الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

فاتورة سيارات المسؤولين الصينيين تتجاوز ميزانية الدفاع

3 مايو 2006
إعداد - محمد عبد الرحيم:
لم يكن هناك ما يضفي السعادة والسرور في نفوس القدامى من الاباطرة الصينيين ويشعرهم بالفخر وعلو المكانة الاجتماعية أكثر من كثرة اعداد الحمالين والخدم الذين يحملونهم على 'المحفة' في حلهم وترحالهم· أما بالنسبة لكبار المسؤولين المعاصرين في الدولة فإن هذه المكانة الاجتماعية اضحت فيما يبدو تتمثل في التجوال في أنحاء المدينة مستقلين سيارات طويلة فارهة سوداء يقودها سائقون على ان تتمتع بعلامة أجنبية مشهورة ونوافذ مظللة· ولكن هذا الحنين الى الرمز والمكانة الاجتماعية اصبح يتنافى باطراد مع التوجه الحكومي لترسيخ المبادئ الشيوعية التي ترتكز على الاقتصاد في الانفاق·
وكما ورد في صحيفة التايمز اللندنية مؤخراً فإن تكلفة شراء السيارات الرسمية في عام 2004 في الصين بلغ اجمالياً مقداره 3,5 مليار جنيه استرليني كما ان هذا الانفاق صار الى ازدياد بنسبة تزيد على 20 في المئة في كل عام· أما جملة الانفاق السنوي على السيارات الحكومية الرسمية - بما في ذلك الوقود ورواتب السائقين الذين لا غنى عنهم - فقد قفزت الآن الى 43 مليار دولار في العام اي أكثر من مبلغ 38مليار دولار الذي رصدته الحكومة الصينية للانفاق العسكري·
وكما ذكرت صحيفة تشاينا ديلي في نهاية عطلة الاسبوع فإن الحملات الحكومية المتكررة لكبح جماح المسؤولين عن الانغماس في ممارسات تتعلق بالمظاهر والمكانة الاجتماعية قد فشلت في تحقيق النجاح المأمول· والمشكلة كما تقول الصحيفة تكمن في 'ان اولئك الذين يصيغون وينفذون السياسات الاصلاحية هم أنفسهم المستفيدون من النظام الحالي'·
وظل هؤلاء المستفيدون يجوبون شوارع العاصمة بكين حيث أصبحت كل أربع سيارات تتجول في الشوارع المزدحمة من بينها سيارة حكومية رسمية·
أما أنواع السيارات التي تحظى بشعبية جارفة في أوساط كبار المسؤولين فهي سيارات 'الأودي '100 وسيارات 'البويك' وكلتاهما أصبح يتم تصنيعه في الصين· وأضحى من المعتاد الاستماع الى أصوات اجهزة الانذار والابواق الصادرة من السيارات السوداء الضخمة وهي تشق طريقها الى مقدمة الاماكن المزدحمة في الطرقات منذ طلوع الفجر وحتى الهزيع الأخير من الليل· وعلى طول طريق شانجان الذي يقسم قلب بكين شرقاً وغرباً ويمتد الى ما تحت اللوحة الكبيرة للزعيم 'ماو' في ساحة تيان ان مين فإن اعداد هذه السيارات السوداء تبدو اكثر عدداً من السيارات العادية· ويبدو ان السلطات بعد ان استحوذت عليها فكرة السيارة ترمز للوجاهة قد اقدمت على حظر مرور السيارات ذات المحركات صغيرة الحجم في شارع شانجان لسنوات طويلة قبل ان تنهي هذا الحظر في أبريل الماضي وكانت البلاد قد شهدت حملة قبل عامين تروج لبيع السيارات الحكومية ومنح كبار المسؤولين بدلات انتقال مالية ولكن هذه المبادرة سرعان مافترت قبل ان تتوارى في داخل الاضابير الحكومية·
ولكن المواصلات كصورة من صور الوجاهة والمكانة الاجتماعية لديها جذور عميقة في التاريخ الصيني· فأثناء حكم عائلة الامبراطور كوينج 'في الفترة ما بين 1644 والى العام 1911م' اعتاد كبار المسؤولين حتى المستوى السابع من تسعة طبقات على استخدام كرسي 'السيدان' أو المحفة على ان يحملها أربعة من الخدم بينما يجوز للامراء ان يستقلوا هذه المحفة ويحملها ثمانية افراد· أما الامبراطور ووالدته فيحق لهم الركوب على محفة يحملها اربعة وعشرون من المستخدمين· اما الآن ومنذ تبني الاصلاحات في عام 1964 فإن الوزراء لم يعد يسمح لهم باستخدام سيارات أكبر حجما من تلك المزودة بمحرك صغير على الا يتعدى سعرها 32 ألف جنيه استرليني بينما لا يحق للمسؤولين الأقل درجة من نائب الوزير امتلاك سيارة الا لأغراض مؤقتة مثل استقبال ومرافقة كبار زوار الدولة·وهو الأمر الذي يجعل من الصعب تفسير ما يجري في ولاية مثل ولاية هونان في وسط البلاد حيث تواجه الحكومة المحلية الكثير من الصعوبات المالية وهي لا تستطيع ان تتحمل دفع أكثر من 70 في المئة من رواتب المعلمين ولكنها انفقت مبلغ 357 ألف جنيه استرليني في شراء 36 سيارة لكبار المسؤولين·
أما أكثر ما يثير الغضب في أوساط المواطنين ان معظم هؤلاء المسؤولين يستخدمون هذه السيارات كسيارات خاصة في الذهاب الى تناول العشاء في المطاعم الفخمة او لنقل ابنائهم من والى المدارس· وقد كتب أحد المعلقين في إحدى غرف الدردشة على الانترنت يقول 'لقد أصبح من الضروري الآن العمل على اصلاح النظام الخاص بسيارات كبار المسؤولين· وبات يتعين على الحكومة ليس العمل فقط على تحسين الظروف المعيشية للمواطنين وانما العمل ايضا على تحسين صورتها امام الجميع'·
والآن وبعد ان بلغت فاتورة شراء السيارات للمسؤولين الحكوميين 24 مليار جنيه استرليني ' 43 مليار دولار' في هذا العام يجدر بنا ان نلقي الضوء على حجم بعض الميزانيات الحكومية الأخرى فقط من أجل المقارنة فميزانية الصين للدفاع في هذا العام تبلغ 20,2 مليار جنيه استرليني بزيادة بمعدل 14 في المئة من العام الماضي في حين ان سد ترى جورجيز المشروع الذي سيستغرق بناؤه عشر سنوات لاستحداث أكبر مورد في العالم للطاقة الكهربائية والمياه لم تزد تكلفته على 17,2 مليار جنيه استرليني·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©