الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

دراسة تؤكد أهمية تحرير أسواق السلع والخدمات الخليجية من القيود الجمركية

دراسة تؤكد أهمية تحرير أسواق السلع والخدمات الخليجية من القيود الجمركية
10 سبتمبر 2010 00:22
أكدت دراسة متخصصة أن عملية التصنيع في دول الخليج العربية اجتازت العديد من المراحل منذ انطلاقتها في فترة ما بعد اكتشاف النفط وتصديره بكميات تجارية، حيث تزامن ذلك مع تضاعف احتياجات العالم من الطاقة، خاصة حاجات الدول الأوروبية. وأوضحت الدراسة الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، بعنوان “التنمية الصناعية في دول الخليج العربية في ظل العولمة”، للكاتب محمد عبدالرحمن العسومي، ما تشهده الأسواق الخليجية من توسع كبير في الطلب على مختلف أنواع السلع والخدمات، فنشاطات شركات النفط وقدوم المئات من الأيدي العاملة الأجنبية وتدفق العمالة المحلية للعمل في المدن النفطية الجديدة، ومباشرة الحكومات تنفيذ عشرات المشروعات في البنية الأساسية - كل ذلك أوجد حالة من التغير الجذري في متطلبات السوق المحلية. وأشارت الدراسة إلى النمو السريع للاقتصادات الخليجية في العقود الثلاثة الماضية، حيث ارتفعت مستويات المعيشة، مما أوجد تحديات كبيرة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تتمثل في ضرورة إيجاد مصادر دخل بديلة؛ لأن الثروة التي أوجدت الظروف المساهمة في ارتفاع مستويات المعيشة إلى مستوى يضعها إلى جانب المستويات السائدة في الدول الصناعية المتقدمة يمكن أن تنضب، من هنا جاء اهتمام هذه الدراسة بتنمية أحد أهم مصادر الدخل البديلة، والمتمثل في التنمية الصناعية، من أجل ضمان استمرار مستويات المعيشة التي تحققت، وهو ما يضفي على هذه الدراسة أهمية مستقبلية بالنسبة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وأوضحت الدراسة أن الطرق والأساليب التي ستساعد دول المجلس على استغلال التغيرات المحلية والدولية لتنمية القطاع الصناعي الواعد لتنويع مصادر الدخل القومي، وذلك من خلال اتباع منهجية تحليلية تاريخية في دراسة النمو الاقتصادي والصناعي في دول المجلس. الاستثمارات الحكومية وأشارت إلى أن سير التحليل التاريخي إلى اتجاه الاستثمارات الحكومية مع فترة تدفق عائدات النفط إلى تطوير مرافق البنية الأساسية المتواضعة آنذاك، في الوقت الذي اتجهت فيه استثمارات القطاع الخاص نحو القطاعات التقليدية، كالتجارة والبناء، وذلك لسد احتياجات الأسواق المحلية وإقامة المنشآت التي تتطلبها أعمال الشركات والقطاع الخاص بشكل عام من خلال الوكالات التجارية التي حرصت البيوت التجارية على الحصول على امتيازاتها العديدة. وأوضح الكاتب محمد عبدالرحمن العسومي أن جزءاً من استثمارات القطاع الخاص في تلك الفترة توجه نحو القطاع الصناعي، وبالأخص تلك القطاعات التي أصبح من الصعب تلبية احتياجاتها بالكامل من الأسواق الخارجية، كبعض مواد البناء والتشييد. أما القطاع الحكومي، فقد ركز على تهيئة البنى الأساسية اللازمة للأنشطة الاقتصادية في دول المجلس. وقال: لقد كانت هذه المرحلة في خمسينيات القرن الماضي، هي المرحلة الجنينية التي وضعت حجر الأساس لعملية التصنيع الخليجية المهمة التي بدأت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والتي توسعت لتشمل استثمارات القطاعين الحكومي والخاص على حد سواء. وبالتأكيد، فقد مرت عملية التصنيع بمراحل عدة منذ انطلاقتها قبل نصف قرن، بحيث تميزت كل مرحلة بخصائص عدة عكست التوجهات الاستثمارية للقطاعين الحكومي والخاص من جهة، ومتطلبات الأسواق المحلية والخارجية من جهة أخرى. وقسم الكاتب دراسة عملية التصنيع في دول مجلس التعاون إلى مرحلتين رئيستين يتناولهما المحور الأول: فقد تميزت المرحلة الأولى بالانغلاق النسبي للأسواق العالمية والحماية والعقبات الجمركية في فترة ما قبل العولمة والتي امتدت حتى منتصف التسعينيات من القرن الماضي، في حين تمتد المرحلة الثانية من منتصف التسعينيات إلى نهاية العقد الأول من القرن الحالي، والتي شكلت وفق تقديراتنا نقلة نوعية كبيرة في عملية التصنيع في دول المجلس سيكون لها شأن في مرحلة ما بعد النفط. التنمية المستدامة وتشير الدراسة إلى مرحلة ما بعد النفط لاعتبارات عديدة تتعلق بالتنمية المستدامة، وببدء العد العكسي لانتهاء عصر النفط الذي بدأت دول المجلس تتحسب له من خلال إيجاد مصادر دخل بديلة، حيث يأتي قطاع الصناعات التحويلية في مقدمة هذه القطاعات غير النفطية التي يعول عليها كمساهم رئيس لمصادر الدخل الناضبة في دول المجلس. وفي هذا الصدد، تشير شركة “بريتش بتروليوم” إلى أن احتياطيات العالم من النفط سوف تلبي احتياجات العالم حتى عام 2040، مما يضع تحديات كبيرة أمام دول المجلس بسبب قصر الفترة الزمنية اللازمة لتطوير مصادر دخل بديلة، لتحقيق التنمية المستدامة. أما المحور الثاني، فيتناول المستجدات التي أحدثتها العولمة، وبروز منظمة التجارة العالمية في العلاقات الاقتصادية الدولية، ومدى انعكاس ذلك على الاقتصاد العالمي، والإمكانات والفرص التي تتوافر لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتسخير هذه الإمكانات لخدمة أهدافها الاستراتيجية المتمثلة في تنويع مصادر الدخل، خصوصاً من خلال تنمية الصناعات التحويلية، مع توضيح المقومات التي تملكها دول المجلس لبلوغ هذه الأهداف الاستراتيجية. وأوضحت الدراسة أن العديد من العوامل التي يمكن أن تساهم في الوصول إلى هذه الأهداف من خلال تنمية قطاع الصناعات التحويلية، خصوصاً أن تخفيف القيود على التعاملات التجارية الدولية، وتحرير تجارة بعض السلع، ربما يفتح فرصاً حقيقية أمام دول المجلس لتطوير العديد من القطاعات الإنتاجية، التي تملك فيها أفضليات إنتاجية. وأكدت الدراسة أهمية الاستفادة من الفرص المتاحة، فعلى الرغم من التقدم الذي أُحرز في العديد من المجالات، بما في ذلك التطور الذي شهده القطاع الصناعي في دول المجلس، فإنه لايزال هناك الكثير الذي يمكن القيام به لتحويل هذا القطاع الواعد إلى أحد أهم القطاعات المكونة للاقتصادات الخليجية، وهو ما تسعى الدراسة لتوضيحه، مع التطرق لتجارب بعض الدول التي نجحت في غضون فترة زمنية قصيرة نسبياً في التحول إلى دول تتمتع بقطاع صناعي فاعل وذي مساهمة كبيرة في الناتج المحلي؛ مثل كوريا الجنوبية وماليزيا والهند، وذلك بالإضافة إلى تجارب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نفسها والتي تتفاوت بين دولة وأخرى. وبما أن مثل هذا التوجه يمثل تحدياً كبيراً لدول المجلس، فإن المحور الثالث من الدراسة يتناول هذه التحديات بالتفصيل، وذلك بهدف توضيح الأساليب والسبل والحلول اللازمة لمواجهتها، بما يتلاءم والظروف الموضوعية التي استجدت في ظل السوق الخليجية المشتركة والتكامل الاقتصادي الخليجي. وتنفرد هذه الدراسة بكونها تربط هذا التوجه الاستراتيجي لدول مجلس التعاون بالتغيرات الهائلة في مرحلة العولمة وتحديد الآفاق المستقبلية التي تضمن نجاح هذا التوجه. وأوضح العسومي أن دول مجلس التعاون لدول الخليج قطعت شوطاً مهماً نحو إيجاد بنية وبيئة مناسبة لتنمية قطاع الصناعات التحويلية في ظل المتغيرات العالمية المرتقبة في العقود القادمة. وضمن توجهات دول المجلس في هذا الجانب تتناول هذه الدراسة أهم التوجهات التي اتُّبعت منذ اكتشاف النفط لتنمية قطاع الصناعات التحويلية وتنويع مصادر الدخل من خلال إقامة بنية تحتية تستجيب لمثل هذا التوجه الاستراتيجي، تلك البنية التي مازالت من وجهة نظر الباحث تستوعب المزيد من الأنشطة الاقتصادية والصناعية التي يمكن تنميتها من خلال استغلال الفوائض النقدية، التي يتوقع أن تزداد تراكماً في السنوات المقبلة، طبقاً للتوقعات الخاصة بزيادة إنتاج النفط وارتفاع أسعاره. كما عمدت دول مجلس التعاون لدول الخليج إلى تنمية البنى التحتية الناعمة من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب، مما أدى إلى ازدياد أعداد المؤهلات الخليجية المهنية التي يمكن أن تلبي جزءاً كبيراً من احتياجات نمو القطاع الصناعي من الأيدي العاملة الماهرة، وهو ما سيؤدي إلى تحقيق مكاسب اقتصادية عديدة. أما في عصر العولمة وانفتاح الأسواق، فأوضحت الدراسة العديد من المستجدات والحقائق والتحديات، خصوصاً أنها تبين أن هناك عملية إعادة هيكلة للاقتصادات العالمية بشكل عام، وللقطاعات الصناعية بشكل خاص، يتم بموجبها إعادة توطين الصناعات وفق الميزات النسبية التي تتمتع بها هذه الدولة أو تلك، حيث يمكن لدول المجلس أن تستغل الميزات النسبية لديها لإعادة هيكلها الصناعي، وتوطين الصناعات التي تتوافر فيها أفضليات نسبية، وهي صناعات حديثة تعتمد على الطاقة وعلى التقنيات المتطورة الكثيفة رأس المال. وأشارت الدراسة إلى وجود إمكانات حقيقية تفرضها التطورات المستجدة تتمثل في إمكانية تجاوز العديد من العراقيل التي عانت من جرائها دول المجلس لسنوات طويلة، كالرسوم الجمركية التي فرضت على صادراتها من الألمنيوم والبتروكيماويات في بعض أسواق العالم، خاصة في الأسواق الأوربية، حيث يمكن استغلال التوجهات المعمول بها في نطاق منظمة التجارة العالمية والرامية إلى تحرير أسواق السلع والخدمات وتخفيف القيود الجمركية لزيادة الإنتاج الصناعي وزيادة صادراتها من السلع الصناعية، خصوصاً أنها تمكنت خلال السنوات الماضية من توقيع اتفاقيات للتجارة الحرة مع دول كبيرة، كالولايات المتحدة الأميركية والهند، كما أنها تسعى لتوقيع مثل هذه الاتفاقيات مع دول الاتحاد الأوربي والصين ودول أميركا اللاتينية، كالبرازيل. وأكدت أن مثل هذا التوجه يمكن أن يحوّل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى أهم مركز عالمي لإنتاج العديد من السلع المهمة؛ كالألمنيوم والمنتجات البتروكيماوية ومشتقات النفط. التحديات المالية وتطرقت الدراسة إلى التحديات التي تواجهها دول المجلس في سبيل تحقيق أهدافها الاستراتيجية المتمثلة في التركيبة البنيوية للاقتصادات الخليجية، بالإضافة إلى التحديات المالية والنقدية، وتحديات سوق العمل والمنافسة، وتحديات تنويع القاعدة الإنتاجية في دول المجلس. وأشارت الدراسة إلى ضرورة استغلال هذه التحولات الداخلية والخارجية كافة لإحداث نقلة نوعية أخرى في هيكلية الاقتصادات الخليجية، وتنويع مصادر الدخل، حيث يمكن اتباع بعض السياسات الاقتصادية لدعم هذا التوجه، خاصة تلك الخاصة بوجود برامج استثمارية بهدف استقطاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، فالقطاع الخاص الخليجي، الذي يملك قدرات مالية كبيرة، يمكنه زيادة استثماراته بالتعاون مع المؤسسات الصناعية الحكومية، بما في ذلك إقامة شركات صناعية مساهمة، وطرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام، وهذا سيؤدي إلى جذب رؤوس الأموال والمدخرات الصغيرة للاستثمار في القطاع الصناعي. وأكدت الدراسة أن مثل هذه السياسات تتيح إمكانات توطين التقنيات الحديثة في دول المجلس، حيث تعتمد الصناعات القائمة حالياً على التقنيات المستوردة، وهو ما يشكل خللاً في بنية القطاع الصناعي ينبغي معالجته لضمان التناسق بين مكونات التنمية الصناعية المستدامة. تنسيق السياسات وأوضحت الدراسة أن مجموع هذه المستجدات المحلية والعالمية يصب في صالح تنمية قطاع صناعي متطور ومتنوع وقائم على أسس قوية ومتقدمة تقنياً، فإنه يمكن لدول المجلس تنسيق سياساتها الاقتصادية والصناعية لتحقيق أكبر استفادة ممكنة من هذه المستجدات، خصوصاً أنها تملك التشريعات والاتفاقيات الداعمة لمثل هذا التعاون، بما في ذلك الاتفاقية الاقتصادية الموحدة والاستراتيجية الموحدة للتنمية الصناعية. كما أن هناك تغيرات كبيرة سوف تصل إلى البنية الأساسية بدول المجلس في السنوات القادمة؛ كالقطار الخليجي، وربط شبكة الطاقة الكهربائية، والاعتماد بصورة متزايدة على مصادر الطاقة المتجددة، وتوحيد التشريعات والسياسات المالية والاقتصادية، وإقامة سوق خليجية مشتركة، مما سيساهم في تقديم تسهيلات وخدمات جديدة للاستثمارات، بما فيها الاستثمارات الصناعية. وإذا تحقق ذلك، فإن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يمكنها تسخير قدراتها الصناعية لإضافة المزيد من التنوع في اقتصاداتها، والتحضير لفترة ما بعد النفط لضمان مستويات معيشية جيدة، وتنمية مستدامة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©