الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الدول الصناعية تستثمر 180 مليار دولار لتحسين كفاءة استخدام الطاقة

الدول الصناعية تستثمر 180 مليار دولار لتحسين كفاءة استخدام الطاقة
14 يونيو 2013 21:10
يذهب معظم اقتصاديي الطاقة في توقعاتهم عن الوضع العالمي بعد 20 عاماً إلى أنه مع تزايد سكان العالم سينمو الاقتصاد العالمي، وأن كثيراً من الدول ستزداد تقدماً وثراء وبالتالي سيزداد الطلب على الطاقة على نحو يشكل مزيداً من الضغوط الجديدة على مصادر الكوكب الطبيعية. غير أن هناك آراء أخرى. إذ تقول إكسون موبيل في تقرير توقعاتها للطاقة حتى عام 2040 إنه رغم توقع زيادة الناتج الإجمالي المحلي العالمي بنسبة 135% عام 2040، فإن المطلوب من الطاقة لن يزيد إلا بنسبة 35%. بل وأنه من المتوقع ألا يزيد طلب اقتصادات العالم المتقدمة على الطاقة (أوروبا وأميركا الشمالية واليابان). وأرجع التقرير ذلك إلى عامل بالغ الأهمية هو تنامي القدرة على استخدام الطاقة بكفاءة عالية. يقول بيل كولتون نائب رئيس إكسون لشؤون استراتيجية الشركة وأحد معدي التقرير الاستشرافي: «أكبر مصدر للطاقة مستقبلاً سيكون استخدامها على نحو أكثر كفاءة. حيث سيتم توفير كميات هائلة من الطاقة بهذه الطريقة». في المعركة ضد التغير المناخي طالما اعتبرت المصادر المتجددة الحل الأمثل. وكانت الحجة متمثلة في أن استبدال أنواع الوقود الأحفوري بطاقة الشمس والرياح من شأنه تقليص انبعاثات الكربون وبالتالي تخفيف أو إيقاف عملية ارتفاع حرارة العالم وكبح اعتماد الدول المستهلكة على النفط والغاز المستورد الباهظ التكلفة. تحظى مسألة كفاءة الطاقة - التي يطلق عليها البعض «الوقود الخفي» باهتمام متزايد. إذ بدأ يدرك المستهلكون أن للطاقة التي لا يستهلكونها تقريباً ذات الأهمية للطاقة التي يستهلكونها. والناتج هو تحول التفكير في كافة الأشياء بدءاً بتصميم المباني وانتهاءً بإنارة الشوارع. وهذا يعني أن مستقبل الطاقة لم يعد مقصوراً على شركات النفط ومطوري مزارع الرياح ومسؤولي الحكومات، بل أضحى هم الجميع من المهندسين المعماريين ومصنعي الأجهزة المنزلية إلى المهندسين المدنيين وصناع السيارات. يذكر أنه تم تحقيق توفيرات طاقة كبرى من خلال ما يبدو كما لو كان تغيرات تكنولوجية صغرى مثل تغيير غلايات غاز التدفئة بمضخات الحرارة. إن الفائدة الكامنة هائلة. هناك تقرير أصدره مؤخراً معهد فراونهوفر لبحوث النظم والابتكار في ألمانيا اكتشف أنه يمكن خفض متطلبات طاقة الاتحاد الأوروبي بنسبة 57% عام 2050 مقارنة بمتطلبات عام 1990 من الطاقة، ما يعني إمكانية توفيرات طاقة تساوي 500 مليار يورو سنوياً. تقليص الاستهلاك يقول المعهد إنه يمكن تقليص استهلاك الطاقة في المباني بنسبة 71% عن طريق عزلها على نحو أفضل وتقنيات البناء العصرية واستخدام نظم تسخين مياه وتدفئة ذات كفاءة عالية في توفير الطاقة. وفي قطاع المواصلات، فإن النهوض بإدارة حركة المرور والخدمات اللوجيستية من شأنه توفيرات طاقة تقدر بنسبة 53% فيما يمكن لأجهزة توليد البخار والمحركات الكهربية الأكثر كفاءة أن تساعد على تقليص المطلوب من الطاقة الصناعية بنسبة 52%. ويتسارع نمو الإنفاق التراكمي على إجراءات من هذا القبيل. وتقول وكالة الطاقة العالمية إنه تم في عام 2011 استثمار 180 مليار دولار عالمياً في مشاريع هادفة إلى زيادة كفاءة الطاقة. ومع ذلك فإن هذا المبلغ صغير جداً إذا قورن بالأموال التي تضخ في إنتاج الطاقة التقليدية. وتقول وكالة الطاقة العالمية إن ثلاثة أمثال ذلك المبلغ، قرابة 600 مليار دولار استثمرت في العام ذاته في زيادة المعروض من أنواع الوقود الأحفوري أو الحفاظ عليه. تكمن المشكلة في أنه ما زالت هناك معوقات كبرى، من ضمنها طول فترة استرداد الاستثمار الذي أنفق على زيادة كفاءة طاقة المباني. كما أنه يصعب قياس نجاح كفاءة الطاقة، حيث قال الاتحاد الأوروبي مؤخراً إنه لن يفي بهدفه الرامي إلى توفير 20% من استهلاكه الرئيسي للطاقة بحلول 2020، ما يرجع سببه إلى «الافتقار إلى الأدوات اللازمة لمراقبة التقدم وقياس التأثيرات على مستوى الدولة العضو». وهناك خطر كامن آخر يسمى «التأثير الارتدادي». ذلك أنه لو وفر شخص المال في الكهرباء عن طريق تركيب مضخة حرارة مثلاً ولكنه أنفق ما وفره على سفرية بالطائرة، فإن زيادة كفاءة الطاقة في هذه الحالة لا فائدة منها. يذكر أن الاتحاد الأوروبي حدد خسائر الارتداد بنسبة تتراوح بين 10% و30%. الجاذبية الاستثمارية غير أنه رغم المخاطر الكامنة أضحت الشركات المعنية بكفاءة الطاقة في سبيلها إلى أن تصبح فئة جديدة وجاذبة من الأصول للمستثمرين. اختار الستير بيشوب مدير محفظة بلاكروك للموارد الطبيعية شركات مثل شنايدر إليكتريك وجونسون كونترولز المتخصصة في بناء نظم آلية تراقب وتتحكم في عمليات التدفئة والتهوية والتكييف والإضاءة في مبنى مكاتب. تلك الشركات تركب مجسات أو أجهزة استشعار تطفي أنوار الغرفة حين تكون شاغرة وتطفي التدفئة ليلاً، وهي خطوات في إمكانها الإسهام في توفيرات كبيرة. وقال بيشوب:« إذا نظرت إلى قصة الطاقة الأكبر قبل الأزمة المالية كان الموضوع كله عن إنتاج مزيد من الطاقة». وأضاف: «ولكن منذ الأزمة هناك وعي أكثر بمدى استدامة الطاقة وترشيد استهلاكها». ومع ذلك يؤكد بيشوب أن الاستثمار في كفاءة الطاقة يحتاج إلى دعم الحكومات لكي ينجح، وهذا يحدث على نطاق واسع. ففي السنوات القليلة الماضية وضعت جميع أكبر الدول المستهلكة للطاقة قوانين تشجع على كفاءة الطاقة. واستحدثت الولايات المتحدة مقاييس اقتصاد وقود جديدة للمركبات. كما لدى الاتحاد الأوروبي هدف خفض المطلوب من الطاقة بنسبة 20% بحلول 2020، بينما تعتزم اليابان تقليص المطلوب من الكهرباء بنسبة 10% عام 2030 مقارنة بعام 2010 وتهدف الصين إلى خفض الطاقة بنسبة 16% بين عام 2011 وعام 2015. وقال كولتون: «إن زيادة الكفاءة التي نشهدها مدفوعة في المقام الأول من السياسات الحكومية. ولن يفعل المستهلكون ذلك من تلقاء أنفسهم». الإنتاج والاستهلاك هناك سياسات شديدة الفائدة، في عام 2010 اتبع الاتحاد الأوروبي توجيهات بخصوص أداء الطاقة بالمباني. يلزم الاتحاد كافة المباني الجديدة بأن تكون شبه متعادلة في إنتاج واستهلاك الطاقة بحلول 2021. وعلى الصعيد الوطني تتوصل الحكومات إلى طرائق مبتكرة لتشجيع توفير الطاقة، بموجب الميثاق الأخضر بالمملكة المتحدة مثلاً في وسع المستهلكين الحصول على قرض من أجل تنفيذ إجراءات تحسين كفاءة المنازل مثل التخلص من غلاية قديمة وسداد القرض من خلال رسم إضافي على فواتير الكهرباء. ورغم كون الحفاظ على الطاقة مسألة هامة في الغرب، إلا أن بعض أنحاء العالم لم تحرز سوى القليل من التقدم في هذا المجال ذلك أن وفرة الوقود الأحفوري بالشرق الأوسط وانخفاض سعره مع أسعار مدعومة بكثافة للبنزين والغاز - لا يعطي للمنطقة حافزاً يذكر لترشيد الموارد. وتقول وكالة الطاقة العالمية إن متوسط كفاءة توليد طاقة الوقود الأحفوري بالشرق الأوسط تساوي 33% يعني أقل بنسبة 9% مما في الغرب. وهذا هو سبب تشكك البعض في انخفاض كثافة الطاقة العالمية (مقدار الطاقة المستهلك لكل وحدة ناتج إجمالي محلي) انخفاضاً كبيراً قريباً. ويتوقع جورجن راندرز الخبير الاستشرافي ألا تنخفض كثافة الطاقة في الأربعين سنة المقبلة سوى بنسبة الثلث مقارنة بعام 2010 وهو ما لا يكفي لإيقاف تغير مناخي كارثي. غير أن ماريا فان دبرهوفن مدير تنفيذ وكالة الطاقة العالمية تؤمن بأن: «أهم طاقة هي البرميل أو الميجاوات الذي لا ينبغي علينا استخدامه أبداً». عن «فاينانشيال تايمز» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©