الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات السريلانكية... نذر استدامة الأزمة

29 يناير 2010 23:09
مارك مانيير - نيودلهي أنورادا هيراث - كولومبو لعل تلك الآمال التي كانت معقودة بشأن انتهاء العداء والشقاق اللذين ميزا الحملة الانتخابية طيلة سبعة أسابيع في سريلانكا، لم تدم طويلاً مع الفرز النهائي للأصوات يوم الأربعاء وسط التهم والتهم المضادة والتهديدات برفع دعاوى قضائية والخوف من تحول خلافات المتنافسين إلى أعمال عنف تمتد إلى الشوارع. فقد أعلنت وسائل الإعلام الحكومية أن السباق بين الرجلين القويين شهد إعادة انتخاب ماهيندا راجاباكسا الذي حصل على 57.9 من الأصوات مقابل 40.6 للقائد السابق للجيش ساراث فونسيكا، وهو إعلان استقبل بإطلاق الألعاب النارية والاحتفالات في المعسكر الرابح. ولكن في رسالة إلى اللجنة الانتخابية السريلانكية وفي مؤتمر صحفي أعقب الإعلان، قال فونسيكا إنه لن يقبل النتيجة وهدد برفع دعوى قضائية تطالب بإبطال نتيجة الانتخابات بدعوى وقوع اختلالات جسيمة في العملية الانتخابية. يذكر أن الرجلين هيمنا، دون غيرهما، على حملة انتخابية عرفت تنافساً محموماً وشارك فيها 20 مرشحاً آخرون، في وقت أعلنت فيه منظمات المراقبة الانتخابية أن موسم الانتخابات شهد تفجيرين على الأقل، ومقتل أربعة أشخاص، و12 عملية إطلاق نار، وإصابة 137 شخصاً. وإضافة إلى ذلك، زعم فونسيكا في شريط فيديو على موقع "يوتيوب" وفي صفحته على موقع "فيسبوك" وكذلك في تصريحات للصحافيين بأنه كان هدفاً لمحاولة اغتيال مدبرة. كما اتهم الرئيس باستغلال وسائل الإعلام الحكومية لمهاجمته، وإساءة استعمال المال العام، وتوظيف القوات الحكومية لاحتجازه في فندق فخم. غير أن الحكومة التي كانت قد حاولت إقصاء ترشح الجنرال يوم الثلاثاء الماضي، حتى في الوقت الذي ذهب فيه الناخبون إلى مكاتب الاقتراع، نفت تقييد تحركات فونسيكا وقالت إن حضور الشرطة المكثف خارج فندق "سينامون ليكسايد" في العاصمة كولومبو إنما كان إجراءً احترازياً أمنياً حيث قال المتحدث باسم الجيش "البريجادير" أودايا ناناياكارا: "طالما أنه موجود هناك، فلابد من ضمان أمنه... لأنه إذا حدث أي شيء، فإن اللوم سيلقى على الحكومة وقوات الأمن". وأضاف "ناناياكارا" أن تسعة فارين من الجيش وُجدوا بين أنصار فونسيكا تم اعتقالهم وحجز قطعتي سلاح. أما الحكومة، من جهتها، فقد وصفت فونسيكا خلال الحملة الانتخابية بأنه ديكتاتور في انتظار الوصول إلى السلطة، واتهمته بالتخطيط لحشد أتباعه السابقين وتنظيم انقلاب؛ ولكن المتحدث باسم الجيش نفى أن يكون ذلك جزءاً من دوافع الطوق الأمني حول الفندق. معروف أن لدى سيريلانكا الكثير من المشاكل المستعصية التي تحتاج إلى الاهتمام بعد عقود من الحرب ضد انفصاليي أقلية التاميل، ومن ذلك إعادة توطين ما يقدر بـ100 ألف تاميلي ما زالوا في مخيمات الاحتجاز، وإجراء إصلاح سياسي وقانوني، وتنمية اقتصادية، ومصالحة عرقية وسياسية. ويرى بعض المراقبين أنه إذا لم يتم حل التوتر الحالي، فإنه سيكون من الصعب إحراز تقدم إلى الأمام. وفي هذا الإطار، يقول بايكياسوثي سارافاناموتو، المدير التنفيذي لـ"مركز بدائل السياسة"، وهو مركز بحوث مستقل: "لقد عرفت الانتخابات تنافساً محتدماً، وهناك العديد من علامات الاستفهام بخصوص العملية"، مضيفاً: "ولكن أول شيء ينبغي القيام به هو الحرص على عدم وقوع أية أعمال عنف خلال مرحلة ما بعد الانتخابات". والواقع أن كلا الرجلين يعتبران بطلين في نظر الأغلبية السنهالية لدورهما في إنهاء حرب أهلية وحشية دامت 26 عاماً، حيث هزم الجيش في مايو الماضي حركة "نمور تاميل"، التي كانت تسعى وراء أهداف انفصالية. وكانت تلك أيضاً هي المرة الأولى منذ عقود التي صوت فيها الكثيرون في الشمال، حيث يتركز التاميل، بسبب الاقتتال وسيطرة المتمردين على المنطقة. ولكن وبالنظر لنسبة مشاركة بلغت حوالي 25 في المئة في مدينة "جفنا" الواقعة في الشمال، مقارنة مع 74 في المئة على الصعيد الوطني، فإن الكثيرين في المنطقة إما يفتقرون إلى بطاقة هوية، أو مُنعوا من التصويت، أو اختاروا الإحجام عن ممارسة حقهم في الاقتراع، بكل بساطة. وجاء دعم الرئيس في المقام الأول من السنهال، الذين يشكلون نحو ثلاثة أرباع السكان، حيث يقدر الكثيرون نجاحه في إنهاء حرب استمرت عقوداً طويلة. وفي هذا السياق، يقول ساباث نيرانجان، 44 عاماً: "بالنسبة لي، إنه شخص مثالي، محل تقدير كبير... فقد كنا نعيش في خوف. أما اليوم، فلم نعد نخاف من الذهاب إلى أي مكان". وبالمقابل، قال أنصار فونسيكا إن جاذبيته تكمن في تعهداته بتقوية الاقتصاد ومحاربة الفساد. وفي هذا السياق، يقول تانوجا ديمال، 30 عاماً، إنه مبهور بتعهد فونسيكا بتقليص عدد الوزراء -109 وهو من بين الأعلى في العالم- وتقليص الامتيازات التي يحظون بها. غير أن الخوف اليوم هو من أن يمتد العداء والشقاق المقتصران حتى الآن على السجال الكلامي والتهديد برفع الدعاوى القضائية إلى الشوارع، لأن سريلانكا في غنى عن مزيد من العنف. وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي جيهان بيريرا: "لقد كشفت هذه الانتخابات عن انقسام عميق في المجتمع"، مضيفاً "إذا تبنت المعارضة دعوات الجنرال، فإنه يمكن أن يكون ثمة رد فعل عنيف في المجتمع الأوسع. إن الأزمة الآنية هي حول قبول الحكم ولابد من التغلب عليها!". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©