الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رئيس كولومبيا .. خطوة في مواجهة الاستبداد

28 يونيو 2014 23:08
أندريس أوبنهايمر صحفي أرجنتيني متخصص في أميركا اللاتينية لم أشاهد مبادرة سياسية في أميركا الجنوبية خلال الأعوام الأخيرة، أفضل من مقترح الرئيس الكولومبي الذي أعيد انتخابه حديثاً، «خوان مانويل سانتوس»، الذي يدعو إلى حظر إعادة انتخاب الرؤساء لفترات متعاقبة. وينبغي أن يتحول هذا المقترح إلى أنموذج إقليمي في مواجهة موجة الاستبداد التي اجتاحت المنطقة مؤخراً. وبعد يوم من إعادة انتخاب «سانتوس» في سباق محدود، اتهمه خصمه الرئيسي «أوسكار إيفيان زولواجا»، بأنه يتجه بالدولة صوب نوع من الشعبوية اليسارية الاستبدادية التي كان بطلها الرئيس الفنزويلي الراحل «هوجو شافيز»، لكن الرئيس أعلن أنه سيقدم مشروع قانون للكونجرس الكولومبي يحظر إعادة انتخاب الرؤساء لفترات تالية متعاقبة، على أن يتم تمديد المدة من أربعة أعوام في الوقت الراهن إلى خمسة أو ستة أعوام بداية من الرئيس القادم. وقال «سانتوس» في أول مؤتمر صحفي له عقب الانتخابات: «إننا نتجه نحو إجراء سلسلة من الإصلاحات، من بينها إلغاء انتخاب الرئيس لفترة ثانية، وتمديد مدة الدورة الرئاسية». ويتفق كثير من المحللين السياسيين الكولومبيين الذين تحدثت معهم الأسبوع الجاري، ومن بينهم بعض منتقدي «سانتوس»، على أن منع إعادة انتخاب الرئيس لمدة ثانية فكرة ممتازة. وأوضحوا أنه منذ أن مرّر الرئيس السابق «ألفارو أوريب» قانوناً في عام 2004 يسمح بإعادة الانتخاب الذي مهد توليه الحكم لفترة ثانية في عام 2006، استغل كل من «أوريب وسانتوس» موارد الدولة الضخمة في تعزيز حياتهما السياسية المتعاقبة. والحقيقة أن الرؤساء الكولومبيين قد أصبحوا أكثر قوة؛ ذلك أنهم يعينون مرشحيهم لرئاسة البنك المركزي والقضاة والمراقبين الماليين والمسؤولين البارزين الآخرين لفترة تصل إلى ثمانية أعوام. لذا، باتت المؤسسات أضعف من ذي قبل، وهو ما يعرض نظام التوازنات والفصل بين السلطات في الدولة للخطر. وإذا حظر الكونجرس الكولومبي الآن إعادة انتخاب الرؤساء لفترة متعاقبة، كما هو متوقع، فإن كولومبيا سترحب بانتهاء موجة «منقذي أرض الآباء»، الذين ألهمهم «تشافيز» في كل من الإكوادور وبوليفيا ونيكاراجوا، والذين غيروا بعد انتخابهم بشكل ديمقراطي قواعد اللعبة للسيطرة على مقاليد السلطة المطلقة وأصبحوا رؤساء ديكتاتوريين منتخبين! وفي الإكوادور، أعلن الرئيس «رافييل كوريا» في بداية الشهر الجاري، أنه يرغب في تغيير الدستور بحيث يسمح بإعادة انتخاب المسؤولين الحكوميين كافة ـ وأزعم أنه من بينهم ـ لفترات متعاقبة إلى أجل غير مسمى، بعد أن أكد في خطاب توليه الفترة الثانية في الرابع والعشرين من مايو الماضي، أنه سيتنحى في عام 2017 بعد انتهاء مدته الحالية التي تمتد لأربعة أعوام. وقد فرض «كوريا»، الذي ازدهر اقتصاد بلاده بفضل ارتفاع أسعار النفط خلال العقد المقبل، رقابة على وسائل الإعلام المستقلة، وحاكم خصومه السياسيين، واتهمه شقيقه بأعمال فساد واسعة النطاق. وأما بالنسبة لتعهداته السابقة بأنه لن يسعى لفترة جديدة في المنصب، قال مؤخراً «إن حياتي لم تعد ملكاً لي، وإنما هي ملك الشعب وأرض الآباء». ومنذ انتخابه في عام 2006، أجهز رئيس بوليفيا «إيفو موراليس»، الذي يقتفي أثر الراحل «شافيز»، على وسائل الإعلام المعارضة وخصومه السياسيين، وتوقع مؤخراً أنه سيفوز في انتخابات أكتوبر المقبلة بنسبة 74 في المئة من الأصوات. وربما أن «موراليس» سيفوز بهامش كبير بالفعل؛ لا سيما أنه يسيطر على المؤسسات المهمة كافة، بما في ذلك اللجنة الانتخابية، وقد عزز تمجيد شخصيته لدرجة أنه يتم الآن تدريس كتاب للأطفال في مراحل التعليم الحكومي الأولى بعنوان «مغامرات إيفيتو»، والتي تمجد طفولة الرئيس. وما لم يتحد زعماء المعارضة في بوليفيا في كتلة موحدة، فمن المؤكد أن البرلمان البوليفي المقبل سيغير الدستور بحيث يتسنى إعادة انتخاب «موراليس» إلى أجل غير مسمى! وفي نيكاراجوا، ساعد زعماء المعارضة الذين رفضوا الانضمام إلى القوى الأخرى ومجتمع الأعمال الذي يكاد لا يعبأ بمستقبل الدولة، الرئيس «دانييل أورتيجا» أن يصبح بالفعل رئيساً مدى الحياة. وفي يناير الماضي مرّر المجلس الوطني الذي يسيطر عليه «أورتيجا» تعديلاً دستورياً يسمح بإعادة انتخاب «الرئيس» بصورة متوالية. وبالطبع، حضور / وجود «رؤساء الحد الأقصى» في أميركا اللاتينية خلال القرنين الماضيين. ولكنهم قد ظهروا من جديد بطاقة متجددة منذ أن بدأ «تشافيز» والزعماء اللينينيين الآخرين الاستفادة من الازدهار الاقتصادي الناجم عن ارتفاع أسعار السلع خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وبالتأكيد ستحاول رئيسة الأرجنتين «كريستينا فيرنانديز دي كيرشنر» تغيير الدستور كي تترشح لفترة ثالثة ما لم يخسر حزبها أغلبيته الكبرى في انتخابات التجديد النصفي في البرلمان. وفي رأيي، أن إعلان «سانتوس» أنه سيطرح مشروع قانون لحظر إعادة الانتخاب لفترة متعاقبة في كولومبيا هو خبر عظيم. وعلى الرئيس الكولومبي أن يحول هذا القانون إلى نموذج يحتذى به في بقية دول المنطقة. وسيكشف مثل هذا القانون أنظمة الدول المجاورة على حقيقتها، ويظهر أنها «ديمقراطيات تجميلية»، ويمكن أن يكون بداية لاتجاه جديد نحو إعادة ترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات في أميركا الجنوبية. وسيكون ذلك أفضل ترياق لعلاج تضخم الفساد الحكومي والقمع السياسي والتجارب الاقتصادية الكارثية التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الأخيرة. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©