الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسبانيا: هل تستبق التراجيديا اليونانية؟!

12 يونيو 2012
أُرغمت إسبانيا على طلب إنقاذ مالي في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، لتصبح بذلك أكبر بلد حتى الآن يحتاج للمساعدة خلال الأزمة الاقتصادية الأوروبية التي بدأت قبل عامين ونصف العام. ولكن اليونان الصغيرة هي التي دفعت إسبانيا إلى التحرك. ذلك أن الناخبين اليونانيين سيتوجهون إلى مكاتب الاقتراع يوم الأحد المقبل لمواجهة تحدي اختيار صعب بين زعماء يقبلون الشروط القاسية لحزمتي الإنقاذ المالي الذي أغاث بلدهم، وزعماء يرفضونها، مع ما قد ينطوي عليه ذلك من تكلفة وتداعيات بالنسبة لمستقبل اليونان في منطقة "اليورو". والمخاوف من أن يؤدي رفض يوناني إلى هلع بشأن مستقبل الوحدة النقدية هي التي دفعت إسبانيا إلى طلب المساعدة قبل الانتخابات اليونانية. غير أن مجرد إمكانية فوز قوى معارضة للإنقاذ المالي في اليونان ساعد على تأجيج مشاكل إسبانيا أصلاً، حيث رفع تكاليف اقتراض حكومتها وتسبب في تهافت على سحب الودائع المصرفية، مما أدى إلى إضعاف نظامها المالي. ومشكلة تناقص الثقة تلك -التي تتحد فيها البلدان الـ17 التي تتقاسم "اليورو" بما يكفي حتى تمتد مشاكلها إلى بعضها بعضاً، ولكن ليس بما يكفي لضمان نهاية لها- هي ما يسارع زعماء أوروبا لمعالجته من خلال خريطة طريق إلى مزيد من الاندماج الاقتصادي الذي يمكن أن يأتي نهاية هذا الشهر. وفي الوقت الراهن، يسعى أولئك الزعماء إلى حماية بقية منطقة "اليورو" مما سيحدث عندما تصوت اليونان يوم الأحد. هذا في حين يراهن السياسيون اليونانيون المناوئون للإنقاذ المالي على أن ترغم العواقبُ غير المتوقعة لطرد الاتحاد النقدي لأحد الأعضاء أوروبا على دعم هذا العضو رغم كل شيء. والسرعة التي دُفعت بها إسبانيا لأخذ إنقاذ مالي (صندوق النقد الدولي عجل بإنجاز تقييم للمبلغ المالي الذي قد تحتاجه بنوك البلاد قبل الموعد المقرر بثلاثة أيام) تمثل مؤشراً على القلق الذي مازال ينتاب زعماء أوروبا من أن يكون المناوئون للإنقاذ المالي في اليونان على حق: أن بلدهم أهم من أن يتم التخلي عنه. وفي الولايات المتحدة، يخشى أوباما أن تثبط الأخبار الاقتصادية السيئة لأوروبا جهودَ التعافي الأميركي التي تكافح أصلاً للاستمرار، ومعها فرص إعادة انتخابه، حيث عبر خلال الأيام الأخيرة عن قلق مباشر على نحو غير مألوف بشأن الطريقة التي تدير بها أوروبا الأزمة. وفي الوقت الراهن، ما زالت أوروبا تتعامل بحزم وصرامة مع اليونان، كما أن حزمة الإنقاذ المالي لإسبانيا، التي تصل إلى 125 مليار دولار، يمكن أن تساعد الزعماء على الإبقاء على تصميمهم القوي ضد اليونان. وكان البنك المركزي الألماني أعلن الشهر الماضي أن خروج اليونان من منطقة "اليورو" سيكون صعباً ولكنه "قابل للسيطرة" بالنسبة لبقية أوروبا. غير أن عملية إحداث التوازن -في التعامل مع اليونان بحزم وصرامة، والعمل في الوقت نفسه على اتخاذ خطوات كبيرة في بلدان أخرى تجنباً لامتداد الاضطرابات إليها في حال صوتت اليونان لصالح مناوئي الإنقاذ المالي- يمثل تذكيراً بحالة عدم اليقين التي ما زالت تواجهها أوروبا. وفي هذا الإطار، يرى محللون أنه حتى مع برنامج الإنقاذ المخصص لإسبانيا، فإن فوزاً لمعارضي الإنقاذ المالي في اليونان يمكن أن يدفع تكاليف الاقتراض بالنسبة لإسبانيا وإيطاليا إلى مستوى أكثر ارتفاعاً. وعلاوة على ذلك، فإن البلدين كبيران بما يكفي إلى درجة أنه حتى في حال احتاجت إيطاليا للمساعدة واحتاجت إسبانيا لمزيد من المساعدة أيضاً، فإن صناديق الإنقاذ المالي الأوروبية قد لا تستطيع توفير المال الكافي لذلك. وفي هذا السياق، قال وزير مالية لوكسمبورج "لوك فريدن" لشبكة "آر. تي. إل" يوم الأحد: "إذا وصلت إسبانيا إلى حالة كارثية، يمكنك نسيان البنوك الفرنسية والألمانية". وهكذا، فإن الزعماء الأوروبيين يبعثون برسالة تصالحية إلى إسبانيا ورسالة أخرى مختلفة جداً إلى اليونان. وفي يوم الأحد، وقبل ساعات فقط من تقدم إسبانيا بطلب الحصول على حزمة الإنقاذ المالي، التي ستأتي مصحوبة بعدد أقل من الشروط مقارنة مع برنامج الإنقاذ الذي خصص لليونان، قال رئيس منطقة "اليورو" جان كلود جانكر لإذاعة "دويتشلاند" إن "الفكرة تظل" هي أن اليونان في حاجة للسيطرة على ميزانيتها. واليونان، التي يمثل عدد سكانها الـ11 مليون نسمة أقل من ربع سكان إسبانيا، تلقت حزمتي إنقاذ مالي في ظرف عامين، ما يمثل أكثر من ضعف المبلغ المعروض على شريكها الأوروبي الأكبر، وذلك يعزى في جزء منه إلى حقيقة أن مشاكل إسبانيا تتصل أكثر بانفجار فقاعة القطاع العقاري منها بإخفاقات عامة في ماليتها الحكومية. وهكذا، وعلى رغم أن إسبانيا تصدرت عناوين الصحف خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلا أن الأزمة، في الوقت الراهن، عادت مجدداً إلى اليونان حيث ظهرت أول مرة. ويحاول الزعماء الأوروبيون فصل مشاكل اليونان عبر دفع المقرضين الخواص في تلك البلاد إلى شطب ثلاثة أرباع الأموال المستحقة لهم تقريباً. وهو ما يعني أنه في حال عجز اليونان عن تسديد ديونها، فإن بنوك القارة سيكون لديها القليل لتخسره مقارنة مع ما كانت ستخسره قبل بضعة أشهر، وإن كانت الحكومات ستخسر المساعدة العاجلة التي قدمتها لذلك البلد المتعثر. وفي هذه الأثناء، تظهر استطلاعات الرأي أن أغلبية من اليونانيين ترغب في الاستمرار مع "اليورو"، هذا في وقت يراهن فيه حزب "سيريزا" اليساري على أن تكون مخاوف أوروبا من انتقال العدوى أكبر من أن يتم طرد بلدهم. وفي هذا الإطار، قال ألكسيس تسيبراس زعيم "سيريزا" يوم الخميس الماضي، بحسب صحيفة "كاتيميريني": "إننا لسنا في حاجة إلى أي جهة لتملي علينا ما ينبغي القيام به". وأضاف مخاطباً تجمعاً حزبياً أنه لن يسرّح أي موظفين مدنيين في حال تم انتخابه، علماً بأن خفض ميزانية الرواتب العامة يمثل عنصراً رئيسياً ضمن برنامج الإنقاذ المالي الأوروبي لليونان. مايكل برنبوم أثينا ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©