عدد اليوم
ينزوي التاريخ جانباً عند الحديث عن المواجهة المرتقبة بين فريقي مانشستر سيتي وتشيلسي في مباراة بطولة الدرع الخيرية الإنجليزية في افتتاح الموسم الكروي الإنجليزي الجديد، لأن صراع العقول والتكتيك بين الإسباني العبقري بيب جوارديولا والإيطالي المغامر ماوريسيو ساري فرض نفسه بقوة على تلك المواجهة، ورغم أن الثنائي لم يلتق وجهاً لوجه سوى مرتين فقط، حيث حدث ذلك للمرة الأولى في مباراتي السيتيزن ونابولي الإيطالي ضمن مواجهات دوري مجموعات شامبيونزليج العام الماضي، إلا أن النزعة الهجومية التي قدمها ساري بشجاعة مع جلي آزوري أمام عمالقة البلومون وتسجيل 3 أهداف في المواجهتين رغم الخسارة بستة أهداف، رفعت من أسهم المدرب الإيطالي كثيراً، خاصة عقب إشادة جوارديولا به كثيراً في الوقت الذي شهد اعتراف ساري بأن بيب هو أفضل مدرب في العالم حالياً!
واهتمت الصحف البريطانية كثيراً بالنزال التكتيكي المنتظر بين بيب وساري، فالكل يترقب كيفية تغيير طريقة وفكر البلوز الدفاعي المتوارث منذ سنوات، والذي تجلى بشكل واضح خلال الموسمين الأخيرين مع أنطونيو كونتي، لأن التحول من طريقة 5/3/2 أو 3/5/2 الدفاعية إلى تكتيك هجومي بحت بطريقة 4/3/3 التي يفضلها ساري لن يكون سهلاً على الإطلاق على لاعبين اعتادوا خوض المباريات بفكر دفاعي متحفظ، ورغم امتلاك البلوز كتيبة من اللاعبين الذين يمتلكون المهارة والقوة والسرعة، إلا أن متطلبات فكر ماوريسيو تحتاج منهم إلى فرض السيطرة والاستحواذ على الكرة، وتنفيذ الضغط العالي المتواصل، والتمرير القصير السريع، وهو ما قدمه نابولي أمام السيتي في الموسم الماضي، لكنها ستعتبر مغامرة كبرى في مواجهة كتيبة جوارديولا التي تجيد اللعب بهذا الأسلوب بسلاسة وقوة منقطعة النظير، ويبدو أن الثورة التكتيكية والفنية التي فرضها بيب على الكرة الإنجليزية في العام السابق ستستمر وتتطور في الموسم الجديد.
صحيفة تيلجراف قدمت تقريراً فنياً شاملاً توقعت من خلاله التشكيل ومراكز لاعبي البلوز في تلك المواجهة، لكنها حذرت من خطورة لعب ساري بدفاع متقدم ضمن خطة 4/3/3 من أجل الضغط المتقدم على لاعبي السيتي الذين يمتلكون السرعة الكافية لشن الهجوم الخاطف السريع عبر أقل عدد من التمريرات من أجل بلوغ المرمى الأزرق، وتعتقد تيلجراف أن إرث البلوز الدفاعي سيكون صالحاً في ذات التوقيت أمام السيتيزن، خاصة عند فقد الكرة المتوقع أمام فريق بلغ متوسط نسبة استحواذه على الكرة في مباريات الموسم الماضي 61%، حيث سيتراجع فريق ساري لإغلاق المناطق الدفاعية ومحاولة تضييق المساحات لأقصى درجة ممكنة.
أما السيتي، فلن يتغير الأمر بالنسبة له، فتكتيك 4/1/4/1 أو 4/3/3 مع تعديل 3/1/3/3 الهجومي سيستمر في الموسم الجديد مع زيادة رغبة جوارديولا في حصد كل البطولات المحلية والقارية بلا استثناء، وهو ما وضح من خلال تصريحاته الأخيرة التي نشرتها أغلب الصحف الإنجليزية، إذ حذر من خلالها كل لاعبيه بقوله إن الموسم الحالي هو الأصعب في تاريخهم لأنهم يستهدفون حصد كل الألقاب هذه المرة، وقال بيب إنه يسعى ليكون أول مدرب في العقد الحالي ينجح في الحفاظ على لقب البريميرليج للموسم الثاني على التوالي، فمنذ فوز السير اليكس فيرجسون مع اليونايتد بثلاثة ألقاب متتالية بين عامي 2007 و2009، لم ينجح أي مدرب في حصد لقبين متتاليين، ويريد الإسباني أن يكرر إنجازاته التي حققها مع برشلونة والبايرن رغم أنه يدرك جيداً صعوبة تكرار الأمر في البريميرليج، لكنه حذر لاعبيه بأنه لن يتسامح معهم على الإطلاق في الموسم الحالي، حيث يرى أن عليهم نسيان كل ما تحقق في الموسم الماضي وضرورة البحث عن أهداف جديدة بحماس أكبر وجوع زائد لحصد المزيد من البطولات!
وتقول تيلجراف إن المباراة ستختلف كثيراً عما شاهدناه في الموسم السابق، لأن فكر ساري الذي مدحه بيب مرة أخرى في تصريحاته الأخيرة، سيجعل المنافسة على الكرة وتنفيذ الضغط والهجوم الشامل هو أبرز ملامح المباراة من قبل الفريقين، وليس السيتي وحده مثلما كان يحدث في السابق، وهو ما يعني خوض مباراة مفتوحة من قبل الطرفين اللذين يعتمدان على الدفاع من الخط الأمامي، وهو ما يتيح الفرصة للمرتدات السريعة الخاطفة وتسجيل المزيد من الأهداف، وإذا كان بيب وساري يمتلكان درجات قريبة من الجرأة والمخاطرة التكتيكية الهجومية، فإن الصحيفة ترى أن عامل الوقت سيكون ضد الإيطالي لقصر الفترة الزمنية بين توليه مهمة تدريب البلوز وخوض مباراة من هذا العيار الثقيل، وعلى الجانب الآخر، فإن العنصر البدني سيكون مؤثراً بشكل سلبي على لاعبي السيتيزن الذين عادوا إلى التدريب مؤخراً، لكنهم يتمتعون باستيعاب أكبر لفكر وتكتيك جوارديولا المستمر للموسم الثالث على التوالي.
