السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان معبر المسلمين للسيطرة على الهند بقيادة الغزنويين والغوريين

أفغانستان معبر المسلمين للسيطرة على الهند بقيادة الغزنويين والغوريين
30 يونيو 2014 01:05
د. أحمد الصاوي (أبوظبي) ظلت الممالك التي حكمها ولاة من المسلمين في غرب الهند، كما هي بلا زيادة منذ فتوحات محمد بن القاسم، ولم يعزز المسلمون وجودهم المادي بالهند إلا بدءاً من عهد الدولة الغزنوية التي نشأت بمدينة غزنة القائمة لليوم بأفغانستان. كان الأمراء الأوائل لهذه الدولة من الأتراك الذين أقاموا بغزنة وحكموها كولاة تابعين للدولة السامانية، ونبغ منهم إسحاق بن البكتكين، ثم خلفه على الحكم في عام 366 هـ القائد سبكتكين الذي ساس رعيته بالعدل حتى استقرت له الأمور. ملك مستقر وخلال عشرين عاماً حكم فيها إمارة غزنة، شن سبكتكين غاراته على غرب الهند وحاول جيبال ملك الهند أن يتصدى له لكسر شوكته فهزم، وأرغم على دفع غرامة، ثم نكث عهده فسار إليه سبكتكين مرة أخرى فعظمت مكانته وهابه أمراء الهند. بيد أن الفضل في تأسيس ملك مستقر للمسلمين يعود إلى محمود بن سبكتكين الذي ارتقى عرش البلاد بعد وفاة والده، فتخلص أولاً من التبعية للسامانيين وهزمهم في معارك حربية دامية. وأرسل للخليفة العباسي القادر بالله يسأله الاعتراف به حاكماً على غزنة، فأقره ومنحه لقب أمين الملة. نشر الإسلام وتخلى محمود عن محاربة الممالك الإسلامية من حوله، وعزم على أن يجعل جهاده في الهند لنشر الإسلام كفارة له عمّا أسال من دماء مخالفيه من المسلمين، وبدأ منذ عام 392 هـ نضالاً طويلاً في الهند دام لقرابة ربع قرن من الزمان. وكما فعل أبوه، بدأ حروبه في الهند بالملك جيبال، فزحف إليه بقوة قوامها 15 ألف فارس، ونجح في هزيمة غريمه الذي حشد 12 ألف فارس، و300 ألف من المشاة، فضلاً عن 300 فيل، بل إنه أسر جيبال و15 من قواده ثم أطلق سراحه ليراه قومه في ثوب الذل، ما دفع جيبال إلى أن يحلق رأسه وينتحر حرقاً. في 395 هـ وبعد استقرار حكمه في بيشاور، عاد محمود ليغزو مملكة بهاطية قرب الملتان، فهزم صاحبها واحتل حصونه ومدينته، ما دفعه هو الآخر للانتحار، ثم مضى لحاكم الملتان وكان مسلماً أظهر الإلحاد، فأدبه، فأعلن توبته، وفي العام التالي، افتتح قلعة كواكير، فهرب صاحبها لقلعة كالنكر، فحاصرها ثلاثة أشهر، ثم أرغمته القلاقل في خراسان على فك الحصار عنها والصلح ، نظير كمية فضة و300 فيل، وقبل الملك الهندي خلعة يمين الدولة وقطع خنصره، وأرسلها لمحمود علامة على الدخول في طاعته. وقبيل اختتام القرن الرابع، نجح محمود الغزنوي في هزيمة تحالف ملوك الهندوس بقيادة أنديال، وباغت قلعة نكركوت التي نقل إليها الهندوس أصنامهم وكنوزهم خوفاً عليها، فاستسلمت له واستولى على ما بها. وفي عام 405 هـ تطلع لغزو قلعة بها تمثال ضخم يعظمه الهندوس، ورغم ما عرض عليه، إلا أنه أبى ودخلها، فحطم الأصنام، عدا واحد نقله إلى غزنة ليراه أهلها. وافتتحت كشمير على يد يمين الدولة محمود وأسم حاكمها وأعقبها غزو قنوج وهزيمة ملكها القوي، لتعلن أخبار النصر في بغداد، ويعود محمود ليشيد من غنائمه مسجده الجامع في غزنة. وتعد سومنات أهم معاركه، عام 416 هـ ضد هذه القلعة الواقعة في الكجرات جنوب الهند، وكان معبد سومنات على بحر العرب، وبه تمثالهم، وهدف محمود من هجومه على سومنات لتحطيم الروح المعنوية للذين لم يداخلهم الشك لحظة عندما رأوا جيش محمود أمام القلعة أنه أتى لمصيره المحتوم على يد سومنات، ولكنهم أفاقوا سريعاً من غفلتهم . وما أن ضعفت دولة الغزنويين نتيجة للتناحر الداخلي، حتى ظهرت أسرة جديدة في جبال الغور بأفغانستان أيضاً، ونجح ملكها الحسين بن الحسن الملقب بعلاء الدين في دخول غزنة عام 547 هـ، ومن بعده جاء غياث الدين أبو الفتح محمد بن سام، وأخوه شهاب الدين أبو المظفر محمد بن سام. شن شهاب الدين غاراته على الهند واستولى على لاهور التي كانت عاصمة لبقايا الغزنويين عام 582 هـ واتخذها قاعدة لملكه، ورغم انتصاراته في الملتان، إلا أن الهندوس جمعوا جيوشهم تحت قيادة راجا بتهورا ونجحوا في هزيمته في معركة دامية على نهر سرستي في عام 587 هـ، وجرح شهاب الدين في القتال، فأقسم ألا يقرب النساء ولا يغتسل حتى يثأر ويمحو عار هزيمته، وكان أول ما فعله أن جمع قادته الذين فروا من الميدان وأطعمهم قهراً شعير خيولهم، ثم عاد في العام التالي بجيش جرار ليقضي على راجا بتهورا في الموقع نفسه. عهد شهاب الدين محمد بن سام لمملوكه قطب الدين أيبك بافتتاح دهلي، ففعل ذلك في عام 589 هـ لتكون حاضرة لدولة الإسلام في الهند من وقتها، وحتى سقوط دولة مغول الهند على يد البريطانيين في عام 1274 هـ «1857 م». (القاهرة - الاتحاد) شبه القارة الهندية عالم حافل بأجناس وعقائد ولغات شتى، ومنذ القدم هذا العالم له شخصيته المستقلة وفلكه العقائدي والفلسفي الخاص، اقتحم الإسكندر الأكبر بلاد الهند غازياً وخلف وراءه تأثراً كبيراً بفنون الإغريق، ولكن دون تبديل كبير في شخصية الهند. وبدءاً من عام 92 هـ دخل الإسلام إلى الهند من جهة السند والبنجاب، ولكن نجاحه الأكبر كان في جنوب البلاد عبر التجارة الموسمية لينتشر الإسلام سلمياً بين الطبقات المقهورة والفقيرة هناك، وبدورهم نقل الهنود المسلمون دعوة الإسلام وحضارته إلى ما جاورهم من جزر المحيط الهندي وسواحله الجنوبية. أدرك المسلمون مبكراً أنهم يدخلون عالماً خاصاً فتعاملوا معه برفق يناسب البلد الذي كتب عنه البيروني كتابه الشهير «تحقيق للهند من مقولة في العقل أو مرذولة»، فكان الإنتاج الفني للهند في العمارة والفنون الإسلامية عروة وثقى بين روح الفن الإسلامي وشخصية الهند التليدة، هنا وعلى مدار الشهر الكريم نعرض لأهم ملامح إسهامات الهند في الفن الإسلامي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©