هذا الكتاب يحلّل العلاقات بين السياسيين الفرنسيين الماسكين بزمام السلطة وأجهزة المخابرات المهتمة بحماية أمن فرنسا الخارجي والتي ينتمي اليها الجواسيس ورجال الاستخبارات. ولا يهتم المؤلفون الثلاثة للكتاب بالفترة الحالية فقط بل يعودون الى فترات سابقة للتأكيد والجزم بأن العلاقات بين رجال السياسة ورجال المخابرات في فرنسا كانت دائما علاقات تشوبها الريبة والحذر، فالسياسيون الفرنسيون لا يرتاحون كثيرا لأجهزة المخابرات، ورغم تعاملهم معهم الا أنهم دائما ينظرون اليهم نظرة ريبة وحذر.
يحمل الكتاب عنوان “التاريخ السياسي للمخابرات الفرنسيّة من الحرب العالمية الثانية الى اليوم”Histoire politique des services secrets français De la Seconde Guerre mondiale à nos jours وجاء فيه أنه ـ خلافا للسياسيين الأميركيين والبريطانيين الذين يقدرّون دائما جواسيسهم ويتعاملون بأريحية مع مصالح التجسس والمخابرات، حتى أنهم يعتبرون كلّ نجاح تحققه أجهزة استخباراتهم “مجدّا” لأوطانهم ـ فإن الساسة الفرنسيين لهم أسلوب مختلف ولا يطمئنون بالكامل لمصالح الجوسسة رغم الدور الذي قام به هذا الجهاز منذ فترة مقاومة النازية، وخلال حرب الجزائر، وحرب الهند الصينية، وخلال فترة الحرب الباردة، والى اليوم. ومن أشد الرؤساء الفرنسيين حذرا من أجهزة المخابرات هو الرئيس الراحل فرانسوا ميتران، فقد عرف عنه عدم اطمئنانه اليهم، فهو السياسي الداهية ورجل المناورات المحنك والمفكر والكاتب لم يكن تربطه برجال الاستخبارات علاقات طيبة بل ان علاقاته بهم سادها دائما الإضطراب والريبة.
ويطلق الفرنسيون على مصالح الجوسسة مصطلح: “المسبح”، نظرا لوجود البناية التي تأوي مقرّ إدارتهم قرب مسبح، بشارع “مورينييه” في باريس.
ويستعرض المؤلفون، وهم من الخبراء المشهود لهم، أهمّ قضايا الجوسسة التي عرفتها فرنسا منذ نهابة الحرب العالميّة الثانيّة الى اليوم، وتوقفوا طويلا عند قضيّة المعارض المغربي المهدي بن بركة الذي تمّ اختطافه في فرنسا ومن بعد ذلك جرى اغتياله في المغرب. وهي القضية التي شغلت فرنسا منذ عهد الجنرال ديغول والى اليوم لما أحيطت به العملية من ملابسات وغموض لم يتم الكشف عن كل أسرارها بعد كل هذه العقود.
ويحلّل المؤلفون أسباب الحذر الذي تتسم به دائما العلاقات بين السياسيين الفرنسيين ومصالح المخابرات الخارجيّة. كما يكشف الكتاب أسرار وخلفيّات العمليّات الكثيرة التي شاركت فيها المخابرات الفرنسيّة في موريتانيا، وأنغولا، وفي البرتغال عند قيام ثورة الاشتراكيّين عام 1975، كما يكشف الكتاب عن محاولة المخابرات الفرنسيّة اغتيال العقيد الليبي معمر القذافي، ويرفع المؤلفون الستار عن التعاون وأحيانا التنافس مع المخابرات الأميركيّة في بعض العمليّات التي جرت في إيران مثلا.
والكتاب ثري بالمعلومات والأسرار التي يتم الكشف عنها لأول مرة، ويستعرض عمليات الجوسسة الناجحة وكذلك العمليات الفاشلة، وقد تم ذكر أكثر من 600 اسم له علاقة بموضوع الكتاب مما يجعل منه وثيقة ومرجعا ثمينا لا نظير له.
ويقدم الكتاب أهم الجواسيس الفرنسيين ويشرح أهم العمليات التي قاموا بها خدمة لوطنهم، كما تضمن الكتاب شهادات كثيرة لم تنشر سابقا.
الكتاب: التاريخ السياسي للمخابرات الفرنسيّة من الحرب العالمية الثانية الى اليوم
Histoire politique des services secrets français De la Seconde Guerre mondiale à nos jours
المؤلفون: Roger Faligot, jean Guisnel, Rémi Kauffer
الناشر: La decouverte
عدد اليوم
