الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كولومبيا..انفتاح «كروي» على العالم

30 يونيو 2014 01:55
جون ريجاس نيويورك من بين كل الأمم التي شاركت في بطولتي كأس العالم في البرازيل عام 2014، وفي الولايات المتحدة عام 1994، تعرضت كولومبيا لأكبر تغيرات. فقبل 20 عاماً أصيب العالم بصدمة وهلع عندما قتل رجل من عصابة لتجارة المخدرات المدافع الكولومبي أندريس سكوبار في مدينة ميديلين بعد أن سجل لاعب كرة القدم بطريق الخطأ هدفاً في فريقه. لكن الآن يستطيع أن ينزل لاعبو كولومبيا بكامل الثقة إلى الملعب متحررين من الخوف تماماً مثل البلد الذي يمثلونه. لكن الطريق الذي قطعته البلاد منذ ذاك الوقت حتى الآن لم يكن معبداً. وعندما خرج فريق كولومبيا من بطولة كأس العالم لكرة القدم في الولايات المتحدة عام 1994، كانت كرة القدم تمثل ترويحاً نادراً عن النفس بعيداً عن الحاجات الاقتصادية والاجتماعية الملحة لدولة تخوض حرباً في تجارة المخدرات والإرهاب وتتصدى لتضخم جامح. وفي نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات لم يكن بوسع أي شيء آخر غير كرة القدم أن يرسم الابتسامات على الوجوه التي غطتها الدموع ولا أن يفتح العيون التي اعتادت أن تطبق أجفانها بسبب الرعب حولها. وأثناء هذه الفترة كان الهتاف عند تسجيل هدف هو الصوت الوحيد الذي يستطيع أن يطغى على صوت انفجار قنبلة. وصمد المنتخب الوطني الكولومبي في مجتمع لديه القليل من الأسباب الأخرى التي تدفعه للبهجة. وكانت انتصاراته صغيرة في حيز المباريات الدولية لكنها كانت هائلة في مجتمع به كثيرون بحاجة إلى إشباع حاجاتهم البدنية والمعنوية. وأكدت جهود وأداء هذا الجيل الفكرة عن كرة القدم في كولومبيا وهي إنها تمثل رغبة في إطلاق السعادة والإبداع المختزن في كل كولومبي. وبدأت الأمور تتغير أخيراً مع تطبيق كولومبيا قوانين جديدة مستمدة من دستورها الجديد لعام 1991. وبدأت إعادة بناء المكاتب الحكومية وإصلاح سياسات الإنفاق والقطاع المالي تغير المفهوم والواقع عن الاقتصاد. واستغرقت العملية بضع سنين بينما يشاهد عشاق كرة القدم الكولومبية المولودين في الفقر أفضل سنوات عمرهم تأتي وتذهب ولم يوقع منهم إلا قلة تعاقدات مع فرق أوروبية وكافحوا ليحققوا النجاح. واشتهر الاقتصاد الكولومبي تقليدياً في العالم بأنه قائم على تصدير المحاصيل مثل الموز والتبغ والزهور ثم يأتي الكوكايين فيما بعد. هذا بالإضافة إلى جودة قهوتها. فالصورة التقليدية للشخصية التخيلية لمزارع البن خوان فالديث وحماره نافست صورة زعيم عصابة تهريب المخدرات «بابلو سكوبار» على الصورة النمطية للبلاد على مستوى العالم. لكن السوق الداخلي هو ما قدم قوة زخم في الوقت الذي استعدت فيه البلاد لتنفتح فجأة على باقي العالم. وأفاد انفتاح كولومبيا على العالم لاعبيها محترفي كرة القدم أيضاً خاصة عندما صادف هذا تغييرات في الخارج. فبدءاً من عام 1995، خففت سلطات كرة القدم الأوروبية قواعدها بشأن التعاقد مع لاعبين أجانب. وتزايد انتقال لاعبي كرة القدم ثلاثة أمثال بين عامي 1995 و2011 وبحلول نهاية الفترة كان بينهم ثلاثة في المئة من اللاعبين الكولومبيين وهي النسبة نفسها بالنسبة للأورواجونيين الذين يحظون بإقبال كبير. وفي الوقت نفسه طهّرت كولومبيا نفسها بدرجة كبيرة من تأثير تجار المخدرات، وحسّنت واجهتها الخارجية من خلال اتفاقات للتجارة الخارجية والعضوية في جماعات اقتصادية إقليمية والمشاركة في حوار امتد عبر القارة بشأن الاقتصاد والسياسات الاجتماعية. وفيما يتعلق بكرة القدم، بدأت كولومبيا أخيراً تعبر عن نفسها. ففرق الناشئين على المستوى القومي بدأت تضفي طابعاً من الحيوية على البطولات الدولية وإن لم يفوزوا بأي شيء يذكر بفضل مدربين مثل رينالدو رودا وادواردو لارا. وبدأ أسلوب البلاد في كرة القدم يتطور في صورة لمسة إيقاعية وسرعة أعلى. لكن الأمر قد يستغرق وقتاً. ففريق الكبار يقاوم التغيير رغم أنه أبعد ما يكون عن أيام المجد في تسعينيات القرن الماضي رغم فشله كثيراً في التأهل لكأس العام. وحقق أكبر انتصاراته بالفوز بكأس أميركا عام 2001 الذي استضافته البلاد ودون حضور الأرجنتين التي رفضت المشاركة معربة عن مشكلات أمنية. وكان حضور المشجعين في مباريات البطولة ضعيفاً ليس فقط بسبب خروج أفضل اللاعبين من البلاد لكن بسبب بثت بطولات أكثر متعة عبر الأقمار الصناعية. ومعظم النجاحات التي تحققت في فترة انفتاح كرة القدم الكولومبية على العالم حدث في الحقيقة في الخارج. فالمنتخب الكولومبي لكرة القدم يزدهي حالياً بأكبر الهدافين في ألمانيا والبرتغال والكثير أيضاً من النجوم الآخرين في أبرز الدوريات الأوروبية. هذا بخلاف رادامل فالكاو الذي اقترب من مرتبة النجم الكبير كريستيانو رونالدو عندما انتقل من نادي اتلتيكو مدريد إلى نادي موناكو العام الماضي ولم يمنعه من الانضمام إلى الفريق إلا عطب في أربطة الركبة، ما معنه من المشاركة في كأس العالم الذي تدور رحاه الكروية الآن في البرازيل. وللعولمة أفراحها وأحزانها في كولومبيا بالطبع. وأشار منتقدون إلى بعض الصناعات التي حلت فيها الصادرات محل التسويق في السوق المحلية وهناك صناعات أخرى تضررت بسبب قوانين تعطي المستثمرين موقعاً متميزاً على المنتجين المحليين. وكرة القدم لا تختلف عن هذا. فالنجاح في الخارج جاء على حساب الداخل. والسؤال هو: هل يستطيع المنتخب الوطني، مثل شركة متعددة الجنسيات تنقل مكاسبها إلى البلد الأم، أن يعود في نهاية المطاف ببعض المجد إلى كولومبيا؟ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي. تي. انترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©