الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإصلاح بين الناس

7 سبتمبر 2010 22:29
ليس الخير كله في الإسلام أن يكون المسلم مستقيماً في حياته مجتنباً الإضرار بالناس، لا يهمه إلا صلاح نفسه، بل الخير أن يسعى المرء أيضاً إلى الإصلاح بين الناس. فالإصلاح بين الناس من أهداف الإسلام لأن العداوة بين شخصين ستتطور حتماً إلى العداوة بين أصدقاء كل من المتعاديين وكثيراً ما تنقسم الأمة إلى كيانات لا هم لها إلا النكاية والإضرار ببعضها وقد يتطور الأمر إلى مشاجرة وربما إلى سفك الدماء وفي ذلك تعويق لمسيرة الأمة نحو الرقي والتقدم. فالإصلاح بين الناس صفة من أرفع الصفات الإنسانية التي لا تصدر إلا من قلوب نبيلة أحبت الخير، تؤتي الخير والنفع للمجتمع ويجعل الناس وحدة مترابطة، لهذا أمر الله سبحانه بالإصلاح بين المؤمنين بقوله: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ» (الحجرات: 10) وعدّ الإسلام المصلح بين الناس أفضل الناس عند الله يوم القيامة ثواباً وأكثر للناس نفعاً في الدنيا، وإن المتقربين عند الله يوم القيامة المصلحون بين الناس. كما اعتبر الإصلاح في الإسلام صدقة يسيرة يحبها الله تعالى ويقدر عليها كل إنسان في نطاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو أفضل عند الله من درجة الصيام والصلاة والصدقة ثواباً لعموم نفعه وكثرة فوائده، يقول عليه السلام: « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ ». قَالُوا بَلَى. قَالَ « إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ » (أبوداود:3/322) كما رخص الإسلام في الكذب من أجل الإصلاح بين الناس إذا تخاصموا يقول صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا(البخاري: 3/183)، وفي رواية أخرى عن أُمّ كُلْثُومِ أنها قَالَتْ: لَمْ أَسْمَعْهُ يُرَخِّصُ فِى شَىْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إِلاَّ فِى ثَلاَثٍ فِى الْحَرْبِ وَالإِصْلاَحِ بَيْنَ النَّاسِ وَحَدِيثِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا (السنن الكبرى:10/197) فلا يشك مسلم في أن الإصلاح بين الناس قيمة اجتماعية وحضارية تمارس في النطاق الاجتماعي بين الإخوة والأصدقاء، ابتداء من الحياة الأسرية، إذ إن الإسلام أوصى الزوجين بأن يبنيا حياتهما الزوجية على الود والمحبة والرحمة والتعاطف، ذلك أنهما مشتركان في تحمل مسؤولية تأسيس الأسرة والحفاظ عليها، ولا بقاء للأسرة إلا في ظل التفاهم وحسن المعاشرة. لكن قد يتحول التفاهم إلى خصام والطاعة إلى عصيان وتتفتح عين السخط وتغمض عين الرضا وتتبدل الكلمة الطيبة بالكلمة الخبيثة، وحماية للأسرة من آثار هذه الخلافات الزوجية حذر الإسلام الزوجين من الانسياق مع العواطف المتقلبة ودعا كلا من الزوجين إلى استعمال الرأي والعودة إلى الرشد وأن يزيحا ما بينهما من خلاف ويحافظا على قدسية الرابطة الزوجية التي تجمع بينهما دون أن يأذنا لأحد مبدئياً بالتدخل في شؤونهما والاطلاع على سرهما، ويكون ذلك بتحريك مشاعر المحبة بالكلمة الطيبة والتنازل عن الحق والإغفاء عن الهفوة والتقصير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©