الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألمانيا.. وصعود حزب «البديل»

3 أكتوبر 2017 22:31
على ضفاف نهر «إلبيه» شرق ألمانيا، لطالما شهد برلمان «ماجدبورج» عاصمة ولاية «ساكسونيا أنهالت» نقاشات هادئة بقدر مياه النهر الباردة في يوم خريفي صافي. ولكن في مارس عام 2016، عكّر حزب «البديل من أجل ألمانيا» صفو النخبة السياسية المحلية الهادئة بعد أن حلّ ثانياً في الانتخابات المحلية. ومنذ ذلك الحين، اضطربت الأمور في برلمان الولاية بشكل كبير، وتحولت غرفة المداولات الهادئة إلى منتدى لتبادل الغضب والملاسنات. وأضحى المشرّعون يشككون في وطنية بعضهم البعض، بل ويرفض بعضهم الجلوس في مقهى البرلمان. وتحولت النقاشات التي تبدو بريئة مثل رعاية كبار السنّ إلى نزاعات متجددة حول سياسات اللجوء في ألمانيا. وبصورة شبه يومية، تحيي الإهانات أسوأ ما في تاريخ ألمانيا. فيصيح خصوم اليمين المتطرف قائلين: «نازيون». ويرد مشرعو «البديل من أجل ألمانيا»: «أشتازيون»، في إشارة إلى البوليس السري الشيوعي في ألمانيا الشرقية أثناء الحرب الباردة. وذلك التحول المفاجئ في الثقافة السياسية بمدينة «ماجدبورج» من الهدوء إلى التوتر، يقدم لمحة حول المستقبل الذي ينتظر البرلمان الفيدرالي في برلين، إثر احتلال «البديل من أجل ألمانيا» الترتيب الثالث في انتخابات الرابع والعشرين من سبتمبر المنصرم، ليصبح أول حزب يميني متطرف يفوز بمقاعد في «البوندستاج» منذ أكثر من نصف قرن. وكما كانت الحال في المجلس التشريعي لـ«ماجدبورج» قبل عام مضى، لطالما كانت اللغة في البوندستاج توافقية إلى حد كبير، مع تشكيل أكبر حزبين في ألمانيا لحكومة توافقية دون إزعاج لحالة التناغم هذه من أي طرف آخر، في رد مباشر على أحلك فترات ماضي ألمانيا. غير أن حزب «البديل من أجل ألمانيا»، الذي فاز بـ94 مقعداً مؤخراً، تعهد بإنهاء حالة الهدوء تلك. وعشية الانتخابات، أثار زعيم الحزب «ألكساندر جولاند» عاصفة بقوله إن «البديل من أجل ألمانيا» سيستخدم منصته الجديدة البارزة في «ملاحقة» المستشارة أنجيلا ميركل وحكومتها. من جانبها، أكدت الأحزاب الخمسة التي تهيمن على بقية المقاعد في «البوندستاج» المؤلف من 709 مقاعد، أنها لن تتعاون مع حزب «البديل من أجل ألمانيا» وأدانت تصريحاته المعادية للاجئين والمسلمين. ويجعل ذلك فرص «البديل من أجل ألمانيا» في استغلال وجوده في البرلمان الفيدرالي من أجل سن تشريعات ضئيلة في أفضل الأحوال. ولكن، مثلما يشي الوضع في «ماجدبورج»، لا يحتاج الحزب إلى تمرير قوانين ليكون له تأثير كبير. وأفاد الخبير السياسي في جامعة «أوتو فون جوريك» بأن «النبرة تغيرت، وأضحت أكثر عدوانية، ولم يعد هناك قدر كبير من الاحترام، واللغة المستخدمة لم يكن من المتوقع استخدامها في برلمان الولاية». وأضاف: «أتصور أن البوندستاج سيمضي على الطريق ذاتها». وقد كان ظهور «البديل من أجل ألمانيا» العام الماضي، كثاني أكبر حزب في «ساكسونيا أنهالت»، أكثر مفاجئة من انتصاره النسبي في الانتخابات الوطنية في 24 سبتمبر الماضي. ففي ذلك الحين، لم يكن الحزب الذي مضى على تأسيسه ثلاثة أعوام فقط قد أحرز أبداً نسبة أعلى من 12 في المئة في انتخابات على مستوى الولاية. ولكن في 13 مارس 2016، تضاعفت تلك النسبة في «ساكسونيا أنهالت»، ليشق الحزب طريقه إلى البرلمان، بعد أن سيطر عليه ائتلاف من أكبر حزبين في ألمانيا على مدار أكثر من عقد. ونوّه «ستوكر»، العضو النشط في حزب «الديمقراطيين الاجتماعيين» إلى أنها كانت صدمة كبيرة، مضيفاً: «كانت هناك حالة من الشلل، ولم يكن أحد يتصور أنه يمكن أن يحقق تلك النتيجة». وأجبرت تلك النتيجة الحزبين الرئيسين في الولاية على إضافة حزب «الخضر» إلى الائتلاف الحكومي في الولاية، كما هي الحال بالنسبة للانتخابات الوطنية، التي من المرجح أن تفرز ائتلافاً غير مريح من ثلاثة أحزاب. ومثلما يخطط ليفعل على المستوى الوطني، لم يتوقف تعطيل «البديل من أجل ألمانيا» للنظام القائم عند ذلك الأمر، وإنما يقول خصوم الحزب في «ماجدبورج» إنه أدخل نمطاً سلوكياً جديداً إلى البرلمان، يتمثل في تجريح الآخرين، والمقاطعة عندما يختلفون، وتحطيم الرموز. وأوضح «توبياس كرول»، عضو البرلمان في الولاية من «الاتحاد الديمقراطي المسيحي»: «إن الأمر لم يعد يتعلق بأفضل الحجج، وإنما بالأعلى صوتاً». وأضاف «كرول»: «إن مجموعة من الأطفال زاروا البرلمان مؤخراً لمشاهدة المناقشات، وبعد الزيارة، قال أحدهم: (لو أننا نتصرف في المدرسة مثلما تتصرفون هنا لطردنا!)». *رئيس مكتب «واشنطن بوست» في برلين يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©