الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دراسة في العناوين

دراسة في العناوين
8 سبتمبر 2010 21:39
يتمتع العنوان في النص الروائي بأهمية استثنائية نظراً لأهمية اشتغاله، وتنوع تمظهراته الخطية واللونية بقيمة أساسية متدرجة بدءاً من تسمية النص، وتعيين محتواه، واقتضاء صلته الكونية الحكائية، وانتهاءً بقدرته على كشف آليات اشتغال الروائي، وبراعته في تشكيل المنظومة السردية، فالعنوان يمثل بطاقة النص التعريفية، وهويته والعلاقة القائمة بينهما جدلية إذ بدون النص يكون محيطه الدلالي، وبدون العنوان يكون النص باستمرار عرضة للذوبان في نصوص أخرى، وعليه فإن العنوان كعلامة، أو أمارة تشير الى النص يكون أشبه بالهوية المحددة لمعالم صاحبها الكلية، وهو يختص بموقع مكاني مميز، شديد الأهمية وهذه القيمة الموضعية، تجعله يمثل مركز البنية التواصلية بين أقطاب العملية الإبداعية: المبدع، النص، المتلقي، وهو قبل القراءة يحيل على نصوص أخرى غير نصه المرتبط به، لكن القراءة، تدفع إلى الربط بين العنوان والنص، وتبقي الارتباط قانوني كما أن العنوان يتآمر مع اسم المؤلف في وضع المتلقي إزاء كينونة محددة للخطاب قيد القراءة ناتجة عن نصية العنوان التي تؤهله، لأن يلعب دوراً مهماً في عملية التلقي. وبناء على هذه المعطيات التمييزية للعنوان يمكن القول: إن المعرفة بالنص تتشكّل ابتداءً من العتبات التي تحف النص، والعنوان من أهمها على الإطلاق، فهو النواة التي تمتد نصاً بين المتلقي والنص، حيث يسعى النص من خلال العنوان لإغواء المتلقي بممارسة فعل القراءة، كي ينتقل من مستوى الوجود، بالقوة إلى مستوى الوجود بالفعل، وينتقل المتلقي من الواقع المادي الخارج حكائي إلى العالم التخييلي الداخل حكائي، ويدرك العالم إدراكياً معرفياً وجمالياً. وعندما يعي الروائي هذه العلاقات التواصلية، ويحقق وعيه اشتغالياً لا تصبح العنونة تسمية، وإنما تغدو فناً، إذ كان بإمكاننا أن نتحدث عن فن للعنونة مقابل فن الكتابة. واشتغال الدكتور مرشد أحمد في كتابه “الحداثة السردية في روايات إبراهيم نصرالله” على العناوين في روايات نصرالله، سيتم وفق مستويين، يحقق كل منهما مقصداً معرفياً، هما: ـ الخارج حكائي، بتفكيك بنية العنوان دلالياً، لتلمس كيفية إيحاء العنوان خارجياً على نصه. ـ الداخل حكائي، بتتبع حضور العنوان عبر مسار سرد الأحداث الروائية، لإدراك روابط التواصل السردي بين العنوان والمكونات الحكائية، وتلمس الخيط الرحمي الذي يربط العنوان بالحكاية. وبتحقيق هذين المقصدين المعرفيين، يتم إدراك كيفية اشتغال الذهن السردي لدى إبراهيم نصرالله، وهو في خضم الخلق الإبداعي. وفي الفصل الثاني المعنون بـ”النزوع إلى الغرائبية” يعرض المؤلف النص الروائي الكلاسيكي الذي استقى مادته الحكائية من الواقع الكائن، أو مما يحتمل وقوعه، ولذلك سمي بنص المحتمل، وأول أنماط الاحتمال هو استخدام النص ذي التوجه الطبيعي من المجتمع، وهو النص المألوف الذي ينتشر من خلال مألوفيته، وأفضل طريقة لتحديده هي النظر إليه بوصفه خطاباً، لا يتطلب تبريراً، لأنه يبدو مستمداً من بنية العالم المدرك حسياً. ومن أبرز دواعي تموضع الغرائبي في النص الروائي حسب اعتقادي ارتباطه بفكرة محددة، تنهض على أساسها الحكاية، وذلك حسب المحفّز الحكائي الكامن وراء ادخال الغرائبي الى النص الروائي، وهذا يعني أن الغريب ليس جنساً أدبياً قائماً بذاته له نظام انبنائي خاص به، بل هو صيغة تقنية يمكن تبنيها في الاجناس الادبية الاخرى الحكائية، وغير الحكائية في منظومة الحكي، ولأنه “ليس جنساً واضح الحدود، فهو يذوب في الحقل العام للأدب” الذي يكتسب بعداً جمالياً نتيجة الاحساس بفاعاليات ما هو فوق طبيعي التي لا يعرفها أي نص واقعي. وفي الفصل الثالث يعرض الكاتب كيف أن الرواية جنس أدبي، يندرج في منظومة الأجناس الحكائية، ولكونها تمتاز بالمرونة، وعدم الخضوع لأليات صياغية ذات طابع ديمومي، تتمكن من استدراج الأجناس الأدبية الأخرى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©