الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحمد الخوري: عشت وسط أجواء وعواطف باردة في أوروبا

أحمد الخوري: عشت وسط أجواء وعواطف باردة في أوروبا
28 يونيو 2014 22:07
أحمد السعداوي (أبوظبي) من المدرسة الفلاحية بأبوظبي أواسط القرن الماضي، مروراً بمسيرة علم وعمل في أنحاء أوروبا ثم العودة إلى أرض الوطن والعمل في أكبر حقول النفط، انتهاء بالحصول على درجة دكتوراه تحمل عنوان «قيادة المؤسسات نحو ثقافة الأداء» من جامعة «هِلّ» في بريطانيا العام 2005، رحلة طويلة قضاها الدكتور أحمد محمد الخوري مدير مشروع - الاستفادة القصوى من نظام إدارة ضمان الكفاءة- بشركة أبوظبي للعمليات البترولية البرية «أدكو» في خدمة بلده، أسهم خلالها في الارتقاء بصناعة النفط في الدولة، وجمع آلاف الآثار والتحف من كافة العصور استجابة للهواية التي لازمته منذ الطفولة المبكرة ومكنته من الإبحار في عوالم التاريخ وشواهده التي تركها الأقدمون. خدمة الوطن رافقت هذه الرحلة مصاعب ومواقف وذكريات عاشها الخوري خلال سنوات طويلة في بلاد الغربة مر عليه شهر رمضان كأصعب ما يكون في ظل افتقاده للأهل والصحبة والأجواء الرمضانية المميزة المعروفة في الإمارات وغيرها من الدول الإسلامية، غير أن دافعه لاستكمال مسيرة العمل والنجاح وخدمة الوطن كانت خير معين له في تلك الأوقات وجعلته يحول أي صعوبات يواجهها إلى طاقة إيجابية تخرج أفضل ما لديه. يقول الخوري، إنه انتهى من دراسة الصف الخامس بالمدرسة الفلاحية في أبوظبي، عام 1967، درس بعدها في شركة أدكو حتى 1972، إلى أن وصل إلى الصف الأول الثانوي، وابتعث إلى لندن مع مجموعة من زملائه لاستكمال دراسة الدبلوم هناك وكان عمره وقتها حوالي 17 عاماً وستة أشهر تقريباً، وهذه البعثة العلمية جاءت بناء على زيارة قام بها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى موقع الدراسة في أدكو ووجه الطلاب إلى مواصلة الدراسة وعدم الاكتفاء بالعمل فنيين في حقول البترول. وعن أول رمضان يقضيه في بلاد الغربة، عاد الخوري بالذاكرة. وقال، إنه حينها كان يبلغ 18 سنة، وكانت التجربة صعبة جداً لعدم توافر أي وسائل تواصل مع الأهل مثل عصرنا الحالي واقتصار الأمر على الرسائل الخطية وعدم وجود وسائل اتصال وفضائيات تقرب الحدود وتكسر الحواجز النفسية في البعد عن الأهل والوطن. مجتمع غريب كما أن المجتمع الانجليزي يعد غريباً على شاب ولد وعاش في بيئة بدوية محافظة، حيث كانت اللغة غريبة والديانة والعادات والتقاليد، خاصة انه كان يعيش في ضيافة أسرة انجليزية حتى يسهل عليه اكتساب اللغة والتعرف على المجتمع الانجليزي بشكل مباشر وعملي. ومن الأشياء التي كانت تؤلمه، في رمضانه الأول الذي قضاه هناك، شعوره بالبرد الشديد أثناء الدراسة لأن غذاءه لم يكن دسماً بالقدر الكافي، حيث كان يتناول الأطعمة المقدمة وأغلبها غير مستساغ بالنسبة له غير انه كان يحاول التكيف مع البيئة، في ظل حرمان من كل الطقوس الرمضانية التي اعتاد عليها في أبوظبي. ويذكر الخوري، أنه وزملاءه كانوا يشترون التمر والروب من لندن، وكانت معظم المأكولات جافة، وأحياناً يذهبون إلى مطعم هندي وكانوا يأكلون البرياني وبعض الحلوى الشبيهة بالإماراتية، بينما رمضان التالي عام 1973، كان أقل صعوبة بفعل التعود. صلاة التراويح صلاة التراويح كان يؤديها يومي السبت والأحد فقط لوجود عطلة دراسية فضلاً عن باقي الأيام التي تتيح فيها الظروف الدراسية والصحية قدرة على أداء التراويح. ومن المواقف الطريفة التي تركت أثراً بالغاً في مسيرة حياته والمرتبطة بشهر رمضان، أنه في إحدى الأمسيات الرمضانية كان يقرأ قصة انجليزية تذكر خلالها مقولة القائد المسلم خالد بن الوليد عندما أمسك بالمصحف وقال «شغلنا الجهاد عن تعليم القرآن»، حينها شعرت بالذنب وتركت الكتاب جانبا، غير أنني ذهبت إلى إمام المسجد الذي اصلي فيه وشرحت له الموقف، فقال: «العلم له أهمية وانت جئت هنا في رسالة ومهمة معينة يجب أن تنتهي منها في تحصيل العلم على أكمل وجه. وعن التواصل مع زملائه الإماراتيين في الغربة أثناء الشهر الكريم، أوضح أن ذلك لم يكن سهلاً مثل الحال في الإمارات نظراً للبعد المكاني واختلاف مجال دراسة كل منهم، وكان اقرب مكان يتم الالتقاء فيه بأبناء الجاليات الأخرى حوالي 20 دقيقة باستخدام الحافلات العامة. وقال: مع الالتحاق بالجامعة من عام 1975 حتى 1977، في سوينزي بمقاطعة «ويلز» البريطانية كانت أوقات شهر رمضان أفضل، حيث كان أحد الأصدقاء الإماراتيين يمتلك منزلاً ونذهب إليه مع الأصدقاء أيام السبت والأحد وكنا حوالي 14 شخصاً وجميعاً مبتعثون من شركة أدما وادكو، وكنا نتبادل أحاديث السمر و«نسولف»، وأحياناً «نتم» هناك، ويذهب كل منا إلى جامعته صباح اليوم التالي. وحول الأطباق الرمضانية المعروفة في الإمارات، قال الخوري: إنه بالفعل كان يشتاق إليها، ولكن عزاءه أن بعض الأصدقاء كانوا مهرة في عمل المكبوس والرقاق واللقيمات وغيرها من الأطعمة الإماراتية، وكان يتلذذ بتناولها في بعض الأيام القليلة التي تجمعه بأصدقائه. وبعد الانتهاء من دراسة البكالوريوس في سوينزي، عمل الخوري نحو عامين في عديد من بلدان أوروباً ملتحقاً بشركات نفطية متعددة حتى يكتسب مزيداً من الخبرة تفيده عند العودة إلى أرض الوطن. ولكن في العام 1979 قرر الالتحاق بجامعة برادفورد في بريطانيا لنيل درجة الماجستير في الهندسة الذي انتهى منه عام 1980، وفي بارد فورد كانت هناك جالية إسلامية كبيرة خاصة من باكستان، وكان هناك مسجد نصلي فيه باستمرار أيام السبت والأحد مع عديد من الأصدقاء المتدينين من أتراك قبرص، وكانوا يدرسون في مختلف فروع العلم، وبقيت أتواصل معهم سنوات طويلة بعد انتهاء الدراسة إلى أن فرقتنا مشاغل الحياة، ولكن إلى الآن، لا زلت أتواصل مع مدرسي الجامعة وأفراد الأسرة التي كنت أعيش معها حين وصلت انجلترا أول مرة عام 1972. فن الإدارة وبعد ذلك، عاد مرة أخرى إلى الإمارات ليستأنف رحلة العمل في الدولة حتى عام، 1991 حين قرر دراسة ماجستير الإدارة في جامعة «هِلّ»، وهي مدينة جامعية على الحدود البريطانية مع فرنسا، وكان حينها متزوجاً ولديه أبناء ومستقر في عمله، ما جعل تجربة الغربة حينها اكثر ألماً من ذي قبل، وكان الإحساس بالغربة والوحشة اكثر في ظل البعد عن الأسرة والأصدقاء والعمل. وأرجع الخوري الفضل في دراسة ماجستير الإدارة إلى مديره آنذاك، عبد المنعم سيف الكندي، الذي أوصاه بضرورة تعلم فن الإدارة حتى يستطيع التعامل مع العدد الكبير الذي فاق 150 مهندساً وفنياً. الدكتوراه الأصعب أما الدكتوراه التي استغرق الحصول عليها 5 سنوات ونصف تقريباً من 2000 إلى 2005، فكانت الأصعب على الإطلاق في مسيرته العلمية كونه موظفاً وأباً مسؤولاً عن أسرة كما أن المنهج لم يكن بسيطا بالمرة، ومن شروط الجامعات البريطانية للحصول على الدكتوراه، أن تقوم جامعتان بقراءة الأبحاث والدراسات ثم إرسال تقارير بتعليقاتهم واستفساراتهم إلى جامعة ثالثة تقوم بمناقشة رسالة الدكتوراه مع المتقدم بها، حيث استغرقت هذه الرسالة 3 أشهر أكثر من المخطط لها بعد أن طلب منه أحد المشرفين عليها تقديم مزيد من الأبحاث عن الفلسفة والحضارة الإسلامية مثل ما قدم عن الحضارة الإغريقية واليونانية إيماناً منه بقيمة الحضارة الإسلامية وأنها قدمت إلى العصر الحديث أكثر من الحضارة الغربية التي قامت علومها على أكتاف ومعطيات العلماء العرب في كافة المجالات. تنوع الثقافات وحول ما استفاده الخوري من تنوع الثقافات الذي عاشه والإضافات التي اكتسبها عبر الأوقات التي قضاها في الخارج، قال: «كل حضارة تتميز بثقافة خاصة تتوقف على الشعب وقادته، مثلاً نحن في الإمارات نعرف تماما قيمة قادتنا ودورهم في هذا النجاح الذي نعيشه، وبدأ ذلك منذ عهد الشيخ زايد الأول الذي كان قائداً قوياً وعادلاً ومتواضعاً، وهذا ما ورثه لأبنائه وصولاً إلى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، حيث كان الشيخ زايد مثالاً في التواضع والعدالة وهو ما رأيناه من تصالحه مع العالم مدركاً أن الحروب لا طائل منها سوى الخراب والدمار». وبالحديث عن الشوق والحنين إلى الوطن أيام الأعياد الدينية والوطنية، قال إن الأعياد في زمن اللا تليفونات وانعدام وسائل التواصل كانت صعبة للغاية، وتحمل عبئا نفسيا ثقيلا على كل مغترب ولكن نعتبر أنفسنا بأننا في مهمة لصالح الوطن وليس للعب والاستمتاع بمباهج الحياة، ولذا كنا ننهي علمنا ودراستنا بنجاح، وهو ما دفعني إلى العمل نحو 47 عاما متواصلة. ثقافة الأداء يقول أحمد محمد الخوري، إنه حصل على شهادة الدكتوراه تحت عنوان «قيادة المؤسسات نحو ثقافة الآداء عام 2005»، بعد عناء بالغ ودراسة تجاوزت الخمس سنوات نظرا لصعوبة موضوع الدكتوراه، حيث قام بتحليل 21 أداة ونموذجا بكل تفصيلاتها داخل المجتمع البريطاني، وكانت النماذج المستخدمة معقدة جدا، وتم الاعتماد عليها بهدف الوصول إلى أفضل مستوى في جودة الأداء داخل المنشآت الصناعية، من خلال اختبار النظم واختيار افضلها من أجل تثبيت الاستقلالية وإدارة أصول الشركات والمؤسسات الكبرى، من خلال امتلاك الإرادة، والقوة، العلم الكافي، وهذه الاستقلالية يجب ان تكون في حدود الأطر العامة لاقتصاد الدولة. وعبر الدكتوراة قام بابتكار إطار هيكلي متكامل يستعمل من خلاله كل الادوات التي توصل إليها وتم استعمالها خلال عمليات البحث بعد تطويرها بشكل أكثر عملية وعلمية».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©