الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطفيل الدوسي.. شهيد يوم اليمامة

الطفيل الدوسي.. شهيد يوم اليمامة
28 يونيو 2014 22:08
أحمد مراد (القاهرة) الطفيل بن عمرو الدوسي، صحابي جليل، أسلم في مكة قبل الهجرة النبوية، وتحديدا في السنة السابعة من البعثة النبوية، ولحق بالرسول - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بعد معركة أحد، وأقام فيها، واستشهد في حروب الردة بمعركة اليمامة. في الجاهلية كان الطفيل سيداً لقبيلة دوس، وكان واحداً من أشراف العرب، عُرف بالمروءة والكرم، فكان لا يوصد له باب أمام طارق، يطعم الجائع ويؤمن الخائف ويجير المستجير، كما كان أديباً وشاعراً. وذات مرة قدم الطفيل إلى مكة ورسول الله بها، فمشى إليه رجال من قريش فقالوا له: أبا الطفيل، إنك قدمت بلادنا فهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا، فرق جماعتنا، وقوله كالسحرة يفرق بين المرء وأبيه وبين الرجل وأخيه وبين الرجل وزوجته وإنما نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا، فلا تكلمه ولا تسمع منه، قال: فو الله ما زالوا بي حتى أجمعت على ألا أسمع منه شيئاً ولا أكلمه حتى حشوت أذني حين غدوت إلى المسجد وأنا لا أريد أن أسمعه. فغدوت إلى المسجد فإذا رسول الله قائم يصلي عند الكعبة، فقمت قريباً منه فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله، فسمعت كلاماً حسناً، فقلت في نفسي واثكل أمي إني لرجل لبيب شاعر ما يخفى عليَّ الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول؟ فإن كان الذي يأتي به حسناً قبلته، وإن كان قبيحاً تركته، فمكثت حتى انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته فاتبعته حتى إذا دخل بيته دخلت عليه فقلت: يا محمد إن قومك قالوا لي كذا وكذا فو الله ما برحوا يخوفنني أمرك حتى سددت أذني لئلا أسمع قولك، ثم أبى الله إلا أن يسمعنيه فسمعت قولاً حسناً فاعرض عليَّ أمرك فعرض عليَّ الإسلام وتلا عليَّ القرآن، فو الله ما سمعت قولاً قط أحسن ولا أمراً أعدل منه، فأسلمت وشهدت شهادة الحق. دعوة قومه وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطفيل بدعوة قومه إلى الإسلام، فقال: يا رسول الله اجعل لي آية تكون لي عوناً، فدعا له رسول الله فجعل الله في وجهه نوراً فقال: يا رسول الله إني أخاف أن يجعلوها مثلة، فدعا له رسول الله فصار النور في سوطه، وكان يضيء في الليلة المظلمة ولذا يُسمى ذو النور. ويروي الطفيل لحظات قدومه على أهله فيقول: لما نزلتُ أتاني أبي وكان شيخاً كبيراً. فقلت: إليك عني يا أبت فلست مني ولست منك، قال: ولِمَ يا بني؟ قال: قلت أسلمت وتابعت دين محمد. قال أبي: ديني دينك، فاغتسل وطهر ثيابه ثم جاء فعرضت عليه الإسلام فأسلم، قال: ثم أتتني صاحبتي فقلت لها: إليك عني فلست منك ولست مني قالت: لِمَ بأبي أنت وأمي؟ قلت: فرق بيني وبينك الإسلام، فأسلمت، ودعوت دوساً إلى الإسلام فأبطأوا عليّ. وروى البخاري بسنده عن أبي هريرة قال: قدم الطفيل بن عمرو الدوسي على رسول الله، فقال: يا رسول الله إن دوساً قد عصت، فادع الله عليهم فقال: «اللهم اهد دوساً». وقال لي: «اخرج إلى قومك فادعهم وارفق بهم»، فخرجت أدعوهم حتى هاجر النبي إلى المدينة، ومضت بدر وأحد والخندق ثم قدمت بمن أسلم ورسول الله بخيبر حتى نزلنا المدينة بسبعين أو ثمانين بيتاً من دوس، ولحقنا رسول الله بخيبر فأسهم لنا مع الناس وقلنا: يا رسول الله اجعلنا في ميمنتك واجعل شعارنا مبروراً، ففعل. عظة وعبرة وفي شوال سنة ثمان للهجرة لما أراد رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - المسير إلى الطائف بعث الطفيل بن عمرو إلى ذي الكفين وهو صنم عمرو بن حممة الدوســي ليهدمه وأمــره أن يستمد قومه ويوافيه بالطائف فخرج سريعاً إلى قومه فهدم ذا الكفين وجعل يحش النار في وجهه ويحرقه. ويقول‏:‏ يا ذا الكفين لست من عبادكا ميلادنا أقدم من ميلادكا أنا حششت النار في فؤادكا. وانحدر معه من قومه أربعمئة فوافوا النبي - صلّى الله عليه وسلّم - بالطائف بعد مقدمه بأربعة أيام. وقدم بدابة ومنجنيق وقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم:‏ «‏يا معشر الأزد من يحمل رايتكم»، فقال الطفيل‏:‏ من كان يحملها في الجاهلية قالوا النعمان بن الرزاية اللهيي قال «‏أصبتم‏». خلافة الصدّيق عاد الطفيل بن عمرو الدوسي مع النبي من غزوة الطائف إلى المدينة المنورة، فكان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة حتى توفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي خلافة أبي بكر بعثه الصديق إلى مسيلمة الكذاب، يقول: خرجت ومعي ابني مع المسلمين - عمرو بن الطفيل - حتى إذا كنا ببعض الطريق رأيت رؤيا، فقلت لأصحابي: إني رأيت رؤيا عبروها قالوا: وما رأيت قلت: رأيت رأسي حلق، وأنه خرج من فمي طائر، وأن امرأة لقيتني وأدخلتني في فرجها، وكان ابني يطلبني طلباً حثيثاً فحيل بيني وبينه. قالوا: خيراً، فقال: أما أنا والله فقد أولتها. أما حلق رأسي فقطعه، وأما الطائر فروحي، وأما المرأة التي أدخلتني في فرجها، فالأرض تحفر لي وأدفن فيها، فقد رجوت أن أقتل شهيداً، وأما طلب ابني إياي، فلا أراه إلا سيغدو في طلب الشهادة، ولا أراه يلحق بسفرنا هذا. فقتل الطفيل شهيداً يوم اليمامة، وجرح ابنه، ثم قتل باليرموك، بعد ذلك في زمن عمر بن الخطاب شهيداً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©