الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«اكسر شيئاً من الماء».. قصص علمية مكتوبة بطريقة شيقة ومبسطة

«اكسر شيئاً من الماء».. قصص علمية مكتوبة بطريقة شيقة ومبسطة
8 سبتمبر 2010 22:07
كتاب “اكسر شيئاً من الماء.. وأحلام يقظة علمية أخرى” من الكتب النادرة في العالم العربي، فهو يشتمل على مجموعة من القصص البسيطة والميسرة، أتى بها الفيزيائي الفرنسي سيباستيان باليبار ليوضح فيها بعضاً من الحقائق العلمية تارة والأحلام العلمية تارة أخرى، منتهجاً سبيلاً فريداً عن غيره من الباحثين والعلماء، الذين غالباً ما تكون مؤلفاتهم صلبة، جامدة، ولا يقرأها سوى أهل الاختصاص في العلم. يقول الفيزيائي الفرنسي سيباستيان باليبار عن كتابه "اكسر شيئاً من الماء.. وأحلام يقظة علمية أخرى"، "كتبت هذا الكتاب كي أضحك، على الأقل كي أبتسم، أحدثكم فيه عن انطباعاتي، ستجدون إذاً فيه شيئاً عن العلم، كما تجدون الدراجة الهوائية، والموسيقى والأطفال والرجال والنساء.. وشيئاً من الحفاظ على البيئة وبعض رواد الفضاء". ويضيف "لكن كل هذا، حتى لو كان أحياناً جدياً، هو للتسلية خاصة العلم إذاً غريب، مكون من قصص عن الماء والشراب والألوان والأصوات، والسماء الزرقاء والغيوم، وندف الثلج والأشجار، ومن رمي الكرات والحفر السوداء، ومن الحر والبرد. أما فيما يتصل بالدراجة الهوائية، فذلك من أجل حب الرياضة كهواية، لكن ببضع كلمات عن الفيزياء البسيطة، والتوازن، أو عن مقدرة الراكب الهوائية.. أما الموسيقى فذلك لأنني أحب العزف على البيانو، والإصغاء للسوبرانو، والتمعن في الأوركسترا. وهناك أيضاً ثمة علم مدهش وراء تلك الموسيقى الرائعة". اكسر الماء جاءت القصص الشيقة التي أتى بها باليبار متنوعة وتداخلت مع علوم عدة، ولذا اخترنا بعضاً منها كي نتعرف على أسلوب وفكر هذا الفيزيائي الفرنسي البسيط والعبقري في آن. "في مختبري، أكسر شيئاً من الماء، أسحبه، وعندما ينكسر يصبح فُقاعة. أشكل فقاعات، إذا شئت. لا يُلتقط الماء باليد، ولذلك لا أسحبه كما أسحب قطعة من الخشب. بل أُخضعه، في علبة صغيرة، لصوت قوي جداً، لحزمة ديسيبلات قوية جداً. فالأمر سيان بالنسبة لنا. ولماذا تفعل هذا؟ أتعرف أن لجزيئات الماء زوجين من الأرجل والأيدي، كي يرتبط بعضها ببعض، لكن لا نفهم كيف. وعليه، لكي أفهم، فأنا لا أقطع أرجلها فحسب بل أزعجها أيضاً. أنتم حقاً غريبو الأطوار، يا معشر الباحثين". الحب الأول زرقاء كانت دراجتي الأولى. كانت ماري قد كبرت، فأعطتني إياها، والآن كل شيء على ما يرام، تمكنت من السيطرة عليها. كانت الإجازة الصيفية الكبيرة في "كوارد سور مير"، وكنا قد رحلنا إلى "سان مارتان دي ري". كان الآخرون يعرفون ذلك، أما أنا، فكان عمري خمس سنوات ولم أكن أعرف كيف أستدير. ولا كيف أكبح. وعليه، عند أول مفترق طرق، سرت على نحو مستقيم. فاصطدمت بجدار استقبلني من دون حنان. وكان هذا أول حزن عاطفي لي. ومن ثَمَّ، تعلمت كيف أستدير، وكيف أكبح أيضاً، لكن، مع ذلك، سقطتُ مرة أخرى نتيجة إصراري على تحدي قوانين الطبيعة. لم تكُ الجاذبية عن إسقاط التفاح، فكيف الأمر مع الدراجات؟ أنغام عازف الكمان يلامس الأوتار. وعازف القيثارة يداعبها، وينفخ صاحب البوق، وصاحب المترددة، المتجاوران، بقوة، لكن عازف الناي، الذي لا يكاد يلامس فم الناي إلا بنسمة خفيفة، يعرف هو أيضاً كيف يُسْمِع صوته. لكن لماذا يُجفف صاحب البوق فتحة البوق كل خمس دقائق؟ هل يا تُرى يبصق أو ماذا؟ بينما يمضُّ عازف الكلارينيت آلته الموسيقية، ولا يلبث أن يقلده عازف السكسفون. يضغط صاحب المزمار بقوة أكبر، وبرشاقة أكثر، لكن أوداجه أكثر تمدداً، على لسان المزمار المتحرك. على النقيض من ذلك، تضغط عازفة الجلو الجميلة بحنان على صندوقها الذي تضعه بين فخذيها. يداعب عازف الجيتار الأوتار، وتفتح عازفة القيثارة المسكية بالكُلاَّب أوتاراً جِدّ قاسية على أصابعها. بينما يضرب عازف البيانو بأنامله التي تداعت عاج المفتاح وترقص، حين يلين المعصم ويموج الكتف. وذاك الذي يضرب حقاً، هو الطبَّل، بالطبع، لكنهم، جميعاً دون استثناء، يتنفسون ويغنون. سوبرانو يبدو أنه يجب أن نقول "سوبرانو". إنها، بالطبع، اللغة الإيطالية. لكن تلك المرأة إيطالية. أنيقة، طويلة القامة، عيناها سوداوان، إنها الجمال برمته على المسرح. الحنجرة منخفضة، لكن الرأس عالٍ، الفم مفتوح لكن تجويف الفم منتفخ، الحجاب الحاجز مرن ساندٌ دون جهد العمود الهوائي برمته في اهتزاز طبيعي، تسمع صوتها وتبتسم. خلفها، لم يكونوا يخشون العزف بقوة، فهم يعرفون ويرون، ويسمعون جيداً أن هذه السوبرانو تغطي كل الأوركسترا الجوقي، إلى هذا الحد كانت نبرة صوتها تلائم أقصى مناطق حساسية الأذن البشرية. مُصَمّمو الأزياء نعم، لدراجتي الهوائية، جوارب من الكروم. ولها صدر من الحديد الوردي اللون، لكن قدميها الأماميتين (مُثبت العجلة) والخلفيتين (الأربطة) أيضاً مُغلفة بالكروم. آه! جواربها ليست طويلة، إنها جوارب قصيرة تحتاج إلى تلميع أسبوعياً. كان هذا تقليداً عندما اشتريتها قبل عشرين عاماً. لكن اليوم، تطورت مواد مُصممي أزياء راكبي الدراجات، إذا ركبت CT40 من "كولناكو"، فسيكون هيكله أشبه بالتيتان، لكن مُثبت عجلته من الكربون، وأربطته في هيئة عظم القص في صدر الطير والتي ستكون أيضاً من الكربون. بدلاً من الحوارب القصيرة من الكروم، ستكون له سيقان طويلة مُلبّسة بالسواد، جوارب طويلة حقيقية للسهرة. يبدو أن هذه الأناقة العالية ستمنحها مرونة، وإثارة، ومردوداً، ودقة.. حُلُماً! القدرة كانت لوحة الإعلانات قد أشارت لي تواً: ممر ريستفوند الجبلي على بُعد ثمانية وعشرين كيلو متراً، فشرعت أحسب. لنر؛ يشير عدادي إلى اثني عشر كيلو متراً في الساعة؛ وهذا يعني ثلاثة أمتار وثلاثة وثلاثين بالمائة في الثانية. إذا كان هذا عشرة بالمائة، فهذا يعني أني أتسلق عشرة أمتار كل مائة متر أي أن فارق الارتفاع هو ثلث متر في الثانية. وإذا كانت الجاذبية نحو عشرة أمتار في الثانية في المربع كما مع دراجتي القديمة، وقربتي المليئة، وحذائي بنعليه من الكربون، وواقية رأسي وكل ذلك يزن تقريباً مائة كيلو غرام، ووزني بقوة ألف نيوتن يجب أن أبذل جهداً للتغلب عليه إذن، ما هي قدرة فخذي الكبيرتين؟ كم واطاً يمكنهما أن ينتجا؟ يا لعجبي! أحياناً تكون الفيزياء متعبة أكثر من الدراجة، حتى في الجبل! ممر ريستفوند على بعد سبعة وعشرين كيلو متراً. ها أنا ذا أتقدم! جيد، سأكرر، ألف نيوتن يعادل ثلث المتر في الثانية... صحيح أي يُعادل ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين واطاً! الصمت هل تتذكر جلسات تمارين الشد العضلي التي كنا نمارسها أسبوعياً؟ كان الجو شتاء، وللذهاب إلى القاعة الرياضية في شارع "أولم" دون أن نشعر بالبرد، كنا نسلك الممر الذي يمرّ تحت شارع "ايراسم"، بين مختبرنا والمبنى المجاور، مبنى المدرسة القديمة. كانت هذه القاعة الرياضية تبدو وكأنها تعود لما قبل الحرب بتعريشاتها على الجدار وخطوط ساحة تنس قديمة. فكرتُ أن في زمن إنشائها، كانت الفتيات دون شك مسموحاً لهن بالسباحة في هذه المدرسة الجليلة للأولاد. كانت حمامات السباحة إذن مختلطة. أما فيما يتصل بالستائر، فلابد أنها لم تكن من النوع الذي يُغلق جيداً. اعترتني رغبة غامرة لرؤيتك. هل كان بإمكاني أن أسمح لنفسي بإزاحة هذه الستارة؟ هل حقاً إذن إنّ النساء هن اللائي يتخذن القرار؟ هل كنت قد حزرت ترددي، وحضوري إلى جنبك؟ كان الآخرون قد تركوا المكان. أنت التي أزحت هذه الستارة ورحلت. ثم اقتربت. حينئذ التقت عيوننا. ماذا أقول؟ كان صمتنا أبلغ من كل الكلمات التي يمكن أن نتصورها. بعد ظهيرة اليوم التالي، جئت إلى بيتي. كنت ترتدين قميصاً من الدانتيلا.. "هل يمكنني؟" همستُ لك، وكان نفسي قد أصبح قصيراً. من جديد، ابتسمت. حقاً، كنت تفضلين الصمت. كنت ترتدين الدانتيلا على جسدك مباشرة.. كُنت ما زلت صامتة. هل ستأتي الكلمة فيما بعد؟ في اللحظة.. أنت الإرادة والحنان، عذوبة الرغبة وعنفها. كنا رجلاً وامرأة متساويين بكل معنى الكلمة. لكننا لم نتحدث عن هذا قط فيما بعد. هل تذكرين؟ المُنعطَفات قبالة القصر، يظنني حجر البلاط الكبير شجرة إجَّاص منزلية. عند مفترق الطرق، نستدير إلى اليسار فيستقيم الطريق، وأُحاذي المنعطفات السبعة عشر. في وادي شوفروس، تكون الطرق المتعرجة نادرة، إذنْ هنا، يلتقي المتسلقون في الجبال. هل ستبين لي ذراعا AC بولونييه - بيونكور الطويلتان مرة أخرى أنَّ اللون البرتقالي رمادي، الأمر يستحق؟ لكن اليوم، صحتي بأحسن حال. رئتي مثل الشراع، سأقاوم. لكنَ ماذا يظنون أنفسهم، كل هؤلاء الشباب الصغار؟ أنتصب على دواستي دراجتي الهوائية، النار مشتعلة في ساقي وثمة خفة راقصة حقيقية. حينئذ، أبدأ بعدّ هذه المنعطفات، وها أنا أصل إلى المنعطف الثالث عشر. وها هو الرابع عشر. الخامس عشر، السادس عشر... الأمور تسير جيداً، استدير للمرة الأخيرة إلى اليسار فتنكشف السماء في نهاية الخط المستقيم. لم يتغلبوا عليّ. استغرقت أقل من ثلاث دقائق. الآن، أنا واثق، وجاهز للاستدارات الواحدة والعشرين، انعطافات الألب دويز. العجلة تدور كُنتُ قد نزعت عجلتي وأخذت أبحث عن مكان الثقب. فقلت لنفسي: إنه هو الذي كان يريد أن يفهم قصة التوازن هذه، وكنت سأشرح له كل ما كنت قد فهمته أنا نفسي: "وهل تعرف ما هي قوة الدوران؟ لقد قرأت ذات يوم مقالة تتحدث عن هذا في صحيفة. ادّعى كاتب المقالة أننا نتمكن من البقاء واقفين بسبب "قوة الدوران"، لم أفهم شيئاً. انتظر، سنُجري تجربة أخرى. خُذ عجلة دراجتي الهوائية وامسكها من المحور. الآن، أدرها وحاول أن تميلها نحو اليمين. آه! هذا أمر غريب، فهذا يجعل المحور يدور! إذن، قوة الدوران هي ردة فعل شيء ما يدور عمودياً بفعل القوة التي نمارسها عليه. عندما تسير وتنحني إلى الجانب، تظهر قوة قليلة تحاول تدوير مقودك. وإذا دار مقودك، فإن مسارك يتقوس، عندئذ، تُرجعك قوة نابذة إلى الوضع العمودي. قوتك النابذة، هي ما يقودني إلى خارج الانعطاف عندما استدير في السيارة؟ نعم. على أي حال، إذا انحنيت على دراجتي الهوائية، لا أشعر بشيء، لا بقوة دوران ولا بقوة نابذة، تبدو لي قصتك الجديدة هذه علمية إلى حد أنها لا تصدق. أسمع، أعتقد أن قوة الدوران هذه ضعيفة. ذات يوم، صنع شخص اسمه جونس دراجة هوائية ذات عجلتين مزدوجتين معكوستين كي يلغي قوة الدوران، لكنه بينَّ أننا نتمكن من الثبات على دراجته الهوائية الغريبة دون مشاكل تذكر. باختصار، مبدئياً، قوة الدوران هذه موجودة وينبغي أن تُضاف إلى قوة الاحتكاك التي تكلمنا عنها قبل قليل كي تعيد دراجتك الهوائية مستقيمة. فيما يتصل بالقوة النابذة، إذا لم تُصدقني، خُذ انعطافة قوية دون أن تميل، وسنتكلم عن هذا ثانية. أفهم، أميل عند الانعطافات كي يقاوم وزني القوة النابذة، أليس كذلك؟ بلى، هو كذلك. لقد فهمنا جوهر استقرار دراجة هوائية شريطة ألاّ ننسى أنَّ الجوهر، أنك أنت الذي تقوم به بتحريك جسمك ومقودك كي تبقى على عجلتيك. شيء أخير من فضلك. ماذا؟ يبدو أن جاك تاتي، عندما أخرج فيلم "يوم عيد"، واجه التقنيون صعوبة كبيرة في إبقاء دراجة هوائية واقفة من دون وجود شخص عليها، لكنهم توصلوا إلى ذلك في نهاية المطاف. لا يمكن أن تبقى دراجة هوائية واقفة وحدها من دون ووجود شخص عليها. في أفضل الحالات، يمكن أن نؤخر سقوطها من خلال أمرين: العمل على توازنها كي لا تميل قبل أن نُطلقها وكذلك وضع ثقل عليها لخفض مركز ثقلها. هل تذكر العصا؟ حاول أن تلصق عليها ثقلاً. إذا لصقته في الأعلى، فستجد صعوبة في إبقاء عصاك واقفة، ولكن إذا لصقته في الأسفل، فسيكون الأمر أسهل. لدينا تجربة أخرى! هيا، تعال، لننطلق". كيوتو وباريس في كيوتو، كنت أسير بالدراجة الهوائية. في هدوء، على “ماونت فوجي” كنت أسير على الرصيف لأترك الجادة للسيارات، إذ، في اليابان يُعتبر راكبو الدراجات الهوائية مُشاة آليين. كانوا يقودون دراجاتهم الهوائية بيد واحدة ويُمسكون باليد الأخرى مظلة، غير متأثرين بالحرارة، بل متأثرين بالمطر. هكذا، كانت جمهرة المشاة، آلية أو غير آلية، محمية من نزوات الجو، تنساب دون اصطدامات: كل فرد حريص على الانتباه لجيرانه، واعياً أن من الأفضل تجنب الاصطدامات بدلاً من إحداثها. لكن، في باريس، لا أسير بالدراجة الهوائية، بل أستخدم “روك رايدر”، وراكبو الدراجات الهوائية هم سائقو سيارات دون مُحرك. أتسلل بين السيارات التي لا تكترث لي، وأنا مستلق على “روك رايدر”، قوساً منحنياً على دواساتي (كما يقول الصديق رينو)، فالباريسي شخص فرداني. يُسرع دون أن ينظر حوله، يتجاهل جيرانه على نحو مذهل، ويمر قبل الجميع في كل الظروف. إنه مبدأ لديه، مبدأ ينطوي على مخاطر كبيرة. وعندما تمطر السماء، لا توجد، بالطبع مظلة، مائتا متر في شارع “كلاسير” تكفي إذن لتبليلي حتى العظم. عندما أفكر أن كيوتو وباريس مدينتان توأمان!
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©