الدعم. فالوضع الحالي للمزارع صعب للغاية فهو يخسر أكثر مما يكسب من وراء المزرعة؛ فالمحصول ضعيف جداً لا يفي مردوده باحتياجات المزرعة الأساسية، وأصبح هم المزارع الأول توفير الأدوية والمبيدات لمكافحة الأوبئة والأمراض التي تفتك بالأشجار. واتفق سالم بن خميس بن مطر مع رفاقه المزارعين في أن الوضع يتطلب اهتماماً أكبر من الحكومة من أجل مساندة المزارعين الذين يتكبدون خسائر من أجل الاستمرار بالزراعة كحب وعشق أكثر مما هو مكسب. .فالزراعة جزء أساسي من موروث أهالي المناطق الزراعية وهي من المهن الأصلية التي لا يمكن التفريط بها أو التخلي عنها مهما كانت الخسائر أو الأسباب وعلى الحكومة أن تدعم وتساند هذا التوجه الذي يخدم مصالح المواطن. 29 مزرعة عضوية في الدولة بلغ إجمالي عدد المزارع العضوية في الدولة، 29 مزرعة للإنتاج النباتي، بمساحة 3890 هكتاراً، تنتج 42 نوعاً من بينها التمور والشمام والطماطم والفول الأخضر والزهرة وغيرها، بجانب مزرعة عضوية للإنتاج الحيواني، فيما تم افتتاح سوقين لبيع المنتجات العضوية في إمارة دبي خلال العام الجاري. وأعدت وزارة البيئة والمياه، التي تؤكد دائماً حرصها على تشجيع المزارعين على التحويل إلى الزراعة العضوية، برنامجاً تدريبياً لتدريب المزارعين والمهندسين والمرشدين الزراعيين على أساسيات الزراعة العضوية، وكيفية تطبيقها على أرض الواقع، متضمناً كل ما يتعلق بالزراعة العضوية من حيث القوانين والتشريعات، وإدارة التربة، وإدارة الآفات، والتسويق، والإنتاج الحيواني، كما شاركت الوزارة بورقة عمل حول استراتيجياتها في تطوير الزراعة العضوية خلال مؤتمر الشرق الأوسط للبستنة الذي عقد في دبي خلال شهر مارس الماضي. خبير زراعي: المبيدات الكيميائية تقتل الآفة وتقتل أعداءها الآفات الزراعية كالحشرات والطفيليات جزء من النظام البيئي الزراعي، وتدخل الإنسان بمكافحة هذه الآفات بالمبيدات وبوسائل حديثة قد أسهم في إحداث خلل في النظام البيئي عن طريق الضغط عليه بتكثيف الإنتاج الغذائي، والاستخدام المفرط للمدخلات الزراعية، بحسب دراسات علمية حديثة. وبينت الدراسات أن الاستخدام المبالغ به للمبيدات والمواد الكيميائية تسبب في مكافحة الآفات وفي الوقت نفسه قتل أعداءها الطبيعيين من حشرات وطفيليات، فضلاً عن مقاومة الأجيال الجديدة من الآفات للمبيدات والتكيف مع النظام الزراعي المعتمد على الأسمدة والمبيدات الكيميائية. وقال الدكتور محمد عبدالمحسن اليافعي مساعد العميد لشؤون الطلبة والخريجين في كلية الأغذية والزراعة في جامعة الإمارات، الأستاذ المتخصص بالأبحاث في البيئة الزراعية إن الإنسان هو المكون الحي الأهم وهو المؤثر الأكثر أهمية داخل منظومة النظام البيئي الزراعي. وتابع: ولأن أعداد البشر تزايدت بشكل مضطرد خلال السنوات الماضية، ما اضطر إلى زيادة الإنتاج الزراعي بوسائل زراعية حديثة ومتطورة، والتي اعتبرت فيه أن الآفات والحشرات الزراعية عنصراً خارجياً يؤثر على الإنتاج من المحصول الزراعي والعائد الاقتصادي، ما استوجب مكافحته بشكل مبالغ، وقد ساعد هذا على الاعتقاد أن الاستخدام المفرط للمبيدات سيقلل من الآفات الزراعية. ولفت إلى أن المبيدات أدت إلى قتل الأعداء الطبيعيين للآفات أيضاً، وتكون طفرات جينية مقاومة للمبيدات، ما دفع إلى زيادة الكميات المستخدمة من المبيدات، أو إنتاج مبيدات أكثر فتكاً. وأشار اليافعي إلى أنه قد ظهرت دراسات توصي بدراسة أطوار حياة هذه الآفات الزراعية ومعرفة الأطوار الخطيرة والمؤثرة على الإنتاج الغذائي، وذلك للتحكم والرقابة على تلك الآفات الزراعية للحد من آثارها السلبية على التربة وتلوث المياه والهواء. السماحي: يجب التوجه إلى الزراعة العضوية وترشيد استخدام المبيدات دعا سلطان السماحي عضو المجلس الوطني الاتحادي إلى التوجه نحو الزراعة العضوية، وترشيد استخدام المواد الكيميائية والمبيدات، لما لكثرة استخدامها من انعكاسات سلبية على صحة الإنسان وسلامة البيئة وتوازنها. ولفت السماحي إلى أن دولة الإمارات هي دولة الإنسانية، فهي تحرص على الإنسان وسلامته في كل المجالات، وتضعه على رأس اهتمامها، كما تحرص على البيئة وعدم الإخلال بتوازنها من خلال المبالغة باستخدام المبيدات والمواد الكيميائية التي قد تقتل آفة، لكنها تقتل معها حشرات مفيدة للنباتات وتسهم في مكافحة كثير من الأمراض. ودعا إلى دعم المزارعين وتلبية احتياجاتهم للتوجه إلى الزراعة العضوية، والتركيز على التثقيف ونشر التوعية لدى المزارعين وإرشادهم إلى مدى الخطورة التي تشكلها هذه المبيدات على البيئة وبالتالي على صحة الإنسان، كما يجب إرشاد المزارعين والتجار إلى الابتعاد عن الجشع والطمع وأن لا ينصب اهتمامهم على الكسب المادي فقط دون مراعاة السلامة العامة في طرق وأساليب الاهتمام بالزراعة. ولفت إلى أن انتشار الأمراض المستعصية كالسرطان وغيره يحتم أن تكون لنا وقفة مجتمعية، ومشروع وطني متكامل تتكاتف فيه الجهود، ويكون لوزارة البيئة والمياه الدور الأكبر في هذا المشروع من خلال وضع قيود وإنشاء مختبرات متخصصة لقياس مستوى هذه المواد الكيميائية في منتجات المزارع من الخضروات والفاكهة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©