الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

قفا نبكي

15 يونيو 2011 22:03
ليس بكاء على الأطلال أن أسحبكم اليوم إلى ما كان في هذه الفترة بالذات قبل خمس وعشرين سنة بوادي الحجارة بالمكسيك، برغم أننا بالطبيعة وبالمكون الفكري منجذبون إلى ما نسميه مجازاً بالأزمنة الذهبية، نهرب إليها كلما مسنا من حاضرنا ضر وأصابنا ضيق، ولكنه تذكر وفي الذكرى منفعة. في يونيو 1986 نسج منتخب المغرب إلياذة كروية جميلة، عندما توصل تاريخياً من خلال جيل أسطوري إلى أن يكون أول منتخب عربي يعبر الدور الأول لنهائيات كأس العالم، متصدراً مجموعة اصطلح عليها بمجموعة “الموت”، فقد تشكلت سنتها من منتخبات إنجلترا، بولونيا والبرتغال، والتي اختارت تحديداً مصطلح “الموت” نعتاً للمجموعة. كان “أسود الأطلس” يوقعون في كشف المونديال على حضورهم الثاني بعد الأول الذي كان سنة 1970، وكانوا ثالث أضلاع مثلث عربي يحضر بشكل غير مسبوق في نهائيات المونديال، فقد كان إلى جانبهم منتخبا العراق والجزائر، ولم يكن الرهان أن يتحقق للعرب أول فوز في نهائيات كأس العالم، لأن ذلك تحقق مرتين، الأولى مع “نسور قرطاج” في مونديال 1978 عندما كان الفوز الكبير على التشيلي، والثانية عندما هزم “ثعالب الجزائر” جبروت ألمانيا في مونديال 1982 بهدفين لهدف واحد، ولكن كان الرهان هو أن تحقق كرة القدم العربية أفضل إنجازاتها بمونديال اقترن من بدايته بالملمح الأسطوري، كيف لا وهو يقام على أرض حضارة الأزتِك. كان الوجه الأول للأسطورة هو الخارق مارادونا الذي سيحمل على أكتاف سحرية منتخب الأرجنتين للفوز بكأسه العالمية الثانية، أما الوجه الثاني للأسطورة، فقد مثله للعرب منتخب المغرب وهو يقدم فاصلاً إبداعياً رائعاً، عندما توصل بكامل الألمعية إلى تصدر مجموعة “الموت”، متعادلاً بلا أهداف أمام بولونيا وإنجلترا، وفائزاً في مباراة العمر على البرتغال بثلاثة أهداف لهدف. وقد أبقانا منتخب المغرب برغم كل الذي رشفناه من رحيق الإعجاز عطاشى، بخاصة عندما لم يجد دافعاً نفسياً آخر ليهزم منتخب ألمانيا الذي وجده لسوء حظه عند بوابة الدور ثمن النهائي. فكان الخروج بهزيمة صغيرة، من هدف خادع، سجله الأسطوري لألمانيا وقتذاك لوثر ماتيوس بعد أن مرر الكرة من ثقب إبرة لتسكن مرمى الحارس الهلامي الزاكي بادو. إنجاز تاريخي وضع “الأخضر” السعودي بعد ثماني سنوات بمونديال أميركا نسخة مطابقة له، عندما تقدم هو الآخر للدور ثمن النهائي وخرج منه مهزوماً من السويد بثلاثة أهداف لهدف. يحتفل العرب قبل المغاربة باليوبيل الفضي لأكبر إنجاز لكرتهم في نهائيات كأس العالم، وليس في الاحتفال على رمزيته ما يحرض على الهروب من واقع نجمع على أنه واقع مريض، إنها مجرد مناسبة لنتذكر أننا نجحنا ذات يوم، نجحنا بجيل ونجحنا أيضاً بتخطيط ونجحنا بإعمال الإرادة، فهل تعوزنا اليوم الإرادة ويعوزنا التخطيط، وتعوزنا القدرات على أن نصنع أجيالاً أخرى بها ننجح ونرفع الهامات بدل أن نضطر تحت وطأة الإحباط لأن نهرب دوماً إلى الأطلال نبكي وقوفاً عند منزل الذكريات. drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©