السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القراءة.. فصل دائم

القراءة.. فصل دائم
15 يونيو 2011 19:46
لا أدري، وقد يشاركني كثيرون في عدم الدراية هذه، متى ارتبطت فكرة القراءة بالفصول وصارت “مناخية” تعلو درجتها وتهبط مع ارتفاع وهبوط معدلات الحرارة والبرودة... ولا أعلم أيضاً إن كانت القراءة تقل صيفاً وتتراجع أو تزداد وتائرها في الشتاء أو الربيع مثلاً، خصوصاً أن العرب متهمون حتى إشعار آخر، وسواء ثبتت براءتهم أم لم تثبت، بأنهم لا يقرأون. ما أعلمه جيداً أن القراءة هي القراءة، في كل الفصول وفي كل الأوقات والأزمان، لكن العادة درجت، ولا أعلم من أدرجها ولا سبب إدراجها، في وسائل الإعلام أن يأتي الصيف بـ”الفراغ” الذي يمكن ملؤه بالقراءة. ومشكلة “أوقات الفراغ” هذه حاضرة في كل وقت، لكنها تتورّم وتتضخّم إعلامياً ومجتمعياً في الصيف، بحيث لا تخلو صحيفة ولا قناة فضائية ولا مجلة من عمود أو مقال أو برنامج يناقش “أزمة الفراغ”!... أما ثقافياً فجرت العادة أن يُسأل المثقفون ماذا يقرأون في الصيف؟ في ظل هذه الموسمية هل يمكن الحديث عن قراءات خاصة بالصيف، وبالتالي عن ثقافة الصيف؟ هل صحيح أن للصيف قراءات “خفيفة لطيفة” لا تثقل الذهن وتكون أشبه بشربة ماء باردة تلطف حرارة الصيف؟ هل يناسب القراءة أن تتأطر زمنياً بفصل من الفصول، خصوصاً أن القراءة مثل الكتابة طقس إبداعي تفرضه شروط رغبوية جوّانية لا علاقة لها ببرّانية ما هي هنا الفصول والجغرافيا؟ وعليه، هل هناك قراءات تسلوية تصلح لضجر الصيف وقراءات غير ذلك، مع العلم أن القراءة، كل قراءة، هي في العمق تسلّي الروح وتمتع العقل لكن الحديث هنا عن قراءات تحتاج إلى أعمال الذهن والعقل أكثر من غيرها؟ أخيراً، هل صحيح أن الصيف يرتبط بـ “خفة قرائية” إن جازت العبارة وأنه لا يحتمل قراءات من العيار الثقيل؟ في التحقيق التالي، ثمة إجابات لمبدعات وباحثات وكاتبات قارئات تقول حصيلتها، وإن بشكل غير مباشر، أن الصيف فصل ينفتح على عوالم القراءة كلها بالكامل، فيه حضور لكل الحقول ولكل الورود، وهو لا يعرف التمييز ولا المحاباة ولا ما اعتاد الناس على تسميته “قراءات خفيفة”. لا زمن للقراءة تذهب الشاعرة والروائية صالحة غابش المستشارة الثقافية لرئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة إلى أن قراءاتها “لا تتحدد بفصل معين، في الصيف كما في الفصول الأخرى أقرأ في كل المجالات المعرفية التي تستهويني. ربما يشيع الحديث عن كون الصيف يصلح أكثر لقراءة الرواية لكن الرواية باتت اليوم مختبراً إبداعياً لتمثلات الوعي المختلفة، وهي بالتالي تحتاج قرائياً إلى الجهد الفكري الذي يحتاجه كتاب في الفلسفة أو العلم أو غيره. أتحدث عن القراءة الواعية الفاحصة التي تسبر أغوار العمل الروائي وتتبع مدلولاته وتتأمل في قوسه الفكري الواسع. مع ذلك، أعتقد أن فصل الصيف يتسع لكل القراءات في الفكر والأدب والنقد والفلسفة والعلوم الاجتماعية والدراسات المختلفة التي تحظى باهتمامي”. وبين يدي غابش حالياً مجموعة من المخطوطات لأعمال إبداعية في الشعر والقصة والرواية تعكف على قراءتها، وقد انتهت مؤخراً من قراءة كتاب جميل، تنصح بقراءته، وهو “عصر العلم” للعالم المصري الشهير أحمد زويل الحائز جائزة نوبل، وتقول: “ربما يوحي اسم الكتاب بأنه كتاب علمي يتعلق بالاكتشافات والنظريات، لكنه على العكس من ذلك يحكي قصة زويل وكيف أصبح عالماً، ويجيب عن سؤال مهم هو: كيف ندخل عصر العلم، وذلك من خلال تناول رشيق للخطط والبرامج والاستراتيجيات التي تدخلنا نحن العرب إلى العصر وعلومه وتصنع لنا مكانة في العالم المعاصر”. قراءات مفتوحة وترى الباحثة والفنانة التشكيلية ريم المتولي أن “الصيف من أجمل المواسم للمطالعة”، رغم تأكيدها على أنها تقرأ طوال السنة “ليس فقط لحبي للكتاب الذي أعتبره أنيساً ورفيقاً لي في كل وقت، بل لأنني كما تعلمين عضوة في أكثر من مجموعة قرائية بالعربية والإنجليزية أخذت على عاتقها قراءة الكتب ومناقشتها في صالونات وملتقيات ثقافية”. تقرأ ريم المتولي في كل شيء، ولا تتأطر بزمن أو نوعية من الكتب. وفي كل مكان تسافر إليه تلتقط ما يحلو لها من كتب التراث والعمارة والفن والتصوير والشعر والتصميم والأزياء والتاريخ وغيرها من المجالات التي تهواها وتدخل أيضاً في صميم عملها الإبداعي. وتحرص ريم، حسب قولها، على قراءة آخر الكتب التي تتصدر المبيعات “best sellers list – بيست سيلرز” وهي بالطبع لا تقتصر على الرواية فقط. كما أنها من محبي قراءة السير الذاتية للمبدعين لأن القراءة عن قصص حياة وتجارب المبدعين “تذكرنا بصغر إنجازاتنا مهما عظمت وتلهمنا المثابرة والبحث عن الإبداع المتميز”. وتنصح بقراءة كل روايات واسيني الأعرج خصوصاً الأخيرة “البيت الأندلسي” التي تجمع بين الرواية وحب التراث والعمارة والفن والتاريخ وغدر الزمان، وكل روايات نجيب محفوظ وإن سبقت قراءتها لأن قراءتها كالقهوة دائماً لها مذاق مختلف في كل مرة. علاوة على عدة كتب باللغة الإنجليزية في مجال تفسير فلسفة العلوم الحديثة والتفكر في نشأة الخلق التي تشد القارئ وتفتح آفاق العقل مثل “A short history of nearly everything” للكاتب Bill Brison. المزاج المعرفي أو الرغبة في القراءة هو الحاكم بأمره، وهو دليل الشاعرة والقاصة فاطمة المزروعي إلى القراءة، تقول: “القراءة حالة لا تتأطر بالنسبة إلي في وقت محدد أو فصل. كل كتاب يعجبني أو يوافق مزاجي هو مشروع قراءة دائم. أقرأ في كل المجالات ولا أخص بحبي مجالاً عن آخر. أقرأ في مجالات قد تبدو غريبة للمبدعين في القانون والاقتصاد والعلوم كما في الأدب والفلسفة والفكر والاجتماعيات. عالمي القرائي مفتوح على آخره ولا حدّ له سوى ما يقدمه لي من المعرفة”. ولأنها لا تسافر تجد فاطمة المزروعي في الكتاب “سفرها الخاص” ففيه تتجول في شتى أركان الأرض، وتعرف تراث الشعوب والحضارات وتدخل إلى المتاحف وتتذوق من أصناف المعرفة ما يلذ لها ويطيب. ومن هنا، كانت قراءاتها في الصيف بحجم هذا الشغف العالي. وقائمتها القرائية تتضمن الروايات والكتب العلمية والبحوث الاجتماعية والتراث والحضارات وغيرها مما يصلح للصيف ولكل الفصول. وبالنسبة للكاتبة والقاصة الدكتورة فاطمة حمد المزروعي عضو المجلس الوطني فإن “القراءة مستمرة طوال السنة”، لكنها قد تترك بعض الكتب للصيف خاصة الروايات الطويلة جداً. وعن طبيعة قراءاتها الصيفية تقول: “تختلف طبيعة ما أقرأه إن كنت في سفر، فغالباً ما أحمل معي مجموعات قصصية، وأحياناً، روايات إن كانت الرحلة بالطائرة طويلة”. وفي هذا الصيف أعدت فاطمة بعض الكتب للقراءة منها: “تجاربي مع الحقيقة” وهي سيرة ذاتية للمهاتما غاندي، وروايات “سانتا إيفيتا” لتوماس إيلوي مارتينث، و “ألف شمس مشرقة” للكاتب خالد حسيني، صاحب رواية “عداء الطائرة الورقية”، وهي من أجمل الروايات التي قرأتها، و “قلعة في البيرينيه” لجوستاين غاردر صاحب “عالم صوفي”، وروايته الجديدة تركز على لقاء حبيبين بعد فراق دام ثلاثين سنة. وأما للسفر فجهزت بعض المجموعات القصصية، مع إعادة قراءة لبعض الأعمال من مثل قصص تولستوي. نجيبة الرفاعي: قراءة المتعة وقراءة الفائدة الكاتبة نجيبة الرفاعي ترى أن فصل الصيف يوفر لها الوقت الإضافي فقط، لكنه لا يختلف عن سواه من حيث برنامج القراءة، وما الذي علينا قراءته، وهناك أمور مشتركة بين الكتب التي تكون بين يدي في العادة، لكن في الصيف أستخرج الكتب التي أكون اشتريتها من المعارض، وتضيف: القراءة ليست حشوا لوقت الفراغ، هناك نوعان من القراءة بالنسبة لي، الأولى قراءة للمتعة الخالصة وهي غالبا في الأدب، والثانية قراءة للفائدة الخالصة حيث أذهب لقراءة مواد تفيدني في كتابتي أو حتى في حياتي، فحين أجد نفسي أمام كتابة قصة أجد أنني أتجه للقراءة في الحقل الذي أفضله وهو علم النفس وعلم الاجتماع، وهذا عالمي المفضل حيث يساعدني في فهم الإنسان وأعماقه وسلوكياته، ويمكن بالطبع أن أقرأ قليلا في الفكر والسياسة والتاريخ. وحول ما تقرأ اليوم تقول نجيبة الرفاعي: في العادة أقرأ في كتابين أو أكثر في وقت واحد، مع تركيز على أحدهما لسبب عملي أو إبداعي، وفي هذه الفترة أقرأ كتابا حول “قوة المشاعر الإنسانية”، حيث يطرح مؤلفه عبد الله المزروعي الباحث في شؤون تطوير الذات مسائل تتعلق بمشار الفرد وإحساسه تجاه ذاته وتجاه الآخرين وكيفية التحكم بهذه المشاعر لتكون إيجابية. والكتاب الثاني بعنوان “خمس دقائق مفيدة مع من تحب” للمؤلفتين جيفري برانتلي ووندي ميللستاين، ويضم الكتاب مائة تمرين لتعلم الحب بأشكاله وألوانه، والمقصود الحب بصورة عامة وليس حب الرجل للمرأة فقط، إنه يسعى إلى تدريب الفرد على استبعاد البغض والضغينة، وخلق حالات الحب، الابتعاد عن الغضب والاقتراب من البشر ومحبتهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©