السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مكاسب «نبش القمامة» حفنة دراهم مغلفة بالتلوث والأمراض

مكاسب «نبش القمامة» حفنة دراهم مغلفة بالتلوث والأمراض
14 يونيو 2011 19:42
يجوبون الأحياء السكنية والشوارع والأزقة من الصباح الباكر، قبل قدوم سيارات حاويات البلدية التي تفرغ كل محتويات القمامة .. تلفت انتباههم القمامة المكدسة بالكثير من بقايا المهملات المنزلية، مثل العلب أو الورق المقوى «الكراتين» أو أشياء قديمة بالية ومتهالكة غير صالحة للاستهلاك .. أدواتهم تتكون من قطعة حديد طويلة يلتقطون بها كل ما تضمه القمامة من بقايا، كما تساعدهم على تمزيق الأكياس وتفريغ محتواها، تاركين الذباب والحشرات والفئران تصول وتجول على بقايا المهملات المكشوفة. ومن يقترب من نابشي القمامة، سيلاحظ رفضاً قاطعاً من جانبهم للإدلاء بأسرار هذه المهنة، التي يجنون منها لقمة العيش. نابشو القمامة، ذو الوجوه المسودة والأيدي المتسخة والرائحة النتنة، يدخلون الحاويات دون خوف من تعرض أجسادهم للمرض.. حصادهم هو سلوك سيئ للمتخمين الذين يرمون بقاياهم في الأكياس السوداء المليئة بالفضلات، في مشهد يتكرر يومياً، حين يمر أي شخص منا بجانب أي حاوية قمامة، حتى أصبح هذا المشهد المشين صورة نمطية ترسخت في أذهان سكان المدينة. ظاهرة سلبية أسفرت الحملة التي نظمتها الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب بالشارقة بالتعاون مع شركة «بيئة» عن ضبط 36 شخصاً من نابشي القمامة في مناطق متفرقة بالإمارة. ليصل العدد الإجمالي للذين تم ضبطهم منذ بداية الحملة حتى الآن إلى 129 شخصاً من الجنسيتين الآسيوية والأفريقية. كما أسفرت الحملات عن ضبط 59 مخالفاً من جامعي الأوراق الكرتونية ونابشي القمامة منذ بداية الحملة، حيث تم ضبط 19 منهم في شهر يناير، و33 في شهر فبراير، و7 في مارس. ويقول العميد الدكتور عبد الله على سعيد بن ساحوه، مدير عام الإقامة وشؤون الأجانب بالشارقة، وصاحب مبادرة إطلاق الحملة «إن ظاهرة مخالفي قانون دخول وإقامة الأجانب، خاصة الذين يمتهنون نبش القمامة وجمع العلب الكرتونية، تسيئ إلى المظهر الحضاري الراقي للدولة والمجتمع، وإن من يقومون بذلك يشكلون خطورة أمنية واقتصادية، تستوجب تضافر الجهود كافة من قبل المواطنين والمقيمين والمؤسسات العامة والخاصة، ووسائل الإعلام للإسهام في القضاء على هذه الظاهرة السلبية، مطالباً بضرورة الإبلاغ عن مخالفي قانون دخول وإقامة الأجانب من خلال «ساهم» التي أطلقتها الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب بالاتصال على الرقم المجاني 80080» مصدر دخل أحد نابشي القمامة يقفز بجسمه الهزيل إلى الحاوية ليبحث عن علبة أو كرتون مقوى أو شيء يمكن بيعه ليجني منه مالاً، اقتربنا منه فقال: منذ أكثر من 8 سنوات، وأنا أمتهن نبش القمامة التي أجني من ورائها الكثير من المال. ويشير غياث إلى ما جمعه «هذا هو نصيبي حتى الآن من جمع القمامة .. أجوب الكثير من المناطق السكنية التي ترمي الكثير من الأكياس السوداء وبعض الأغراض عديمة الجدوى والنفع، لأجمع ما أريده وأترك ما ليس به فائدة». مشيراً إلى ما يجنيه طوال الشهر قائلاً «قد أحصل على مبلغ ليس بالكثير قد يتراوح بين (1000 و2500) درهم، وهذا يكفي لسد رمق أبنائي وعائلتي المكونة من 5 أشخاص». واضاف على الرغم من كل الروائح التي أشمها وتعرضي لأكثر من مرة لمرض الحكة بالجلد، إلا أن نبش القمامة هي المهنة الوحيدة التي أمارسها.. هكذا يقول الخمسيني حمزة أمان، والأوساخ قد تراكمت فوق يديه وكأن الماء لم يزوره أبداً، كما بدت ثيابه بالية موضحاً «كل يوم أجمع نصيبي من الكراتين والعلب الفارغة أو كل شيء له ثمن، وأبيع ما أجمعه غالباً لسيارة تقوم بالمرور يومياً لحمل ما جمعته، مقابل مبلغ مادي ليس بالكثير، لكني أعتاش منه، يصمت حمزة قليلًا ويتابع بخوف: «رغم حرارة الجو والحملات التفتيشية التي تنظمها البلدية، إلا أني مضطر في نهاية الأمر للعيش من نفايات الغير لبيع ما يصلح». أقل مرارة في المقابل نرى جان جليش والذي يبدو أكثر حرصا من غيره، حيث يسحب كل ما بالحاوية من كراتين وعلب عن طريق عصا طويلة يوجد في نهايتها مسمار حاد يمزق به الأكياس، ليبحث عما يريده ويقول «مهنة نبش القمامة لا تحتاج إلى دورات أو شهادات عليا، لأنها أقل مرارة من طعم الفقر، وكل ما يهمني من هذه المهنة هي جمع كل ما يصلح للبيع وعرضه على التجار المختصين بجمع تلك الكراتين وإعادة تدويرها». مؤكداً جان «رغم صعوبة التنقل من حي سكني لآخر ورغم ارتفاع حرارة الجو ولهيب الشمس، إلا أن ذلك لا يمنعني من جمع تلك البقايا وبيعها، فالمسؤولية التي تقع على كاهلي كبيرة، خاصة أن ما أحصل عليه من مال بالكاد يكفي مصروف أسرتي فيوميتي في اليوم تصل في بعض الأحيان إلى 1000 درهم، حسب حظي فيما أعثر عليه داخل الحاويات من أغراض». تذمر السكان شريف إسماعيل، القاطن بمنطقة الخالدية بأبوظبي، قال «كل يوم نرى هذا المشهد .. نابشو القمامة يقومون بإخراج الأكياس من الحاويات ويتركونها مفتوحة للقطط والفئران ما يشوه منظر المدينة». واصفاً شريف هيئتهم «ملابسهم تكاد تطليها الألوان والأوساخ، أما روائحهم فهي نتنة وأظافرهم وأيديهم فهي غالباً سوداء من شدة القذارة. مطالباً بفرض عقوبات صارمة على هؤلاء النابشين، وعدم تركهم يفعلون ما يريدون من دون غرامة أو عقوبة». بدورها، تقول خلود عبد الرحيم «ربة منزل»: نراهم في كل صوب وحدب وأمام الحاويات التي تمتلئ بالكثير من الأكياس السوداء والكراتين والعلب، وقد يحصل هؤلاء النابشون على غنائم كثيرة حين تكون الحاوية مليئة ببقايا لها ثمن. وتضيف خلود: الكثير من التجار الذين يحصلون على ما يجمعه هؤلاء المغلوبون على أمرهم مقابل حفنة من المال، همهم في المقام الأول هو الربح، حيث يتفقون مع هؤلاء النابشين أن ينتشروا في معظم الأحياء المأهولة بحاويات القمامة، يعملون صباحاً ومساء ،لإفراغ الحاويات والبحث في أكياس القمامة عن كل ما يمكن الاستفادة منه، «كالبلاستيك، والمعادن، والورق، والكرتون وغيرها»، وربما يصطدم أحدهم بآلة حادة، أو يتعرض لإبرة ملوثة، لكن المهتمين بهذا العمل يسعون نحو الربح دون التفكير في عواقب ما يفعله هذا النابش، سواء مرض أو ملاحقة البلدية له. تدوير النفايات وبجوار إحدى الحاويات، توقفت سيارة «بيك أب»، التي تقوم بجمع تلك العلب والكراتين وتكاد أن تنفجر من كثرة النفايات التي تم تجميعها. تحدثنا مع شهبال خان فقال «كل يوم ننتظر النابشين عند مكان معين تم الاتفاق عليه مسبقاً، ونجمع منهم ما حصدوه من الحاويات ونعطيهم مقابل ذلك مبلغاً من المال نتيجة جهودهم التي بذلوها». ذاكراً شهبال «بعد أخذ هذه المحتويات نقوم ببيعها إلى مصنع إعادة تدوير، لتحويل المخلفات مرة ثانية إلى ما كانت عليه». ويضيف: هذه التجارة مربحة في كل المواسم، خاصة شهر رمضان، الذي تمتلئ فيها الحاويات وتفيض القمامة خارجها. وفي الأخير تبقى الأوراق والبلاستيك والكراتين، من المخلفات الأعلى قيمة، والتي لها سوق رائجة». أمراض جلدية ويلفت الدكتور أحمد عبد العزيز ـ أخصائي جلدية إلى أن أهم الأمور التي يجب أن يعرفها النابشون أن هناك الكثير من الحشرات والحيوانات التي تنجذب إلى القمامة، ومن أهمها الذباب الذي يسبب أمراض العيون وأمراض الجهاز الهضمي، أما الصراصير فتنقل الميكروبات، بينما البعوض يسبب أمراض الملاريا. موضحاً «مثلما تنجذب الحشرات نحو القمامة، فإنها أيضاً تجذب بعض الحيوانات مثل الفئران والكلاب التي تنقل للإنسان الأمراض الطفيلية والجلدية، كالجرب والفطريات، كل هذه الأمراض قد تصيب نابشي القمامة وهم لا يدركون خطورة ذلك». منبهاً إلى تعرض نابشي القمامة وهم في رحلة تفتيش الحاويات إلى الروائح الكريهة باستمرار، يعرضهم للإصابة بإسهال شديد وقيء مع ارتفاع درجة الحرارة، وكذلك الرشح والحساسية وضيق التنفس. تصنيف مصادر ومخلفات الإنسان: 1 - القمامة المنزلية وتشمل: - مخلفات عضوية: هي المواد القابلة للتخمر والتحلل الناتجة من إنتاج وتجهيز واستهلاك الطعام، وهي تختلف باختلاف أشهر السنة، وذلك تبعاً لوجود أنواع الخضراوات والفاكهة، وكذلك تختلف باختلاف عادات وتقاليد التجمعات السكانية والموقع الجغرافي. - مخلفات غير عضوية: هي المواد القابلة وغير القابلة للاحتراق مثل الورق، الأخشاب، البلاستيك، علب الصفيح، والزجاج. 2 - المخلفات التجارية: هي المخلفات التي تنتج عن الأنشطة التجارية المختلفة، وتكثر أمام المحال التجارية والأسواق المختلفة، ويمكن أن تخلط مع المخلفات المنزلية، إلا أن بعضاً منها كمخلفات محال بيع اللحوم يجب معالجتها بطرق خاصة. 3 - المخلفات الصناعية: هي المخلفات الناتجة عن الأنشطة الصناعية المختلفة، والتي في بعض الأحيان يتم جمعها مع المخلفات المنزلية، رغم أن بعضاً منها مخلفات ضارة وسامة لاحتوائها على مواد كيميائية ومواد قابلة للاشتعال. 4 - مخلفات المستشفيات والعيادات الطبية: هي مخلفات خطيرة ويجب معالجتها والتخلص منها بالطرق الصحيحة والسليمة بيئياً وهي غالباً ما تتم بعملية الحرق. 5 - مخلفات الحيوانات الميتة: تشمل هذه المخلفات بقايا ذبح الدواجن والماشية والأبقار، ويتطلب الأمر التخلص منها في أقصر وقت ممكن، لأنها نفايات تتخمر بسرعة وتسبب تكاثر الذباب والجراثيم الممرضة. 6 - مخلفات كنس الشوارع: هي عملية جمع وكنس الأتربة والأوساخ الموجودة على جوانب الطرقات والميادين وبقايا عملية تقليم الأشجار الموجودة بهذه الطرقات، وهذه المخلفات تسبب تشويهاً للمنظر العام وجمال المدينة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©