الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آن الأوان لتصحيح أوضاع «الناتو»

14 نوفمبر 2016 22:27
ليس سراً أن الرئيس الأميركي المنتخَب دونالد ترامب لا ينظر بعين الرضا إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو» بشكله الحالي، حيث وصف الحلفَ بـ«القديم» مقترحاً تبني نظام يقاس بموجبه التزام أميركا تجاه حلفائها بناء على التزامهم بالإنفاق على الدفاع، لا بل إن واشنطن قد تستطيع في نهاية المطاف استخلاص أموال من حلفائها نظير أي عمل عسكري يتم القيام به من أجلهم. والآن سيتعين على المدافعين عن «الناتو» العودة إلى المبادئ الأساسية. والواقع أنه ليس عليهم أن يعترفوا بصحة انتقادات ترامب للحلف في كل تفاصيلها، ولكن عليهم أن يعترفوا بشرعيتها. فاستمرار زعامة أميركا لهذه المؤسسة يتوقف على إقناع الرئيس المنتخب الجديد بأن فائدة الحلف أكبر من تكلفته. والحق أن ثمة حججاً وجيهة تؤكد ذلك أولاها: أن دول «الناتو» من دون الولايات المتحدة تنفق قرابة 300 مليار دولار على الدفاع، وهو ما يرقى إلى ميزانية دفاع تأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد ميزانية الولايات المتحدة نفسها. وعلى سبيل المقارنة، ينفق الصينيون نحو 150 مليار دولار، بينما ينفق الروس نحو 90 مليار دولار. وعلى الرغم من أن الأوروبيين لا يحققون هدف الـ2 في المئة من الناتح المحلي الخام الذي حدّدوه لأنفسهم، إلا أنهم ما زالوا يشترون كميات هائلة من المعدات العسكرية، ويقومون بتدريب قواتهم ونشرها، ويصنعون أنظمة عسكرية معقدة جديدة -من الأقمار الصناعية إلى السفن الحربية إلى أنظمة المراقبة الجوية. والفائدة الثانية للتحالف تكمن في حقيقة أنه على الرغم من كل الإحباط الذي نشعر به تجاه بيروقراطية الحلف البطيئة وعملية صنع القرار فيه، إلا أن الأوروبيين وافقوا عموماً على القتال إلى جانبنا على مدى عقود في البلقان وأفغانستان والعراق وليبيا وسوريا، وفي مهمات محاربة القرصنة في البحر. ثالثاً، إن موقع أوروبا الجغرافي يظل مهماً، وما لم تكن الولايات المتحدة تنوي أن تصبح انعزالية بالكامل (وهي فكرة كارثية لا يؤيدها حتى ترامب)، فإنها في حاجة إلى أن تكون موجودة على أراضي «الناتو» الأوروبية. لقد تطورت قواعد الحرب الباردة القديمة إلى محطات للعمليات الأمامية في القرن الحادي والعشرين تمكّن الجيشَ الأميركي من عرض قوته في الشرق الأوسط القريب وأفريقيا وآسيا الوسطى. ولاشك أنه حالما ننسحب من تلك القواعد، فإنها لن تعود إلينا. ومع أن ذلك قد تكون له فائدة مالية على المدى القصير ويمنحنا لحظة «شعور جيد»، إلا أن التاريخ يشير إلى أن الأميركيين سيندمون على ذلك في النهاية لأن التهديدات التي يفشلون في مواجهتها في أماكن بعيدة تميل عموماً إلى أن تواجههم على أراضيهم. رابعاً وأخيراً، الأوروبيون متقدمون تكنولوجياً ولديهم قدرات متطورة جداً في الاستخبارات والأمن الإلكتروني. ومع أننا نستطيع الاستفادة من تلك المزايا من خلال سلسلة من الاتفاقيات الثنائية، إلا أن القيام بذلك على نحو منسق عبر الآليات القائمة لـ«الناتو» أكثر فعالية بكثير. ولكن هل يمكن للحلف أن يقوم بأشياء أكثر لتحسين جدواه وفائدته في رأي إدارة ترامب؟ بكل تأكيد. على الحلف أن يقوم بسرعة وقوة أكبر بدفع كل دوله إلى بلوغ هدف إنفاق دفاعي بواقع الـ2 في المئة من الناتج المحلي الخام. فاليوم، تتراوح البلدان التي تحقق هذا الهدف من الولايات المتحدة إلى بلدان متوسطة الحجم مثل بريطانيا، إلى بلدان صغيرة جداً مثل إستونيا. غير أن ذلك ينبغي أن يكون قاعدة عامة في عموم الحلف. كما أنه سيكون من المنطقي أيضاً أن يركز «الناتو» أكثر على ثلاثة عناصر رئيسة للقوة القتالية هي: الفضاء الإلكتروني، والقوات الخاصة، والمركبات غير المأهولة. وأخيراً، ينبغي على الحلف أن يتواصل مع شركاء آخرين يمكن إشراكهم بشكل رسمي في عملياته بشكل منتظم -وهنا تخطر على البال بلدان مثل اليابان وأستراليا ونيوزيلندا وكولومبيا وفنلندا والسويد والنمسا. ولاشك أن عقد اتفاقات رسمية مع هذه الجيوش، التي ليست أعضاء في «الناتو» ولكنها تمتلك قدرات عسكرية مهمة، من شأنه أن يزيد من قيمة الحلف وأهميته. لقد آن الأوان لكي يحسّن «الناتو» من عائد الاستثمار فيه أمام أسئلة صعبة تنتظره. إنها قضية يمكن كسبها، ولكن ترك الأمور على حالها ومعالجتها بالطرق القديمة المألوفة قد يؤدي إلى قرارات جديدة في واشنطن لن تكون في صالحنا جميعاً. * أميرال متقاعد في البحرية الأميركية وقائد سابق لقوات «الناتو» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©