الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

برنارد لويس .. الكاره الأكبر للإسلام والمسلمين

برنارد لويس .. الكاره الأكبر للإسلام والمسلمين
17 نوفمبر 2016 17:11
مالك شبل ترجمة أحمد عثمان منذ كتابه الأول، («أصول الإسماعيلية»)، الصادر في العام 1940، عمل الأكاديمي الأميركي على تسطير «ضعف» العالم العربي- الإسلامي. ثمة سؤال: هل نستطيع أن نعرف، حسب منهج باحث معين، دينا عظيما كالإسلام أو حضارة نشأت عليه، «كالعثمانية»، من دون أن نحبهما؟ هل من الممكن أن نحتك بالمسلمين من دون أن نقترب منهم؟ على أي حال، هل من الممكن أن نطبق هذين السؤالين على برنارد لويس؟ برنارد لويس متخصص أميركي، منذ حصوله على الجنسية الأميركية في العام 1982، في الإسلام التركي، معروف عالميا ومبجل بمعنى الكلمة في الأوساط الأكاديمية. هذا رأي البروفيسور برنستون، الذي يتبدى فظا وباردا، متعجرفا إلى حد ما، غير متحفظ ولبقا، لا يظهر ما في دواخله إلا بشحٍّ وتقتير. منذ كتابه الأول، «أصول الإسماعيلية»، الذي صدر عن جامعة كامبريدج في العام 1940، نجد أن جميع كتبه تدور حول موضوع واحد، يصل إلى حد الوسواس: ضعف (العالم) الإسلامي. يكفي إلقاء نظرة بسيطة على بيوغرافيته المنشورة في «who,s who»، الصادرة في العام 2004، للبرهنة على أخطائه. علاوة على تركيا، تتمثل موضوعاته الأثيرة في موضوعات الأقليات في أرض الإسلام وهو يرى أن الأقلية مثال لدراسة الإسلام بالتفصيل. ويفتتح كتاب شهير مكرس عن طائفة الحشاشين في القرن الثاني عشر (الميلادي) هذه السلسلة: «الحشاشون» (1967 بالإنجليزية، ثم صدرت ترجمته الفرنسية في العام 1982 عن مطبوعات كومبلكس)، وتلاه «العرق واللون في الإسلام» (بايو، 1971)، «اليهود في أرض الإسلام» (فلاماريون، 1984)، «الساميون ومعادو السامية» (فايار، 1986)، «العرق والرق في الشرق الأوسط» (جاليمار، 1990). بملاحظة جميع هذه الكتب، نرى أن برنارد لويس، الذي حاز في العام 1998 جائزة أتاتورك للسلام، أعلى تقدير في تركيا، ليس فقط متخصصا في الإسلام وتركيا، وإنما أيضا على وجه الخصوص يعتبر مؤرخا بارزا لوضعية الأقليات في الإسلام، مما يغير كليا «أوراق اللعب». كراهية وهكذا، هل يعتبر المتخصص في دراسة الأقليات في أرض الإسلام عنصريا؟ ليس الأمر بهذه السهولة، إذ إن بروفيسور برنستون ينظر إليه على أنه أول كاره للأجانب xenophobe بصورة كبيرة. وإذا كان إسلاموفوبيا، لا يمكن أن يكونها إلا بياقة بيضاء، أي في رداء «السيد». فضلا عن ذلك، دافع عن نفسه قائلا: «نحن دائما أكثر حدة مع الشبيه عن المختلف». لننظر إلى كتابه «ماذا جرى؟» (جاليمار، 2002). ذكر برنارد لويس، في متنه، أن هذه الدراسة كانت تحت الكتابة وقت أحداث 11 سبتمبر 2001. بالتالي، نحن نمتلك نوعا من الوصية المكتوبة ما قبل وما بعد 11 سبتمبر. هل تغير برنارد لويس مع الحدث؟ هل كانت لمعارضته إدوارد سعيد، مثقف أميركي (من أصل فلسطيني) كبير آخر، أي تأثير على رؤيته الجديدة للإسلام؟ في بادئ الأمر، يبين العنوان: «ماذا جرى؟»، وقد أضاف إليه عنوانا فرعيا: الإسلام، الغرب والحداثة، أن النتاج غير متجانس. حذر، خطر. لأنه في هذا النوع من الأعمال، المجال للوقائع الحقيقية وليس للآراء الشخصية، للعلم وليس للذاتية. «من يقبل كثيرا، يعانق بصورة سيئة»، كما يقول المثل (الفرنسي). في الحاشية، نعلم أن هذا الكتاب ثمرة سلسلة من المحاضرات التي أعطاها المؤلف أو مقالات منشورة في مجلات حديثة. هنا، تتبدى الأهمية جليا في «تجميع» الكتاب، بالتأكيد مقدمته، وأيضا خاتمته. ماذا أثبتنا؟ للوهلة الأولى، يتبدى كل شيء متماسكا وعلميا. بيد أننا حينما نتعمق في أطروحاته، نرى أن المرحلة الكولونيالية، العامل الأول للانحطاط العربي والإسلامي، مرت في صمت. في الخاتمة، كتب برنارد لويس: «من الممكن أن يحمّل العرب الأتراك مسؤولية استعمارهم عددا من القرون. الأتراك، بدورهم، يستطيعون إسناد تصلب حضارتهم إلى الثقل الميت للماضي العربي الذي التصقوا به تدريجيا. كما يعزو الفرس تلاشي مجدهم الغابر إلى العرب، الأتراك والمغول من دون أي تمييز». من دون شك، من الممكن أن يعتقد القارئ قليل التجربة أن كافة الأمم تقوم بإلقاء نفس اللوم على جاراتها، ومن الطبيعي أن يحمل العرب الأتراك تأخرهم التاريخي. هناك ملاحظة أسفل إحدى الصفحات تشير إلى أن ابن خلدون (1332-1406)، السوسيولوجي العربي الكبير، لا يتقاسم وجهة نظر برنارد لويس - صدق ثقافي إجباري -، لأن الأتراك كانوا «مظهر العطف الإلهي على المسلمين»! هذا يظهر لنا جيدا كيفية تنظيم حملة نقاش للفكرة: يقبل برنارد لويس أن يكون منتقدا، على شرط أن يكون النقد من قبل ابن خلدون، الذي لا يستطيع الإجابة، وأن يتحمل العرب العبء القاسي. آليات ماكرة تتأسس آلية أخرى، استخدمها برنارد لويس، على محو بعض الآراء الإيجابية عن الإسلام بإغراقها في موجة هادرة من الصور السلبية. هو ذا المثال: «سمح الاهتمام الإعلامي العالمي بأفكار وأحداث أسامة بن لادن وجماعة طالبان التي تدعمه من إدراك بشيء من القوة أفول الحضارة التي تعتبر، وقتذاك، باهرة للغاية، متقدمة للغاية، ومنفتحة للغاية على تاريخ الإنسانية». بالتالي، نفهم أن الحضارة الإسلامية كان من الممكن أن تكون راقية للغاية، بشرط محو أسامة بن لادن. هنا إحلال تفصيلة صغيرة عن «القاتل» (ومن الممكن ترجمتها بعضو من أعضاء جماعة «الحشاشين») تشمل الحضارة الكبرى للإسلام وتشوش عليها. لم يقل برنارد لويس علانية أبدا أن الإسلام «سلبي»، بيد أن جمله الغامضة والقابلة للانعكاس، من الممكن أن يتم فهمها حسب معنى معين ثم حسب معنى آخر في الوقت نفسه. والمؤلف يحمل لكم من فوره، في كل لحظة، تكذيبا لاذعا. يتمثل هدف لويس في أن يبين التقصير الكبير للدول الإسلامية اليوم، التي يقوم بدراستها، بإدراج هذا «القصور» في إطار غير قابل للمنازعة نظريا. مثل أي فنان انطباعي، يقذف بين كل فترة وأخرى دفقة من ضربات الريشة التي تفضي إلى قراءة واحدية للوحة. في «كيف اكتشف الإسلام الغرب؟» (غاليمار، 1984)، تتأسس الفكرة الدقيقة على تبيين السياق الإغريقي، اللاتيني، البيزنطي أو اليهودي الذي جسد، في الإسلام، المعرفة. على نسق واحد، جاءت الموهبة من مكان آخر. تلك وضعية تعديلية تنبني على إعادة بناء العبقرية العربية حسب المعايير الراهنة. على غرار المستشرقين القدامى، الكونت دو غوبينو، ارنست رينان وآخرين، يعتقد برنارد لويس أن العرب لن يستطيعوا أن يكونوا فقراء في مخيلتهم اليوم إذا كانوا مبدعين من قبل، كما يقال، وقد غزاهم الماضي على الوجه الأكمل. إذا، هناك تناقض، ازدراء رهيب. لا يريد برنارد لويس أن يشرح لماذا كان العرب مفكرين مرموقين، وإنما سعى إلى تبيين عدم كونهم كذلك: كان يوجد وزراء مسيحيون، أطباء يهود، علماء فلك فارسيون أو بيزنطيون، علماء نحو نسطوريون، علماء رياضيات إغريقيون، ملاحون أتراك. ثمن كافة الأعراق باستثناء العرب، وقد ارتدى ثوب المبشر المشاكس. لا يتبقى الآن سوى تعرية الملك العاري إلى حد ما، الذي ارتدى زيا غريبا ذا صورة مشوهة عن السلطة الغاشمة والعنف. لم يكن برنارد لويس الإسلاموفوبي الوحيد (بل أصبح كذلك) بقوة رؤية الجوانب السيئة في (التاريخ) الإسلامي، غير أنه يعتبر رمزهم. يقوم كثير من المزاحمين بإلقاء التهمة على عرب اليوم، العاجزين، حسب وجهة نظرهم، عن كبح جماح الإرهاب العالمي، من تحييد الاستشهاديين الفلسطينيين، وطرد طغاتهم. بين الايديولوجيا السلبية والحقيقة المتماسكة، بين الأمل واليوتوبيا، العالم العربي مدعو، من الخارج، إلى انتفاضته الأخيرة: النقد الذاتي. ................... ................................... (**) Malek Chebel، Le cas Bernard Lewis، Jeune Afrique، numero 2267.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©