الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كليج»... وخسارة قلوب الناخبين البريطانيين

16 يناير 2011 21:30
خلال الحملة الانتخابية المحمومة التي جرت في بريطانيا العام الماضي، تمكن مرشح يبلغ من العمر 43 عاماً من سرقة قلوب الناخبين وتبديد يأسهم من الحزبين الرئيسيين التقليديين -حزب "العمال" وحزب "المحافظين"- برسالة التغيير التي بعث بها إلى الناخبين، وهي تشبه كثيراً تلك التي بعث بها أوباما إلى ناخبيه في عام 2008. غير أن بريطانيا لم تعد على ذات الغرام السياسي مع نائب رئيس وزرائها "نك كليج"، بعد مضي ثمانية أشهر فحسب على انتخابه للمنصب. ففي بلد ظل يهيمن على سياساته الحزبان الرئيسيان: "المحافظون" و"العمال"- كانت الطريقة التي خاض بها "كليج" حملته الانتخابية، بما صحبها من مناظرات تلفزيونية على الطراز الأميركي، تمكن زعيم حزب "الديمقراطيين الأحرار" من رفع أسهمه وأسهم حزبه عالياً في انتخابات العام الماضي. وتحت تأثير تلك الحملة الانتخابية الملهمة، لم تتردد شخصية مثل "كولين فيرث"، البطل الرئيسي ونجم فيلم "خطاب الملك" من الانضمام إلى حملة "كليج" الانتخابية، واصفاً إياه بأنه "أمير السياسة البريطانية". وقد صعد نجم "كليج" بالفعل في انتخابات شهر مايو الماضي، إلى حد مكنه من إبرام صفقة ائتلافية مع "المحافظين"، أصبح حزبه بموجبها شريكاً في حكومة "كاميرون" الحالية، علماً بأنها المرة الأولى التي يشارك فيها حزب "الديمقراطيين الأحرار" في حكومة خلال ما يقارب القرن من الزمان. غير أن "كليج" بدأ ينتبه الآن إلى الثمن الباهظ الذي كلفه ذلك النجاح السياسي، الذي حققه لحزبه في العام الماضي. فقد هجر آلاف الناخبين حزب "الديمقراطيين الأحرار"، بينما تراجعت شعبية الحزب من 34 في المئة في شهر أبريل 2010، إلى 9 في المئة فحسب في الشهر الماضي. وبعد أن ضربت العواصف الثلجية بريطانيا في الشهر الماضي، قال "كليج" معلقاً: يلومني الناس على كل شيء الآن، ولا أستبعد أن يحملوني المسؤولية عن سوء الطقس والأحوال الجوية أيضاً! والحقيقة أن هذه أنباء ليست سيئة لـ"كليج" وحده، إنما يشير التراجع الكبير الذي حدث لشعبية "الديمقراطيين الأحرار" إلى ضعف ما في الحكومة الائتلافية الحالية، التي يتعين على رئيس الوزراء البريطاني الحفاظ على تماسكها واستمرارها حتى يتسنى له إكمال ولايته الحالية التي تستمر لخمس سنوات في المنصب. ويبدو أن "كاميرون" قلق جداً من تراجع شعبية شريكه حزب "الديمقراطيين الأحرار"، إلى درجة جعلته يخطو خطوة غير عادية في التنافس الانتخابي هنا، وذلك بحديثه الودي مع مرشح "الديمقراطيين الأحرار" الذي خاض انتخابات استثنائية يوم الثلاثاء الماضي. فليس الود مع الخصوم تقليداً من تقاليد التنافس الانتخابي في معركة يتطلع فيها "المحافظون" إلى أن تكون لصالح مرشحهم فيها. ومن رأي بعض المحللين أن التراجع الحاد في شعبية "كليج"يعود إلى ما يرى فيه الكثير من مؤيديه في انتخابات العام الماضي، سلسلة من الخيانة المريرة لما وعدهم به. ولعل مساندة "كليج" لحكومة حزب "المحافظين" التي يشارك فيها لإجراءات خفضها للدعم الحكومي المقدم لطلاب الجامعات،. ويقول المحللون إن "كليج" فعل هذا بعد شهور فحسب من فوز حزبه بأصوات أغلبية كبيرة وسط الناخبين الشباب، الذين وعدهم بخفض الرسوم الدراسية. وبسبب تراجعه عن هذا الوعد، أصبح "كليج" وحزبه هدفاً رئيسياً لاحتجاجات ومظاهرات الطلاب التي شهدتها شوارع لندن خلال الشهور القليلة الماضية، وهي احتجاجات على سياسات التقشف التي تبنتها الحكومة الائتلافية. وكان "كليج" ملهماً لناخبيه -مثلما كان عليه أوباما في حملته الانتخابية الرئاسية- لا سيما لأصوات الناخبين الشباب. ومثله تراجعت شعبية أوباما كثيراً خلال العام الأول من ولايته، غير أن من المرجح أن تتدنى شعبية "كليج" أكثر مما هي عليه الآن بكثير، لا سيما في أوساط الطلاب والشباب. هذا ما أكدته ريشيل سوليفان -طالبة بقسم الأدب الإنجليزي بجامعة أوكسفورد وإحدى المشاركات في المظاهرات الطلابية ضد سياسات الحكومة الائتلافية- بقولها: "لقد أيدت "الديمقراطيين الأحرار" ونشطت لصالح حملتهم وسط أصدقائي وزملائي ووزعت منشوراتهم وموادهم الدعائية الانتخابية. لكنني خذلت فيهم وأشعر الآن بأني كنت أدافع عن أهداف صبيانية، وعن مرشحين لا يتحلون بالمسؤولية والأمانة إزاء ما وعدونا به. وأعرف أن هناك كثيراً من الطلاب لن يصوتوا مطلقاً لصالح الديمقراطيين الأحرار". ومما لا شك فيه أن "الديمقراطيين الأحرار" الذين عبروا الطيف السياسي البريطاني من أقصى "يساره" الليبرالي إلى أقصى "يمينه" المحافظ بتأييدهم لسياسات "المحافظين" التقشفية، يبدون اليوم في نظر الكثيرين من منتقديهم أشبه بـ"دروع بشرية" للمحافظين كما يصفونهم. ويمكن أن يكون لهذا التراجع الحاد في شعبية "كليج" وحزبه، عواقب سلبية كثيرة على احتمال تحقيق قدر من النجاح في أحد أهم الوعود التي قطعها لناخبيه، وفاز بسببها في انتخابات العام الماضي: إجراء استفتاء شعبي بشأن إصلاح النظام الانتخابي بما يمكن "الديمقراطيين الأحرار" من منافسة مرشحي حزبي "المحافظين" و"العمال"، ما يعني إجراء تغيير جذري في النظام السياسي البريطاني الذي ظل يسيطر عليه هذان الحزبان التقليديان وحدهما. والآن وبعد أن وافق "كليج" على تأجيل الاستفتاء الشعبي -بموجب صفقة اتفاق أبرمها مع كاميرون، حتى شهر مايو المقبل، حتى يجرى الاستفتاء بالتزامن مع الانتخابات المحلية الإقليمية، فإن كثيراً من المراقبين والمحللين يتوقعون هزيمة ماحقة لـ"الديمقراطيين الأحرار" في هذه الانتخابات. أنتوني فيولا - لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©