الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صلاح جاهين.. مبدع فوازير رمضان

صلاح جاهين.. مبدع فوازير رمضان
8 سبتمبر 2010 21:40
ولد الطفل صلاح جاهين في منزل مجاور لبيت صديقه الطفل بليغ حمدي آنذاك، وكان هو وبليغ يلعبان ويلهوان معا وهما طفلان صغيران، وكان جيرانهما يروهما طفلين عبقريين. وكانت هذه العبقرية البازغة إرهاصاً بما سيكون عليه الطفلان الصديقان فيما بعد. فكان أحدهما هو الموسيقار بليغ حمدي أشهر ملحن مصري في النصف الثاني من القرن العشرين، والآخر صلاح جاهين شاعر فذ عبقري انطلق شعره وإبداعه يملآن جنبات مصر والعالم العربي بأسره ووصل إلى ذرى رفيعة غير مسبوقة مع تجربة ثورة 23 يوليو وقائدها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، كان شاعراً للثورة يتغنى بأمجادها ويشدو لزعيمها وقائدها ومفجرها باعتباره القائد الملهم والزعيم الفذ الذي باستطاعته أن يرسو بالبلاد على شاطئ الأمان كان صلاح جاهين يغني للحلم العربي الجميل، وأصيب في مقتل وغمرته الكآبة وركبه الإحباط بعد نكسة 1967 وظلت هذه الكآبة ملازمة له إلى أن مات. ترك صلاح جاهين تراثا إبداعيا متنوعا ما بين الشعر، عشقه الأول، وكتابة السيناريو، والتأليف المسرحي، ورسوم الكاريكاتير، والتمثيل بل وحتى الإنتاج السينمائي والتليفزيوني، حيث خاض جاهين غمار كل الفنون ولم يترك فناً لم يمارسه أو يسهم فيه بجهد إبداعي متميز يشهد له بالعبقرية والتفرد والإبداع، في منتصف الخمسينيات، حيث بدأت شهرته كرسام كاريكاتير في مجلة “روز اليوسف”، ثم في مجلة “صباح الخير” التي شارك في تأسيسها عام 1957. وقام صلاح جاهين برسم العديد من الصور الكاريكاتورية المعبرة التي اشتهرت شخصياتها وذاعت وانتشرت لدى الناس مثل الفهامة وقيس وليلى ودرش، قهوة النشاط وغيرها من الشخصيات. مسبب الأزمات لقد كانت رسوم صلاح جاهين الكاريكاتورية مؤثرة للغاية، للدرجة التي تسببت فيها، أكثر من مرة، في أزمات سياسية عديدة كان من أبرزها اختلافه مع الشيخ محمد الغزالي بالكاريكاتور عند مناقشة مشروع الميثاق الوطني في عام 1962، فاستباح طلاب الأزهر دمه وتظاهروا وتجمهروا أمام صحيفة “الأهرام”. كما أجرى معه المدعى العام الاشتراكي تحقيقاً بسبب رسم كاريكاتوري انتقد فيه تقريراً حول نتيجة التحقيق في شأن تلوث مياه القاهرة. كما قام صلاح جاهين بالأداء التمثيلي في عدة أدوار صغيرة في عدد قليل من الأفلام، مثل: “جميلة بوحريد” و”اللص والكلاب” و”شهيدة العشق الإلهي” و”لا وقت للحب” و”موت أميرة” و”المماليك”. كما أنتج صلاح جاهين العديد من الأعمال للسينما والتلفزيون، منها: للسينما أفلام “المتوحشة” و”خلي بالك من زوزو” بالاشتراك مع المنتج تكفور أنطونيان، و”أميرة حبي أنا”. وأنتج للتلفزيون:”لغز الملكة شهرزاد” و”فيلم تلفزيوني قصير” وفيلم “هاشم وروحية” كمنتج منفذ. وخلال تلك الفترة أيضاً، لم تتوقف أعمال صلاح جاهين الشعرية، فأصدر ديوانه الأول “كلمة سلام” عام 1955، ثم ديوانه الثاني “موال عشان القنال” عام 1957، وفي نفس العام كتب “الليلة الكبيرة” إحدى أروع إبداعاته والتي لحنها له سيد مكاوي أحد أقرب أصدقائه. ومثلت الفترة الممتدة من 1959 حتى 1967 فترة النضج الشعري عند صلاح جاهين والتي بلغت قمتها بصدور ديوانه “الرباعيات” عام 1963، ثم عام 1965 حين أصدر ديوانه “قصاقيص ورق”، وخلال تلك الفترة كتب صلاح جاهين أروع أعماله الوطنية التي تغنى بها العديد من المطربين ومنهم عبد الحليم حافظ مثل “صورة” و”بالأحضان” و”والله زمان يا سلاحي” الذي اتُخذ النشيد الوطني المصري إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وغيرها من الأعمال الوطنية التي بقيت راسخة في ذاكرة الشعب المصري. وفي الفترة ذاتها كون صلاح جاهين جماعة “محبي ضوء القمر” عام 1961، كما قدم العديد من المسرحيات مثل “القاهرة في ألف عام”، وكتب الأغاني والأشعار للعديد من المسرحيات مثل “إيزيس”، و”الحرافيش”، ولم يتوقف إنتاجه عند الأعمال المحلية، بل قام بالترجمة والإعداد مسرحياً لبعض المسرحيات الأجنبية مثل “الإنسان الطيب” و”دائرة الطباشير القوقازية”. كما قدم الأغاني والأشعار للعديد من الأعمال الإذاعية مثل أغاني مسلسل “رصاصة في القلب”. وعرفاناً منها بأعماله المتميزة للأطفال مثل مسرحيات “الفيل النونو الغلباوي” و”الشاطر حسن” و”صحصح لما ينجح” و”حمار شهاب الدين”، والعديد من الأغاني والصور الغنائية للأطفال ـ اختارته وزارة الثقافة المصرية عام 1962 ليكون مسؤولاً عن كل ما يتصل بتوجيه الطفل وثقافته. وانضم صلاح جاهين في مارس 1964 لأسرة جريدة “الأهرام” ليكمل مسيرته فيها. كما نال صلاح جاهين وسام الفنون في عيد العلم عام 1965. وعن هذه الفترة يقول صلاح جاهين عندما سُئل عن أجمل فترات العمر: “هي الفترة ما بين عام 1963 ـ 1967، الفترة دي كانت الذروة في حياتي”. أعمال تلفزيونية ارتبط كثير من أعمال صلاح جاهين التليفزيونية بشهر رمضان الكريم، لعل أشهرها والتصاقاً بذهن الجمهور فوازير رمضان: “عروستي”، و”الخاطبة”. وهي الفوازير التي قامت ببطولتها والأداء الاستعراضي لها الفنانة نيللي، وحققت الفوازير نجاحا ساحقا ونسبة مشاهدة بين الجمهور ليس لها مثيل وظلت ماثلة في أذهان الناس لسنوات طويلة بعد عرضها.. وكذلك كتب صلاح جاهين سيناريو مسلسل “هو وهي” بطولة النجمين الراحلين سعاد حسني وأحمد زكي حيث قدما معاً ثنائياً فنياً رائعاً من خلال الحلقات المسلسل وحظي المسلسل بنجاح غير عادي واشتهرت أغنياته التي كتبها أيضا صلاح جاهين وأصبح المسلسل من كلاسيكيات الدراما المصرية. واستطاع صلاح جاهين ببساطته وتلقائيته التعبير عن كل ما يشغل البسطاء بأسلوب يسهل فهمه واستيعابه، وهو ما جعله فارساً يحلق برسومه وكلماته ويطوف بها بين مختلف طبقات الشعب المصري، بل كانت جواز سفره لمختلف البلدان العربية التي رددت كلماته حَفْزاً للعمل والإنجاز. ورغم الشهرة الواسعة التي حظي بها صلاح جاهين ورغم إجادته الحديث عن مختلف الموضوعات ـ كما يقول عنه المقربون منه ـ لم يُجِد الحديث عن نفسه؛ فأوكل المهمة لأشعاره لتعبر عن مكنونات نفسه. تميزت أشعار صلاح جاهين بمعجم شعري مصري خالص، اتكأ على المنجز الشعري العامي لرواد شعر العامية المصرية مثل عبد الله النديم وبيرم التونسي وفؤاد حداد، بالإضافة إلى استقاء لغة المأثورات الشعبية العريقة كالأمثال والحكم والمواويل الشعبية، ورباعيات ابن عروس، والسير والحكايات الشعبية، وألف ليلة وليلة.. وسرت في جنبات شعره بكافة أشكاله “الرباعيات والقصائد والمقطوعات القصيرة والأغاني” روح شعرية ساخرة تتخللها القفشات الضاحكة، كانت سببا في إشاعة البهجة والفرح في نفوس متلقيه وجماهيره الغفيرة، ورغم شيوع هذه الروح الفكاهية الساخرة في شعره إلا أنها كانت مبطنة بشعور فائق بالحزن والتعاسة، شعور ينبع من يقظة ضمير الشاعر ويتحكم في رؤيته الناقدة للأشياء وللواقع من حوله، وهي خاصة طبعت أعماله كلها دون استثناء. «الليلة الكبيرة».. أجمل وصف للمولد أوبريت الليلة الكبيرة من أشهر ما قدم مسرح العرائس في مصر. كتبها صلاح جاهين ولحنها سيد مكاوي، ويصف فيها جاهين المولد الشعبي بشكل مدهش، من خلال شخصيات: (الأراجوز، بائع الحمص، بائع البخت، القهوجي، المعلم، العمدة، الراقصة، مدرب الأسود، الأطفال، المصوراتي، معلن السيرك، المنشد والفلاح). وفي ما يلي مطلع الأوبريت في حوارية بين البنات والبائع: بنات: قبة سيدنا الولي دول نوروها. محلا البيارق والناس بيزوروها. قبة سيدنا الولي في الجو عالية. محلا البيارق لما نوروها. بائع: حمص حمص، تل ما ينقص، عالنار يرقص. يرقص يرقص ويقول. اللي شاف حمص ولا كلش. حب وإتلوع ولا ولا طالش. فتاة: يسترك هات حبه بقرش. الجميع: هاهاهاهاهاهاهااا.! بائع: حمص حمص.... الله عجمية، الله... الله... باللوز، الله... طعمية الله.... اراجوز، الله.... المجموعة: الليلة الكبيرة ياعمي والعالم كتيرة. ماليين الشوادر يابا م الريف والبنادر. دول فلاحين ودول صعايدة دول من القنال ودول رشايده الليلة الكبيرة ياعمي والعالم كتيرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©