الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المكتبات.. حكيمات المدن

المكتبات.. حكيمات المدن
14 يونيو 2012
ليست داراً للكتب فقط، بل ميراث الإنسانية الأهم والأجمل. شاهدة الحضارات وحاضنة الثقافات على مر العصور. الرئات التي تتنفس بها المدن وتنبض قلوبها من خلالها. مكان تصارع الأفكار واتفاقها. بين أحضانها كل ما أنتجته البشرية في رحلتها الطويلة من التوحش الى التمدن ومن البدائية إلى التحضر ومن التخلف إلى التقدم. هي قبلة العشاق ومهوى أفئدة المريدين وهي – بعد بيوت الله - أجمل مكان يمكن أن يقضي فيه المرء وقته ويجدد روحه ويحيي صفاءه الذي تراكم عليه الصدأ. المكتبة ليست مكاناً لاجتماع تلك الأرواح الهائمة في جنّات المعرفة وحسب بل تمثل تاريخ أي بلد وحضارته، وهي في رمزيتها تحمل روح المدن المحتجبة والظاهرة.. هذا أمر يعرفه من ملكت عليهم المعرفة ألبابهم وهاموا بها حد الشغف. في رمزيتها، تتجاوز المكتبة العامة أو دار الكتب الوطنية في أي مدينة كونها النافذة التي تطل من خلالها المدينة على الآخر وتعلي شأن كل المشتركات الإنسانية وتحتفي بكل جميل ومبدع وخلاق في الروح البشرية لتصبح روح المدينة المحتجبة.. فيها يقرأ القارئون ويبحث الباحثون وينقب المنقبون عن كل خفي وثاوٍ ودفين من كنوز المعرفة. ولا يمكن لمتعاطي هذا النوع من المتعة، الطاعنون في عشقهم لها، إلا أن يفتقدوا المكتبة، ويبحثوا عنها أول ما يبحثون في أي مكان يحلون فيه. ذلك أن المكتبة هي زاد كل طالب علم أو باحث عن رائحة مجد. وهي مقصد العارفين الذين يغذون إليها السير كلما حزبهم أمر أو استغلقت عليهم مسألة، يقصدونها فتفتح لهم خزائنها وتعطيهم ما لذ وطاب، تسلمهم ما يشاؤون وتحقق لهم ما يبتغون. لا تخذل طالباً ولا ترد سائلاً ولا يطرق بابها مريد ويعود خالي الوفاض. لا مكان عندها لـ “خفي حنين” بل لكل قدم ما تسعى إليه من رزق، ولكل قلب ما يشتاق من الهوى والرحيق، وبين رفوفها حال العشاق يحلو، وبالهم يصفو. بنات المدن.. مكتباتها بالنسبة للمدن، تبدو المكتبات مثل بناتها اللاتي تزهو بهن أيما زهو، وترتبهن أجمل ترتيب، وتسكنهن في أجمل الأماكن وأحلى البيوت ولا تبخل عليهنَّ بالغالي والنفيس. لا معنى للمدينة بلا مكتبة، ولا حكمة لها بلا خزائن للكتب، بلا حدائق للمعرفة، بلا بحار للحكمة تسبح فيها الروح عندما يأخذ منها العناء كل مأخذ، وحين يصبح الأسمنت والحجر ضيقاً إلى حد أنه يحجب الهواء.. في لحظة كهذه، وفي كل لحظة، يستعيد الكائن إنسانيته في بيت الكتاب، تعود إليه روحه المستلبة، يشف، يرتقي، يحلق إلى آماد أخرى لا يمكن أن تحققها رسائل الهاتف النقال ولا مشاهد الفضائيات ولا حتى التسوق ومغرياته الهائلة، هناك، تذهب الروح في التجلي إلى أقصاه وتمضي فيها الساعات كأنها لمح البصر، تستاف من كل روض وبستان وتنتقل مثل فراشة بين حقول شتى. حين صافحت عيني هذه البلاد لأول مرة، كان أول ما فعلته البحث عن مكتبة. بعد السؤال والاستفسار وجدت مكتبة تتبع وزارة الإعلام والثقافة (هكذا كان اسمها آنذاك) تقبع في شارع زايد الأول على بعد خطوات من المجمع الثقافي. لم تكن دار الكتب الوطنية قد افتتحت بعد. وجدت الموظف يستقبلني بترحاب واضح وسرعان ما صرت من رواد المكتبة الدائمين ثم نشأت بيني وبين أمينها صداقة ثقافية حين عرفت أنه شاعر. لم يكن سوى الشاعر الرقيق محمد شريف الشيباني، ولم تتفوق على جمال تلك العلاقة مع المكتبة الصغيرة إلا العلاقة التي نشأت بعدها بيني وبين دار الكتب الوطنية في المجمع الثقافي في أبوظبي، تلك العلاقة التي يصعب، لجمالها وثرائها، التعبير عنها أو وصفها بكلمات. ولما انتقلت مكاتب هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وأغلق المجمع الثقافي لإقامة المنطقة الثقافية أو الحي الثقافي شعرت أن جزء من ذاكرتي قد فقد... وظللت أنتظر أن أرى مكتبتي الحبيبة وأتجول بين كتبها حتى آن الأوان وبدأت الهيئة في إنشاء المكتبات التي هي مدار الكلام في هذا المقام. لا يمكن أن تكون المدينة أي مدينة بلا مكتبات كبرى تؤسس لحضورها الثقافي والإبداعي، وإذ تحرص هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة التي تتولى حفظ وحماية تراث وثقافة إمارة أبوظبي على إنشاء المكتبات الكبرى في المدينة فهي حتماً تمنح أبوظبي الجميلة وجهها الحضاري وتعيد إلى الأذهان حضورها الثقافي. فالمكتبات هي ذاكرات المدن التي تمور بكل غال ونفيس. وهي تاريخها الروحي والمعنوي والمادي، ومناراتها ودليلها إلى الحياة.. وهي سجل البشرية الخالد الذي سطرت فيه وبه حضورها في خريطة الأبدية. ورغم أن الكتابة عن مكتبة، أقله بالنسبة لي، مهمة صعبة، إلا أن في قصة المكتبات شيء ما في متناول اليد؛ إنها الرواية التي تتحدث عن تفاصيل التأسيس والإنشاء والغايات والأهداف والطموحات والمشاريع وهي ضرورة لا بد منها. خزانة المعرفة الإماراتية باشرت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة منذ مدة إنشاء المكتبات في إمارة أبوظبي، في إطار خطتها لإشاعة المعرفة وتعميمها وتقديم كل ما من شأنه أن يشيع الوعي بين فئات المجتمع وشرائحه المختلفة. وقد أنجزت على هذا الصعيد افتتاح ثلاث مكتبات هي: مكتبة الأطفال في منطقة البطين التي افتتحت في سبتمبر من العام الماضي 2011 بالتزامن مع بدء العام الدراسي، و”مكتبة العين” في مركز العين التجاري، و”مكتبة الإمارات والخليج العربي” التي افتتحت في مارس 2012 وتقع في منطقة كورنيش أبوظبي (الطابق الرابع من مبنى بنك رأس الخيمة)، وذلك ضمن استراتيجية دعم المضمون الفكري لدى القراء عن تراث دولة الإمارات والمنطقة عموماً، وتوثيق كتب ومصادر التاريخ الإماراتي، وتوفير بيئة مناسبة للباحثين وهواة القراءة التاريخية معاً. وجميع هذه المكتبات توفر كافة الخدمات التي يحتاج إليها القارئ والباحث. فضلاً عن عزمها إنشاء مكتبات أخرى في مناطق الإمارة المختلفة مثل المرفا بالمنطقة الغربية. كما تواصل الهيئة عبر دار الكتب الوطنية تحضيراتها لإطلاق عدد من مكتبات الأحياء والمناطق والمراكز التجارية خلال الفترة القادمة، وذلك بهدف توفير الخدمة المكتبية وتنمية الوعي الثقافي في كافة أنحاء إمارة أبوظبي. وتعتبر دار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة إحدى أكبر خزائن المعرفة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومقصداً للباحثين والمثقفين والطلبة بمختلف فئاتهم العمرية وتخصصاتهم الدراسية والأكاديمية. وتقدّم الدار لمرتاديها خدمات الإرشاد المرجعي والتصوير والإعارة والببليوجرافيا، وعملت على إصدار المئات من الكتب في مختلف مجالات المعرفة، والتي حصلت على جوائز عربية ودولية مرموقة. ويؤكد جمعة عبدالله القبيسي مدير دار الكتب الوطنية، أنّ الدار “عملت على ابتكار مشاريع رائدة لخدمة الكتاب وتطويره وزيادة انتشاره، وأسهمت خلال الفترة السابقة في نشر العلم والثقافة بين أفراد المجتمع لتحقيق جملة من الأهداف الهامة منها: جمع نتاج الفكر الإنساني العربي والإسلامي والعالمي، وتجميع المصادر الأساسية للمعرفة، مع التركيز على الموضوعات الخاصة بدولة الإمارات العربية المتحدة، تهيئة مصادر المعلومات وتنظيمها للاستفادة منها بسهولة ويسر، تشجيع حركة النشر، وتشجيع المؤلفين المواطنين، والعمل على ترجمة الأعمال العالمية الكبرى، وتحقيق المخطوطات المهمة التي لم يتم تحقيقها بعد”. ويوضح القبيسي أنّ دار الكتب الوطنية “تسعى اليوم إلى تلبية احتياجات قرائها من خلال إنشاء فروع جديدة في مناطق مختلفة، تشمل مختلف الفئات العمرية والمتطلبات العلمية والأساليب الحديثة، وتضع مسؤولية خدمة القارئ ضمن أهم اهتماماتها، كما تتبنى أهم الأعمال والمبادرات الرائدة في مجال صناعة الكتاب ونشره وتسويقه”. وتستقبل دار الكتب الوطنية التي يقع مقرها الرئيس في منطقة معسكر آل نهيان (في الجهة المقابلة لمحطة الحافلات ونادي الوحدة بجانب بنك الاتحاد)، القراء والزوار يومياً من 8 صباحاً ولغاية 10 مساءً، وتقدم مجموعة من الخدمات والبرامج التي تخاطب كافة الفئات والأعمار، ومن خلال مجموعات مختارة من الكتب التي تغطي كافة مناحي المعرفة، والدوريات التي تشمل المجلات الأسبوعية والشهرية، علاوة على الدوريات العلمية المحكمة. وتهدف دار الكتب الوطنية إلى توفير جميع أشكال الخدمة المكتبية وتأتي حافلات الكتب لتكمل حلقات توفير الخدمات المكتبية لكل قطاعات المجتمع، حيث تزور هذه الحافلات أماكن التجمعات في المدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسسات لتغطي كافة الفئات.. وتحتوي كل حافلة على مجموعات متنوعة من المواد المطبوعة التقليدية إلى جانب المواد الرقمية من كتب وألعاب وبرامج، وقد تم تجهيز خمس حافلات تجوب جميع مناطق إمارة أبوظبي. إلى ذلك، تعمل الدار على عرض إصدارات هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة والترويج لها عبر العديد من منافذ البيع داخل دولة الإمارات، وخارجها تغطي القارات الخمس، وذلك لعرض هذه الإصدارات، وإتاحتها لجمهور القراء، علاوة على المشاركة المباشرة في معظم معارض الكتاب العربية والدولية للتواصل مع القراء والمثقفين والباحثين. معرض للمقتنيات تقيم دار الكتب الوطنية معرضاً دائماً لمطبوعاتها يضم إصدارات كافة مشاريع صناعة الكتاب في الهيئة بما في ذلك الكتب المطبوعة والسمعية والموسوعات، وإصدارات الدار باللغتين العربية والإنجليزية من أعمال أدبية ونقدية وتراثية محققة وغيرها في مختلف العلوم، وإصدارات مشروع “كلمة” الرائد في ترجمة أهم الكتب الكلاسيكية والحديثة من بين طائفة واسعة من اللغات العالمية إلى اللغة العربية، ومشروع “قلم” الذي يهدف لتنمية المواهب الأدبية المحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة ونشرها وترجمتها وطباعتها بلغات أخرى، وإصدارات أكاديمية الشعر من دواوين ودراسات بحثية ونقدية وتوثيقية. يقول مبارك حمد المهيري مدير عام هيئة أبوطبي للسياحة والثقافة “إن الهيئة تسعى إلى أن يكون الكتاب في متناول يد القارئ، إلى جانب إتاحة الفرصة للإطلاع والمعرفة أمام جميع قطاعات المجتمع وفي مختلف أنحاء الإمارة”. ويشير إلى أن “حركة النشر في أبوظبي تسير بوتيرة متسارعة، حيث ازدادت منشورات دار الكتب الوطنية بنسبة كبيرة، وتغطي إصداراتها الجديدة اهتمامات ثقافية متنوعة، حيث تقتني أحدث الإصدارات العربية والأجنبية، وتشهد إقبالاً متزايداً من الباحثين والقراء من كافة الفئات العمرية”. ويهدف المعرض الدائم لمطبوعات الدار إلى توفير خدمة البيع المباشر للجمهور بأسعار مناسبة، فضلاً عن خدمة المطالعة والإعارة. وتتوافر إصدارات دار الكتب الوطنية في أكثر من 125 نقطة توزيع داخل الدولة، وأكثر من 500 نقطة توزيع في عدد من الدول العربية والأجنبية، فضلاً عن تقديمها في أهم وأضخم معارض الكتاب الإقليمية والدولية، وذلك بهدف التواصل المباشر مع القراء والناشرين والكتّاب من مختلف دول العالم. وبحسب الإحصائيات التي قامت بها دار الكتب الوطنية فقد حقق موقع دار الكتب الوطنية على شبكة التواصل الاجتماعي “فيس بوك” نجاحاً لافتاً، وانضم إلى الموقع عدد من المؤسسات الثقافية والعلمية والأدباء والكتاب وأساتذة الجامعات، بالإضافة إلى الطلبة والعاملين بالمهن المختلفة من داخل وخارج دولة الإمارات. وتعمل الدار بشكل دوري على تحديث مجموعات المراجع الأساسية والمتمثلة في الدراسات البحثية والعلمية والقواميس والموسوعات والمعاجم، كما تقتني العناوين التي تهتم بموضوعات التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والسياسة والعلوم الاجتماعية والآداب، بهدف توصيل أحدث المعلومات إلى زوارها من الطلاب والباحثين وطالبي المعرفة والثقافة. وتحرص على أن تقتني العناوين الخاصة بمنطقة الخليج بصفة عامة ودولة الإمارات العربية المتحدة بصفة خاصة، إضافة إلى الأعمال الخاصة برموز الأدب العربي والأدب العالمي. وتعمل دار الكتب الوطنية على سد احتياجات الفئات المهنية المختلفة والمرتادين لدار الكتب الوطنية من المهندسين، الأطباء، الاقتصاديين، وغيرهم، وتوفر المواد اللازمة لأبحاث طلبة الجامعات والكليات في مدينة أبوظبي كجامعة زايد، وجامعة أبوظبي، وجامعة عجمان، وكليات التقنية العليا، وجامعة السوربون، وكذلك أعضاء هيئات التدريس والباحثين. جولة الروح بالزخرفة العربية ونقوشها الزاهية. بالألق المنثال بين قطع الفسيفساء التي تروي تاريخاً من الإبداع الفني العربي الإسلامي. بالأزرق الذاهب في الحنين إلى آخر الروح والأخضر النائم على حرير برتقالي سادر في المسافة بين النجمات الخماسية أو الأقواس التي تتهدل على الحروف مثل أم تحتضن أطفالها.. بهذا كله وبالخط العربي الجميل تبدأ علاقتك بالدار التي تزهو هذه الأيام بداناتها أو إصداراتها. في شكلها الخارجي تبدو البناية مختلفة تماماً عن البنايات المجاورة لها.. لا تخطئها العين ولا تتعب الأقدام في العثور عليها. وفي المحتوى تقدم المكتبة لزوارها جمالاً آخر يضاف إلى جمالها الخارجي. ما إن تدلف إلى المبنى حتى يصافح عينيك عمل فني تركيبي يتكون من عدد من الكتب الحجرية للفنان الألماني سيبستيان شميدت يزين الردهة الداخلية، كأنها رسالة تقول لك: أنت في حضرة التاريخ وفي معية الذين نقشوا أفكارهم على حجر الأبدية ثم رحلوا تاركين لنا شيئاً من روحنا العتيقة. تتفرس في العمل ما شاءت لك ذائقتك الفنية، تقرأ فيه الفصاحة الفكرية واللونية ثم تجيل البصر حولك. تحدق ملياً في الزخارف والنقوش المتميزة بطابعها الزخرفي التكراري، فتتلامح في عينيك أطياف العمارة التقليدية معيدة اليك زهو الزمان الجميل حين كانت الأبواب والقلوب - قبل أن تصبح قطعة صماء من الخشب أو الزجاج البارد - لوحات جمالية تزين البيوت المفتوحة على أفنية لا سقف لها، وتتصل في حوارها المعماري مع السماء بلا عائق. تأخذك رغبتك إلى المصعد، تضغط الزر على الطابق الرابع متجاوزاً ثلاثة مبانٍ تضم المكاتب الإدارية، بحثاً عن الجديد في عالم المعرفة. ما إن يخلي المصعد سبيلك حتى تجد نفسك في حضن المكتبة. هنا يتجلى المعنى الأول أو الشكل الأول للمعرفة: الكتاب، الذي بدأت به رحلة الإنسان إلى الحضارة قبل أن تشاركه في ملكه وتنزله عن عرشه منتجات المعرفة التكنولوجية والإلكترونية بكل أشكالها لا سيما الإنترنت، سيدة الفضاء ومعشوقة القلوب التي يقف أمامها الكتاب حائراً لا يدري كيف يستعيد منها عشاقه المسلوبين. لا تختلف القاعة من حيث الترتيب عن أي مكتبة، طاولات للقارئين الذين جلسوا في صمت مطلق يقرأون أو يعدون بحوثهم. قراء من كل المشارب والاتجاهات والجنسيات لا يجمعهم سوى رغبة المعرفة جاءوا لرؤية المعرض الذي تقيمه لكتبها، فاتسعت لهم وغمرتهم برحابتها وقدمت لهم زادها بكرم يليق بها وبعشاق الكتاب. مهلاً... أنت الآن في حضرة التاريخ وأمامك الألواح التي نقشت عليها المعرفة البشرية.. ثمة شيء غامض، خفي، يعتريك أمام الكتاب. ثمة شيء يسري في أعصابك، تعروك هزة تشبه هزة الهذلي الذي انتفض لذكرى الحبيب كما ينتفض عصفور بلَّله القطر.. عصور من المعرفة تنداح بين يديك بمجرد أن تستدير يمنة للذهاب إلى الرفوف، منازل الكتب. في سمعك يتردد صدى بيت المتنبي الشهير “ لك يا منازل في القلوب منازل”، وبين يديك دعوة مجانية لعناق العالم والطيران في جغرافياته كلها بلا تذكرة سفر، ولا أختام عبور، ولا مشقة حمل الحقائب.. فقط، بحركة صغيرة من إصبعيك تصبح في أي بلد تريد، وتجلس مع أي إنسان تحب، وتعرف شؤون وشجون الدنيا من هذا المكان الصغير في مساحته الجغرافية الواسع في مساحته المعرفية. وحده الكتاب يملك أن يخرج الروح إلى حقول فرح غامر، يجعل السماء إليك أقرب. يرسلك إلى مكانات مشتهاة، ومرابع محلوم بها. يهديك إلى الفرح على صفحة من شعر أو طبق من نثر. يدنيك من البهاء الحقيقي ويدخلك إلى جناته الوارفة لتقطف ما تشاء لك الحكمة الثاوية بين الأوراق. تنهي جولتك الروحية ثم تغادر المبنى وفيك شيء من الندى... للحقيقة فقط: ما أمسكت بكتاب إلا وتسللت إليّ روائح قديمة لحبر مدلوق أو سمعت هسهسة ورق يشرب من قلم أو ربما من... ألم. مكتبة الإمارات والخليج تضم أبوظبي بين أعطافها ثلاث دانات يفتحن للقراء أبوابهنّ وهنّ: “مكتبة الإمارات والخليج العربي” و”مكتبة العين” و”مكتبة البطين” وفي الطريق مكتبات أخرى ستنشئها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ضمن خطتها الهادفة الى نشر الوعي المعرفي بين فئات المجتمع وشرائحه المختلفة. تقع “مكتبة الإمارات والخليج العربي” في منطقة كورنيش أبوظبي وتستقبل القراء من مختلف الشرائح العمرية والتخصصات والاهتمامات المعرفية والبحثية من الساعة الثامنة وحتى الساعة الرابعة مساء، حيث تطمح المكتبة الجديدة لتوفير كافة الخدمات التي يحتاجها القارئ والباحث بشكل يومي أو للبحوث والدراسات الأكاديمية طويلة المدى في تاريخ المنطقة. تتكون المكتبة من أربعة أدوار يتم افتتاحها بالتدريج، وتضمّ عدداً وفيراً من الدواوين الشعرية والروايات والكتب الأدبية والتاريخية والعلمية، بالإضافة إلى المعاجم اللغوية. وتعد مكتبة الإمارات والخليج العربي بعد اكتمال افتتاح كافة أقسامها، بواحدة من أهم المكتبات في أبوظبي حيث تؤمن للقارئ سرعة الاستفادة من خدماتها وبرامجها، وفي نفس الوقت توفر له الأماكن الهادئة لمتابعة دراساته وإنجاز بحوثه، حيث تمّ تخصيص طابق كامل لكل مجموعة من مجموعات المكتبة، والتي تتناسب كل منها مع الفئات العمرية المختلفة والميول القرائية لكل فئة من فئات المستفيدين. ويوفر القسم المخصص لكتب الإمارات والخليج المناخ الملائم للبحث والدراسة في تراث وتاريخ المنطقة، ويضم مجموعة منوّعة من المواد السمعبصرية وشاشات العرض.وهناك خطة لافتتاح قسم أكاديمي ضمن المكتبة يحتوي على مجموعة متخصصة في كافة فروع المعرفة تشمل نخبة متنوعة من المصادر والمراجع والقواميس، علاوة على مجموعات تغطي موضوعات الفلسفة وعلم النفس والعلوم الاجتماعية واللغات والعلوم البحتة والتطبيقية والفنون والآداب والتاريخ، إضافة إلى الدوريات المحلية والعالمية باللغة العربية والإنجليزية، ومجموعة من مواد الخدمة الذاتية للإعارة وشاشات البحث. مكتبة الأطفال في البطين في إطار استراتيجية الهيئة الهادفة لربط العملية التعليمية بالتنمية الثقافية، ورفد كافة شرائح المجتمع – وخاصة فئة الطلبة – بمختلف المعارف التي تساعد في تكوين شخصيتهم وحفز الإبداع لديهم، أنشأت في 20 سبتمير 2011 مكتبة البطين للأطفال من سن 5 إلى 15 سنة، لتباشر أعمالها بالتزامن مع بدء العام الدراسي، وهي تستهدف فئة الأطفال من سن 5 إلى 15 سنة وتهدف إلى تحفيز مواهبهم الإبداعية. في أجواء من الإبداع يمكن للأطفال أن يقضوا الوقت الذي يشاؤون في المكتبة، فهي تستقبلهم من الثامنة صباحاً ولغاية الرابعة بعد الظهر، وتقدم لهم خيارات ثقافية وترفيهية وإبداعية متنوعة، حيث تتكون المكتبة من طابقين، وتشمل عدة أقسام منها قسم منفصل للأطفال من سن 5 إلى 10 سنوات، وينقسم بدوره إلى قسم لقصص الأطفال وقسم خاص بالمواد العلمية والمراجع. أما القسم الثاني فهو مخصص للأطفال من سن 10 إلى 15 سنة. كما تحتوي على غرف منفصلة لمختلف فعاليات القراءة والنشاطات التعليمية. وتتواصل مكتبة البطين مع مختلف المدارس في الدولة وتعمل على تنسيق الأنشطة المتنوعة مثل إطلاقها لسلسلة من فعاليات القراءة لبعض القصص التثقيفية الهادفة باللغتين العربية والإنجليزية، والتي تتضمن معلومات إثرائية حول التراث الإماراتي الأصيل، ومنها ما يؤكد التصميم على النجاح وحُسن استغلال الوقت، كما وتحمل هذه القصص أهدافاً تربوية حول آداب التعامل مع الآخرين واحترامهم وتقديرهم، وتدعو لأهمية المحافظة على البيئة وصونها. مكتبة مركز العين التجاري مواصلة لجهودها في توفير الخدمة المكتبية وتنمية الوعي الثقافي في كافة أنحاء إمارة أبوظبي، أعلنت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة عن بدء توفير الخدمة المكتبية في مدينة العين، وذلك من خلال مكتبة مركز العين التجاري (العين مول) التي باشرت في شهر مايو الماضي استقبال القراء من مختلف الشرائح العمرية والتخصصات والاهتمامات المعرفية والبحثية. وتتميز المكتبة الجديدة بموقعها المميز في قلب مدينة العين، وبافتتاحها هذه المكتبة تكون الهيئة قد وسعت نشاطها في إمارة أبوظبي ليشمل مختلف المناطق. تضم هذه المكتبة أكثر من 30 ألف مادة منوّعة بين مختلف الوسائل التعليمية تغطي مناحي المعرفة كافة، وقد تمّ تأسيسها وتخطيطها لتكون مكتبة عامة تقدم خدماتها لكافة قطاعات المجتمع، وتغطي مجموعاتها المعارف العامة والعلوم الاجتماعية واللغات والعلوم البحتة والتطبيقية والفنون والآداب والتاريخ، كما تتيح مواد بحثية تساعد طلبة وطالبات جامعة الإمارات القيام بأبحاثهم ودراساتهم، وتضمّ كذلك جناحاً لكتب الأطفال والناشئة، علاوة على قاعة للدوريات العربية والأجنبية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©