الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كأس العالم.. فرصة للإعلان عن طموح البرازيل

1 يوليو 2014 01:04
أندريس أوبنهايمر كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية لا يزال أمام كأس العالم وقت طويل، إلا أن الوقت ليس مبكراً للحكم على فشل البرازيل في تنظيمه. وذلك لأن الحكومة فوّتت فرصة ذهبية لتقديم نفسها للعالم باعتبارها تمثل قوة تكنولوجية صاعدة، وتحديث صورتها العتيقة التي توحي بأنها لا تمثل إلا أمة اشتهرت بتنظيم الكرنفالات وسياحة الشواطئ وكرة القدم. وأعرض عليكم فيما يلي حقائق لم تسمعوا بها من قبل والتي رددها أكثر من 5 آلاف صحفي جاؤوا من 70 دولة إلى البرازيل لتغطية أهم حدث رياضي على المستوى العالمي. ولقد تسابق هؤلاء الصحفيون خلال الأسابيع الأخيرة التي سبقت افتتاح مباريات الكأس إلى الكتابة عن الواقع الاقتصادي والسياسي التي يعيشها هذا البلد. قال أحدهم: البرازيل هي إحدى دول العالم الرائدة في صناعة الطائرات. وتُعد “إمبراير” إحدى أشهر الشركات العالمية في تصميم وتصنيع وبناء طائرات الركاب متوسطة الحجم، وهي تبيع منها لأشهر شركات النقل التجاري الجوي مثل “أميركان إيرلاينز” و”يونايتد إيرلاينز” الأميركيتين، و”إير فرانس” الفرنسية، و”لوفتهانزا” الألمانية، وإلى أكثر من 80 شركة عالمية أخرى للخطوط الجوية. وقال صحفي آخر: يضم معهد Embrapa الذي تديره الحكومة البرازيلية، أهم مجموعة من مراكز البحوث الزراعية على مستوى العالم. ولقد تمكن هذا المعهد من هندسة بذور لفول الصويا وراثياً بحيث يمكنها النمو والازدهار في التربة الحامضية. وهو إنجاز جعل البرازيل واحدة من أكبر الدول المصدرة لفول الصويا في العالم. وتحدث صحفي ثالث عن تطور كبير يُنتظر تحقيقه في بلاد السامبا فقال: كشفت البرازيل مؤخراً عن برنامج يدعى “ستارت آب برازيل” Startup Brazil يرمي إلى تحويل هذه الدولة ذات المساحة الشاسعة إلى مركز عالمي للإبداع والابتكار. ويمكن لأي شركة أجنبية تعمل في مجال التكنولوجيا المتقدمة وتقرر افتتاح فرع لها في البرازيل أن تحصل على مساعدة قيمتها 100 ألف دولار من الحكومة بالإضافة لقطعة أرض مجانية لبناء مكاتبها فوقها. ولقد سارع مئات رجال الأعمال الأميركيين والأوروبيين لاغتنام الفرصة وافتتاح مكاتبهم هناك. وجاء في مقال صحفي نشر قبل انطلاق المباريات ما يلي: لقد أطلقت البرازيل مؤخراً مشروعاً رائداً تحت عنوان “علم بلا حدود” يهدف إلى إرسال 101 ألف من الطلاب الجامعيين للحصول على شهادات عليا في مختلف التخصصات من جامعات الولايات المتحدة وأوروبا. ومن المنتظر أن يساهم هذا البرنامج في دعم الكادر العلمي للبرازيل بالرغم من أنها تخرج من جامعاتها 10 آلاف حامل لشهادة الدكتوراه سنوياً. وهي تريد الاستفادة من خدمات حملة شهادات فلسفة الدكتوراه في العلوم والهندسة من الجامعات الأجنبية لرفد كادرها الوطني. وفي بداية هذا العام، أقرّ الكونجرس البرازيلي 20 خطة وطنية شاملة تهدف في مجموعها إلى تطوير قطاع التعليم وزيادة الاستثمار العام فيه بحيث يرتقي من حيث مخصصاته المالية إلى 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد المقبل. وعلى سبيل المقارنة، تنفق معظم الدول المتطورة ما بين 4 و5 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي على قطاع التعليم. وتنتظر هذه الخطط الاعتماد الرسمي من طرف رئيسة الدولة ديلما روسيف. ونحن نعلم أنه كان من العسير على الحكومة البرازيلية تنفيذ برامج إعلامية لتوضيح التطور الذي تحققه على مستوى التكنولوجيا المتقدمة في الوقت الذي صادف اندلاع موجة من التظاهرات والاحتجاجات الشعبية في الشوارع التي تنتقد الإنفاق الضخم لتنظيم كأس العالم. وتكمن الصورة المسيئة الأخرى لأداء الحكومة في تأخر إنجاز بعض الملاعب المخصصة لمباريات الكأس حتى اللحظة الأخيرة التي أعلن عندها انطلاق المباريات. ويمكن لهذه المبادرات والمشاريع الطموحة أن تحوّل البرازيل إلى قوة تكنولوجية صاعدة هائلة. ولكن، ومن سوء الحظ، أن الرئيسة روسيف لم تنتبه لضرورة إمرار هذه الرسالة للعالم أثناء تنظيم مباريات وفعاليات كأس العالم لكرة القدم. وتعقيباً على هذه المفارقات، قال لي سيمون آنهولت الخبير والمستشار البريطاني في مجال تقييم أداء الشركات الوطنية في دول العالم المختلفة: “البرازيل دولة تغلب عليها الصفة الزخرفية الدعائية، وهذه الصفة لا تتفق مع واقعها، وتمثل إشارة سيئة لأنها تقدم فكرة خاطئة توحي بأنها دولة ذات إمكانات وتطلعات اقتصادية متواضعة”. وأجرى “آنهولت” عدة دراسات واستطلاعات للرأي تبين منها أن البرازيل تمثل سادس أضخم اقتصاد في العالم. واحتلت المرتبة العاشرة في قوة أداء قطاعها التعليمي ولكنها احتلت موقعاً منخفضاً عالمياً عندما سئل الأجانب عما إذا كانوا مستعدين لشراء سيارة مصنوعة في البرازيل. ويقول آنهولت إن هذا يعني بطريقة ما أن من السهل بالنسبة للشركات البرازيلية أن تروّج لسياحة قضاء العطل أو للألبومات الموسيقية التي تشتهر بها، إلا أن من الصعب عليها الترويج للبرامج التطبيقية للكومبيوتر. ولا شك أن شركة “إمبراير” لصناعة الطائرات تمثل استثناء لهذه القاعدة وذلك لأنها لا تبيع طائراتها لمستهلكين خواص بل لشركات حكومية. وفي رأيي الشخصي أن على البرازيل أن تواصل جهودها للفوز بكأس العالم لكرة القدم، وأن تعمل على تنظيم الفعاليات والاحتفالات التي تحتل واجهات الصحف ومقدمات النشرات الإخبارية، لأن ذلك لا يسيء لصورتها. بل على العكس من ذلك، لأن الوجوه الملونة تلويناً جميلاً للمشجعات والمشجعين البرازيليين الذين ظهروا على مدرجات الملاعب، والرقص الذي انخرطوا فيه عفوياً في الشوارع، يدفع المزيد من الناس حول العالم للتفكير بقضاء عطلاتهم هناك. إلا أن هذا المشهد يمكن أن يجمع بين الفائدة والضرر للبرازيل في الوقت نفسه. وخلاصة الأمر أن السياسة الإعلامية للبرازيل خسرت فرصة مهمة للإظهار للعالم أن البرازيل قادرة على فعل ما هو أكثر بكثير من رقص “السامبا”. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©