الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«المسيرات».. هل تكبح الشعبوية؟

28 يناير 2017 22:31
معظم من شاركوا في مسيرات النساء عادوا في ما يبدو وهم يشعرون بالانتصار والقوة والأمل لأول مرة منذ إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية. لكن هذه المسيرات لا يمكن أن تمثل معارضة فعالة ضد دونالد ترامب. ففي المقام الأول، ركزت هذه الحركة على قضايا خاطئة. وذهب كثير من المشاركين في المسيرات وهم يحملون قائمة أولويات واسعة مناهضة لترامب لكنهم شاركوا وفق هيكل تقليدي اتضحت فيه القضايا المحورية. فكما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» تمثلت هذه القضايا في «حقوق الإنجاب والمساواة في الأجور والرعاية الصحية الميسورة والتصدي لتغير المناخ». وجميع هذه القضايا مهم وحاسم في التصويت لدى عدد كبير من الناخبين في الشريحة العليا من الطبقة الوسطى في المدن التي بها جامعات وفي المدن الساحلية. لكننا أصبحنا في عام 2017 والشعبوية العرقية تتصاعد حول العالم، والمشكلات الحيوية اليوم تتعلق بالطريقة التي تلتهم فيها التكنولوجيا والعولمة فرص العمل وتمزق النسيج الاجتماعي، وبالطريقة التي تعيد فيها الهجرة تعريف الأمم والدول، وبالطريقة التي يتزايد بها الرفض للنظام العالمي الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية كوسيلة للحفاظ على السلام. فكل الأمور التي كان مسلماً بها ذات يوم تتعرض لهجوم حالياً. وهي العولمة الرأسمالية والالتزام بالدستور والنظام العالمي الذي تتزعمه أميركا. وما لم تكن مدركاً لهذه القضايا أولاً، فأنت خارج الحلبة الرئيسية للحياة القومية. صحيح أنه أحياناً، تحقق حركات القاعدة الشعبية، أيْ حركات الحقوق المدنية، التغير الاجتماعي. لكن في معظم الأوقات تحقق هذا التغير الأحزاب السياسية مثل برامج «الصفقة الجديدة» في عهد الرئيس روزفلت و«المجتمع العظيم» في عهد الرئيس جونسون. والتغيرات تحدث حين يرشح الناس أنفسهم لمنصب ويحشدون ائتلاف جماعات المصالح ويشاركون في الممارسة الصعبة للسياسة. ودون انضباط السياسة الحزبية تنحدر الحركات الاجتماعية إلى مجرد مشاعر -خصوصاً في عصرنا- للتعبيرية الفردية. فالناس يشاركون في مسيرات ويتحسن شعورهم ويظنون أنهم حققوا إنجازاً. لقد حظوا بخبرة اجتماعية مع كثيرين وخدعوا أنفسهم بالاعتقاد بأنهم أعضاء في جماعة متماسكة وصاحبة مطالب. ومثل هذه الحركات تنحدر لدرجة لغة العلاج الجماعي. ويتعين علينا ملاحظة أنه مع تصاعد المسيرات والحركات، انهارت القوة الفعلية للأحزاب. ويبدو أن الاحتجاجات بديل مغرٍ للعمل في عصر مناهض للسياسة ويترك المجال مفتوحاً للشعبوية. لكن المسيرات طغت عليها القبعات الوردية وهي حركة مناهضة لترامب انصبّ اهتمامها حول تنظيم الأسرة. ومؤسساتنا الأساسية اتضح أنها جوفاء بشكل مروّع. لكن المسيرات لم تستطع الفرار من لغة ومجاز سياسات الهوية. وبعد انتصار ترامب بقليل كتب «مارك ليلا» الأستاذ بجامعة كولومبيا مقالاً عن الطريقة التي تقضي بها سياسات الهوية على فرص التقدميين. فالتقدميون حالياً عازمون -في ما يبدو- على التركيز على ما يقضي عليهم في الغالب. وأشار «ليلا» إلى أن سياسات الهوية تعزل التقدميين عن النطاق الأوسع للبلاد لأن «التركيز على التنوع في مدارسنا وفي الصحافة أنتج جيلاً من الليبراليين والتقدميين لا يدركون، وبشكل نرجسي، الظروف خارج جماعاتهم المكتفية بذاتها، ولم يبالوا بمهمة التواصل مع الأميركيين من كل المشارب». ومن المؤكد أنه إذا كان المرء يسكن في منطقة يهيمن عليها الحزب «الديمقراطي»، فلابد أن أنباء المسيرات ستملأ صفحته على «فيسبوك». لكن «جولي بوسمان» من صحيفة «نيويورك تايمز» كانت في «نايل» بولاية ميتشجان الديمقراطية التي لم يسمع فيها كثير من النساء شيئاً عن المسيرات، ولو سمعن بها لما رحبن بها -فيما أعتقد. * كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©