الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«بقرة بني إسرائيل» .. تكشف الجريمة الغامضة

28 يونيو 2014 22:08
وصف ربنا تبارك وتعالى الأحداث التي ذكرها سبحانه في كتابه الكريم بأنها أحسن القصص، قال عز وجل: (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين)، فعندما يذكر لنا الحق قصة ما، إنما يكون ذلك لأخذ العبرة والعظة منها وعدم إتباع طريق من هلك من أصحابها، لهذا جاء القصص القرآني ليخبرنا عما حدث في الأمم السابقة. ومن هذه القصص قصة بقرة بني إسرائيل التي ورد ذكرها في الآيات 67 - 73 من سورة البقرة، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ، قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ ،قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ،قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ ، قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ، وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ، فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). مجمع الطرق وذكر الطبري نحو ذلك، قال كان رجل من بني إسرائيل مكثرا من المال، وكانت له ابنة، وله ابن أخ محتاج فخطب ابنته فأبى أن يزوجه إياها، فغضب الفتى وقال لأقتلن عمي ولآخذن ماله، ولأنكحن ابنته، ولآكلن ديته، فأتاه وقد قدم تجار في قبائل بني إسرائيل، فقال يا عم انطلق معي فخذ لي من تجارة هؤلاء القوم، لعلي أصيب منها، فخرج العم مع الفتى ليلا، فقتله ثم رجع إلى أهله. وعندما عثر على الرجل قتيلاً واختصم أهله ولم يعرفوا قاتله، وأعياهم الأمر لجأوا لموسى عليه السلام ليدعو ربه، فأخبره الله سبحانه أن يأمر قومه بأن يذبحوا بقرة، أي بقرة، وكان المفروض أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم، غير أنهم بدأوا مفاوضتهم، باتهام موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزؤا، فاستنكر قولهم واستعاذ بالله أن يكون من الجاهلين، أفهمهم أن حل المشكلة التي تعجزهم يكمن في ذبح بقرة. الأمر لا علاقة لها بالمألوف، أو المعتاد بين الناس، ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة ومعرفة القاتل في الجريمة الغامضة، وهكذا يعُاني موسى من إيذائهم له، ثم ينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره أن يذبحوا بقرة، وتعود الطبيعة المراوغة لبني إسرائيل، فيتساءلون أهي بقرة عادية من هذا الجنس من الحيوان، فليدع موسى ربه ليبين ما هي، ويدعو فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل، بأنها متوسطة، ليست مسنة، ولا فتية. التشدد فلو أنهم عمدوا إلى أي بقرة فذبحوها لحصل المقصود منها، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم، ثم شددوا وضيقوا على أنفسهم، فسألوا عن لونها، فأمروا بصفراء فاقع لونها، أي مشرب بحمرة، تسر الناظرين، وهذا اللون عزيز نادر، ثم شددوا أيضاً فقالوا إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون. قال لهم موسى إن الله يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون، وهذه الصفات كانت أضيق، وما كادوا يفعلون أي وهم يترددون، ثم أمرهم أن يضربوا القتيل ببعضها، فأحياه الله فقام وهو تشخب أوداجه، فسأله نبي الله من قتلك؟ قال قتلني ابن أخي، ثم عاد ميتاً. ويذكر المفسرون إنهم لم يجدوا هذه البقرة بهذه الصفات إلا عند رجل منهم، كان بارا بأبيه، فأبى عليهم، فأرغبوه في ثمنها، حتى أعطوه فيما ذكر السدي بوزنها ذهبا، فأبى عليهم حتى أعطوه بوزنها عشر مرات، وقيل بملء جلدها دنانير ذهبية. (القاهرة- الاتحاد) شاهدوا واستمعوا.. فزالت الحيرة شاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم، واستمعوا بآذانهم إلى اسم القاتل، وانكشف غموض القضية التي حيرتهم، وتظهر القصة القرآنية سوء أدب القوم مع نبيهم وربهم، وتوحي الآيات بتعنتهم وتسويفهم ومماراتهم ولجاجتهم في الحق، وتضمنت العديد من الفوائد الإيمانية والتوجيهات التربوية، منها بيان قدرة الله، وذلك أنه أحيا القتيل وأنطقه بالحق، وأن السؤال فيما لا يفيد لا خير فيه، وأن الحق مهما طال طمسه لا بد أن يظهر ويعلو، وأن الباطل مهما طال انتفاشه لا بد أن يهزم. والذي يهمنا، أن نعتقد اعتقاداً راسخاً، أن هذه القصص ليست رمزية أو خيالية، بل هي حوادث واقعية، قصها القرآن علينا لنتعظ بها، ونستفيد منها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©